رأس المال المبادر..مستقبل جديد في المعاملات الإسلامية
يرى مدير شركة سند للاستثمار الإسلامي (عمان) الدكتور أحمد المناصرة أن الاستثمارات الإسلامية وحتى تحافظ على استمراريتها يجب أن تخرج نحو فضاءات جديدة من التعاملات، ولذا فإنه ينظر نحو تأسيس شركات للراغبين في الاستثمار، لأن الوضع المثالي لشركات رأس المال أن تحصل على تدفق مشاريع جديدة ومربحة، ويصبح من الضروري في هذا المجال تطبيق نظرية رأس المال المبادر، وهي فكرة جديدة على النظام الإسلامي، إلا أنها مستخدمة في الغرب وخاصة في أمريكا، وكان لها آثار كبيرة على الاقتصاد الأمريكي، وقد دخلت العالم العربي منذ ما يقارب خمس سنوات، والجديد فيها أن تطبق هذه النظرية في الاقتصاد الإسلامي، كما أن تطويعها للنظرية الاقتصادية الإسلامية سهل، لأنها تقوم على المشاركة في الربح والخسارة، ومع ذلك نحتاج إلى تطويعها من خلال ثلاثة جوانب مهمة:
ـــ الجوانب المتعلقة بالشركات المستثمر فيها، بحيث تكون خارج نطاق المحرم شرعيا، فلا يجوز الاستثمار في المؤسسات القائمة على القمار أو البنوك الربوية وما إلى ذلك.
ـــ جانب متعلق بهيكلة الصفقات، إذ يجب أن تكون تفاصيلها خاضعة لأحكام الإسلام.
ـــ ضرورة قيام هيئة رقابة إسلامية لمتابعة هذه الاستثمارات.
ومن جانب آخر يؤكد الدكتور المناصرة أن منتجات البنوك الإسلامية لا تلبي حاجات السوق، وأكثر قطاع متضرر من ذلك هو قطاع الاستثمار، لأنها لا تستطيع تأمين الكفالات اللازمة له، وفي كثير من الأحيان تكون غير قادرة على تغطية كل الحاجات المطلوبة، وقد طرح البنك الإسلامي الأردني مثلا منتج المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك، غير أنه ـــ بعد التجربة ـــ تبين أن هناك تعقيدا في الإجراءات، كما أن البنك يطلب أن تكون أرباحه عالية خلال أول سنتين، مع أن المبالغ المطروحة ليست كبيرة وهذا يشكل عائقا أمام الشركات الصغير والمتوسطة.
ومن هنا فإن رأس المال المبادر يعد مخرجا لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة لكن بشروط، من أهمها أن تكون لدى هذه الشركات الطاقة الكامنة للنمو المتسارع.
وأشار الدكتور المناصرة إلى أن الحقيقة المرة هي أن البنوك الإسلامية ليست لديها الرغبة في العمل والتمويل على أساس رأس المال المبادر، وذلك من وجهة نظرهم لأنها تنطوي على مغامرة عالية خاصة في الشركات الجديدة وفي مراحلها الأولى، وكذلك بسبب طول مدة هذا الاستثمار لأنه يحجز الأموال لمدة 7 سنوات على الأقل، وسبب طول مدة الاستثمار بطريقة رأس المال المبادر أنه يدخل عن طريق الشراكة مع الشركات في سنيها الأولى، وهذا يحتاج إلى فترة حضانة لتعطي النمو المطلوب من هذا الاستثمار، وهذه الطريقة بالفعل هي العامل الحقيقي في إنشاء الاقتصاد المستديم والقوي. والحاجة إلى الرقم 7 سنوات جاء لأن الشركة تحتاج من سنتين إلى 3 سنين فترة استثمار الصناديق، وبعدها تحتاج إلى 3 ـــ 5 سنوات حتى تؤتي أكلها، ذلك لأنها طريقة سليمة للاستثمار، وهي الدورة الطبيعية للاقتصاد السليم وتوجيه الشركات لتقوم بأعمالها بطريقة صحيحة وتكون غير معرضة لمغامرات الأسواق المالية والمضاربات، والاستثمار في رأس المال المبادر هو الذي ينشط حركة السوق، لأنه يساهم في تطوير الشركات المساهم فيها وعلى كافة الصعد من حيث الاستراتيجيات والتشغيل والتقييم.
#2#
وبين الدكتور المناصرة أن الاستثمار بطريقة رأس المال المبادر يكون في مجالات فيها إبداعية تتمثل في وجود الملكية الفكرية أو القائم على التقنيات العالية، وهي مميزات لا بد من توافرها في الشركة، كما أن رأس المال المبادر كان له دور كبير في صناعة الاقتصاد الأمريكي خاصة، ولذلك سيكون له تأثير أينما استخدم، لأنه صانع للاقتصاد الحقيقي القائم على الإنتاج، وفي الغالب الإنتاج المعرفي، ونحن الآن في زمن الاقتصاد القائم على المعرفة.
أما عن أهم التحديات التي تواجه هذا النوع من الاستثمار، فيرى المناصرة أنها تتمثل في غياب التشريعات المحفزة وضعفها، وكذلك قلة الخبرات المتوافرة للعمل في هذا النوع من الاستثمار، إضافة إلى ضعف ثقافة المستثمر في المنطقة بمثل هذا النوع من الاستثمار، وتفضيله الاستثمارات التقليدية مثل العقارات التي لا تعد بأي حال منشئة لاقتصاد حقيقي منتج.