عدم نشر الشركات مساهماتها في المسؤولية الاجتماعية يعطي انطباعا خاطئا عنها
تصعب المزايدة على إسهامات الشركات السعودية ورجال الأعمال في المسؤولية الاجتماعية. إلا أن الدعم الذي تقدمه للمجتمع يحتاج إلى أن يكون أكثر فاعلية وتأثيراً حيال القضايا الاجتماعية التنموية في المملكة.
وألقت دراسة بعنوان "الشركات السعودية والمسؤولیة الاجتماعیة.. التحديات وسبل التقدم" الضوء على مفھوم المسؤولية الاجتماعیة للشركات لقطاع الأعمال في المملكة العربیة السعودية. وسعت لاستشكاف نظرة وتجربة الشركات السعودية في مجال المسؤولية الاجتماعیة. كما تلقي الضوء على الفرص المتاحة والتحديات القائمة أمام تفعیل المسؤولية الاجتماعیة للشركات للإسھام في التنمیة المستدامة.
وحاولت الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما حجم الأنشطة الاجتماعية التي تقوم بها الشركات في المملكة؟ وما طبيعة ثقافة العمل الاجتماعي ودوره؟
وكیف ينظر قطاع الأعمال السعودي إلى دوره في الإسھام إيجابيًا في المجتمع والبیئة؟ وما دوافعه لخوض هذا الغمار؟
وما أسباب ظهور العمل الاجتماعي على استحياء في أنشطة قطاع الأعمال وأدبياته؟
لم يعد هناك مجال للشك في أن القطاع الخاص السعودي أصبح كياناً لا يستهان به؛ حيث تملك السعودية مؤسسات مرموقة على المستوى العالمي، إذ لا تخلو قائمة أهم 500 شركة في العالم من عدد من الشركات السعودية يفوق غالباً عدد شركات دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وعلى المستوى المحلي بلغت مشاركة القطاع الخاص السعودي في الناتج المحلي الإجمالي معدل 47 في المئة في عام 2006، وأمن القطاع الخاص السعودي 86 في المئة من فرص العمل في عام2001 .
وبهذا الأداء البارز تتضح أهمية القطاع الاقتصادي في المملكة، ومن ثم ضرورة قيامه بدور استباقي في التنمية. ويرى المراقبون أن المسؤولية الاجتماعية للشركات سيكون لها قصب السبق في تعزيز هذا الدور.
قصور إعلامي
وعلى الرغم من التقدم الذي يشهده القطاع الخاص في المملكة ترصد الدراسة ـــ التي قام بها مركز تمكین للاستشارات الإدارية والتنموية ـــ المعھد الدولي لاقتصاد البیئة والصناعة جامعة لاند السويدية ـــ أن الشركات السعودية شبه غائبة في التصنيفات الدولية لمدى قابلية الاستجابة للقضايا الاجتماعية والبيئية. وبالبحث وجد أن السبب الرئيس يرجع إلى أن تلك الشركات لا تنشر معلومات كافية عن أعمالها وإسهاماتها الاجتماعية.
وتشیر نتائج الدراسة إلى حقیقة أن الشركات السعودية تملك إسھامات في المسؤولیة الاجتماعیة أكثر مما تنشره وسائل الإعلام المختلفة. ويرجع الانطباع السائد بأن الشركات السعودية لا تقوم بدورھا في المسؤولية الاجتماعیة، إلى عدم نشر الشركات كثیر من إسھاماتھا الاجتماعیة، وبالتالي عدم وصول تلك المعلومات إلى المؤسسات المختصة بإجراء التصنیفات العالمیة المھتمة بالمسؤولية الاجتماعیة للشركات.
وبهذا يكون عدم نشر إسھامات الشركات السعودیة في المسؤولية الاجتماعیة قد أدى الى إعطاء انطباع بأن تلك الشركات لا تقوم بمسؤولياتها تجاه المجتمع.
