الرياض : 160 ألف كتاب يضمها جامع ابن تيمية

يعد جامع شيخ الإسلام ابن تيمية شعاعا من نور العلم، حيث انطلق نشاطه من منشأة صغيرة في حجمها، كبيرة في إنجازاتها، تعنى بنشر العلم الشرعي، المستمد من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بفهم سلف الأمة. وأصبح الجامع بما يضمه من أنشطة ملتقى طلاب العلم، خصوصا مكتبته العامرة التي امتلأت بالكتب، وأصبحت لا تتسع للكتب مما جعل هناك تكديسا كبيرا لهذه الكتب لدرجة أن أحد أدوارها أصبحت الحركة فيه صعبة. وهم الآن في انتظار انتهاء المبنى الجديد للمكتبة، وهو مكتب مستقل يحتاج إلى بعض الدعم حتى يكتمل تشطيبه. وقد كانت الجولة على الجامع والمكتبة فيها ثمار جديدة ستظهر مع انتهاء العمل فيه لتكون صرحا شامخا يعود بالنفع على طلاب العلم. وقد التقينا المشرف على المكتبة الشيخ فهد العثمان حيث تحدث عن المكتبة وكل ما يسهم في نفعها.

#2#

بداية، حدثونا عن أنشطة مركز شيخ الإسلام ابن تيمية العلمية وبداية انطلاقتها؟
تعددت مناشط مركز جامع شيخ الإسلام ابن تيمية العلمي، ولعل أول تلك المناشط، الذي انطلقت منه الدعوة والعلم منذ إنشاء الجامع في 1411هـ، استضافة كثير من العلماء وطلبة العلم، وعلى رأسهم سماحة الشيح عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -، وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله- وأول دورة علمية أقيمت في الرياض كانت في جامع شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد بلغت عدد الدورات حتى عام 1431هـ 17 دورة، استفاد منها أكثر من 50 ألف طالب من مختلف الجنسيات من داخل المملكة وخارجها. في الدورة 17 بلغ عدد الجنسيات المشاركة في الدورة أكثر من 67 جنسية، وبلغ عدد الطلاب المسجلين لحضور الدورة من خارج مدينة الرياض 467 طالبا، وبلغ عدد حضور كل درس ما يقارب 700 طالب. ويوفر الجامع جميع الخدمات التي يحتاج إليها الطالب خلال إقامته لحضور الدروس، شملت طباعة الكتب، والإعاشة، والسكن، وغسيل الملابس، وغيرها من الخدمات، وهذا المنشط ترعاه مشكورة مؤسسة الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود الخيرية.

ما مدى استفادتكم من الإنترنت والقنوات الفضائية التي أصبحت وسيلة لا غنى عنها؟
لا شك أن الناظر في حال العالم اليوم يجد أن الإنترنت والقنوات الفضائية أصبحت وسيلة من وسائل العلم لا غنى عنها ولا يمكن تجاهلها، فقد عمدت الإدارة إلى تسجيل جميع المحاضرات تلفزيونيا لبثها مستقبلا، إضافة إلى أن جميع المحاضرات تنقل مباشرة عبر شبكة الإنترنت لحظة بلحظة. ومن أجل ألا يحرم الطالب الذي يستمع للدروس عبر الإنترنت من الشهادة، فقد قامت الإدارة بتطوير الموقع وإضافة خدمة التعليم عن بعد، التي سيتمكن الطالب من تسجيل جميع الدروس التي استمع إليها تلقائيا مع المتابعة الإلكترونية بين الكتاب وشرح الشيخ والتعليق على الكتاب مباشرة، مما يتيح له الاحتفاظ بجميع تعليقاته وبخصوصية تامة، ومن ثم ترسل له شهادة حضور الدورة على بريده الخاص. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فإن إدارة الجامع تقوم سنويا بتحويل جميع الدروس والمحاضرات التي تلقى في الجامع من صوتية إلى نصية، وإتاحتها لجميع زوار موقع جامع شيخ الإسلام. وفي هذا العام تمت إضافة خدمة التشكيل إلى النص، وربط الآيات بالتفسير، مع إمكانية الاستماع إلى الشرح والمتن والمتابعة بين النص والصوت سواء للمتن أو الشرح.

#3#

#4#

ماذا عن حلقات تحفيظ القرآن بقسميها الرجالي والنسائي كأحد مناشط الجامع؟
تأتي حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية بقسميها الرجالي والنسائي كأحد الأنشطة التي ينفذها، وقد نشأت حلقات تحفيظ القرآن الكريم في الجامع في عام 1411هـ، متزامنة مع بداية الصلاة فيه. واستمرت في التطور والتوسع إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من وجود نخبة من المشرفين المتميزين العاملين بجد للوصول للمستوى المأمول - بإذن الله.
وقد بلغ عدد الحلقات في الجامع أكثر من 20 حلقة تضم أكثر من 500 طالب وطالبة. ونظرا للعدد المتزايد للطالبات، فقد قامت الإدارة بشراء فيلا قريبة من المسجد لتكون مقرا للحلقات.

