مخاوف من ضياع بوصلة المصرفية الإسلامية

مخاوف من ضياع بوصلة المصرفية الإسلامية

من الناحية الظاهرية، كان أثر الأزمة العالمية على صناعة التمويل الإسلامي معتدلاً. فبينما ترنحت بعض المؤسسات المالية التي تلتزم بالأحكام الشرعية، استمرت الصناعة ككل في التوسع من حيث الأصول المدارة. لكن بالرغم من الآفاق الوردية الواضحة، فإن الصناعة منهمكة الآن في جدل داخلي ساخن حول مستقبل التمويل الإسلامي.

وجاءت إحدى بوادر القلق الأولى في أوائل عام 2008 عندما شجب الشيخ تقي عثماني، وهو أحد علماء الدين البارزين في هذه الصناعة، عددا من هياكل السندات المشهورة. ومنذ ذلك الوقت، تتعرض شخصيات أخرى في هذه الصناعة بالشجب لمنتجات من قبيل المشتقات الإسلامية، باعتبارها ذات طبيعة لا تتوافق مع المبادئ الشرعية ـــ كمطلب تقاسم الخطر والتعاملات المبنية على الموجودات.

وحتى المنتجات البسيطة المترسخة بقوة، كالحسابات الجارية الإسلامية تعرضت للانتقاد من قبل شخصيات أكثر تشدداً في التمويل الإسلامي. فمن الناحية النظرية، يشترك المودعون في البنوك الإسلامية في الخطر الذي يمكن أن تتعرض له القروض التي يقدمها البنك باستخدام أموالهم، وينبغي أن يجنوا عائداً أو خسارة تبعا لنتائج البنك وعلى صعيد الممارسة، غالبا ما يحصل المودعون على عائد ثابت مضمون بسبب احتجاز جزء من الأرباح كنوع من الحماية، إضافة إلى أن معظم الحكومات تعمل كمصد إضافي. وخلال الأزمة تعرض كثير من البنوك لخسارة الأموال، لكن أيا من المودعين لم يخسر أي شيء ـــ وهو ما يعد أمراً بغيضا بالنسبة لبعض الخبراء.

ويقول جواد علي، الشريك المدير لشؤون الشرق الأوسط، ونائب المدير العالمي للتمويل الإسلامي في شركة كنغ آند سبالدنغ القانونية: ''إنني أختلف مع المشاركين في هذه الصناعة ممن يحاولون إعادة هندسة وتقليد كل شيء في التمويل الغربي وإلباسه ثوبا إسلاميا''. ويتابع ''إذا استمررنا فقط في محاكاة المنتجات التقليدية، فربما تمنى صناعة التمويل الإسلامي بالفشل في المدى الطويل، لأن هذه ببساطة ليست صناعة قابلة للبقاء. هذا هو الوقت المناسب لنسأل عما إذا كانت صناعة التمويل الإسلامي زائفة، أو إذا ما كان ينبغي أن تتغير. عندها ربما نقوم بخدمة عدد أقل من الناس، لكننا نقدم صناعة مالية بديلة حقيقية''.

وخارج الصناعة، يتسم المنتقدون بحدة أشد من ذلك. ففي كتاب صدر حديثاً، شن علي علاوي، وهو أستاذ جامعي ووزير سابق في العراق، هجوما على ''الخداع البارع'' المصرفية الإسلامية.

لكن كثيرا من التنفيذيين الذي يعملون في المصرفية الإسلامية، والمحامين، وعلماء الدين أكثر تفاؤلا، ويشيرون إلى أن اختلاف الآراء يعتبر نتاجا جانبيا لتعدد الآراء الدينية المختلفة والمدارس الفكرية في العالم الإسلامي.

ويقول آفاق خان، مدير بنك صادق، الذراع الإسلامية لبنك ستاندار تشارتر، إنه يعمل في صناعة التمويل الإسلامي منذ قرابة عقدين ويشير إلى أن ''التحليل الذاتي ليس بالأمر الجديد''. ويضيف: ''كان هناك دائما أناس يقولون إننا محافظون أكثر من اللازم، أو إننا متساهلون أكثر من اللازم، لكن تلك خاصية دائمة لهذه الصناعة. علينا أن نعيش في العالم الحقيقي وذلك ما يجبرنا على بعض الحلول الوسط. إننا لا نعيش في اقتصاد إسلامي حق، ولن تسمح لنا الجهات التنظيمية إلا ببعض التباين''.

ويرى خان أن المنتجات والخدمات التي تقدمها هذه الصناعة فيها شبه كبير بمثيلاتها التقليدية، الأمر الذي يعود بشكل كبير إلى أن البنوك الإسلامية مليئة بالتنفيذيين الذين لديهم خلفيات في التمويل التقليدي ''وعندما تبلغ هذه الصناعة مرحلة النضج ستكون لها بشكل متزايد هويتها الخاصة'.

الأكثر قراءة