الخطوط في العمارة

يشتهر المركز الرئيس لمبنى الخطوط السعودية في الرياض باسم (العمارة)، حيث مكاتب كبار التنفيذيين في المنطقة الوسطى، إضافة إلى صالات خدمة الزبائن. يبدو أن اسم (العمارة) أتى من كون هذا المبنى مستأجرا، حيث بُني أصلا كعمارة سكنية. وعموما فإن المباني المستأجرة التي لا تناسب مرافقها المهام الإدارية العاملة منها تعتبر ظاهرة سلبية وكثيرة الانتشار لدى مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. تأتيني العديد من الرسائل الإلكترونية من القراء حاملة تفاصيل الكثير مما يلاقونه من معاناة وأوقات طويلة لإنهاء إجراء إداري في (العمارة). ولست بعيدا عما يحصل في (العمارة)، فأنا كغيري كثيرا ما ترددت على تلك الصالة لإتمام عملية إدارية استغرق بعضها عدة زيارات مكللة بالإجهاد البدني والنفسي نتيجة عناء المواصلات وغياب المواقف وانتهاء الدوام قبل أن تنجز معاملتك، أو غياب الموظف الملم بإنجاز تلك المعاملة. إننا ندرك أن ''الخطوط السعودية'' تجاهد منذ سنوات لإحداث التغيير الشامل في قطاعاتها المختلفة، ومنها كادر بشري جديد بعقلية جديدة خالية من الموروث القديم الذي لا تعني له الكثير مصطلحات الإدارة الجديدة ككيفية ووقت إنجاز معاملات الجمهور. كما أن بقاء (العمارة) وغيرها من مراكز الخدمة التي تتطلب حضور الزبون بنفسه (المراجعة كما تعرف في مصطلحنا الإداري القديم) أصبحت من تركات الماضي في ظل وجود الأنظمة الإدارية الآلية كمراكز الاتصال والإنترنت. منهجية التجديد في الكادر البشري والإجراءات الإدارية لـ ''الخطوط السعودية'' يبدو أنها تمر بعوائق هي الأخرى، فهل يعقل ألا تحتوي (العمارة) على أنظمة قليلة الأعطال للدفع بواسطة البطاقات البنكية، حيث يضطر الكثير للخروج من (العمارة) لسحب النقود من آلة الصرافة القريبة والتي هي الأخرى كثيرا ما تكون خارج الخدمة. لماذا لا تقوم إدارة الجودة في ''الخطوط السعودية'' بزيارة مراكز الخدمة المباشرة، ومنها (العمارة) وقياس مؤشرات فاعلية الإجراءات وجودتها كالوقت المستغرق لكل زبون ودرجة الرضا وتوافر وانضباط الموظفين وغيرها. إن بقاء (العمارة) وغيرها من مراكز الخدمة المباشرة التي تتطلب حضور الزبون بنفسه هي ظاهرة إدارية سلبية لـ ''الخطوط الجوية'' الناجحة التي تعمل بمنهجية تجارية هدفها رضا الزبون وتقليل النفقات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي