صندوق التنمية الصناعية السعودي .. دور ريادي ومسيرة تنمية
على الرغم من حداثة التنمية الصناعية في المملكة فقد شهد القطاع الصناعي فيها تطوراً مطـّرداً تحققت خلاله إنجازات باهرة. ويرجع ذلك إلى الدعم الكبير الذي يجده القطاع الصناعي من الدولة نظراً للدور الكبير الذي يقوم به في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية للمملكة. ولقد اشتملت جهود الدولة في دعم التنمية الصناعية على عدة محاور أساسية كان من ضمنها إنشاء صندوق التنمية الصناعية السعودي. وقد أدى الصندوق، بوصفه أحد مؤسسات التنمية الرئيسة في المملكة، دوراً كبيراً وفعالاً في دعم وتطوير هذا القطاع الحيوي والمهم، حيث تمثل مشكلة الحصول على التمويل أهم المشكلات التي تعوق توسع الأنشطة الاقتصادية والصناعية على وجه الخصوص. وقد مكّـن الصندوق منذ إنشائه المشاريع الصناعية من تخطي هذه العقبة بتقديم القروض للمشاريع الصناعية بمختلف أحجامها (الكبيرة والمتوسطة والصغيرة). ولم يكتف الصندوق بتقديم القروض الصناعية، وإنما امتد دوره لتوفير الاستشارات الفنية والمالية والتسويقية.
ولإلقاء المزيد من الضوء على الصندوق ودوره في تحقيق التنمية الصناعية في المملكة، نستعرض فيما يلي مهام الصندوق وأهدافه، سياسات وإجراءات الإقراض، وإنجازات الصندوق في الفترة الماضية والآفاق المستقبلية.
أولاً: أهداف ومهام الصندوق:
أنشئ صندوق التنمية الصناعية السعودي بموجب المرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 26/2/1394هـ، بهدف دعم تنمية القطاع الصناعي الخاص عن طريق تقديم قروض متوسطة أو طويلة الأجل لتأسيس مصانع جديدة أو تطوير وتحديث وتوسعة مصانع قائمة، إضافة إلى تقديم المشورة في المجالات الإدارية والمالية والفنية والتسويقية للمنشآت الصناعية في المملكة. وقد باشر الصندوق أعماله اعتباراً من عام 1394هـ (1974م) لتحقيق الأهداف المنوطة به ضمن ضوابط وإجراءات وسياسة إقراضية محددة حسبما ورد في المرسوم الملكي الكريم المذكور برأسمال مبدئي قدره 500 مليون ريال، تم رفعه تدريجياً حتى أصبح الآن 20 مليار ريال. ومنذ إنشائه يقوم الصندوق بدور ريادي، من ضمن مجموعة المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالصناعة، في تحقيق أهداف وسياسات وبرامج التنمية الصناعية في المملكة الموجهة لدعم القطاع الخاص في مجالات الصناعات التحويلية. ويعتبر الدعم المالي للاستثمارات الصناعية الذي يقدمه الصندوق من خلال تقديم القروض الميسرة أحد أهم أدوار الصندوق في دعم التنمية الصناعية في المملكة. ولقد كان للاستجابة الجيدة من قبل القطاع الخاص في هذا الخصوص الأثر الفاعل في بناء وترسيخ القاعدة الصناعية في البلاد. وإضافة إلى تقديم القروض، يوفر الصندوق للمشاريع المقترضة عديدا من الخدمات الاستشارية في المجالات الفنية والإدارية والمالية والتسويقية، التي تسهم في رفع مستوى الأداء في هذه المشاريع وتساعدها في التغلب على المشكلات التي تواجهها.
