ميزة سوق البضائع الرخيصة .. وتجربة مجموعة بانكو

ميزة سوق البضائع الرخيصة .. وتجربة مجموعة بانكو

إذا كان هناك شيء واحد جيد بشأن الأزمة الاقتصادية، فهو الصفقات الناجمة عن تداعياتها. وهذا جيد إذا كنت في وضع يسمح لك بالشراء. وهذا هو بالتحديد الوضع الذي وجدت مجموعة بانكو سانتاندر (أكبر بنك في إسبانيا) نفسها فيه.
حين ضربت أزمة الائتمان المملكة المتحدة عام 2007، كان لدى أكبر بنك في إسبانيا الإرادة والوسائل للاستفادة من بعض الصفقات المذهلة. فبنك بانكو سانتاندر لم يصمد في وجه الأزمة فحسب، بل برز منها كأقوى لاعب عالمي، خاصة في المملكة المتحدة.
وقد كان للبنك وجود بالفعل في بريطانيا منذ عام 2004، حين أنفق 12 مليار يورو لشراء آبي ناشينال، شركة الإقراض السابقة التي تحولت إلى بنك، وكان حريصا على توسيع أصوله في المملكة المتحدة.
ويشرح أنطونيو هورتا - أوسوريو، المدير التنفيذي لبنك ساندنتر في المملكة المتحدة: ''في عام 2007، حين حدثت الأزمة، بدأنا نعتقد أن استراتيجية بنوك المملكة المتحدة - سواء من حيث التمويل ومن حيث رأس المال - كانت ذات طبيعة نشطة. وكما تعلم، حدثت أول مشاكل هذه الأزمة في المملكة المتحدة، مثل حالة بنك نورثرن روك''. (كانت شركة الإقراض التي تحولت إلى بنك أول بنك إنجليزي منذ عام 1866 يعاني من تدافع العملاء على سحب ودائعهم خلال أزمة الائتمان عام 2007).
ومهّد هذا السيناريو الطريق لكي يبدأ سانتاندر بالشراء. ويقول هورتا - أوسوريو، الذي كان سابقا الرئيس التنفيذي لبنك بانكو سانتاندر في كل من البرتغال والبرازيل: ''كان لدينا نوعية قوية جدا من الأصول وكنا بالفعل بنكا في غاية الكفاءة. وكنا مستعدين لنكون قادرين على القيام بعملية استحواذ''.
وبدأت المؤسسة المالية الإسبانية بشركة آليانس آند ليسستر، التي أصبحت بنكا عام 1997 بعد اندماج مؤسستي إقراض لهما الاسم نفسه. وبثمن باهظ بلغ 1.3 مليار جنيه استرليني، على الرغم من مشاكلها المالية، كان هورتو - أوسوريو راضيا عن عملية الشراء. فقد قال: ''كان آليانس آند ليسستر بنكا جيدا جدا، وبنكا يتمتع بالحصافة المالية، لكنه اشترى الكثير من الأوراق المالية؛ الأمر الذي سبب له المشاكل بشأن نوعية عمليات الشطب في الأوراق المالية''، مضيفا أن البنك في المملكة المتحدة كان يعاني أيضا مشاكل متعلقة بالتمويل.
وفي أعقاب تلك الصفقة، جاءت فرصة ذهبية أخرى لبنك بانكو سانتاندر لتوسيع محفظته البريطانية حين تم تأميم بنك برادفورد وبينجلي. وفاز سانتاندر بالمزاد الذي تلى ذلك. وقال هورتو - أوسوريو: ''لقد اشترينا الودائع والفروع والعملاء فقط؛ لذا قمنا بصفقة دون أي مخاطر''. وأضاف: ''زاد هذا تمويلنا إلى حد كبير؛ لأننا استلمنا فقط الودائع التي كانت العنصر الأكثر ندرة في ذلك الوقت''.
