عصر الوصول
يبحث هذا الكتاب في الاقتصاد الجديد الذي يعتمد على الترابط من خلال الشبكات، وأولها الإنترنت، من أجل بلوغ المعرفة التي هي الأساس الأهم في النجاح الاقتصادي، والمؤلف هو جيرمي ريفكن، الباحث الاقتصادي الأمريكي المشهور، ورئيس مؤسسة الاتجاهات الاقتصادية في واشنطن.
يجب الملاحظة أن عنوان الكتاب باللغة الإنجليزية هو the age of access، وذلك لملاحظة الترجمة والظلال الممكنة لكلمة ''الوصول'' التي اختارها المترجم.
يتكون الكتاب من قسمين: الأول بعنوان الحد التالي للرأسمالية، ويتكون من سبعة فصول: الدخول إلى عصر الوصول، وعندما تفسح الأسواق الطريق للشبكات، والاقتصاد معدوم الوزن، واحتكار الأفكار، وكل شيء هو خدمة، وتحويل العلاقات البشرية إلى سلع، والوصول كطريقة حياة.
والقسم الآخر بعنوان تطويق المناطق الثقافية، ويتكون من خمسة فصول، الثقافة الجديدة للرأسمالية، واستخراج المعاني الدفينة في المشهد الثقافي، مرحلة ما بعد الحداثة، والمرتبطون والمفصولون، ونحو إيكولوجيا للثقافة الرأسمالية.
الحد التالي للرأسمالية
الاقتصاد الرأسمالي مؤسس على الفكرة القائلة بقابلية تبادل الممتلكات في الأسواق، وظهرت كلمة ''سوق'' في اللغة الإنجليزية لأول مرة في القرن الـ 12، وكان يقصد بها مساحة الأرض المخصصة للبائعين والمشترين التي يتم فيها تبادل السلع والماشية، وفي القرن الـ 18 أصبح التعبير منفصلا عن مدلوله الجغرافي، ويستخدم لوصف عملية البيع والشراء المجردتين.
وفي العصر الجديد تفسح الأسواق المجال لعالم الشبكات وتستبدل الملكية بإمكانية الوصول، ستبقى الأسواق بالطبع، لكنها ستمثل دورا يتضاءل في العلاقات الإنسانية، وسيكون تملك الرأسمال المادي والذي كان قلب النموذج الاقتصادي أكثر هامشية في العملية الاقتصادية، وأما الرأسمال الفكري فهو القوة الدافعة للعصر الجديد، وسيكون موضع طلب شديد، والمفاهيم والأفكار والرؤى لا الأشياء المادية ستكون الموارد ذات القيمة الحقيقية في الاقتصاد الجديد، والثروة ستكون منوطة بالقدرة الإبداعية الإنسانية، وليس بالموجودات المادية.
إن التحول من الرأسمالية الصناعية إلى الرأسمالية الثقافية يتحدى الكثير من افتراضاتنا الأساسية التي تشكل المجتمع الإنساني، فالمؤسسات القديمة بأرضيتها في علاقات التملك وتبادلات السوق ومراكمة الماديات تقتلع لتفتح المجال لعهد تصبح الثقافة فيه أهم مصدر تجاري، حيث يصبح الوقت والانتباه أهم الممتلكات الثمينة، وتصبح فيه حياة الفرد الشخصية السوق النهائية.
إن طريقة الشبكات لتناول العلاقات التجارية بعيدة كل البعد عن رأي آدم سميث المفكر الاقتصادي المهم في مرحلة الثورة الصناعية، والذي حاول في كتابه ''ثروة الأمم'' والمنشور عام 1776 أن يبرهن على أن كل فرد يجهد نفسه بصورة مستمرة ليجد أكثر طرق الاستخدام فائدة للرأسمال الذي يتحكم به، وما يراه هو فائدته وليس في الحقيقة فائدة المجتمع، ولكن التمعن في فائدته يقوده بالطبع أو بالضرورة إلى تفضيل الاستخدامات ذات الفائدة الأكبر للمجتمع.
