آسيا في حاجة إلى أن تتنفس اقتصاديا ببنك قاري

آسيا في حاجة إلى أن تتنفس اقتصاديا ببنك قاري

بما أن معظم المؤشرات والتوقعات الاقتصادية تشير إلى أن هذا القرن سيكون لآسيا، هناك بنك إقليمي له طموحات كبيرة داخل القارة. فبنك دي بي إس في سنغافورة يعتزم تصعيد اللعبة المحلية عن طريق الاستفادة من الاتجاهات الضخمة المتنامية في المنطقة والاعتماد على أعظم أصوله - علامة تجارية معتمدة مبنية في الداخل.
وقال بيوش جوبتا، الرئيس التنفيذي لشركة دي بي إس، في مقابلة مع انسياد نولدج: ''نحن واضحون في كوننا نريد أن نكون لاعبا آسيويا''. وأضاف مشيرا إلى خطط التوسع المحتمل إلى الأسواق الأوروبية الناضجة والناشئة: ''نحن نعرف كيفية التعامل مع الثقافات الآسيوية، ونعرف كيفية التعامل مع الشعوب الآسيوية، ونعرف كيف نجازف في أسواق آسيا العميقة ولسنا واثقين أن بعض هذه المزايا يمكن نقلها''.
لقد تم إنشاء بنك سنغافورة للتنمية، كما تم إنشاء دي بي إس عام 1968، لدعم جهود التنمية والتصنيع في البلاد. وقد حوّل نفسه منذ ذلك الحين إلى مقدم للخدمات المالية - الخدمات المصرفية الاستهلاكية، الخدمات المصرفية للشركات الصغيرة والمتوسطة، إدارة الثروات الخاصة، الخدمات المصرفية الاستثمارية وللشركات، وخدمات الخزينة. وأضاف إليه استحواذه عام 1998 على POSB، بنك ادخار مكتب البريد، الذي كان حينها أكبر بنك تجزئة في سنغافورة، ثلاثة ملايين عميل جديد. أما استحواذه على بنك داو هينج في هونج كونج عام 2001 فمنحه موطئ قدم في ثاني أكبر سوق للبنك. واليوم، لدى دي بي إس عمليات في 16 سوقا ولديه نحو خمسة ملايين عميل ما بين أفراد وشركات.

تتبع الاتجاهات الضخمة في آسيا
ويعكس شعار البنك الذي يقول ''عِش وتنفس آسيا'' استراتيجيته المجددة ليصبح هذا بالضبط ويجعل التحول المثير للجدل من منتصف مركز الثقل الاقتصادي نحو الشرق هذا الوقت ''وقتا رائعا للتواجد في هذا الجزء من العالم''، كما يقول جوبتا. وإعادة توازن محفظته الجغرافية هو أحد جوانب خططه الاستراتيجية. وفي حين أسهمت سنغافورة وهونج كونج بنحو 60 في المائة و26 في المائة من صافي الأرباح في الربع الثالث، إلا أن دي بي إس أشار إلى أن هدفه هو الوصول إلى تقسيم بنسب 30:30:40 في غضون خمس سنوات من سنغافورة والصين الكبرى (الصين وهونج كونج وتايوان) وجنوب وجنوب شرق آسيا على التوالي.
والقوة المحركة لهذه الغارات هي إيجاد الثروة والوفرة في آسيا، كما يوضح جوبتا، فضلا عن التحول الجذري في أنماط الاستهلاك، حيث إن الآسيويين لا يستهلكون المزيد فحسب، بل يستهلكون أكثر بكثير من إنتاجهم الخاص. وقارن هذا التغيير الملحوظ عن أوائل التسعينيات حين كان الآسيويون ينفقون 44 في المائة من كل دولار يتم إنفاقه في الولايات المتحدة. واليوم، تظهر أبحاث البنك أن الإنفاق الآسيوي يبلغ 1.02 دولار، كما يقول جوبتا؛ مما يعزز التجارة البينية الإقليمية أيضا. وقد ساعدت التطورات في سنغافورة نفسها أيضا على توسع دي بي إس.
ويقول جوبتا عن جهود الدولة القومية: ''قامت سنغافورة بعمل جيد للغاية بتنصيب نفسها على أنها سويسرا الجديدة، مركز الثروة الجديد. وأحد المجالات التي كان فيها أداؤها رائعا للغاية هو إدماج (الأنظمة) مع النظام، مما يسمح، من جهة، بقوانين الخصوصية، لكنه في الوقت نفسه يتوافق مع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والولايات المتحدة والعالم الغربي حول ممارسات الفساد الأجنبي، وحول ضمان أن تكون الأنظمة الضريبية مقبولة وقد حققت سنغافورة هذا التوازن بشكل رائع''.
أخيرا، هناك الالتزام بزيادة خدماته للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ويوضح جوبتا، مشيرا إلى أن دي بي إس يقدم خدمات حيوية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مثل قروض الاستملاك، وتمويل الأصول الثابتة، وتمويل التجارة والمشاريع: ''نعتقد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ستنمو باطراد على مدى العقد المقبل وجذورنا تسمح لنا باللعب على نحو جيد جدا في هذا الفضاء''.