#2#
ولقد اضطلع الصندوق في السابق، وبتكليف من مقام وزارة المالية، بإدارة البرنامج التمويلي الحكومي الكبير لتمويل شركات الكهرباء العاملة في المملكة، حيث أسهم هذا البرنامج في زيادة كبيرة في طاقة التوليد، وكذلك إيصال الكهرباء لمناطق عديدة في المملكة. وفي برامج مماثلة قام الصندوق أيضاً بإدارة برنامج تمويل مستودعات التبريد، وبرنامج تمويل صناعات التمور، كما يقوم الصندوق في الوقت الحالي بإدارة برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ومن جانب مهم آخر، فقد ظل الصندوق يسهم بصورة فاعلة في زيادة المعرفة عن طبيعة وقضايا الصناعة السعودية، حيث درج الصندوق على إجراء عديد من الدراسات القطاعية والصناعية، ودراسات التسويق، والدراسات الفنية التي تهتم بطبيعة الأداء والمعوقات في القطاع الصناعي، كما يهتم الصندوق بصفة خاصة بدراسة المواضيع الاستراتيجية ذات العلاقة بقطاع الصناعة. وللقيام بالأدوار المهمة التي يضطلع بها الصندوق فقد قام بتوظيف وتدريب وتأهيل كوادر وطنية ومهنية وفنية ذات مستوى عال من الخبرة، شملت عديدا من مجالات العمل الإداري والفني والمهني.
ويتمتع الصندوق بشخصية اعتبارية، ويرتبط إدارياً بوزارة المالية. ويتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة يعينه مجلس الوزراء بناء على توصية من وزير المالية.
ويتم استقبال طلبات القروض وتقييم المشاريع والتوصية بالإقراض، إضافة إلى متابعة تنفيذ وأداء المصانع المقترضة عن طريق إدارة الائتمان، التي تنقسم بدورها إلى عدة أقسام متخصصة يتولى كل منها قطاعات صناعية مختلفة، وكذلك يتبعها كل من قسم التدقيق والتحليل المالي، والتنسيق وتحليل معلومات الائتمان، وإدارة دراسات واستشارات المشاريع والتي بدورها تنقسم إلى عدة أقسام مساندة متخصصة في الاستشارات التسويقية، والبحوث، والاستشارات الفنية، وتحليل البيانات والمساعدة الفنية.
ثانياً: سياسات وإجراءات الإقراض في الصندوق:
يقوم الصندوق بتقديم قروضه للمشاريع الصناعية (الوطنية والمشتركة والأجنبية بالكامل)، التي يقوم بها القطاع الخاص في المملكة. وتعكس سياسات وإجراءات الإقراض في الصندوق الطبيعة التنموية المستهدفة من تلك القروض، فإلى جانب حرصها على تحقيق الأداء المالي السليم والفعال في تقديم واستعادة تلـك القروض، فهي تهتم بالتقيــيم الدقيق للمشاريع للتأكد من جدواها (من النواحي التسويقية والمالية والفنية). إلا أن الشروط الميسرة للقروض هي أكثر ما يعكس الطبيعة التنموية لهذه القروض، حيث يقدم الصندوق قروضا متوسطة إلى طويلة الأجل بنسبة تمويل تصل إلى 50 في المائة من تكلفة المشاريع (الأصول الثابتة، مصروفات التأسيس، ورأس المال العامل). وكذلك فإن السداد يتم حسب جداول استحقاق محددة تتلاءم مع توقعات السيولة النقدية التقديرية للمشاريع المقترضة.
قواعد الإقراض
يمكن تلخيص أهم سياسات وقواعد الإقراض في الصندوق في الآتي:
1. يمكن للمؤسسات والشركات الحائزة على تراخيص صناعية في المملكة التقــدم بطلب الحصول على قرض من الصندوق، ويشمل ذلك الشركات المشتركة والأجنبية بالكامل.
2. تصل آجال القروض التي يقدمها الصندوق مدة 15 سنة، ويتم تسديدها حسب جداول استحقاق محددة تتلاءم مع توقعات السيولة النقدية التقديرية للمشاريع المقترضة.
3. يمول الصندوق المشاريع الصناعية بنسبة تصل إلى 50 في المائة من تكلفة الأصول الثابتة ومصروفات التأسيس ورأس المال العامل.
4. يستهدف الصندوق المشاريع الجديدة، التي لم يمض عليها أكثر من عام من تاريخ بدء الإنتاج التجاري.
5. من أجل تحقيق أعلى معايير الجودة، فإن الصندوق يمول شراء الآلات الحديثة فقط (لا يمول الصندوق شراء الآلات المستعملة).