وعلى صعيد متصل لا تزال المنشورات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعیة للشركات في السعودية محدودة على المستوى الدولي، أما الموجود فیعطي صورة غیر متسقة تماما مع الواقع. وفي الدراسة الاستقصائیة التي أجرتھا Globalscan في2006 بشأن رضا أصحاب المصالح عن رصد المسؤولية الاجتماعیة للشركات، احتلت المملكة العربیة السعودية موقعا في فئة الأسواق المرضیة، مما يشیر إلى رؤية إيجابیة لدى أصحاب المصالح حیال الشركات السعودية على مستوى التوقعات الشخصیة. إلا أن للصورة بعداً آخر يتمثل في تقارير مغايرة قدمتها منظمات غیر حكومیة دولیة تعطي نسبة أقل من الرضى عن مستويات المسؤولية الاجتماعیة، وذلك بعد استعراض وتحليل العملیات التي تقوم بھا شركاتھا في المملكة. وهذا يكشف أن أصحاب المصالح الدوليين يتوقعون إسهامات أكبر في مجال المسؤولية الاجتماعية بشكل أكبر مما هو عليه بالفعل.
#2#
غياب الدراسات ذات الصلة
على المستوى المحلي تبقى الدراسات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعیة للشركات في السعودية ـــ بخلاف الأخبار الصحافیة ـــ محدودة إلى حد كبير. ويعد عدد الباحثين الذين تطرقوا لبحث تلك المسألة محدودا جداً سواء كان تعرضهم لها مباشراً أو غير مباشر.
والمفارقة اللافتة للاھتمام أن أول دراسة محلیة بشأن المسؤولية الاجتماعیة للشركات في السعودية تعود لعام 1988 أي أنها سبقت الاهتمام العالمي بهذا الموضوع بسنوات طوال. وقد شملت عینة تلك الدراسة 110 شركات في المملكة العربیة السعودية مستندة إلى دراسة استقصائیة بشأن عدة متغیرات ما زالت حديث الساعة؛ مثل حماية البیئة.
وخلصت تلك الدراسة إلى أن إسهام الشركات في هذا الصدد أقل بكثير من التوقعات، حيث إنها تركز في أغلبیتھا على الجانب التجمیلي. كما أظھرت النتائج أن أبرز ما ترمي إلیه الشركات ھو تحقیق الربح دونما النظر إلى لمسؤوليات الأخرى.
وثمة دراسة أخرى أجراھا غرايتم Graitem عام 1990 بخصوص قابلیة استجابة المديرين السعوديین للحاجات الاجتماعیة. وكانت نتائجها بمثابة تعزيز للنتائج السابقة؛ فقد رأى هؤلاء المديرون أن الأھداف الاجتماعیة أقل أھمیة من الأھداف الاقتصادية، وأن المسؤولية الاجتماعیة تعد من مھام الحكومة في المقام الأول دون القطاع الخاص.
ضبابية تقارير الشركات
تعد التقارير التي تقدمها الشركات عن أدائها من المصادر المهمة للوقوف على حجم القيام بالمسؤولية الاجتماعية لتلك الشركات. وقد برزت في السنوات العشر الماضية أهمية تلك التقارير، ولا سيما في شركات الاقتصادات المتقدمة. واتخذت في تلك الأثناء أسماء مختلفة مثل التقرير البيئي، وتقرير الاستدامة، ومواطنة الشركات إلى أن بدأت أخيراً تحمل العنوان الشامل: "تقرير المسؤولية الاجتماعية". وتصدر تلك التقارير غالباً بشكل مستقل كجزء من التقرير السنوي للشركة.
وتشير الدراسات الدولية إلى أنه من النادر أن توجد تقارير استدامة في منطقة الشرق الأوسط باستثناء عدد محدود جداً من الشركات لا تتعدى نسبتها 2 في المئة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. كما تخلو قائمة مؤشر داو جونز للاستدامة من أية شركة في العالم العربي. ويهتم هذا المؤشر بتصنيف أكبر 10 في المئة من الشركات فيما يتعلق بالاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية من أصل 2500 شركة في مؤشر داو جونز العالمي.
وباستعراض معلومات عن أكبر 100 شركة سعودية، وجد أنه من النادر وجود تقارير منهجية تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للشركات كما هو الحال في الاقتصادات المتقدمة. كما لم يتوافر تقرير واحد مستقل حول المسؤولية الاجتماعية.