حروب عملات
في الأشهر الأخيرة، تحدثت عناوين الصحف عن ''حرب عملات'' مع تعرض الصينيين للضغوط للسماح لليوان بالارتفاع. ويقول جوبتا: ''الضغوط حقيقية؛ لأن الجميع يريدون إبقاء عملاتهم ضعيفة''. وأضاف قائلا: ''أعتقد أن الضغوط من أجل رفع اليوان ستستمر بالتزايد''. ومن المتوقع أن تكون النزاعات الدولية حول العملة أول موضوع على أجندة قمة مجموعة العشرين المقبلة في كوريا الجنوبية هذا الشهر 11-12 تشرين الثاني (نوفمبر). وتقول الولايات المتحدة وأوروبا إن الصين تتعمد إبقاء اليوان منخفضا؛ لجعل صادراتها تبدو أكثر جاذبية. وتقول الصين إن سياسة الولايات المتحدة النقدية التوسعية والدولار الضعيف تفرض ضغوطا على عملات الأسواق الناشئة لكي ترتفع، مما يزيد مخاطر التضخم.
''أحد الأمور التي تقوم بها الحكومة الصينية هذا العام هو أنها بدأت عملية تدويل سريعة جدا لليوان''، كما يقول جوبتا عن جهود الصين لزيادة استخدام اليوان الصيني خارج البر الرئيس. وتشمل إصدار سندات خارجية باليوان، والسماح للشركات بتسوية العقود التجارية باليوان، واستخدام اليوان في مقايضات العملة مع اقتصادات السوق الناشئة، والسماح للمؤسسات بإصدار أوراق مالية باليوان في هونج كونج، وهي إجراءات يصفها جوبتا بأنها ''محيّرة''.
وهو يقول: ''أعتقد شخصيا أنهم يسعون بنشاط لإنشاء كتلة تجارية لمحاولة معرفة إذا ما كانت تلك طريقة لتقليل ارتفاع العملة على جبهة الدولار''.

قيادة بنك آسيوي
أمضى جوبتا معظم سنوات حياته المهنية المصرفية البالغة 28 عاما في سيتي بانك، حيث استقال من منصب الرئيس التنفيذي لقسم جنوب شرق آسيا الباسفيك وأستراليا ونيوزلندا لتولي زمام الأمور في دي بي إس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. كيف إذن يمكن مقارنة ثقافات الشركات بين ثقافة بنك متعدد الجنسيات متأصل في التقاليد الغربية وثقافة نظيره الآسيوي الذي نشأ في آسيا؟ ''الشركات (الغربية) تركز على التفوق الفردي وروح المبادرة الفردية وكان التحدي الكبير أمامي (في سيتي) هو إيجاد ثقافة من الأهداف المشتركة''. وهذا مناقض لتجربته في دي بي إس، كما يقول، حيث الأولويات هي توافق الآراء والاعتدال والعمل الجماعي. ويشرح قائلا: ''أحاول تحريك البندول في الاتجاه الآخر. ولا بد أن هناك وسيلة في مكان ما. ولكن بالتأكيد لم تكن الوسيلة حيث كنت وليست حيث أنا''.
وخلال حديثه إلى طلاب الماجستير في انسياد في حرم الكلية في آسيا في سنغافورة، تناول جوبتا التحدي المتمثل في فجوة المواهب والمهارات في الخدمات المالية الآسيوية. من منظور الميزانية، شهد دي بي إس زيادة بنسبة 28 في المائة في الربع الثالث من صافي الأرباح مقارنة بالعام الماضي، أسهمت سنغافورة بنسبة 60 في المائة تقريبا منها. ولكنه يهدف في هذه المرحلة إلى جعل آسيا محور تركيزه الأساسي بدلا من الأسواق الأبعد.
ويوضح جوبتا: ''الاستمرار في فعل ما نفعله وما نعرف أننا بارعون فيه هو ما يدفعنا للبقاء في السياق الآسيوي''.
وكان بيوش جوبتا في حرم كلية انسياد في آسيا في سنغافورة للتحدث مع طلاب الماجستير في حلقة نقاش عن الخدمات المالية في آسيا وأوروبا في إطار أسبوع دول البنلوكس.

* كتب هذا المقال مريناليني ريدي

الأكثر قراءة