6. يقوم الصندوق برهن الأصول الثابتة للمشروع، إضافة إلى ضمانات شخصية من الشركاء في الشركات ذات المسؤولية المحدودة.
7. يشترط الصندوق مساهمة أصحاب المشاريع بتمويل نسبة لا تقل عن 25 في المائة من تكاليف مشاريعهم.
8. يتم صرف القروض المعتمدة حسب التنفيذ الفعلي للمشاريع وحسب المستندات التي تؤكد ذلك.
دورة تقييم المشاريع في الصندوق:
بناءً على تجاوب المستثمر واستكماله جميع المستندات والمعلومات المطلوبة يتم تسجيل الطلب، ومن ثم يتم تحويله إلى أحد المختصين في إدارة الائتمان (مسؤول الائتمان) وبمساعدة خبراء فنيين وتسويقيين يبدأ مسؤول الائتمان مباشرة العمل وإعداد تقييم تفصيلي للمشروع. بعد ذلك يتم تحويل التقرير إلى لجنة القروض وهي لجنة مكونة من المسؤولين المختصين في الصندوق لاستعراض المشروع ودراسته من جوانبه كافة. وعند اقتناع اللجنـــة بجدوى المشروع يرفع مع التوصيات المناسبة إلى مجلس الإدارة (أو اللجنة الإدارية)، الذي يجتمع بصورة منتظمة، وبالتالي يتخذ المجلس القرار اللازم حيال إقراض أو رفض المشروع. وقد تستغرق فترة تقييم الطلب مدة تصل إلى ثلاثة أشهر منذ تسجيله للتقييم النهائي. يمثل الشكل (1) مخططاً توضيحياً لعملية استقبال ودراسة وتقويم طلبات القروض المقدمة للصندوق. وكما يتضح من الشكل، فإن الصندوق يقوم بعديد من التقييمات للتأكد من جدوى المشروع، ويشمل ذلك كلا من الجوانب التسويقية والفنية والمالية. ويمكننا تلخيص الدراسات التي يقوم بها الصندوق لتقييم المشاريع المتقدمة في جوانبها المختلفة في الآتي:
الدراسة التسويقية
يعتبر التقييم التسويقي، الذي يعده قسم استشارات التسويق من الدراسات الأساسية لتحديد جدوى المشاريع المقترحة. وبعد تحليل أولي لتقييم الجدوى التسويقية يتم إعداد دراسات تسويقية مفصلة للمشروع. ويشتمل التقرير التسويقي على العناصر الرئيسة مثل:
- توصيف المنتج والعلامات التجارية.
- العرض (من الإنتاج المحلي والواردات).
- الطلب (التاريخي وتوقعات الطلب المستقبلي).
- تحليل المنافسة (من المنتجات البديلة المحلية والمستوردة).
- توقعات المبيعات ونصيب المشروع من السوق.
-. الأسعار (أسعار السوق والأسعار المقترحة).
- هيكل التوزيع.
- الدعاية وترويج المبيعات.
- هيكل ونظام التسويق.
الدراسـة الفنية:
تسعى الدراسات الفنية التي يعدها قسم الاستشارات الفنية إلى التأكد من ملاءمة التقنية وأساليب الإنتاج في المشروع المقترح. وتغطي الدراسات الفنية الاعتبارات الرئيسة مثل:
. دراسة وتقدير التكاليف الرأسمالية والتشغيلية.
. دراسة تصاميم المباني والأعمال المدنية.
. دراسة وتقدير برنامج تنفيذ المشروع.
. دراسة الطاقات الإنتاجية المركبة.
. مصادر المواد الخام والآليات المطلوبة.
. دراسة وتقدير القوى العاملة (كماً وكيفاً).
. دراسة الموارد الفنية والإدارية.
. عمليات التصنيع داخل المصنع.
. دراسة التقنية المستخدمة وإجازتها أو تحديد خيارات أخرى.
. دراسة السلامة الصناعية وسلامة البيئة.
