الأسواق الناشئة .. استكشاف النتائج وتخفيف حدة الفقر

الأسواق الناشئة .. استكشاف النتائج وتخفيف حدة الفقر

إن التطور السريع لدول مثل الصين والهند ظاهرة ملحوظة، كما يقول فينس كيبل، وزير الأعمال والابتكار والمهارات في الحكومة البريطانية. ''في غضون جيل واحد، تطورت الصين إلى درجة استغرقت أكثر من قرن في بريطانيا. وتظهر السوابق الراسخة مثل كوريا الجنوبية أنه يمكن أن يستمر هذا التطور. ومن الواضح أن ما يسمّى الأسواق الناشئة الرئيسية ظهرت بالفعل''.
وفي خطابه في قمة الأسواق الناشئة لصحيفة الإيكونوميست هنا أخيرا، قال كيبل إن الشركات والحكومات الغربية ترحب بنمو الأسواق الناشئة وتعتبره فرصة استثمارية وتجارية. إضافة إلى ذلك، فإنه عن طريق الحفاظ على الأسواق المفتوحة، تساعد الدول الغربية على الحفاظ على التقدم السريع في التخفيف من حدة الفقر. ومع ذلك هناك تيارات تحتية متزايدة من القلق بشأن المنافسة عبر مجموعة واسعة من السلع التي خفضت الأجور واستنزفت إرادة وقدرة الحكومات على الحفاظ على اقتصادات مفتوحة ومحررة.
وذكّر كيبل الاقتصادات الغربية أن القومية الاقتصادية لن تساعد على استدامة الانتعاش وستكون لها آثار عكسية. ''العودة إلى الحمائية ليست الطريق للتقدم. العولمة ليست لعبة لا بد أن يكون فيها خاسر لكي يكون فيها رابح''.
ويقول لويك سادوليت، أستاذ الاقتصاد المنتسب إلى انسياد والمدير الأكاديمي لمبادرة إفريقيا لانسياد إن على بقية العالم أن يعمل لأن يكون تنافسياً بقدر الصين (والأسواق الناشئة الأخرى) - ليس من حيث إنتاج السلع نفسها بل في إنتاج أفكار جديدة، ربما على مستوى أعلى من سلسلة القيمة، أو خرق الحواجز التي تحول دون تحقيق الكفاءة.
ويتساءل سادوليت: ''المسألة هي كم مقدار ما نقوم بتحويله؟ فهناك جهات فاعلة جديدة تأتي باستمرار والحمائية تحمي الشركات بشكل مصطنع من المنافسة. والأمر أشبه بحماية طفلك لأنه ليس كبيراً بما فيه الكفاية للخروج واللعب مع الأولاد الكبار في الخارج. ولكن إذا أبقيت الطفل محمياً في المنزل، لن يتمكن أبداً من الخروج واللعب مع الأولاد الكبار. ويجب تشجيع روح المبادرة في الأعمال والقيام بالأمور على نحو أفضل، بدلا من القول: لنحجب النظام بأكمله لأنهم يلعبون بشكل غير عادل''.

ماذا عن الاسم؟
في السنوات الأخيرة يتم تجميع الدول والاقتصادات بشكل غير رسمي معاً، مثل دول البريك (البرازيل وروسيا والهند والصين)؛ وأسواق ''11 التالية'' ومجموعة ''إي 7'' للأسواق الناشئة سريعة النمو- وهي دول البريك إضافة إلى المكسيك وإندونيسيا وتركيا. وقد ابتكرت صحيفة الإيكونوميست أخيرا مختصر سيفيتس (كولومبيا وإندونيسيا وفيتنام ومصر وتركيا وجنوب إفريقيا)، وهي ستة اقتصادات خارج دول البريك تعتقد الصحيفة أنها ستحقق على الأرجح نمواً عالياً مستداماً على المدى الطويل.
ولكن هل تعني هذه المختصرات شيئا أكثر من مجرد مجموعات من الاقتصادات المستخدمة من قبل الخبراء الاقتصاديين لمقارنة معدلات النمو؟ بالتأكيد، كما يقول موريسيو رودريغيز مونيرا، السفير الكولومبي إلى المملكة المتحدة. ''للاسم المختصر مضمون لأنه مجموعة من المعايير الصعبة التي يجب على الدولة الوفاء بها من أجل أن تكون جزءاً من تلك القائمة- النمو بسرعة أكبر مرتين أو ثلاثة من بقية العالم؛ عدد كبير من السكان الشباب؛ ديمقراطية قوية؛ مؤسسات قوية؛ استقرار سياسي؛ وإدارة مالية سليمة. بناء على ذلك، هناك الكثير من الدعم في مسألة شمل دولة ما في مجموعة سيفيتس''.
وهو يعتقد أن نوع التحليل والبحث الذي أجري لاختيار الدول مفيد لمجتمع الأعمال، وكذلك للدول، لمعرفة أدائها نسبة إلى الدول الأخرى، من حيث التنافسية والجاذبية للاستثمارات الأجنبية والمحلية.
ويقول سادوليت: ''تنمو هذه الشركات، التي تعمل في دول لديها – أو كان لديها- أنظمة توزيع سيئة، وتلوث، وحكومة غير فعالة، ومشاكل اجتماعية. وهي تقول ''اصمدوا، نحن بارعون في الاستفادة من تلك الأسواق. هل يمكننا الدخول إلى أسواق ناشئة أخرى؟ كيف يمكننا أن نحقق الكفاءة حقاً؟ لذا ترى شركات لديها استراتيجيات استثمار جيدة تدفع نفسها للابتكار حقاً''.

