نمو سوق الصكوك يغري المصارف والبنوك والمؤسسات المالية الخليجية
كشف مختصون في المصرفية الإسلامية استعداد مصارف ومؤسسات مالية خليجية وعربية وإسلامية وعالمية لطرح صكوك جديدة تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار العام الجاري، ويؤكد الخبراء أن طرح هذه الصكوك سببه تعافي الأسواق العالمية وتجاوزها تداعيات الأزمة المالية العالمية، وأيضا تضاعف الطلب العالمي على التمويل الإسلامي.
المتخصص في الهندسة المالية الدكتور عبد الكريم قندوز أوضح في تصريحات صحافية أنه وبالنظر إلى النتائج الإيجابية التي حققتها الصناعة المالية الإسلامية خلال السنوات القليلة الماضية، وارتفاع حجم الصناعة عام 2010 إلى حدود التريليون دولار أمريكي، فإن ذلك يستدعي مزيدا من التفاؤل حول مستقبلها، وتوقع قندوز دخول لاعبين جدد، فضلاً عن مصدرين جدد في دول عدة، يستهدفون الاستفادة من سوق الصكوك، مع ظهور محتمل للمرة الأولى في تايلاند واليابان وأوروبا؛ الأمر الذي يعزز الطلب على هذا المنتج المالي الشرعي الآخذ في النمو في وقت تسعى فيه دول إسلامية وأوروبية إلى الاستفادة من نمو الصناعة الحديثة، سواء عن طريق إصدار لوائح تنظيمية أو البدء في طرحها في الأسواق، حيث حققت الصناعة المالية الإسلامية لأول مرة خلال أربعة عقود من عمرها إنجازا كبيراً من خلال طرحها للصكوك الإسلامية، مسجلة عديدا من الإنجازات خلال العام الماضي 2010، من أهمها معدل النمو خلال عام الأزمة، حيث بلغ معدل نمو الصيرفة الإسلامية 28 في المائة خلال عام 2009، في حين لم تحقق المصارف التقليدية أي معدل نمو ذكر.
ومن ضمن المؤسسات الخليجية التي ينتظر أن تقوم بإصدار صكوك في مطلع العام الجاري مؤسسة الخليج للاستثمار ومقرها الكويت؛ إذ تعتزم القيام ببرنامج في ماليزيا لجمع 3.5 مليار رنجت ماليزي، وفقاً لأرقام نشرتها الوكالة الدولية (لوكسمبورج)
وتنوي الشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات ومقرها الخبر إصدار صكوك بقيمة 1.5 مليار ريال بهدف تمويل توسعات مستقبلية محتملة، وأن هذه الصكوك سيتم إصدارها في الربع الأول من العام الجاري.
أما البنك الأهلي التجاري السعودي، وهو من أكبر البنوك التجارية في السعودية، فينتظر أن يصدر أول صكوك له في عام 2011 في الربع الثاني، لكن البنك لم يحدد قيمة الصكوك التي سيصدرها.
كما بيَّنت شركة اتصالات في الإمارات أنها ستقوم بإصدار صكوك ضمن برنامج قيمته مليار دولار، وهو جزء من برنامج لجمع ثمانية مليارات دولار ''لتنويع التمويل وإدارة استحقاقات الديون''.
أما مجموعة البركة المصرفية، وهي أكبر بنك إسلامي مسجل في سوق البحرين للأوراق المالية، فيتوقع أن تسعى إلى الحصول على 200 مليون دولار من إصدارات صكوك، وأوضح التقرير أن شركة الكهرباء السعودية، وهي أكبر شركة خدمات في العالم العربي، يتوقع أن تصدر صكوكا عالمية في عام 2011 بعد إصدار صكوك قيمتها سبعة مليارات ريال سعودي في نيسان (أبريل) العام الماضي.
وفي فرنسا، فإن أول صكوك إسلامية يمكن أن تصدر في مطلع العام الجاري 2011 بعد أن أدخلت الحكومة الفرنسية إرشادات بشأن طرح الصكوك، سواء بالدولار الأمريكي أو العملة الأوروبية (اليورو)، حيث تجتهد باريس إلى اجتذاب هذه الصناعة سريعة النمو، كما أعلنت فرنسا افتتاح أول بنك إسلامي فيها بعد موافقة مجلس النواب الفرنسي على تعديل قانون المصارف بما يسمح بفتح مصارف إسلامية.
ويذكر أن المجلس الفرنسي للمالية الإسلامية سيضيف مؤتمر المالية الإسلامية من التكييف إلى التجديد، وذلك بحضور عدد كبير من خبراء الصناعة وتحت رعاية البنك الإسلامي للتنمية، ومن ناحية أخرى، نسب التقرير إلى رئيس الصيرفة الإسلامية العالمية في بنك كريديت أجريكول، سايمون إيدل، قوله، (إن البنك الفرنسي يعمل على عمليتين أو ثلاث عمليات لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي يمكن أن تطرح قبل نهاية الربع الأول من هذا العام).
