بنك دارفور للتنمية .. هل تنجح المشاريع الصغيرة في إخراج الإقليم من مشكلاته؟
في جهودها لإرساء دعائم التنمية حول العالم، بدأت الأموال الإسلامية في الفترة الأخيرة تتجه إلى المناطق الفقيرة والمنكوبة، في بادرة وصفها كثيرون بأنها تجانب خانة المسؤولية الاجتماعية، حيث من المقرر أن يبدأ بنك تنمية إقليم دارفور في السودان عمله فعليا مطلع العام المقبل، وذلك بعد الحصول على الموافقة المبدئية من البنك المركزي السوداني.
يُذكر أن مجتمعين يمثلون منظمة المؤتمر الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية وقطر وممثلين لحكومة السودان كانوا قد قرروا في وقت سابق من هذا العام إنشاء البنك، والذي من المقرر أن يخدم إقليم دارفور، حيث سيعمل البنك مرحلياً برأسمال يصل إلى 200 مليون دولار، يقدم من خلاله التمويل اللازم للمشاريع الصغيرة التي تعين أهالي الإقليم على تأمين لقــــــــــمة العيش، ويعزز من فرص الســـــلام.
يُذكر أن البنك التزمت به قطر بناءً على تعهدات المانحين والتي بلغت 850 مليون دولار دفعت منها قطر نحو 200 مليون دولار في مؤتمر المانحين الذي عُقد في القاهرة بنسبة 10 في المائة من المساهمات الكلية.
وكان الاجتماع التحضيري والذي عُقد في وقت آخر من هذا العام كان قد قرر أن تكون رئاسة البنك بالخرطوم بجانب إنشاء فروع للبنك في ولايات دارفور الثلاث، حيث دار نقاش مستفيض تركز حول البنية التحتية للبنك ومشاريع القروض والمؤسسات النقدية وإنشاء البنيات الأساسية للخدمات في دارفور، إضافة إلى مجالات الاستثمار الصناعي والزراعي والثروة الحيوانية.
وتم خلال هذا الاجتماع تكليف ثلاثة من بيوت الخبرة (السودانية، القطرية، والمصرية) بوضع هيكلة البنك وجهازه الإداري ورفعه للجهات السباعية السياسية المكونة من مجلس وزراء منظمة المؤتمر الإسلامي لإجازته.
هذا وقد قدرت منظمة المؤتمر الإسلامي حجم الأموال التي ستحتاج إليها عمليات تمويل إعادة إعمار دارفور بقرابة ملياري دولار، حيث من المقرر أن تذهب هذه الأموال إلى مشاريع تتعلق بستة جوانب أساسية لإعادة الحياة في الإقليم، الذي دمره الصراع الدائر منذ عام 2003 بين الحكومة السودانية والحركات الدارفورية المتمردة، الذي تسبب في نزوح الآلاف من سكان الإقليم، وهذه الجوانب تشمل مشاريع المياه، والزراعة، والإسكان، وصناعة الأسمنت، والصحة، والتعليم.
ولتأكيد أهمية هذا التوجه من المحتمل عقد مؤتمر دولي آخر في غضون عامين، في حال عدم استكمال المبلغ المطلوب في المؤتمر الدولي للمانحين، لاستكمال المنح المطلوبة، وإنهاء ما بدأ العمل به من هذه المشاريع.
ومن المعروف أن إقليم دارفور الغني اقتصادياً يشهد منذ سنوات صراعات بين الرعاة والمزارعين تغذيها الانتماءات القبلية لكل طرف، فالتركيبة القبلية والنزاع على الموارد الطبيعية الشحيحة كانت وراء أغلب النزاعات، وغالبا ما يتم احتواؤها وتسويتها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة، حيث يعرف أن المنطقة غنية بالمواد الخام كالنفط، ويعتقد أن هناك احتياطي نفط يبلغ سبعة مليارات برميل، ووجود اليورانيوم وكثرة الثروة الحيوانية.
ويقدر مساحة إقليم دارفور بخُمس مساحة السودان وتبلغ 510 آلاف كيلو متر، وتحد الإقليم ثلاث دول هي: ليبيا، تشاد، وإفريقيا الوسطى، فضلا عن متاخمته بعض الولايات السودانية، ويرجع سبب تسمية دارفور بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة الفور، ودارفور تعني موطن الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم.
وكانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عدد من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم علي دينار. ويبلغ عدد سكان الإقليم ستة ملايين نسمة، يستخدمون لغات محلية إلى جانب اللغة العربية.
واقتصادياً يكثر فيها غابات الهاشاب الذي يثمر الصمغ العربي، فضلا عن حقول القطن والتبغ في الجنوب الغربي من الإقليم. كما تنمو أشجار الفاكهة المختلفة وتزرع الخضر في جبل مرة الذي يتميز بمناخ البحر الأبيض المتوسط. وتتم في بعض مناطق الإقليم زراعة القمح والذرة والدخن وغيرها.
وتمتاز دارفور بثروة حيوانية كبيرة قوامها الإبل والغنم والبقر. وقد تضررت هذه الثروة عندما ضرب الجفاف الإقليم في بداية السبعينيات.