وبشكل عام، فإن 60 في المئة من الشركات التي تم بحثھا، تنشر بعض المعلومات بشأن مسألة أو أكثر على علاقة بالمسؤولية الاجتماعیة للشركات. إلا أن هذه المعلومات تكون عادة ضئیلة، خاصة المنشور منها على مواقع الإنترنت الخاصة بتلك الشركات. وتعرض غالبیة الشركات التي تصدر تقارير أنشطتھا كمقالات إخبارية أو قائمة أعمال، من دون الإفصاح عن مزيد من التفاصیل حول النتائج والمؤثرات الخاصة بتلك الأنشطة.
كما وجد أن 4 في المئة فقط من هذه الشركات تخصص قسمًا منفصلاً عن المسؤولية الاجتماعیة، مع الإشارة المباشرة إلى مصطلح المسؤولية الاجتماعیة للشركات مع تحديد المسؤولیات والبرامج بوضوح.
وسواء كانت المعلومات ضئيلة أو لا فإنها في الغالب تركز على أعمال التبرعات والھبات ورعاية المناسبات.
#3#
وبشكل عام فإن ضآلة المعلومات الرسمية المتوافرة تجعل من الصعوبة بمكان تقییم نوعیة الإدارة الاجتماعیة والبیئیة ونطاقھا وفاعلیتھا في الشركات السعودية. كما أن العدد الضئيل من التقارير يعطي انطباعاً قوياً للمراقب بأن المملكة تفتقر إلى أدوار المسؤولة الاجتماعية للشركات؛ وهو ما يخالف الواقع.
ورصدت الدراسة أيضا أن أية شركة سعودية بالكاد تصرح عن أنشطتھا في مجال المسؤولية الاجتماعیة لدى ارتباطھا بشكل واضح بالمسائل الخاصة بالأعمال مثل تقلیص التأثیرات السلبیة لأنشطتھا على المجتمع المحلي والبیئة.
ولعل هذا يوضح أن الدوافع المحركة للمسؤولية الاجتماعیة الظاھرة لدى الشركات الغربیة قد لا تكون بالضرورة نقطة الانطلاق لتحفیز المسؤولية الاجتماعیة للشركات في المملكة.
دوافع المشاركة الاجتماعية
ويعرض رجال الأعمال السعوديون الدوافع التي تشجعهم على أداء دور في المسؤولية الاجتماعية. وتتباين تلك الدوافع، إلا أنها تندرج ضمن ثلاثة توجهات: القيمة، والأداء، والربط بينهما. فالأول يعدها قيمة ترتبط بحس الواجب النابع من المعتقد والثقافة والقيم الإسلامية والحس الأخلاقي. وهناك توجه يربط المسؤولية الاجتماعية للشركات بطابع التبرعات والأعمال الخيرية. وفي هذا الإطار يرى بعض قادة الأعمال أن الأمر يرتبط بالقيمة أيضاً، فيما يراه البعض عطاءً مشتركاً في ضوء ما يتوقعه أصحاب المصالح وما تفرضه الضغوط المؤسسية.
أما التوجه الثالث فينظر إلى المسؤولية الاجتماعیة للشركات في إطار من الترابط بین الشركات والمجتمع. وقد أكد نحو ثلث من أجريت معھم المقابلات أن "المسؤولية الاجتماعیة للشركات ھي وسیلة للالتزام الإيجابي حیال المجتمع، والإسھام بالمعرفة والموارد والمال، وتنمیة الموارد البشرية، والاھتمام بحاجات التنمیة. وتمثل ھذه النظرة إطاراً مھما بالنسبة إلى بعض الشركات لمعالجة حاجات التنمیة التي يعاني منھا المجتمع العاملة فیه.
التوظيف والتدريب أهم الأولويات
تشير الدراسة إلى أن قطاعات التعليم والتوظيف والتدريب تحتل صدارة أولويات أصحاب الأعمال لتوجيه إسهاماتهم في المسؤولية الاجتماعية في المملكة. ولا تختلف تلك الصورة عن الأولوية الوطنية فيما يتعلق بإيجاد فرص العمل.
وتم التركیز بشكل كبیر على جودة التعلیم والتدريب وعلاقته بالتوظیف. وكما أوضح أحد المديرين "إن الشركات غیر معنیة بكمیة التعلیم إنما بنوعیته"، وبالتالي فھم معنیون بالمخرجات التي يقدمھا النظام التعلیمي. وھذا يترجم عدم قدرة المؤسسات التعلیمیة على تأمین المؤھلات التي تطلبھا الشركات السعودية. ونتيجة لهذا يتم التركیز بشكل رئیس على توجیه برامج المسؤولية الاجتماعیة لدعم مختلف البرامج التعلیمیة وبرامج التدريب.
