التمويل الإسلامي جزء يسير من النظام الاقتصادي الإسلامي
أكد الدكتور بشر موفق - متخصص في الاقتصاد الإسلامي - أن التمويل الإسلامي أو الصيرفة الإسلامية ـــ كما يسميها البعض دون تفريق بينهما ـــ ليست إلا جزءا بسيطا من النظام الاقتصادي الإسلامي، وهو نظام شامل ومتكامل وله أهدافه، وقال موفق إن بعض الباحثين يحاول التفريق بين الاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية، بينما الاقتصاد الإسلامي هو اسم مرادف للصيرفة الإسلامية، وهذا ما نجده غائبا عن أغلب الأطروحات الغربية والإسلامية حوله، فالاقتصاد الإسلامي يتكلم عن الصيرفة الإسلامية كجانب مؤسسي مهم، كما يتحدث عن السوق المالية الإسلامية المنضبطة، التي ستكون الأيام القادمة حُبْلى بأطروحات جديدة فيها من بعض الباحثين المجدين.
كما يتحدث عن نظام التأمين بأركانه وأنواعه الكثيرة في إطار الاقتصادٍ الإسلامي، كما يؤسس للنظام الوقفي الإسلامي الذي خفف عن ميزانيات الدول الإسلامية أكثر أعباء الميزانيات والتكاليف الاجتماعية وغيرها، كما يؤسس لنظام فريضة الزكاة، التي تعد علامة فارقة أخرى في الاقتصاد الإسلامي، وغير هذه المكونات الكبيرة لنظام الاقتصاد الإسلامي.
وحول السبب والآثار وراء تحجيم الاقتصاد الإسلامي في الصيرفة الإسلامية والوساطة المالية قال موفق تتعدد الآثار ومن أهمها آثار علمية أكاديمية على باحثي الغرب، حيث يستصغرون النظام الاقتصادي المطروح، فيرونه قاصرا عن إدارة اقتصادات دولية متكاملة للدول الإسلامية، ما يعني حاجة الاقتصادات الإسلامية إلى النظام الرأسمالي أو غيره لتسيير الحياة الاقتصادية، من وجهة نظر المتحدث الذي قد يقع في هذا الفهم ولو دون قصد، كما أن هناك آثارا علمية على الباحثين المسلمين أيضا، حيث يهيئ المتحدث للباحثين أو طلاب العلم المبتدئين أنه إذا أنشأ مصرفا إسلاميا فإنه قد أقام شرعَ الله في النظام الاقتصادي، وعلى ذلك فلا داعي لمزيد من البحث العلمي في هذه القضايا الكبيرة المهمة، ولا داعي للنظر في الفعاليات الاقتصادية الأخرى في المجتمع المسلم، وفي هذا من التسطيح ما لا يخفى. وأشار موفق إلى أن من تلك الآثار آثارا عملية على تمادي أصحاب رؤوس الأموال الإسلامية في الممارسات الرأسمالية، حيث إن الطرح يُري أصحاب رؤوس الأموال الإسلامية أن غاية ما عليهم هو وضع رؤوس الأموال في مصارف إسلامية أو صكوك وأخذ عوائد شبه ثابتة عليها، دون أي أبعاد اجتماعية أو استثمارية حقيقية، فضلا عن السكوت عن المضاربات في الأسواق المالية المحلية أو الدولية والمحافظ الاستثمارية الغربية وتسرُّب رؤوس الأموال إليها. ويتم هذا كله في ظل غياب سياسة دولية وتجارية إسلامية منضبطة شرعاً في تعاملاتها وقوانينها الخارجية. وأضاف موفق إلى آثار عملية على الصعيد الدولي باستخفاف عالمي من شمولية النظام الاقتصادي والمالي والمصرفي الإسلامي، وقال لاحظنا هذا من خلال بعض التعليقات ـــ وإن كانت قليلة حتى الآن ـــ على الأطروحات المقدمة حول الاقتصاد الإسلامي المحجَّم في التمويل الإسلامي، المحجَّم أيضاً في الصيغ المعاصرة له، مما أعطى صورة قاصرةً عن النظام الاقتصادي الإسلامي المتكامل. وحول أهم ما تنبغي مراعاته عند الحديث عن التمويل الإسلامي على وجه الخصوص، قال موفق تجب الإشارة إلى مبادئ هذا النظام؛ أعني التمويل الإسلامي، والضوابط الشرعية له، وأهداف العمليات التمويلية الإسلامية، حتى يكون هناك احتكام واضح إلى هذه المبادئ والأهداف والضوابط، وليس مجرد الاقتصار على الحديث عن الصيغ المصرفية الموافقة للنظام المصرفي التقليدي فقط كالتورق والصكوك. وتابع: أن الحديث عن الضوابط والمبادئ المتعلقة بالتمويل الإسلامي لا تقتصر على مبادئ النسب المالية وأنواع الصيغ، بل تشمل المبادئ الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية وغيرهما، مما يشكل أركانا اجتماعية للتمويل الإسلامي والصيرفة الإسلامية، خصوصا عندما نرى العالم يتجه نحو أنسنة الرأسمالية أو الرأسمالية الاجتماعية كما يروجون لها، ويبقى بعضٌ منا متمسكا بالمالية والربحية المطلقة للتمويل الإسلامي دون اعتبار للمسؤولية والربحية الاجتماعية، وأضاف من تصدى للحديث عن النظام الاقتصادي الإسلامي في الإعلام وغيره، فعليه أن يعمل على تقديم الاقتصاد الإسلامي بكامل مكوناته وجوانبه المالية والبشرية والحكومية (السياسة الشرعية) والأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية وغيرها، حيث يعرض نظامنا على حقيقته وشموليته وأهدافه ومكوناته التي شكلت جوانبَ تميُّز على مرِّ قرون من الزمن، ونراه في عصرنا من جديد يأخذ بألباب المنصفين من غير المسلمين ممن اطلعوا عليه بشكل حقيقي وشامل