التحليل المالي
يهدف التحليل المالي للمشروع إلى التأكد من جدوى وسلامة المشروع من الناحية المالية وتقدير المعدلات والمعايير المالية المتوقعة لأداء وربحية المشروع. ويتم هنا إعداد التحليلات المالية القياسية مثل: قائمة الدخل، الميزانية العمومية، مصادر واستخدامات الأموال، التدفقات النقدية المتوقعة للمشروع، إضافة إلى حساب المعدلات المالية المختلفة ومعايير الربحية.
اعتبارات أخرى في تقييم المشاريع في الصندوق:
إضافة إلى التقييمات الأساسية المشار إليها أعلاه، يقوم الصندوق بمراعاة اعتبارات أخرى مهمة لتقييم المشاريع. ومن بين هذه الاعتبارات:
• الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية:
يقوم الصندوق هنا بتقدير مؤشرات اقتصادية مهمة للمشروع (مثل القيمة المضافة، الأثر في توظيف العمالة السعودية، الأثر في ميزان المدفوعات من خلال حساب الإضافة الصافية للعملات الصعبة في مشاريع إحلال الواردات أو المشاريع ذات الوجهة التصديرية، استخدام المواد المحلية، الوضع التنافسي للمشروع، زيادة روابط القاعدة الصناعية في المملكة، ونقل وتوطين التقنية). كما يراعى أيضا إسهام المشروع في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأخرى للمملكة، إضافة إلى تقدير المؤشرات الاقتصادية، فإن الصندوق يقوم في حالة بعض المشاريع المهمة بإجراء تحليل اقتصادي موسع في إطار تحليل العوائد/ التكاليف الاجتماعية (Social Benefit-Cost Analysis).
• اعتبارات التأثير في البيئة:
ويعتبر هذا الجانب من الجوانب التي يوليها الصندوق اهتماماً خاصا وذلك من خلال دراسة النواحي الفنية وتقنيات الإنتاج. وفي هذا الخصوص أيضا فإن الصندوق يهتم بصورة كبيرة بسلامة بيئة العمل في المشاريع المقدمة، ويحرص على التأكد من إجراءات السلامة وكذلك تقليل الوقاية من الخسائر Loss Prevention.
• تحليل مخاطر المشروع:
يهدف الصندوق من خلال مختلف التقييمات الفنية والاقتصادية والتسويقية للمشروع، التعرف على مخاطر الأداء الرئيسية Bussiness Risks في المشروع قيد الدراسة، ومن ثم انتهاج الوسائل والاستراتيجيات المناسبة لتقليل واحتواء مثل هذه المخاطر. ومن أمثلة المخاطر المحتملة التي يتم تقييمها: الموقف التنافسي للمشروع (المنافسة من قبل الواردات والإنتاج المحلي في السوق المحلية والمنافسة من قبل المنتجين الأجانب في حالة أسواق التصدير)، التغير في أسعار المواد الخام الرئيسة، التغيير في تقنيات الإنتاج والمنتجات، وتحليل المخاطر المالية والإدارية المتعلقة بظروف المشروع والمساهمين الرئيسين.
• أهمية تعاون المستثمرين:
كما هو معروف فإن عملية تقييم المشاريع من العمليات التي تتطلب الحصول على معلومات كثيرة ودقيقة في مختلف نواحي التقييم. ومن هنا فإن لتعاون المستثمرين في تقديم البيانات والمعلومات المطلوبة دور مهم في الإسراع بإكمال تقييم المشروع والبت في الطلبات. وفي هذا الخصوص فإن نوعية دراسات الجدوى التي تقدم للصندوق أيضا من العوامل ذات العلاقة بسرعة وكفاءة إكمال التقييـــمات. ومن الملاحظ أن عددا من الدراسات التي تقدم للصندوق تكون في الواقع سيئة الإعداد، وتتسم الغالبية منها بضعف التصور، ومن المؤكد أن الاهتمام بهذا الجانب سيكون له انعكاسات إيجابية كثيرة على سلامة التقييم وكذلك الإسراع بمراحل تقييم المشاريع. كذلك لا يفوتنا التنويه إلى أهمية فهم المستثمرين أو القائمين على المشاريع لجوانب المشروع المختلفة وفحص ومناقشة الدراسة مع معديها قبل تقديمها للصندوق.