وبالنسبة للمهارات والتعليم تبرز الحاجة إلى تأھیل كوادر تكون قادرة على إنشاء المشاريع التجارية، مما يعني تحديداً مساعدة الشباب من الجنسین على اكتساب المھارات لیخلقوا لأنفسھم فرص عمل.
ولا يفوت الدراسة الإشارة إلى أن مسألة تمكین المرأة من الدخول إلى سوق العمل، وتأمین الظروف المواتیة لذلك تحتل صدارة اھتمامات عدد من رجال الأعمال في السوق السعودية.
أما فيما يتعلق بالتوظيف يبرز الاهتمام بمسألة توطين العمالة "السعودة". وترى بعض الشركات أن عملة السعودة جزء من مسؤوليتها الاجتماعية للعمل على زيادة نسبة العمالة المحلية، إلا أن فريقا آخر يرى أن التركيز على مناقشة السعودة من منظور كمي يعيق البرامج الاجتماعية لتلك الشركات في مجال معالجة البعد النوعي لتلك القضية المهمة.
أما مسائل البیئة والصحة والسلامة، فقد جاءت في مرتبة متأخرة في قائمة الأولويات، إلا أن المفارقة تكمن في أن الشركات التي بدت أقل اھتماما بالمسائل البیئیة، ھي الشركات التي تعمل في قطاعات تشكل أعمالھا خطرا على البیئة. ويفسر مديرو الشركات هذا بنقص الاهتمام من قبل المؤسسات الرسمية والحكومية، كما أن بعض الشركات لا تتنبه إلى ما تتسبب فيه أنشطتها من تداعيات خطيرة على البيئة.
ندرة البرامج المقننة
رصدت الدراسة عدم وجود برامج خاصة بالمسؤولية الاجتماعية مدعمة بالخطط ومنهجية العمل لدى الشركات محل الدراسة. وتعمل أغلبية تلك الشركات في هذا الصدد بطريقة فردية، حيث يتولى المالك أو المدير أمر العمل الاجتماعي الذي لا يخرج غالباً عن إطار التبرعات لأعمال خيرية أو رعاية مناسبات ومؤتمرات معينة، وكذلك المساهمة بالتجهيزات والأبنية.
وأكدت أربع شركات فقط أن لديها برنامجاً خاصاً بالمسؤولية الاجتماعية يتميز بمنهجية العمل. وقالت شركات أخرى إنها بصدد وضع هيكلية رسمية للأنشطة الخيرية التي تقوم بها، فيما أشارت شركة واحدة إلى أنها لا تقوم بأية أنشطة اجتماعية.
وهناك بعض الشركات التي تقوم بدعم برامج حكومية في مجالي التدريب والعناية الصحية. ويتم هذا من خلال توقيع عقد شراكة مع الحكومة للاضطلاع ببرامج تدريبية أو حملات توعية أو تأمين خدمات في بعض المناطق النائية. ولوحظ أنه يندر أن تقوم الشركة بإدارة الأنشطة الخيرية التي تقدمها، أو أن تستفيد فيها من خبرة الشركة ومهارة الموظفين العاملين فيها.
وأشارت الدراسة إلى أن بعض الشركات المحلیة التي لديھا مشاريع مشتركة مع شركات أجنبیة أو فروع لشركات متعددة الجنسیات، أخذت عن الشركة الأم منھج العمل النظامي في إطار المسؤولية الاجتماعیة. وتلتزم تلك الفروع بفاعلیة البرامج الاجتماعیة الموضوعة محلیا على أساس خبرة الشركة الأم.
وفي الوقت ذاته وجد أن هناك بعض تلك الشركات لا تهتم بالمسائل الاجتماعیة والبیئیة القائمة محلیا حتى وإن كانت الشركة الأم في بلد المنشأ تدعي وجود برامج تقدمیة في مجال المسؤولية الاجتماعیة. وتذكر الدراسة أن هذا التضارب يدعو لدراسات أكثر استفاضة عن طبیعة سلوك الشركات متعددة الجنسیات ومدى التزامھا بالمسؤولية الاجتماعیة في دولة بحجم ومكانة المملكة.