اتجاهات المستهلكين
أخبر أحمد بوزر، رئيس مجموعة كوكا كولا في يوروآسيا وإفريقيا، مجلة انسياد نولدج أن ديناميكيات السكان الشباب والتمدن ونمو الطبقة الوسطى توفر فرصاً كبيرة للشركات. ولأن منتجات كوكا كولا هي للناس من مختلف مشارب الحياة، فإن زيادة عدد السكان الذين ينتقلون إلى الطبقة الوسطى تمنح الشركة فرصاً كبيرة وبيئة أعمال مواتية.
ومع ذلك، ليست تلك هي الميزة الوحيدة التي تقدمها الأسواق الناشئة. فبوزر يعتقد أن هناك الكثير من الفرص مع الابتكارات الناتجة عن تلك الأسواق والشراكات المهمة الناجحة مع السكان المحليين. ''نرى أن هناك فرصاً للاستفادة من روح المبادرة في الأعمال التي يتمتع بها هؤلاء الناس من تلك الدول. وأحد الأمثلة على ذلك هو مراكز التوزيع الصغيرة التي نملكها في جميع أنحاء إفريقيا. هناك نحو ثلاثة آلاف من هذه المراكز- لذا نحن نتحدث عن ثلاثة آلاف رجل أعمال يؤسسون شركات، الأمر الذي (يمثل) طريقاً مهماً جداً للأسواق في القارة''.
ويعتقد أيضاً أن هناك اتجاهات تنمو في الأسواق الناشئة حول مسائل مثل الاستدامة وأنماط الحياة الصحية النشطة. ''في إفريقيا مثلاً، أصبحت تسمع عن الإشراف على المياه التي تعتبر مصدر قلق بالغ الأهمية، ليس فقط لتلك الدولة بل أيضاً للمستهلكين. واتجاهات الاستدامة هذه حقيقية جداً في أذهان المستهلكين. لذا فإن ما تراه في جميع أنحاء العالم في اتجاهات المستهلكين، تراه أيضاً في الأسواق الناشئة بدرجة أهمية مختلفة. وباعتبارنا شركات، علينا أن ندرك هذا جيدا''.

قفزات كبيرة
أصبحت الإجراءات أسهل بفضل التكنولوجيا، وتكامل الأسواق، والوصول إلى المعلومات، لذا فإن الأمور تسير على نحو سريع حيث إن الدول قادرة على القفز وتجاوز الأجيال السابقة للمنتجات والخدمات، كما أخبر سادوليت انسياد نولدج. ''في كينيا، يدفع الناس الآن (الذين لم يسبق أن كان لهم خطوط هواتف أرضية) المال لبعضهم البعض عن طريق الهواتف المحمولة. ويوجد في كينيا 11 مليون مستخدم. وهناك معاملات بقيمة 300 مليون يورو شهرياً وتتعامل مع مدفوعات في كينيا كل يوم أكثر مما تفعل ويسترن يونيون في جميع أنحاء العالم''. وتم تطوير سيارة داسيا لوجان لدول في أوروبا الشرقية وإفريقيا. ومن المثير للاهتمام أنها تحتل المرتبة الرابعة من حيث المبيعات في فرنسا، كما يقول سادوليت. ''نريد بعض المنتجات الناجحة، وبعض الحلول التي تم وضعها دون وضع أوروبا بعين الاعتبار. وتدرس كوريا الجنوبية بناء مدن ذكية حيث تحول تكنولوجيا المعلومات الحياة والعمل بطريق أساسية ومهمة، بدلا من طرق تدريجية. ولأنه لا يوجد أحد يقوم بذلك حالياً، يمكنك القفز إلى أحدث التكنولوجيات''.
ويقول سادوليت: ''أصبح المستهلكون أكثر ارتباطا الآن وهناك معيار عالمي لما تريده الأسواق الناشئة. وإذا لم توفره، فسيقومون بتوفيره بأنفسهم. وسنشهد الكثير من الأفكار المختلفة تأتي من الأسواق الناشئة''.

الأكثر قراءة