ثالثاً: إنجازات الصندوق حتى نهاية العام المالي 1430/1431هـ (2009م):
المشاريع الصناعية
بلغ إجمالي عدد القروض الصناعية التراكمية التي اعتمدها الصندوق منذ إنشائه وحتى نهاية عام 1430/1431هـ (2009م) (3131)، قرضاً بقيمة إجمالية قدرها (80.803) مليون ريال قدمت للمساهمة في إنشاء (2216) مشروعاً صناعياً في مختلف أنحاء المملكة. وقد بلغت جملة القروض التي تم صرفها من هذه الاعتمادات (52.899) مليون ريال، أي ما يعادل 65 في المائة من جملة الاعتمادات، سدد منها للصندوق (32.010) مليون ريال أي ما يمثل 61 في المائة من جملة المنصرفات وقد كانت اعتمادات الصندوق السنوية متواضعة عند بدء نشاطه إذ بلغت في عام 1394/1395هـ (150) مليون ريال فقط، غير أنها واصلت ارتفاعها منذ ذلك الحين حتى وصلت (2.091) مليون ريال في عام 1397/1398هـ، ثم بلغت ذروتها في عام 1428/1429هـ (2008م) عندما اعتمد الصندوق قروضاً بلغت قيمتها (8.811) مليون ريال.
كما يأتي قطاع الأسمنت في المرتبة الرابعة من حيث حجم القروض المعتمدة، إذ بلغت قيمتها (9.695) مليون ريال، أي ما يمثل 12 في المائة من إجمالي قيمة القروض التي اعتمدها الصندوق حتى عام 1430/1431هـ (2009م). أما قطاع صناعة مواد البناء الأخرى فيأتي في المرتبة الخامسة، إذ بلغ إجمالي قيمة القروض التي اعتمدها له الصندوق(8.645) مليون ريال، أي ما يمثل نحو 11 في المائة من إجمالي قيمة القروض التي اعتمدها الصندوق للمشاريع الصناعية منذ تأسيسه وحتى نهاية عام 1430/1431هـ (2009م). ويأتي قطاع الصناعات الأخرى، والذي يشمل صناعة الحلي والمجوهرات والآلات الموسيقية والرياضية وغيرها، في المرتبة الأخيرة إذ بلغت قيمة القروض الممنوحة له (877) مليون ريال فقط أي ما يمثل 1 في المائة من إجمالي القروض المعتمدة من الصندوق بنهاية عام 1430/1431هـ (2009م).
سجل سداد القروض
في الصندوق
يعد سجل السداد من أهم معايير قياس كفاءة ونجاح العملية الإقراضية سواء كانت تجارية أو صناعية. وقد اهتم الصندوق بهذا الجانب وأولاه عناية خاصة وحرص على اختيار المشاريع الواعدة وذلك لضمان استمرار العملية الإقراضية من خلال تدوير المبالغ المسددة وإعادة إقراضها، مما يسهم في استمرار عملية التنمية الصناعية في المملكة. وهناك عديد من العوامل التي ساعدت الصندوق على تحقيق إنجاز جيد في هذا المجال أهمها:
- الاختيار الجيد للمشاريع المقترضة والقادرة على تحقيق عائد جيد.
- التقييم المفصّل للمشاريع المقرَضة والتأكد من جدواها الاقتصادية.
- وضع الشروط المناسبة لتحسين فرص نجاح هذه المشاريع.
- إعداد برنامج سداد مناسب لهذه المشاريع.
- الإشراف والمتابعة من قبل الصندوق لضمان حسن الأداء في هذه المشاريع.
- التنسيق مع الجهات ذات العلاقة في كل من القطاعين الخاص والعام.
- التعاون المستمر من قبل أصحاب المشاريع والجهات الحكوميـة الأخرى.
- التحسن المستمر في الإدارة الصناعية من قبل أصحاب المشاريع.
رابعاً: نشاطات الصندوق التمويلية الأخرى:
أ- مشاريع الطاقة الكهربائية:
عهدت وزارة المالية إلى الصندوق في وقت مبكر مهمة إدارة برنامج إقراض مشاريع إنتاج وتوزيع الكهرباء، وقد التزم الصندوق بكامل الاعتمادات التي خصصت لهذا البرنامج وقدرها (38.900) مليون ريال، وذلك بموافقته على (422) قرضاً لشركات الكهرباء في أنحاء المملكة المختلفة. وقد أسهمت هذه الشركات الضخمة في المساهمة بفعالية في توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية حتى عمت المدن والقرى والهجر.