لديكم مكتبة وقفية علمية، متى تم افتتاحها؟ وما عدد الكتب التي تضمها المكتبة؟
بالنسبة لمكتبة الإمام ابن القيم هي مكتبة عامة خيرية شرعية وقفية، وقد أنشئت في أول الأمر ملحقة بجامع شيخ الإسلام ابن تيمية، ونظرا للإقبال المتزايد عليها من طلبة العلم، وللمكانة التي حظيت بها خلال السنوات الماضية، التي بدأت في عام 1419هـ، فقد رأى القائمون عليها إنشاء مبنى مستقل لها، ليستوعب الأعداد المتزايدة من الكتب، إذ بلغ عدد الكتب فيها حتى عام 1431هـ ما يقارب 160 ألف كتاب تحتوي على نفائس الكتب.

تزويد المكتبة بما هو جديد

هل هناك إهداءات من العلماء لإنتاجهم بعد موتهم؟ وهل تتابعون كل جديد من الكتب؟
تلقت المكتبة العديد من المكتبات الخاصة ببعض العلماء كإهداء، ومن تلك المكتبات مكتبة الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع ـ رحمه الله ـ، ومكتبة الشيخ صالح بن غضون ـ رحمه الله ـ عضو هيئة كبار العلماء، ومكتبة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الفريان رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن ـ رحمه الله ـ وغيرهم. ومما يميز المكتبة المتابعة المستمرة للكتب الجديدة، فقد حرص القائمون عليها على تزويد المكتبة بما هو جديد ومفيد من خلال متابعة ما يصدر من الكتب داخل المملكة وخارجها، ليبقى طالب العلم على صلة بما ينشر من هذا التراث. وتسعى المكتبة دائما لاستخدام أحدث التقنيات الحديثة التي من شأنها أن تخدم العلم وطلابه بجميع الوسائل المتاحة والممكنة، ولعل ذلك يبدو جليا من خلال ما تقدمه المكتبة من خدمات. ويسعى القائمون على المكتبة دائما لتوسيع نشاطهم ليستفيد منها جميع شرائح المجتمع، فقد اقتصرت المكتبة منذ إنشائها على قسم الرجال، ثم تم التوسع لتخدم كذلك النساء في قسم مستقل تماما عن الرجال. وبما أن الأطفال هم زهرة هذا المجتمع، فقد تقرر فتح قسم مستقل لهم في المبنى الجديد. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل سيتم - بإذن الله- فتح قسم مستقل بالحضانة وروضة الأطفال لتتفرغ المرأة للبحث والقراءة بعيدا عما قد يكون عائقا لها في بحثها وزيادة معرفتها.

الكتاب الإلكتروني

هل يحظى الكتاب الإلكتروني باهتمامكم؟ وهل هناك تطوير مستمر له؟
نظرا لأهمية الكتاب الإلكتروني في هذا العصر، فقد قامت المكتبة بشراء جهاز تصوير متطور وهو أول جهاز في السعودية تمتلكه مكتبة الإمام ابن القيم، حيث يقوم بتصوير الكتاب آليا، وسرعة الجهاز 2400 صفحة في الساعة. وبلغ عدد الكتب المصورة حتى الآن أكثر من 40 ألف كتاب مصور، وتسعى المكتبة لتصوير كل ما لديها من كتب وتحويلها إلى كتب إلكترونية، وقريبا - بإذن الله- سيتم نشر بعض الكتب على موقعنا على الإنترنت، كما أن المكتبة قامت بتصميم برنامج متطور جدا للفهرسة والبحث خدمة للباحث وطلبة العلم، فبإمكان الباحث الآن حفظ معلومات مرجعه دون الحاجة لكتابتها يدويا، كما يمكن للباحث الاطلاع على الكتاب المصور مباشرة أثناء بحثه عن الكتاب. ويضم البرنامج أكثر من نصف مليون موضوع ويمكن للباحث البحث فيها والوصول إلى الموضوع بكل يسر وسهوله مع تحديد الجزء والصفحة والوصول إليها عبر الكتاب المصور مباشرة. وعند طلب أي كتاب من خلال البرنامج سيتم إرسال رسالة نصية على جوال الباحث عند توفر الكتاب، كما أن البرنامج يخدم التواصل بين القسم الرجالي والنسائي إلكترونيا، وخدمات أخرى كثيرة تم شرحها بالإصدار التعريفي للبرنامج (قيم 1).
والمكتبة تسعى لتسخير التقنية الحديثة في سبيل تسهيل العلم على طلابه، وقريبا - بإذن الله - سيتم استخدام تقنية rfid للوصول السريع إلى الكتاب وحماية أكبر للكتاب.
وهذه التقنية تم تطبيقها في عدد قليل من مكتبات العالم إلا أنها وجدت نجاحا كبيرا في حماية الكتب والوصول إلى الكتاب. وتجدر الإشارة إلى أن جميع برامج المكتبة هي من برمجة وإعداد المكتبة، ولم تعتمد على أي برامج تجارية وهذا ما ساعد المكتبة بعد توفيق الله ـ عز وجل ـ على تحقيق الهدف الذي تسعى إليه المكتبة.
تطور التقنية الحديثة