الحاجة لضغوط أصحاب المصالح
لاحظت الدراسة غياب الضغوط الخارجية كأن يربط أصحاب المصالح تعاملهم مع الشركة بالالتزام ببعض الأنشطة أو المشاريع الاجتماعية. ووجدت أن استخدام المشتريات أو المناقصات كوسیلة ضغط أو تحفیز للمسؤولية الاجتماعیة على الشركات السعودية ما زال غائباً في كلا السوقین المحلية والدولية، إلا في حالة طلبت فیھا شركة أرامكو من إحدى الشركات المشاركة في الدراسة أن تبین مراعاتھا للأنظمة البیئیة كشرط للتعامل.
ولم يختلف الحال بالنسبة للضغوط من أصحاب المصالح الدولیین ـــ المشتري أو البائع أو المستثمر ـــ فقد أكدت الشركات أنها نادراً ما تواجه أسئلة حول برامجھا في المسؤولية الاجتماعیة ،وحتى في حالة وجود تلك الأسئلة فھي لیست جادة ولا تمثل رغبة حقیقية لدى أصحاب المصالح الدولیین في تحسین الأداء البیئي والاجتماعی في المملكة.
كما رصدت الدراسة غیابا تام الضغط المستھلك المحلي كإحدى وسائل الضغط التي تدفع الشركات نحو المسؤولية الاجتماعیة، حيث إن المستھلك لا يهتم بالأنشطة الاجتماعیة للشركة، وأن اھتمامه يتركز على أسعار المنتجات فقط بحسب تأكيد مديري الشركات.
توصيات الدراسة
أولى التوصيات هي التشديد على أن التنظیم الفاعل للمسؤولية الاجتماعیة للشركات يتطلب أكثر من مجرد نيات حسنة ودعم إداري. بل يجب النظر في نقاط التقاطع بین شركات الأعمال والمجتمع وربط الأعمال بالإطار الاجتماعي.
ومن الأهمية بمكان تحديد المسائل الاجتماعیة ذات الأولوية ووضع أجندة لعمل الشركات
الاجتماعي. وكذلك يجب التركیز على الأمد الطويل والاستدامة. إلى جانب قیاس التأثیرات وتأمین الحوافز للشركة.
أما التوصية الثانية فهي تتعلق بتحفيز بناء القدرات والابتكار لدى الجانب المتلقي وذلك من خلال التمويل بناء على النتائج؛ فبدلاً من التبرع تقوم الشركة بمبادرة تركز على المجالات ذات الأولوية تترجم إلى أعمال تطبیقیة لتحقیق النتائج المرجوة. أي أنه يكون تبرعاً موجهاً؛ وهو ما يولد ضغطًا على الجھات المتلقیة لذلك التبرع لتكون أكثر تنظیماً وللابتكار مع اعتماد حلول منھجیة.
وثالثة التوصيات هي ربط الأعمال بالإطار الاجتماعي. وثمة منهجيات مختلفة في هذا الإطار، منها ربط البعد الاجتماعي بمنتجات الشركة، وتعد صناعة المصرفية الإسلامية أبرز الأمثلة على تلك المنهجية. وثمة منهجية ترتكز إلى ابتكار منتجات وخدمات جديدة لمعالجة تحديات داخل الإطار الاجتماعي. وقد استعرضت الدراسة نموذجا سعوديا متمیزا للتعامل مع قضیة التلوث، حیث طرحت إحدى الشركات المحلیة حلولا عملیة لتخفیض نسبة التلوث وربطھا بعوائد اقتصادية للشركات.
أما التوصية الأخيرة فتتعلق بضرورة التعاون بين القطاعين الخاص والعام لتقديم نماذج تعاونية لتحقیق تأثیرات كبیرة واسعة النطاق. ومثال ذلك مبادرة الحاسب المنزلي التي أطلقتها ھیئة الاتصالات وتقنیة المعلومات بالشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز انتشار استخدام الحاسب الآلي في المملكة. وكان الھدف من ھذه المبادرة زيادة عدد مستخدمي الحاسب الآلي بنحو ملیون مستخدم بحلول عام 2008.