وبعد اكتمال هذا البرنامج، تقرر أن يتوقف الصندوق عن إقراض شركات الكهرباء على أن تقوم المؤسسة العامة للكهرباء بتنفيذ مشاريع إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية بالتعاون مع شركات الكهرباء مستفيدة من الاعتمادات التي تخصصها الدولة لهذا الغرض في ميزانيتها العامة ضمن ميزانية المؤسسة العامة للكهرباء.
ب- برنامج مشاريع حفظ وتعبئة التمور:
كذلك تم تكليف الصندوق في عام 1403/1404هـ بإدارة برنامج تمويل مشاريع تعبئة التمور التي يزمع إقامتها في بعض المناطق الزراعية في المملكة. وقد تمكن الصندوق من إدارة هذا البرنامج بنجاح وقام باعتماد ثمانية قروض بقيمة (95) مليون ريال بنهاية جمادى الثانية 1414هـ مكملاً الدور الذي تقوم به وزارة الزراعة، فبينما تتولى الوزارة الإشراف على برنامج تشجيع زراعة النخيل، يؤدي الصندوق دوراً بارزاً من خلال تقديم المساعدة في النواحي المتعلقة بتجهيز وتعبئة وتسويق التمور. وقد تم صرف 43 مليون ريال من هذه القروض وسدد منها للصندوق مبلغ 13 مليون ريال قبل أن يتم تحويل البرنامج إلى وزارة المالية.
ج- برنامج مستودعات التبريد:
كذلك كُلف الصندوق في عام 1399هـ بإدارة برنامج تمويل مستودعات التبريد. ويهدف هذا البرنامج إلى تحسين أساليب تخزين وتوزيع المواد الغذائية سريعة التلف في مختلف أنحاء المملكة. وبنهاية جمادى الآخرة 1414هـ اكتمل هذا البرنامج باعتماد 74 قرضاً بلغت قيمتها نحو 380 مليون ريال، صرف منها 170 مليون ريال، وسدد منها للصندوق 144 مليون ريال. وبعد ذلك تم تحويل هذا البرنامج إلى وزارة المالية.
د- تمويل تطوير البنية التحتية للمدن الصناعية:
شهدت السنوات الأخيرة طلباً متزايداً على المواقع الصناعية المطورة نتيجة للتطور الصناعي الكبير في المملكة. ولضمان استمرار نمو القطاع الصناعي فقد اعتمد الصندوق مبلغ 500 مليون ريال لتمويل تطوير البنية التحتية للمدن الصناعية ومناطق التقنية التي تقام على الأراضي المملوكة للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية وكذلك الأراضي المملوكة للقطاع الخاص. وتعتبر هذه خطوة متقدمة في التوسع في نشاط الصندوق في دعم الصناعة المحلية.
هـ - برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة:
حرصاً من الدولة على تقوية البنية التحتية للاقتصاد، تم تكليف الصندوق بإعداد سياسات ولوائح وإدارة برنامج يتعلق بدعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. لذا تم إنشاء برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في عام 1425هـ للتغلب على المشكلات التمويلية التي تعانيها هذه المنشآت، وذلك من خلال تقليل درجة المخاطر الائتمانية لدى البنوك التجارية. وقد تم تأسيس هذا البرنامج برأسمال قدره 200 مليون ريال، تسهم وزارة المالية فيه بمبلغ 100 مليون ريال والبنوك المحلية بباقي المبلغ.
خامساً: آفاق مستقبلية:
في ضوء المستجدات العالمية والمحلية وما تمثله من تحديات مستقبلية للصناعة السعودية، فإن الصندوق على استعداد تام لمواصلة دوره الريادي في تحقيق عديد من الاستراتيجيات والتوجهات التي تضمنتها خطط التنمية للمملكة وأهداف الاستراتيجية الصناعية. ونستعرض فيما يلي بعض ملامح المبادرات والاتجاهات المتوقعة في إطار الدور المستقبلي للصندوق لدعم القطاع الصناعي في المملكة.