وأشار خبراء أن الهند تمضي قدماً في تطبيق مزيد من أنظمة التمويل الإسلامي، وتأتي هذه الخطوة بعد رفضها الدائم خلال السنوات الماضية لتطبيق أي نوع من هذا النظام، فإن الخطوة جاءت على ما يبدو من ضغط المسلمين ورفضهم الدائم للتعامل مع الأدوات الربوية، وعزوف بعض المسلمين عن التعامل مع البنوك التي لا تتوافق نظمُها مع تعاليم الدين الإسلامي.
وتسعى موسكو لبناء نظام مصرفي إسلامي موسع، وتطلب من ماليزيا ودول عربية مساعدتها في وضع وتنفيذ خطة لنظام مالي إسلامي متكامل، على خلفية نمو الطلب على الخدمات المالية الإسلامية فيها، حيث تسعى لأن تكون بوابة لدخول هذه النوعية من الخدمات إلى أوروبا الشرقية.
وقال رئيس البنك المركزي إن لوكسمبورج، دولة صغيرة محشورة في وسط قارة أوروبا، ترى في المصرفية الإسلامية مجالا لتحقيق العدالة الاجتماعية، مشيراً إلى أن المعاملات المالية الإسلامية أخلاقية ومهمة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وهي قادرة على خدمة غير المسلمين أيضا، ولهذه المميزات وزيادة الطلب على التعاملات المالية الإسلامية عمدت لوكسمبورج خلال العام الماضي في العودة إلى هذه الصناعة، وهي عودة في الحقيقة بسبب أنها كانت لديها مؤسسات بنكية إسلامية في سبعينيات القرن الماضي، في المقابل سعت الحكومة إلى إزالة جميع العقبات القانونية التي تواجه التمويل الإسلامي، وتستعد الآن لتصبح واحدة من المراكز الرائدة في قطاع التمويل الإسلامي في العالم.
كما أن البنك الياباني المركزي يتوجه على استحياء نحو المصرفية الإسلامية، ففي خطوة جديدة تصدر اليابان صكوك مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، في خطوة وصفها المراقبون الاقتصاديون بأنها تاريخية، باعتبارها دشنت لأول اختراق للصكوك الإسلامية لمجموعة الدول الثماني الكبار وهي مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى وروسيا.
وبتزايد إقبال الكوريين على الإسلام، تتطلع الجهات المالية إلى اكتساب مزيد من فرص التمويل الإسلامي، وتعلن الحكومة عبر موقعها الإلكتروني الفرص الإيجابية للأزمة المالية العالمية، وكيفية الاستفادة منها، حيث تكشف هذه الدولة الواقعة في شرق آسيا قدرتها على تحويل المحنة إلى منحة وتطلعها إلى ركوب موجة التمويل الإسلامي والصيرفة الإسلامية لتستفيد من الفرص التي توفرها هذه الصناعة، وتعمل في المقابل على تنظيم مؤتمر دولي للتمويل الإسلامي في العاصمة سول.
ونظمت إندونيسيا المنتدى الآسيوي للصكوك، وذلك في العاصمة جاكرتا، ليناقش عددا من المواضيع الرئيسة، التي من أهمها تطوير وابتكار الصكوك، إضافة إلى موضوع مهم وهو إدارة المخاطر الشرعية والقانونية وتسوية المنازعات، ويولي المؤتمر أهمية كبيرة لجانب التحكيم في تسوية النزاعات حول الصكوك التي ظهرت على الساحة أخيرا بعد أزمة الصكوك الإسلامية في دبي، إضافة إلى عولمة التمويل الإسلامي وأهمية إعداد الجيل المقبل للتعامل مع التمويل والمصرفية الإسلامية.
ومن المتوقع أن يستمر نمو التمويل الإسلامي على مدى السنوات القادمة، وبشكل خاص في دول معينة، كالسعودية، والدول التي من المتوقع أن تكون خلال فترة أقل من عقد من الزمن عاصمة التمويل الإسلامي العالمية، وكذا ماليزيا والكويت وغيرها من الدول الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية، ويدعو إلى ضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن محاكاة الصناعة المالية التقليدية، والعمل على ابتكار وتطوير الأدوات المالية.