ولكن المصلحة الذاتية تملي علينا منهاجا مختلفا في اقتصاد الشبكات، ويحدد عالم الاجتماع مانويل كاستلز خمسة أنواع رئيسة من الشبكات في عالم الشبكات العالمية، شبكات المجهزين التي تقوم الشركات فيها باستحصال عدد من مدخلاتها عبر عقود ثانوية، بدءا بأعمال التصاميم وحتى تصنيع الأجزاء المكونة للمنتوج النهائي، وشبكات المنتجين المكونة من شركات تجمع وسائل الإنتاج والموارد المالية والموارد البشرية لغرض توسيع موجوداتها من السلع والخدمات، ولتوسيع أسواقها جغرافيا ولتقليل أكلاف المجازفة المبدئية، وشبكات المستهلكين أو الزبائن، وهي تربط المصنعين والموزعين وقنوات التسويق ومعيدي البيع مع قيمة مضافة، والمستخدم النهائي، وهناك ائتلافات وضع المقاييس المعيارية، وتجمع أكبر كم ممكن من الشركات في حقل اختصاص محدد بهدف ربطها سوية بالمقاييس المعيارية التي أسسها الرواد في ذلك الاختصاص، وأخيرا هناك شبكات التعاون التكنولوجي التي تتيح للشركات المشاركة في المعلومات والخبرة الثمينتين في البحوث والتطوير لخطوط الإنتاج.
ويتميز اقتصاد الشبكات بقصر دورة الحياة للمنتجات، فهي للحواسيب 18 شهرا، وكانت شركة كرايسلر تحتاج إلى 54 شهرا مع قوة عمل بلغت 3100 شخص لتطوير وتصنيع سياراتها، وقد أمكن تخفيض هذه المدة إلى سنتين وبقوة عمل 700 شخص، ويتوقع أنه سيكون بمقدور الشركات المصنعة تصنيع وتصميم سيارات مصنعة خصيصا للزبون ومن دون عيوب في ثلاثة أيام، وأنقصت الفترة اللازمة لتطوير منتوجات صيدلانية من أربع سنوات إلى عشر سنوات، وتناقصت مدة بقاء المنتوجات الإلكتروميكانية في الأسواق من عقود إلى ثلاث إلى خمس سنوات.
ويلاحظ آلن جربنسبان، الرئيس السابق لمجلس إدارة بنك الاحتياط الفيدرالي أن تغيرا قويا يحدث في اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي، ألا وهو زيادة فقدان الوزن، ويقول 1996: في حين أن وزن المنتوج الاقتصادي الحالي لا يزيد إلا قليلا عما كان عليه قبل نصف قرن إلا أن القيمة المضافة مع تعديل تغير الأسعار قد تضاعفت بأكثر من ثلاثة أضعاف.
وفي كتابها ''عالم فاقد الوزن'' تذكر دان كويل أن الأمم حتى زمن قريب (نهاية الثمانينيات) كانت تقارن صادراتها ووارداتها بالوزن، ولكنه اليوم يبدو قياسا سخيفا في عدد كبير من المنتوجات وخاصة في مجالات مثل الحواسيب وكابلات الألياف الضوئية، حيث تناقص الوزن بمئات الأضعاف، وزادت القدرة في الوقت نفسه مئات وآلاف الأضعاف.
وأتاح الاقتصاد والأسلوب الشبكي في العمل المجال لتقليص مساحات العقار المخصصة للعمل والمكاتب، وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة ''هارفرد بزنس ريفيو'' عام 1996 أن شركة IBM وفرت 1.4 مليار دولار في من خلال إعادة تصميم العقارات والمكاتب وفق الممكنات والمتطلبات الجديدة للعمل.
وبالتحول من النظام الورقي إلى الإلكتروني في العمل والأرشفة أمكن تقليص الحاجة للمكاتب والفضاءات، وكذلك الأمر بالنسبة للتسويق وأساليب العمل الشبكية، والتي ألغت أو قلصت بنسبة كبيرة الحاجة لعمليات الشحن والتخزين، المنتوجات الموسيقية والأفلام والكتب والألعاب على سبيل المثال.
