الخلاف الفقهي يؤخر انتشار التمويل الإسلامي في المغرب

الخلاف الفقهي يؤخر انتشار التمويل الإسلامي في المغرب

أشار خبراء اقتصاديون مغاربة إلى عدد من العقبات التي تؤخر انتشار صيغ التمويل الإسلامي في المغرب، ومن أهمها غياب رؤية واضحة لهذه التمويلات الجديدة لدى عامة الناس، واختلاف التأويل الفقهي عند علماء الشريعة الإسلامية، علاوة على التكلفة المالية المرتفعة لهذه التمويلات البديلة. حيث تقدم في الوقت الحالي بعض البنوك المغربية صيغتين اثنتين للتمويل الإسلامي من أصل خمس، وهما الإيجار والمرابحة، اللتان حققتا 700 مليون درهم مغربي وفق إحصاءات حديثة للبنك المركزي.

ويقول الخبير في الاقتصاد الإسلامي الدكتور علي يوعلا إن أبرز العراقيل التي تقف أمام اتساع قاعدة عملاء التمويلات البنكية البديلة مقارنة بالتعاطي مع البنوك التقليدية المغربية تتجلى في عاملين اثنين، الأول يتمثل في عدم الوضوح وغياب الرؤية السليمة، ويضيف أن هذه التمويلات المصرفية البديلة يشوبها غموض في الرؤية والمضمون، الشيء الذي يؤثر سلباً في نظرة الزبائن المفترضين لهذه الصيغ التمويلية ملؤها الشك والتردد وعدم الجرأة للإقبال عليها.

كما يقول السيد يوعلا إن الخلاف الفقهي في الحكم الشرعي على هذه التمويلات وتأويلها يعد جزءاً رئيسياً من العراقيل التي تحد من إشعاع التمويلات البديلة وانتشارها، حيث أدى هذا الخلاف الفقهي إلى تراجع المغاربة، خاصة بالنسبة للعملاء الذين يرغبون في الاستفادة من تمويلات يرونها توافق الشرع ولا تصطدم بحاجز الفوائد الربوية، مشيراً إلى أن البند 51 من المرجعية التنظيمية لهذه الصيغ البنكية يتحدث عن ملاءمتها للمعايير الدولية وليس للشريعة الإسلامية.

كما يقول يوعلا إن العقبة الثانية أمام انتشار تلك التمويلات الإسلامية تتمثل في ارتفاع تكلفتها إذا ما قورنت بالتمويلات البنكية العادية التي تشتغل بها سائر البنوك في البلاد، وذلك بسبب التكلفة المزدوجة في التحفيظ العقاري، علماً بأن الحكومة خفضت خلال العام الجاري الضريبة على القيمة المضافة من 20 إلى 10 في المئة، وأضاف أن التمويلات البنكية التقليدية منخفضة مقارنة بالصيغ البديلة لكونها تمويلات تسبح في بيئتها، أما التمويلات المسماة إسلامية فهي تقاس بمقياسها لأن الحلال غالبا يكون غالياً.

من جانبه انتقد أستاذ الاقتصاد في جامعة طنجة الدكتور نجيب بوليف افتقار هذه التمويلات الإسلامية إلى خبراء وإخصائيين في الاقتصاد الإسلامي وعدم الرجوع إليهم لأخذ مشورتهم، الأمر الذي يستدعي إنشاء بنك إسلامي متكامل البنيات والقوانين، وأبدى بوليف في السياق ذاته استغرابه من عدم وجود بنك إسلامي مستقل في المغرب على غرار عديد من البلدان العربية والإسلامية، بالرغم من أن التجربة أبانت مدى أهمية المصارف الإسلامية ومحافظتها على التوازن المالي للاقتصادات الوطنية.

وأضاف بوليف أنه من الأفضل لاقتصاد المغرب أن يخلق بنكاً إسلامياً مستقلاً عوض الاشتغال بنوافذ للتمويلات الإسلامية داخل إطار البنوك التقليدية التي لا تعمل في سياق المعاملات المصرفية الإسلامية بالبلاد، حيث اعتبر أن هذه التمويلات من شأنها جلب أموال ورساميل ضخمة، خاصة من البلدان العربية والإسلامية، وستتيح الزيادة بشكل ملموس في الادخار المحلي والاستثمار العمومي بنسبة تكاد تصل إلى 3 في المئة.

كما يقول الدكتور لحسن الداودي الخبير في مجال الاقتصاد إن هذه التمويلات البديلة تعاني من حاجز ارتفاع هائل في نسبة أرباح البنوك، الأمر الذي ينفر كثيرا من الزبائن المحتملين من هذه الصيغ، متوقعاً انخفاضها في المستقبل المنظور بداعي المنافسة المصرفية، وبالتالي سيكون الإقبال على هذه التمويلات من طرف ملايين المغاربة الذين يرفضون المعاملات الربوية.

الأكثر قراءة