المركز المالي وقائمة الدخل والتدفقات النقدية توضح أداء الشركة وتحدد مخاطرها
تشير المعلومات والبيانات المتوافرة والمحدثة في سوق المال السعودية إلى أن نسبة الإفصاح بين الشركات المدرجة في السوق المحلية تتجاوز مثيلاتها في الأسواق المجاورة، وتتخطى الشركات السعودية الملتزمة بإعلان قوائمها المالية الربعية أو السنوية في الفترة المحددة ما نسبته 90 في المائة من الشركات المدرجة في السوق، وهي نسبة تسجل نموا مطردا، فقد كانت لا تتجاوز 50 في المائة قبل عشرة أعوام تقريبا.
ومع إفصاح الشركات المحلية عن أدائها خلال العام الماضي 2010 (إعلان الأرباح أو الخسائر) وترقب الإعلانات التفصيلية للقوائم المالية، يؤكد ماليون واقتصاديون، أن قراءة القوائم المالية تمثل العنصر الأساسي في حسابات مخاطر الاستثمار في أسواق المال، فهي تساعد على تقييم أداء الشركة في الفترة التي تغطيها القائمة المالية، وتمنح المستثمر أيضا تصورا وتقديراتٍ عن وضع الشركة وقدرتها التنافسية مع الشركات المماثلة في المستقبل المنظور.
وهناك ثلاثة جوانب في القوائم المالية يفترض في المستثمر مراعاتها عند قراءة القائمة، وهي: قائمة المركز المالي، وقائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية.
وتعطي قائمة المركز المالي التي تكون في العادة ضمن الجزء الأول من القوائم المالية ربع السنوية، صورة مفصلة للوضع المالي للشركة، وتشتمل على أصول الشركة (موجوداتها)، وخصومها (مطلوباتها)، وحقوق مساهميها مما يعطي فكرة واضحة عن قيمتها الدفترية. ومن المعلوم أنه إذا فاقت خصوم الشركة أصولها، فإن ذلك يعني تحملها خسائر تفوق رأسمالها، وقد تقودها إلى العجز عن الاستمرار في مزاولة نشاطها وربما إفلاسها.
كذلك توضح قائمة المركز المالي مدى توافر الأصول لدى الشركة بالقدر الذي يعينها على تنمية نشاطها من خلال الاستحواذ على شركة أخرى أو تطوير منتج جديد أو اللجوء إلى الاقتراض للمحافظة على نشاطها. أيضا تتيح قائمة المركز المالي للمستثمر أن يعرف هل لدى الشركة مخزونٌ إضافيٌّ زائد على حاجة السوق بسبب عدم تقدير الإدارة للطلب المتوقع على منتجاتها، وهذا يمكن أن يكون مؤشرا قويا على سوء إدارة الشركة لأصولها.
ويضم المركز المالي للشركة عادة: الأصول، والخصوم، وحقوق المساهمين:
فالأصول هي ممتلكات الشركة ذات القيمة والملزمة إشهارها للجمهور، وهي إما أصول متداولة مثل النقد والممتلكات التي تحوزها الشركة، ويمكن تحويلها بسهولة إلى نقد خلال عام واحد وتستخدم لتغطية الالتزامات القصيرة الأجل لعمليات الشركة التشغيلية، أو أصول غير متداولة تحوزها الشركة ولا تخطط لتحويلها إلى نقد خلال العام المقبل، وتندرج تحتها الأراضي، والمباني، والمعدات وغيرها.
والخصوم، فهي الديون المتراكمة على الشركة والتزاماتها المادية. ويعتمد نجاح إدارة الشركة بشكل كبير على مقدرتها على إدارة خصومها أو ديونها المتنوعة التي تعد جزءا من طبيعة نشاطها. ومن أمثلة خصوم الشركة: ديون الموردين والمساهمين، مصاريف مستحقة الدفع، القروض طويلة الأجل، ومستحقات الزكاة. وتنقسم إلى نوعين: متداولة وهي الالتزامات التي على الشركة أن تدفعها في فترة لا تتجاوز السنة الواحدة، وطويلة الأجل لا تتقيد الشركة بدفعها خلال عام واحد على الأقل، ومن أمثلتها التزامات القروض الطويلة الأجل.
أما حقوق المساهمين، فهي الأموال المستثمرة التي طُرحت في شكل أسهم مضافا إليها الأرباح غير الموزعة التي تمثل الأرباح المبقاة التي تحتفظ بها الشركة وتعيد استثمارها ولا يم توزيعها على المساهمين. وتمثل حقوق المساهمين المصدر الأساسي لتمويل أعمال الشركة، وكلما زادت حقوق المساهمين ازداد حجم الأموال التشغيلية الذاتية للشركة. ويتم حساب حقوق المساهمين في قائمة المركز المالي بطرح إجمالي الخصوم من إجمالي الأصول.
وتوضح قائمة الدخل (أحد العناصر الأساسية في القوائم المالية) كمية العوائد الداخلة للشركة من مبيعاتها (الإيرادات) وكمية الأموال الخارجة منها لتغطية هذه المبيعات (المصروفات). وأهم النقاط التي توردها قائمة الدخل: الإيرادات، والمصروفات، وإجمالي الأرباح، وصافي الربح، والربح التشغيلي "الدخل من عمليات الشركة الرئيسة"، والمكاسب والخسائر من غير العمليات الرئيسة، وربح السهم، ومخصص الزكاة. ويستطيع المستثمر عند فهمه المقصود بهذه الأرقام وماهية علاقتها بعضها بعضا تحديد قوة أداء الشركة. وبالنسبة إلى المكون الأساسي الثالث للقوائم المالية وهو قائمة التدفق النقدي، فهي من أهم القوائم المالية لأيِّ شركة؛ لأنها توضح بالتفصيل حجم التدفقات النقدية الداخلة إلى الشركة والخارجة منها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وتفصل مصادر الأموال النقدية وسُبُل إنفاقها على بنود التشغيل والاستثمار والتمويل. وتقدم قائمة التدفق النقدي بشكل أوضح تفاصيل دقيقة حول مصادر النقد المتوافرة للشركة وطبيعة استخدامها، علاوة على إيضاحات عن أرصدة الشركة من النقد أو الأصول القابلة للتحويل السريع إلى نقد من بداية الربع المالي إلى نهايته.
وتبرز أهمية قائمة التدفق النقدي في أنه لا يمكن لأي شركة النجاح من دون توافر النقد أو الأصول المماثلة للنقد لديها؛ وذلك لدفع نفقاتها التشغيلية ومستحقات الديون ونحو ذلك. وأهم ثلاثة أمور يجب البحث عنها ضمن قائمة التدفقات النقدية هي: أن تكون هذه التدفقات موجبة، وكبيرة، ومتزايدة مع الزمن. ومن المفترض في المستثمر التدقيق في الفئات الثلاث الواردة في القائمة، وهي: (التشغيلية، والاستثمارية، التمويلية)، وأن يحاول المستثمر معرفة الأنشطة التي تدرّ على الشركة أكبر كمية من التدفقات النقدية التي يتم بها توظيف هذه النفقات. وبهذه الطريقة يمكن الحكم على أداء الشركة المستقبلي، فغالبا تكون الشركة التي تحتفظ باحتياطي كبير من النقد مهيأة لسداد التزاماتها وتوزيع أرباحها، وأن تتجاوز المشكلات المالية الطارئة من دون اللجوء إلى الاقتراض أو بيع بعض أصولها.