ولكن! إلى أين يمضي بنا هذا التغيير والإلغاء والتخفيض للموجودات المادية والنقود والأعمال والأوزان والمنتوجات والسلع؟
يبدو العصر الجديد أقل مادية وأكثر عقلانية، إنه عالم من الأفكار والنماذج الأصيلة ومن المفاهيم والتخيلات، وفي حين كان الناس في العصر الصناعي مشغولين بالاستحواذ على المواد وإعادة تشكيلها، فنجد أن الجيل الأول في ''عصر الوصول'' أكثر اهتماما بالتلاعب بالعقل والفكر، وفي عصر الشبكات حيث تكون الأفكار مادة التجارة الأولية تصبح المعرفة الشاملة هي الهدف، ويكون الوعي الإنساني هو العامل المحرك للفعالية التجارية في كل نشاط صناعي.
وإذا كان العصر الصناعي غذى كينونتنا المادية فإن عصر الوصول يغذي كينونتنا الذهنية والعاطفية والروحية، ولكن هذا لا يعني أن الأنانية والطمع والاستغلال تتراجع، فربما يكون عصر الوصول ذا طبيعة استغلالية أكبر، والأهمية المتنامية للأفكار في عالم التجارة تستحضر شبحا مقلقا، فعندما تصبح الأفكار الإنسانية سلعة بهذه الأهمية ما الذي سيحدث للأفكار التي رغم أهميتها لن تكون مغرية تجاريا؟ هل سيتاح المجال للرؤى غير التجارية في حضارة يعتمد الناس فيها على الوسط التجاري لأفكار يستطيعون كسب عيشهم بواسطتها؟ ماذا سيكون التأثير في وعينا الجماعي وفي مستقبل خطابنا الاجتماعي؟
إن إحاطة الموارد الخام للاقتصاد الجديد ببراءات اختراع يبدل كيفية التعامل هذه الموارد بصورة جوهرية، وعلى سبيل المثال فقد قامت مجموعة من الشركات بشراء الملكية الفكرية للبذور الزراعية المهجنة والمطورة وصارت تتحكم في البذور ومن ثم الزراعة والإنتاج الزراعي، وكسرت للمرة الأولى في التاريخ العلاقة التاريخية بين الفلاحين والبذور الزراعية، فهي بذور تؤجر للمزارعين لاستخدامها لمرة واحدة، ولا يحق لهم إعادة استخدامها، ولأجل ضمان حقها في منع إعادة استخدام البذور قامت الشركات بإدخال تقنيات تعقيم (من العقم) تحول دون إعادة استزراع البذور! وبالطبع فإن ذلك يدفع الفلاحين للاعتماد الكامل على الشركات ووضعهم تحت رحمتها، ويجعلهم مهددين بالإفلاس، .. لقد كان ذلك تحولا كبيرا في تاريخ الزراعة.
ويقول المؤلف هنا إننا لم نكد نبدأ البحث في التحديات الجديدة التي تطرحها الطرق الشبكية لإنجاز الأعمال التجارية وكيف يمكنها التوجه نحوها في سياسة الدول العامة، ومع استمرارية إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي من أسلوب التملك إلى أسلوب الوصول فإن ما لا يمكن تجنبه هو بروز هذه الاستفهامات في المقدمة وفي البلدان كافة.
تطوير المناطق الثقافية العامة
يجري في الاقتصاد الجديد انتقال متنام من تحويل البضائع والمجال إلى سلع نحو تحويل الوقت الإنساني والتجارب المعيشة إلى سلع، وتملأ كل دقيقة نستطيع توفيرها من وقتنا بأحد أنواع الارتباط التجاري مما يجعل الوقت ذاته أكثر الموارد ندرة، ويمكن هنا ملاحظة المجالات والتقنيات والأسواق التي تعمل 24 ساعة في اليوم، البريد الصوتي، والموبايلات، والأسواق التجارية، وقنوات البث التلفزيوني، والخدمات المصرفية الآلية، وخدمات الطعام.