تقديم خدمات نوعية متكاملة لدعم المشاريع المقترضة:
يسعى الصندوق لتكثيف مبادراته ودعمه للمشاريع المقترضة في مختلف المجالات (التمويلية والفنية والإدارية والمالية والتسويقية وغيرها) وذلك لمواكبة متطلبات عملاء الصندوق في ظل المستجدات المحلية والعالمية. كما يهدف الصندوق إلى زيادة الوعي بين المستثمرين وتقديم الاستشارات لهم حول أفضل البدائل والأساليب المتاحة للتعامل بمرونة وكفاءة مع تحديات المرحلة المقبلة مع التركيز على المجالات ذات الوزن الأكبر في اهتمامات العملاء مثل مجالات بدائل الإنتاجن وبرامج التسويق والبحوث الميدانية، واستراتيجيات التصدير والمنافسة العالمية، وغيرها من المجالات الحيوية.
دور أكبر في جذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية:
نظراً إلى التحسن المطرد في بيئة ومناخ الاستثمار في المملكة، الذي أكدته تقارير البنك الدولي، خصوصاً عقب صدور القوانين والتشريعات الجديدة وإنشاء الهيئة العامة للاستثمار، فمن المتوقع أن يشارك الصندوق في المستقبل بدور أكبر في تفعيل جذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية للمملكة.
دور أكبر في دفع التوجهات التصديرية للصناعة المحلية:
انطلاقا من اهتمامه الحالي بتشجيع ودفع الصادرات السعودية، فإن الصندوق يسعى لتفعيل تنمية الصادرات الصناعية وتقديم الدعم لها خصوصاً من خلال الجوانب الاستشارية والمعلوماتية. ويتطلع الصندوق إلى العمل والتعاون مع عملائه لتحقيق أهدافهم نحو ترسيخ وزيادة حصة المنتجات السعودية في الأسواق العالمية. ولهذا الهدف قام الصندوق بإنشاء وحدة استشارات التصدير والتي تهدف إلى مساعدة المنشآت السعودية لتطوير فرص أعمالها في سوق التصدير.
دور أكبر في استقطاب وتشجيع المبادرات الصناعية الخاصة:
في إطار دوره المستقبلي بوجه عام، فمن الوارد أن يكثف الصندوق مبادراته لاستقطاب وتشجيع المشاريع الصناعية الخاصة. ومن بين هذه المبادرات التركيز على مشاريع ذات أولوية (مشاريع ذات وجهة تصديرية، بعض المشاريع التنموية، المساعدة في إعادة هيكلة المشاريع التي تواجه صعوبات، وغيرها). وفي هذا الإطار يتطلع ويسعى الصندوق لتعاون وتنسيق أكبر مع مؤسسات ووحدات القطاع الصناعي الخاص.
دور الصندوق في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للصناعة:
إن ما خلصت إليه الاستراتيجية الوطنية للصناعة من أهداف، يفرض تحديات كبيرة على جميع الجهات والمؤسسات المكلفة بإنجازها. وكان صندوق التنمية الصناعية السعودي في مقدمة تلك المؤسسات، وهذا منطقي، باعتبار أن الصندوق كان ولا يزال ركيزة أساسية لتنمية وتطوير القطاع الصناعي في المملكة. فقد تم ذكر اسم الصندوق صراحة في تنفيذ أغلب محاور الاستراتيجية الثمانية، ولكن دوره مفترض أيضاً في إنجاز المحاور التي لم يـُنـَص على اسمه فيها صراحة. ولا شك أن العبء الذي أُلقي على الصندوق في سبيل إنجاز تلك الاستراتيجية، يتطلب رؤية جديدة، وتخطيط مسبق من قبل الصندوق، حتى يمكنه إنجاز المهام التي ستوكل إليه، خاصة مع إدراكنا للظروف الاقتصادية الراهنة (الأزمة العالمية وانعكاساتها على السوق والصناعات الوطنية)، وما تفرضه من تحديات خاصة في مجال التمويل.