ماذا عن تطوير الموقع الإلكتروني لمركز جامع شيخ الإسلام ابن تيمية؟
لقد تم تطوير موقع الجامع www.taimiah.org وأصبح يضم ثلاثة مواقع مستقلة تخدم المناشط السابق الحديث عنها. وقد تم تطوير هذه المواقع بما يتناسب مع تطور التقنية الحديثة، بل وبعض خدمات الموقع قد لا تجدها في موقع آخر، كما أن بعض الكتب التي نشرت سابقا لبعض المشايخ الفضلاء هي مستقاة من موقع الجامع، فموقع الجامع قد ضم جميع التسجيلات السابقة للجامع مع تحويل النص الصوتي إلى نصي مع العناية بالتخريج والشرح والربط بين الصوت والشرح وعرض فهرس الكتاب بطريقة جديدة للوصول إلى النص بسهولة، كما ضم الموقع المصحف المرتل ومعرفة أوقات الصلاة، وإصدارات الجامع، وغيرها كثير، حيث يعتبر الموقع موسوعة إسلامية لاحتوائه على فنون عديدة، كما أن الزائر يستطيع حفظ الصفحات التي زارها أو الملفات التي استمع لها أو حملها على صفحته الخاصة. ويضم الموقع بعض الملفات المرئية وهي دروس تم تسجيلها في الجامع، وأما موقع الحلقات فقد ضم عدة مميزات من أهمها احتوائه على المحفظ الإلكتروني والتي يستطيع الزائر تكرار الآية للحفظ مع عرض المصحف والتفسير للآية، وكذلك يمكن للزائر عرض أحكام التجويد والاستماع إلى التطبيق الصحيح للحكم، كما ضم الموقع بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالقرآن، وجار رفع المزيد من الأحكام، وكذلك فقه المرأة المسلمة، كما ضم التفسير الميسر وتفسير ابن كثير وتفسير السعدي، مع ملاحظة أن الوصول إلى تفسير آية يعني الوصول إلى التفاسير الأخرى مباشرة، كما أن طالب التحفيظ أو الطالبة أصبح بإمكانه من خلال رقم انتسابه للحلقة الاطلاع على نتيجة حفظهم والتواصل مع الإدارة والمدرس مع إرسال رسالة على جوال ولي الأمر عند تغيب ابنه أو ابنته. والموقع يضم كثيرا من الخدمات، نترك للقارئ الاطلاع عليها.
أما الموقع الإلكتروني لمكتبة الإمام ابن القيم العامة فقد ضم تعريفا بالمكتبة ونظامها، وفهرسا شاملا للمكتبة فبإمكان الزائر الاستعلام عن أي كتاب في المكتبة، وكذلك البحث الموضوعي والاطلاع على فهرسة الكتاب، كما حوى الموقع تعريفا بأصحاب المكتبات الوقفية في المكتبة، والفهرس الكامل بما حوته المكتبة الوقفية، والعمل جار على رفع بعض الكتب الإلكترونية المصورة وإتاحتها للزوار، وكذلك بعض مصورات بعض المخطوطات. والموقع تحت التطوير وستكون خدمات كثيرة سيلمسها الزائر قريبا ــ بإذن الله تعالى.

خدمة المجتمع وطلاب العلم

ما أبرز مشاريع المركز العلمي؟
كما أشرنا سابقا، فإن مركز شيخ الإسلام تعددت مناشطه، وقد أخذ على عاتقه خدمة المجتمع وطلاب العلم، وقد تحمل تكاليف كثيرة في سبيل تحقيق هذه الأهداف، وقد استطاع تجاوز كثير من العقبات، إلا أن بعض هذه الأعمال لم تكتمل بسبب ما يعانيه المركز من ضعف في الموارد المالية، مع أن المركز استطاع تأمين 80 في المائة مما يحتاج إليه لإتمام هذه المشاريع إلا أن نقص 20 في المائة مما يحتاج إليه المركز جعله يتوقف تماما عن المتابعة. والمركز في حاجة إلى مليونين و300 ألف ريال لاستكمال العقود الموقعة، فمقر الحلقات النسائية في حاجه إلى 300 ألف ريال ومقر مركز شيخ الإسلام، الذي يضم مكتبة الإمام ابن القيم العامة بقسميه الرجال والنساء ومكتبة الطفل والروضة ومقر الإدارة في حاجة إلى مليوني ريال، ولنا أمل في الله - عز وجل - ثم في دعم المحسنين بأن نتجاوز العقبة ونستكمل هذه المشاريع وفّق الله الجميع لما يحب ويرضى.