إن الاقتصاد المعتمد على الشبكات يزيد في الحقيقة سرعة الاتصال، ويقصر الفترات، ويحسن الكفاءة، ويجعل الحياة أكثر ملاءمة بتحويل كل شيء يمكن تصوره إلى خدمة، ولكن عندما تصبح معظم العلاقات علاقات تجارية، وتحول حياة كل فرد عبر ساعات اليوم كله إلى سلعة، فماذا يتبقى للعلاقات ذات الطبيعة غير التجارية؟ أي العلاقات المستندة إلى القرابة أو الجيرة أو الاهتمامات الثقافية المشتركة أو الانتماءات الدينية أو التميز الإثني أو الارتباطات الأخوية والمدنية؟ فحين يكون الوقت نفسه مباعا ومشترى تصبح حياة الفرد ذاتها مجرد سلسلة متناهية من العلاقات التجارية، تربطها اتفاقيات وأدوات مالية، فماذا سيحدث لأنواع العلاقات المتبادلة التي تنبع من العاطفة والحب المتفاني؟ إن حقيقة أن محترفي التسويق والشركات منشغلون بجدية في تطوير ما يدعونه علاقة حميمية مع الزبائن وبعيدة المدى ويفعلون التجارب مع مجموعة من الوسائل والمسارات لتأسيس ''ارتباطات للمجموعات'' تتصف بالعمق أمر مقلق بما فيه الكفاية، وما يزيد على ذلك إقلاقا أن هذه الفعاليات واسعة المدى لاختلاق عامل اجتماعي بديل مدسوس داخل غلاف تجاري تسير قدما وهي غير ملحوظة، وغير منتقدة على الرغم من المترتبات الواسعة والبعيدة المدى الكامنة فيها والتي ستؤثر في المجتمع، وعندما تصبح كل واجهات كينونتنا تقريبا فعاليات مدفوعة الثمن تغدو حياة الإنسان نفسها المنتوج التجاري الأساسي ويصبح العالم التجاري الحكم النهائي لوجودنا الشخصي والجماعي.
يقول المؤلف إننا نهيئ أنفسنا لمرحلة جديدة من الرأسمالية، وهي من عدة نواح لا تشبه أي شيء عرفناه سابقا، فولادة اقتصاد الشبكات والانتفاء المستمر بانتظام لمادية البضائع والأهمية المتضائلة لرأس المال المادي، وعلو شأن الموارد غير الملموسة، وإعادة تشكيل السلع إلى خدمات صرفة، وانتقال المستوى الأول للتجارة من المنظور الإنتاجي إلى المنظور التسويقي، وتحويل التجارب والعلاقات إلى سلع، كلها عوامل في إعادة الهيكلة الحذرية الجارية على مستوى الاقتصاد العالمي عالي التقنية في حين بدأ جزء من البشرية يترك الأسواق وتبادل الأملاك وراء ظهوره خلال رحلته إلى عصر الوصول.
بدأت الجماعات السكنية المدعوة ''تطوير المصالح المشتركة'' تبرز، وعدد منها محاط بالجدران أو مسور وله بوابات مصممة خصيصا لتحديد الدخول، وتتعدد هذه المشاريع لتجتذب مجموعات تمثل طيفا واسعا من أنماط الحياة، مثل العزاب، والمتزوجين من غير أطفال، والمتقاعدين، والأزواج العاملين، والتجمعات رفيعة المستوى للأغنياء، وهي عمليات تخلق تجمعا شاملا مرة واحدة، ولكن تجربة الأشخاص الحياتية تحولت إلى سلعة في الأغلب على حساب حقوق التملك.
