تطوير ومأسسة المنتجات والتوفيق بين المتطلب الشرعي وخدمة العميل مهام رئيسة للمصرفية الإسلامية
أكد هشام كوشك الرئيس التنفيذي لشركة هيكلة، المتخصصة في أبحاث المصرفية الإسلامية والاستشارات المالية، أن أسواقنا المحلية لا تزال تركز على آليات ومنتجات قصيرة إلى متوسطة الأجل ويندر توافر منتجات وآليات طويلة الأجل لعدة أسباب؛ أهمها احتياجات العميل، غياب التسعير للأجل الطويل.
وتطرق إلى أبرز التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية في الجوانب الإدارية بما في ذلك النقص الحاد في الموارد البشرية والأنظمة الحالية التي تحتاج إلى مزيد من التطوير. إضافة إلى إلقاء الضوء على جوانب العجز في تطبيق معايير الجودة الشاملة .. فإلى تفاصيل الحوار الذي أجراه فهد البقمي من جدة:
كيف تنظر إلى المصرفية الإسلامية؟ وما أبرز التحديات الحالية والمستقبلية؟
إن حجم الأصول في الصناعة المالية الإسلامية قدر بنحو 825 مليار دولار في عام 2009، وهو العام الذي شهدت فيه الصيرفة نقطة تحول مركزية أسهم في تشكيلها حدوث الأزمة العالمية، وفي العام ذاته تفوقت نسبة نمو الأصول بنحو 30 في المئة على عام 2008 الذي بلغ فيه سقف قيمة الأصول نحو 750 مليار دولار. وهذا يدل على أن المصرفية أصبح لها مكانة وصناعتها تأخذ في التنامي ولا بد من نظام إداري متقدم يساند نجاح هذه الصناعة وفق معايير تحافظ على جودة العمل وتطويره إلى مستويات أفضل في المستقبل. أما فيما يتعلق بأبرز المعوقات التي تحد من نمو الصناعة المصرفية الإسلامية فيمكن تلخيصها في التالي: أولاً: ما زالت المصارف الإسلامية تخضع لأنظمة وأحكام لا تناسب طبيعة العمل المصرفي الإسلامي، بل تحصره، وتقيد انطلاقه. ثانياً: الخدمات والمنتجات التي تقدمها المصارف الإسلامية تحتاج إلى تطوير لتناسب المتطلبات، والاحتياجات الحالية ً والمستقبلية. ثالثا: النقص الحاد في الموارد البشرية، المرشح للازدياد في ظل التوسع الذي سيشهده المستقبل القريب في أعداد المصارف، وتنوع الخدمات التي ستقدمها. هل تواجه المصرفية الإسلامية عجزا في جوانب تطبيق الجودة؟ أعتقد أن العجز المقصود في تطبيق الجودة هو ناتج عن شقين: أولهما عدم توافر القواعد التطبيقية للمصرفية الإسلامية بشكل دقيق وسلس، وثانيهما هو مجرد عجز في جودة الخدمة كائن من كان مقدمها وكلاهما بحاجة شديدة لكثير من التطوير والميكنة اللذين يجب التركيز عليهما لخدمة القطاع.
المصارف الإسلامية لا تمتلك أدوات مالية تتمتع بما تتمتع به الأدوات المالية المتداولة في الأسواق المالية مع الاحتفاظ بإمكانية تسييل هذه الاستثمارات وقت الحاجة. ما وجهة نظركم تجاه ذلك؟
لدى المصرفية الإسلامية قدرة على مواجهة الأسواق المالية المحلية والعالمية لكن هذا يتطلب التركيز على تطوير المنتجات والتوفيق بين المتطلب الشرعي وخدمة العميل. كما أنه يجب الانتباه إلى أن عمر المصرفية التقليدية طويل ولم تصل إلى ما وصلت إليه في عشية وضحاها بل مرت بكثير من مراحل التطوير والتعديل والتنقيح وإعادة الهيكلة، وهذا ما يفترض أن تمر به المصرفية الإسلامية كذلك، مع الاستفادة من أخطاء المصرفية التقليدية والعمل على تفاديها. إن إدارة الآجال للأدوات المالية ممكن فنياً بل هو واقع تتم ممارسته في الأسواق الدولية الأكثر نضجا، حيث يتطلب خبرة في هذا المجال وكثير من التخطيط الجيد ليمكن من إدارة آليات ومنتجات قصيرة الأجل وطويلة الأجل، أما أسواقنا المحلية فتركز على آليات ومنتجات قصيرة إلى متوسطة الآجال ويندر توافر منتجات وآليات طويلة الأجل لعدة أسباب أهمها احتياجات العميل، غياب التسعير للأجل الطويل.
تواجه المصرفية الإسلامية عدم اهتمام من قبل شركات الأنظمة بتطوير أنظمة تتلاءم مع طبيعتها لعدم وعي أغلبية القائمين عليها بأهمية ذلك، وهو أمر مهم في المنافسة العالمية. كيف يمكن معالجة هذا الأمر؟
أعتقد أن الأنظمة هي أداة أساسية في نطاق أي قطاع كان، ولكن لن أعتبر أن هناك عدم اهتمام من قبل شركات الأنظمة بتطوير أنظمة تتلاءم مع المصارف الإسلامية، بل إن التقصير في رأيي من جهة المصارف الإسلامية فعليها التحرك بقوة في اتجاه النظم والمكننة وفرض متطلباتهم الخاصة على شركات الأنظمة والعمل بجهد على توثيق آليات التطوير لتتواءم بشكل تام مع احتياجات تلك المصارف لتخدم العميل بسرعة ودقة واحترافية. هذا يتطلب تغييرا في استراتيجيات المصارف وتخصيص مخصصات مالية أكبر وبذل جهد أكثر للحصول على التطوير المطلوب بالجودة المطلوبة.