وذكر خبير متخصص أنه لكي نستشرف آفاق المستقبل يتطلب الأمر وقفة متأنية عما شهده هذا العام من حراك وإنجازات، لقد شهد عام 2010 انعقاد عديد من المؤتمرات والندوات التي تناولت اقتراحات في شتى مجالات الاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية، كما شهد نقدا للأداء المصرفي الإسلامي، وللمنتجات المصرفية الإسلامية.
وعن عام 2011 سيشهد تطويراً للتمويل والمصرفية الإسلامية يتناول محاور عدة، أهمها إنشاء البنوك المركزية ومؤسسات النقد وهيئات شرعية، تابعة لها تعمل على التنسيق بين الفتاوى على مستوى مختلف البنوك في كل دولة. وقد رأى صلاح المجذوب المصرفي في بنك يونيكورن، أن إصدارات الصكوك في المنطقة كانت في تقدم كبير جداً وازدهار قبل حدوث الأزمة المالية العالمية التي تعصف بالأسواق منذ عام 2008، وأعرب عن اعتقاده بعودة النشاط إلى الأداة المالية الرئيسة، وخصوصاً فيما يتعلق بإصدارات الشركات في المستقبل القريب.
وقال المجذوب خلال مؤتمر عن الصيرفة الإسلامية عقد في البحرين في الآونة الأخيرة: ''نحن في منطقة الخليج تأثرنا بطرق مختلفة بالنسبة إلى الصكوك التي تصدرها الشركات؛ إذ كان هناك تأخر، أما الصكوك التي تصدرها الحكومات، فإن سوق الصكوك تسير ''من ازدهار إلى ازدهار، فهناك حاجة كبيرة إلى الصكوك من جهة العرض والطلب، لأن المؤسسات والشركات تحتاج إلى إصدارات الصكوك لتمويل المشروعات، ونحن في منطقة تشهد نمواً وكثيرا من المشروعات المستمرة والمقبلة.
ومن جهة أخرى، هناك أيضاً سيولة كثيفة تبحث عما يسمى بالعائد القليل مقابل المخاطرة القليلة. ويقدر أن المصارف الإسلامية تدير نحو 700 مليار دولار، ويتوقع أن ينمو الرقم إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2012.
وقال عشار ناظم، المدير التنفيذي للشرق الأوسط رئيس الخدمات المصرفية الإسلامية والمجموعة المالية في آرنست آند يونج إن مستويات نمو صناعة التمويل الإسلامي أكثر من 20 في المائة سنويا على مدى السنوات القليلة الماضية، وتعرضت لضغوط هائلة في 2010، لذا فالمؤسسات المالية الإسلامية في حاجة ماسة إلى تطوير نماذج الأعمال الخاصة بها والبحوث وأدوات للمساعدة في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مسار النمو المستقبلي لأعمالها، حيث إن الأسواق في حاجة إلى أن تدرج بشكل مناسب في مرحلة التخطيط نفسها، فضلا عن إمكانات نمو هائلة. ومن المتوقع أن ينمو التمويل الإسلامي إلى ثلاثة أضعاف خلال عام 2010 للصناديق الإسلامية وسلط الضوء على الوقف الإسلامي، مع وجود تجمع ثروة تقدر بـ105 مليارات دولار.
وقد شهد القطاع المالي الإسلامي العالمي تشجيع النمو على مدى العقد الماضي، ومن المتوقع أن يكون القطاع المالي الإسلامي في العالم الأسرع نموا في السنوات المقبلة مع احتمال عالمي يقدر التمويل الإسلامي وعديدا من الصفات التي يمكن أن تصلح لطرح الصكوك الإسلامية، وهناك عديد من الهياكل التي يمكن أن تولد العائدات المدفوعة لحاملي الصكوك، وكان معظمها من إصدارات الصكوك حتى الآن كليا على أساس الأصول بدلا من الأصول المدعومة. وفي الصكوك المبنية على الأصول، وحاملي الصكوك فإن الشركة تسعى إلى زيادة التمويل من خلال إصدار الصكوك.
ومن المتوقع زيادة الطلب على الصكوك الإسلامية إلى نمو سوق الصكوك، ووفقا لــ ''موديز''، فإن سوق الصكوك ستزيد إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2011، ويتوقع أن تنمو بنسبة تصل إلى 35 في المائة خلال عام 2012، وقد أدى الطلب المتزايد على المنتجات المالية الإسلامية إلى اهتمام الدول الغربية إلى أن أصبحت أكثر المستثمرين والمهتمة بالاستثمار في الصكوك الإسلامية في حين أن الصكوك المصرفية لا تزال تتركز في دول الخليج وماليزيا، وتنمو بسرعة مع الشركات المشاركة من قبل شركات خاصة ومؤسسات الدولة والحكومات ذات السيادة، والمؤسسات المالية الإسلامية والمؤسسات الدولية أيضا من غير المسلمين.