الممارسات المستدامة: ضَمُّ المستهلكين والمزودين

الممارسات المستدامة: ضَمُّ المستهلكين والمزودين

إن كوكا كولا إنتربرايسرز شركة تعرف تماما أن أثرها البيئي، والاقتصادي يمتد إلى مسافات بعيدة خارج بوابات مصانعها. ويبدأ ذلك بالمكونات التي تحتاج إليها للتمكن من تصنيع منتجاتها، وكذلك الموارد الطبيعية اللازمة لإكمال عملية التغليف. وتقول مديرة مركز اتصال هذه الشركة في أوروبا، شانا وندت ''إننا نتوسع بحيث نصل على الدوام إلى أولئك الذين يشترون، ويستهلكون منتجاتنا، وأولئك الذين يتولون عمليات التغليف''.
إن لدى هذه الشركة التي تعد شريكاً استراتيجياً لشركة كوكا كولا ستة عشر موقعاً تصنيعياً منتشرة في ستة بلدان أوروبا، الأمر الذي يمكن وصفه نشاطاً عملياً محلياً. وتقول وندت ''كثيراً ما يفاجأ الناس لدى سماعهم أن 95 في المائة من المنتجات يتم بيعها في البلد الذي أُنتج فيها داخل أوروبا''. وكانت وندت تتحدث بذلك إلى مجلة إنسياد نولدج على هامش مؤتمر حول سلسلة الإمداد، الذي جرى عقده خلال الفترة الأخيرة.
وفي ظل زيادة مساءلة الشركات عن ممارستها البيئية، ونشاطها الاجتماعي خلال سلسلة الإمدادات، فكيف لها أن تعمل على مشاركة كل من المستهلكين، والمزودين في هذه السلسلة؟

ضم المستهلكين إلى العملية
أجرت هذه الشركة الكثير من الأبحاث حول المفاهيم السائدة لدى المستهلكين فيما يتعلق بالبيئة، وما هي الأمور التي يهتمون بها، وما هو مستوى معرفتهم، وكيف يؤثر كل ذلك في قراراتهم الشرائية.
وتقول وندت ''إن الأمور الواضحة لنا من الأبحاث المتوفرة لدينا هي أن هنالك اهتماماً متزايداً من قبل المستهلكين حين يتعلق الأمر بالحصول على المعلومات البيئية، ومعلومات المنتجات التي يشترونها. وتؤكد تلك الأبحاث كذلك أنه حين يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، والبيئة، فإن المستهلكين يهتمون كثيراً بقضية مخلفات الطعام، وكذلك بالأمور ذات العلاقة بالتغليف. ومع ذلك، فإننا لم نتوصل بعد إلى أفضل طريقة لتمرير مثل هذا النوع من المعلومات''.
وتستهدف هذه الشركة تشجيع السلوك المستدام، مثل إعادة تدوير عبوات المشروبات التي تنتجها، كما أنها بدأت في تثبيت رسائل إعادة تدوير على بعض منتجاتها، حيث تنظر إلى ذلك كأمر مهم فيما يتعلق بنشاط المبيعات. وتقول وندت ''ما زلنا في المراحل المبكرة تماماً، ولذلك نشعر أننا في حاجة إلى مزيد من الوقت لكي نفهم ما إذا كان هذا الإجراء سيؤدي إلى مزيد من الاستهلاك المستدام، والإقبال على المشروبات التي تنتجها الشركة''. وتضيف ''إن ما نعرفه على وجه التأكيد هو أن مسؤولية الشركة، وقضية الاستدامة، هما اثنتان من القوى المحركة لمشاركة وانخراط الموظفين. ولذلك فإن التزامنا بالاستدامة، واتصالاتنا بخصوص ذلك، تبدأ مع موظفينا. كما أن جميع هؤلاء الموظفين مستهلكون في الوقت ذاته''.
وقد عملت الشركة خلال السنوات القليلة الماضية على مراجعة، وتعزيز الاتصالات بخصوص الاستدامة عبر كل مواقع الإنتاج بهدف محدد هو الانتقال من الوعي إلى الالتزام. وتقول وندت ''إننا نحقق تقدماً في الاتجاه الصحيح، حيث علمنا من خلال استطلاع للرأي أجريناه في الفترة الأخيرة أن 80 في المائة من موظفينا على علم بجهودنا فيما يتعلق بالاستدامة. وأفاد نحو نصف عدد الموظفين بأنهم غيروا سلوكهم فيما يتعلق بهذا الأمر''.