من الثقافة إلى التسلية، عبارة تلخص التحولات الكبرى في الحياة، فقد أصبحت السياحة تمثل جزءا كبيرا وأساسيا من حياة الناس بعدما كانت عملا نخبويا محدودا بعيدا عن التجارة والاستثمار، ولكنها اليوم من أهم مجالات الصناعة والتجارة، وتكاد تعتمد عليها بعض الدول كليا، يقول جابلر مع أواخر القرن الـ 20 لم يعد العنصر التجاري الأهم للأمريكيين هو التجارة، بل أصبح التسلية، ويلاحظ أن ما ينفق على التسلية يتجاوز ما ينفق على التعليم بكل مراحله في القطاع العام والقطاع الخاص، هذا الصعود الأسطوري لاقتصاد التسلية (مثل السياحة والسينما والفيديو، والرياضة ومشاهدة المباريات،..) يراه ريفكين أوضح مثال لطبيعة وحجم الانتقال من تكديس الحاجات إلى مراكمة التجارب، ومن التملك إلى علاقات الوصول.
وبالطبع فإن التحولات هذه تعني نشوء طبقات جديدة واختفاء أخرى، ومن أهم الطبقات الجديدة من يمكن تسميتهم ''الوسطاء الثقافيون'' وهم الفنانون والمفكرون وعباقرة الإعلان والاتصالات القادرون على ملاحظة أساليب الحياة والأفكار الجديدة وتحويلها إلى سلع، أو هم كما يصفهم مايك فيذرستون ''صانعو الذوق الجدد، وهم يبحثون دوما عن السلع والتجارب الثقافية، ومنشغلون أيضا في إنتاج أدلة وأصول تدريس شعبية للعيش وأسلوب الحياة''، ويمكن بسهولة ملاحظة عدد كبير من السلع الرائجة والتي تعبر عن اتجاهات ونزعات ثقافية وروحية، مثل قمصان نسائية ضيقة راجت في لوس إنجلوس تسمى ''هازمة الزوجات''! أو استخدام شعارات ورموز دينية في سلع تجارية. وبتضاعف تجارة السلع الثقافية تنتشر أيضا ثقافة عالمية متجانسة، وهو أمر يدعو إلى القلق، ذلك أنه يعني غياب التنوع الثقافي، وانحسار أو انقراض ثقافات ولغات، يقول وايد ديفيس في مقالة نشرتها مجلة ''ناشونال جيوجرافيك''، ''مع اندثار كل لغة يصبح العالم محلا يلازمه نقص أصالته، ولكننا أيضا نضحي بمعرفة صرفة، وهي إنجاز فكري لآلاف السنين''. ويلاحظ عالم النفس روبرت ليفتون الأجيال الجديدة التي نشأت في المرحلة الجديدة، فهم معتادون الوصول السريع إلى المعلومات واسترجاعها، ولديهم فترات انتباه قصيرة، هم أقل تأملا وأكثر تلقائية، ويرون أنفسهم لاعبين وليس عاملين، ويفضلون أن يراهم الآخرون مبدعين وليس كادحين، أقل قدرة على الكتابة ولكنهم أكثر قدرة على معالجة البيانات الإلكترونية، يفكرون في العالم الافتراضي كما لو أنه حقيقي، ويعتبرون مجتمع التسوق هو الساحة العامة، ويوازون بين سيادة المستهلكين والديمقراطية، يرون العالم كخشبة مسرح ويرون حياتهم كسلسلة من العروض، أقل اهتماما بالتاريخ، ويعشقون الابتكار، وتكاد العادات والتقاليد والأعراف تكون مختفية من حياتهم.
ويصلح خاتمة لهذا العرض للكتاب هذا الاقتباس من تقرير الثقافة العالمي لعام 1998 الذي تصدره منظمة اليونسكو، ويصف التوتر بين الثقافة والتجارة بالقول: ''يبدو أن القيم الثقافية التي تتميز وتربط المجتمعات المحلية والإقليمية والقومية تتعرض لخطر الانغمار في السوق التجارية العالمية، وفي هذه الظروف نختار أسئلة حول كيفية تحمل المجتمعات لواقع العولمة عليها، حيث لا تتعرض الثقافات المحلية أو القومية والإبداعية، التي تدعمهما لخطر التلف بدل أن تصان وتعزز''.