وعموما، كانت ضربة كبيرة بالنسبة لبنك بانكو سانتاندر ، الذي يحتل اليوم المرتبة الثانية في المملكة المتحدة من حيث الخدمات المصرفية للأفراد. وقد مكنت البنك من تحقيق هدفه المتمثل في الحصول على 10 في المائة من السوق، وهو معياره المعتاد في الدول التي يعمل فيها باعتباره مؤسسة تجارية كاملة، كما كانت الحال في المملكة المتحدة. ويروي هورتا - أوسوريو بسعادة: ''استطعنا بفضل هؤلاء الثلاثة معا الانتقال من 6 في المائة مع Abbey وحدها، إلى 10 في المائة من الفروع، و10 في المائة من المدخرات، وككل، 10 في المائة من سوق التجزئة في المملكة المتحدة في تشرين الأول (أكتوبر) 2008، في ذروة الأزمة''.
إلا أن سانتاندر لم يتوقف عند هذا الحد. ففي أيلول (سبتمبر)، اشترى البنك 320 فرعا من بنك اسكتلندا الملكي؛ مما مكّنه من تعزيز وجوده بشكل كبير في سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويقول هورتو - أوسوريو: ''لدينا الآن 1600 فرع في المملكة المتحدة، أي 12 في المائة من سوق التجزئة، من 10 إلى 12''. وأضاف: ''الأهم من ذلك أننا انتقلنا استراتيجيا من 3 في المائة - كان لدينا 3 في المائة فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة - إلى 8 في المائة من السوق''.
وعلى الرغم أن بنك بانكو سانتاندر كان سعيدا بموطئ قدمه الجديد في المملكة المتحدة، إلا أن البنك كان عرضة لسلبيات التدخل في أراض أجنبية، خاصة في المملكة المتحدة. ويعترف هورتو - أوسوريو، وهو مواطن من البرتغال، بأنه كان لا بد من تبديد الشكوك. فقد قال: ''كان هذا يتطلب الكثير من الاتصالات. وقد كنت أقوم بزيارات كل شهر منذ أن وصلت إلى البنك، إلى الفروع، مع نصف فريق اللجنة التنفيذية، لنشر الثقافة وتقديم الدعم لها''.
ويقول هورتو - أوسوريو: ''إن الدعاية ساعدت على تعزيز الوعي به إلى 90 في المائة، وهي قفزة كبيرة عن نسبة 20 في المائة بعد شراء آبي ناشينال عام 2004. إلا أن هورتو - أوسوريو يعترف أيضا بأن كون البنك راعيا لسباق الجائزة البريطانية الكبرى في سيلفر ستون وللسائق البريطاني بطل العالم، لويس هاملتون، كانت له فوائد إلى جانب ذلك. فهو يقول: ''هذا مذهل لأن بوسعك رؤية ذروة البحوث في تموز (يوليو)، أي حين أقيم سباق الجائزة الكبرى في سيلفر ستون''.
وإلى جانب المملكة المتحدة، فإن لبنك بانكو سانتاندر وجودا أيضا في تسع دول كبرى. ويقول هورتو - أوسوريو: ''نحن الآن ثالث أكبر بنك في البرازيل؛ ونحن من البنوك البارزة والرائدة في جنوب أوروبا''. وبصرف النظر عن عمليات الاستحواذ التي قام بها في الآونة الأخيرة، يقول هورتو - أوسوريو: ''إن البنك ينمو عضويا بمعدل يزيد على 15 في المائة سنويا''.
واليوم، فإن بنك بانكو سانتاندر، الذي يعتبر رابع أكبر بنك في العالم من حيث الأرباح، جهّز مواقعه في سوق الولايات المتحدة. ولكن لا يكفي مجرد الوجود في دولة ما. ويقول هورتو - أوسوريو: ''لا نريد أن نكون لاعبا عاديا في العديد من الأسواق، بل نريد أن نكون لاعبا رائدا في الأسواق الرئيسة التي نكون موجودين فيها''.

الأكثر قراءة