ماذا يمكن أن تقدم بيوت الخبرة الاستشارية لقطاع المصرفية الإسلامية؟
إن بيوت الخبرة الاستشارية يمكن أن تقدم الكثير، في السابق كانت الخدمة تبدأ وتنتهي في المصرف وهذا يحد كثيراً الإبداع والتطوير للحلول والخدمات المالية الأخرى التي من الممكن تقديمها للعميل. القائمة طويلة ولكن أهمها هو ما يلي: 1. تطوير المنتجات والحلول المالية للبنوك والمصارف والشركات الاستثمارية المالية. 2. إنشاء وتطوير الشركات والمشاريع. 3. طرح الفرص الاستثمارية سواء كان بتجميع رؤوس الأموال أو التمويل. 4. الهيكلة المالية المثلى والتناغم بين حقوق الملكية والتمويل.
هل تحتاج المصرفية الإسلامية بحكم تخصصها إلى نظام إداري ومعايير جديدة تختلف على المعايير والأنظمة المعمول بها حاليا في معظم الدول، بصرف النظر عن طبيعة النشاط المصرفي؟
إن النظام الإداري والمعايير القائمة بشكل عام مناسبة ولكن ما ينبغي تطويره هو الشق الخاص بالمصرفية الإسلامية ومنتجاتها وأحكامها وسياساتها وإجراءاتها التنظيمية والأهم القانونية.
ألا ترى إن هناك حجة إلى إعادة صياغة العقود الحالية بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، وهل تملك بيوت الاستشارات تحويلها؟
العقود الحالية أو الجديد منها يسهل تنقيحه وإعادة صياغته سواء مباشرة من قبل المصارف أو البيوت الاستشارية لكن هذه مهمة يجب أن يشترك فيها بل يراقبها لجان شرعية أو شركات الرقابة الشرعية المتخصصة التي تهتم بالتطبيق الشرعي الصحيح وليس فقط العقود وصياغتها.
كيف تنظر إلى حجم المكاتب الاستشارية المتخصصة في القطاع المصرفي وهل نحن بحاجة إلى مزيد من هذه المكاتب؟
"الجودة أهم من الحجم" هذا مبدأ مهم، فلو أن الجودة في تقديم الخدمة مرتفعة فسوف يسهل ذلك على المكاتب والشركات الاستشارية التوسع في حجم الأعمال، علماً بأن المنافسة تربي الجودة وتسهل استمرارية الأفضل. لذا فإن زيادة المكاتب أو الشركات الاستشارية قد يكون ليس الحل الأمثل لسد الفجوة بين العرض والطلب.
ما الدور الذي يمكن أن تقدمه شركتكم لتطوير قطاع العمل المصرفي الإسلامي؟
تعمل "هيكلة للاستشارات المالية" بتوافق تام مع تعليمات المصرفية الإسلامية، وهي منشأة مرخصة من هيئة السوق المالية متخصصة في توفير المنتجات والحلول المالية، الهيكلة المالية، التمويلات والاستثمارات الإسلامية والخدمات المصرفية. أسسها ثلّة من المصرفيين والماليين المخضرمين الذين يستندون إلى خبرة متراكمة ومعرفة وخبرات كبيرة في الشؤون المالية، التمويل والاستثمارات الإسلامية، بهدف تقديم حلول مصرفية، تمويلية، استثمارية وتقديم المشورة والترتيب في ذات المجالات للأفراد، الشركات والمؤسسات المالية وغير المالية بما في ذلك رجال وسيدات الأعمال. كما تعمل على تقديم عديد من المساهمات لتطوير قطاع العمل المصرفي الإسلامي من تطوير المنتجات والحلول المالية لعديد من البنوك ومصارف الشركات المالية الاستثمارية محلياً وإقليمياً. حدثنا عن تجربة "هيكلة" كشركة متخصصة في الاستشارات المالية والصعوبات التي واجهتكم في مراحل التأسيس؟ جميع قطاعات الأعمال حتما ما تصادف صعوبات وتحديات في بداية انطلاقتها و"هيكلة للاستشارات المالية" لم تكن بمنأى عن هذه الصعوبات، التي في اعتقادي، يمكن تلخيصها في صعوبة الانطلاق في سوق العمل الاستشاري المالي خصوصاً من دون علامة واسم معروف، وهنا كان التحدي الأكبر. لقد عملنا منذ البداية على بناء الثقة والتميز في مخرجات أعمالنا والبدء بترسيخ اسم "هيكلة" لدى صناع القرار في الجهات التي نتعامل معها، كما واجهتنا بعض الصعوبات المتمثلة في محدودية الكادر البشري المحترف والمتخصص في هذا النوع من الأعمال ولكن بفضل الله تم التغلب على كثير من هذه الصعوبات واستطعنا ترسيخ اسم "هيكلة" كأحد المعالم المتميزة في صناعة الخدمات المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يسعدنا في "هيكلة للاستشارات المالية" أن نصغي إلى متطلبات عملائنا وتقديم حلول مالية تتلاءم مع احتياجات العميل؛ هذه هي سياستنا وهذا ما نسعى إليه وهذا ما أسهم في تغلبنا على الصعوبات.