اتجاهان تحويليان
إن إعطاء المنتج شهادة نوعية يعد وسيلة لتقييمه، كما أن ذلك ينطبق على الأنشطة العملية. وهنالك في أيامنا هذه العديد من رسائل منح الشهادات للمنتجات على ضوء قضية الاستدامة. ويتم التساؤل في هذا الإطار عن أمور مثل: كيف تمت عملية إسناد إنتاج هذا المنتج إلى جهات خارجية، وما هو أثر هذا المنتج في الجهة التي تقوم بإنتاجه؟
وترى وندت أنه ليس هنالك أسلوب متفق عليه بصورة دائمة حين يتعلق الأمر بالاتصال بالمستهلكين بخصوص الاستدامة. ونجد أنه حتى حين تتم مقارنة منتج بآخر، فإن ذلك لا يساعد المستهلكين على اتخاذ قراراتهم الشرائية، إذ إنها مرتبطة بأسلوب حياتهم. وتقول ''إننا نعتقد أن المستهلك لا يهتم فقط بالأثر الكربوني للمنتج، وإنما كذلك بمقارنته بأثر مسافة تقطعها السيارة في ذلك، أو الأثر الذي تحدثه رحلة جوية فيما يتعلق بالانبعاث الكربوني''.
إن الكربون الخاص بالشخص يمكن أن يكون وسيلة يبدأ المستهلكون بموجبها بمعرفة الآثار البيئية للمنتجات على البيئة، وكيفية مقايضة بعضها ببعض. ومن أمثلة ذلك أن وجبات لحم الخروف بالكاري في المملكة المتحدة تتسبب مكوناتها وإعدادها في إطلاق كميات من الكربون تعادل 5.500 رحلة بالسيارة حول العالم. غير أنه إذا تم إعداد هذه الوجبات في البيوت، فإنها تتسبب في إطلاق كميات من الكربون تقل بـ20 في المائة عن ذلك وفقاً لأبحاث أنجزتها جامعة مانشستر بتمويل من صندوق الكربون، ومجلس الأبحاث الهندسية والطبيعية، ومجلس أبحاث البيئة الطبيعية.
إن وضع ملصقات المعلومات يعد وسيلة أخرى لإيصال المعلومات ذات العلاقة بالاستدامة. ويمكن أن يغطي ذلك إما الاستدامة الخاصة بمنتج ما، أو أن يكون في صورة دعوة خاصة لكي يقوم المستهلكون بإجراء ما بخصوص طريقة استخدامهم للمنتج. وتقول وندت ''بينما يعد ذلك إحدى وسائل التحدث مع المستهلكين، فإن هنالك الكثير من الوسائل الأخرى. ونحن نرى أن هذا الأسلوب ليس مثالياً في نقل المعلومات المعقدة. ولذلك فإننا نلجأ في كثير من الأحيان إلى استخدام الإنترنت، والمناسبات الترويجية، ومعارض البيع، حيث نريد أن نجعل من عملية التدوير أمراً أسهل، وأعلى مكافأة خلال المهرجانات الموسيقية عبر بريطانيا في فصل الصيف، بهدف جعل المستهلكين يشاركون في جهود الاستدامة، وتمكينهم من الحصول على مزيد من المعلومات من خلال الإجابة عن أسئلتهم''.

ضم المزودين إلى العملية
إن أحد مصادر قلق الشركات التي تريد إدارة سلسلة إمدادات مستدامة يتمثل في كيفية ضم المزودين إلى العملية، حيث إنهم منتشرون في مختلف أنحاء العالم، وبالتالي فإن من الصعب قياس أدائهم المتعلق بتحسين ممارسات الاستدامة لديهم.
ويقول بيير فرانسوا تاهلر، المدير العام لشركة إيكو فاديز ''يمكن أن تكون هذه الممارسة في غاية التعقيد بسبب التكاليف المرتفعة المرتبطة بالتدقيق على أعمال وأداء الآلاف من المزودين، وكذلك التعامل مع كثير من القضايا البيئية، والاجتماعية، والتنظيمات في كل من القطاعات ذات العلاقة. ويصبح الأمر أشد تعقيداً حين تدرك أن أداء الاستدامة منتج لا يعتمد فقط على أداء مزودي المستوى الأول، ولكن كذلك على أمور متعددة لدى جهات التزويد مثل المواد الخام، والنقل، وغير ذلك، حيث ترتبط كلها بالمستوى الأدنى في سلاسل الإمدادات''.
بهدف التعامل مع هذه الأمور، أطلقت فاديز منصة اتصال على الإنترنت من أجل التواصل والتعاون، حيث تتيح للشركات تقاسم تكاليف تقييم أداء الاستدامة لدى جهات التزويد، بينما يتم العمل على زيادة التحقق من صدقية المعلومات. وقال تاهلر لإنسياد نولدج ''إن الحل الذي نتبناه يجمع بين تكنولوجيا المعلومات، وتدقيق صحة المعلومات من قبل محللي المسؤولية الاجتماعية للشركة من أجل جمع وتحليل وتسجيل أداء المزودين وفقاً لـ21 معيارا تتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتنوع الحيوي، والصحة والسلامة، والفساد، وغير ذلك، وبما يغطي 150 قطاعاً صناعياً في 80 بلداً''.
وتتيح منصة المعلومات هذه للمشترين تحديد وتقليص المخاطر المرتبطة بالمزودين، والممارسات البيئية، والاجتماعية، بينما يمكن للمزودين استخدام هذه الأداة لوضع علامات قياس لممارساتهم بالمقارنة بأقرانهم في هذا المجال. ويقول تاهلر ''إننا نأمل أن تصبح الاستدامة في المستقبل مبدأ يزداد أهمية لدى المزودين، فيما يتعلق بعمليات الاختيار. ومن شأن ذلك الإسهام في تحسين ممارسات الشركات في مختلف أرجاء العالم''.

الأكثر قراءة