أكثر من 10 أعوام من أجل دواء!!

أكثر من 10 أعوام من أجل دواء!!

بينما لا يحتاج المرض الفتاك إلى أي مقدمات أو تمهيد لإصابة أي إنسان والتسبب في وفاته تسير عملية إيجاد مصل لعلاجه ببطء شديد، وما زالت البشرية حتى اليوم تعاني أمراضا فتاكة كالإيدز والسرطان وغيرها منذ سنوات طويلة دون اكتشاف أدوية للشفاء التام منها، والانتصارات في هذا المضمار رغم أهميتها إلا أنها بطيئة جدا.
تمرّ عملية استحداث اللقاحات بعدة مراحل ابتداء بالاكتشاف ومروراً بهندسة العمليات والسموميات والدراسات على الحيوانات وانتهاء بتجارب المراحل الأولى والثانية والثالثة التي تُجرى على البشر. ويمكن أن تستغرق تلك العملية أكثر من 10 سنوات، وذلك بحسب المرض. وتركز التجارب البشرية أولاً، على مسألة المأمونية وتُجرى في البداية على مجموعات صغيرة من الناس وهي المرحلة الأولى؛ ثم تتطوّر لتشمل مجموعات متوسطة الحجم من الفئة ''المستهدفة'' وتعتبر هذه المرحلة الثانية وتستهدف الأشخاص الذين تقترب أعمارهم وسماتهم الشخصية من أعمار وسمات الفئة المستهدفة باللقاح من أجل تحديد مأمونية اللقاح والاستجابة المناعية على حد سواء، أما المرحلة الثالثة فيتم التوسع في التجارب لتشمل عدداً كبيراً من الأشخاص المستهدفين من أجل تحديد ما إذا كان اللقاح يمكن من الوقاية وعلاج المرض المعني على النحو المنشود.
تم، أخيراً، الترخيص بتسويق عدد من اللقاحات الجديدة الناجحة في مكافحة الأمراض المعدية، وهناك لقاحات جديدة أخرى قُطع شوط بعيد في استحداثها. ومن الأمراض التي تركّز عليها تلك اللقاحات الإسهال الناجم عن الفيروس العجلي وداء المكوّرات الرئوية وسرطان عنق الرحم (الناجم عن فيروس الورم الحليمي البشري)، علماً بأنّ تلك الأمراض تودي، في مجملها، بحياة أكثر من مليون شخص في كل عام، معظمهم في البلدان النامية. وهناك، إضافة إلى هذه الجهود التي تُبذل من أجل مكافحة أمراض ذات أهمية عالمية، تقدم يُحرز أيضاً في مجال استحداث لقاح لمواجهة التهديد الذي يطرحه على المستوى الإقليمي التهاب السحايا من الزمرة المصلية A الناجم عن المكوّرات السحائية، الذي يتسبّب في حدوث أوبئة متكرّرة وعدد هائل من الوفيات وحالات العجز في البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى.
من الأنباء السارة أن ثمة جهوداً تُبذل على نحو مكثف ومطرّد من أجل استحداث لقاحات ناجحة ضد الأيدز والملاريا والسل وحمى الضنك وداء الليشمانيات والأمراض المعوية وغيرها من الأمراض، فضلاً عن تكييف التكنولوجيات الجديدة مع التركيبات الدوائية وأساليب التوصيل المحسنة. يذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أُنشئت مبادرة لبحوث اللقاحات في عام 2001 بغية توجيه شتى مشاريع البحث والتطوير التي تضطلع بها مختلف إدارات المنظمة في مجال اللقاحات (بما في ذلك البرنامج الخاص للبحث والتدريب في مجال أمراض المناطق المدارية) وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الأيدز. وتلك المبادرة عبارة عن فريق دولي يضمّ علماء ومديرين وخبراء تقنيين يعملون على تيسير عمليات استحداث اللقاحات ضد الأمراض المعدية ذات الأهمية الصحية العمومية الكبرى، وتحسين التكنولوجيات التمنيعية القائمة، وضمان إتاحة تلك الإنجازات لمن هم في أشدّ الحاجة إليها. وتسعى المبادرة إلى تحقيق تلك الأهداف بانتهاج استراتيجية ذات ثلاث شعب، وهي إدارة المعارف وإسداء المشورة والاضطلاع بأنشطة الدعوة من خلال إقامة شراكات فعالة ترمي إلى التسريع بابتكار لقاحات وتكنولوجيات جديدة وتحسين اللقاحات والتكنولوجيات القائمة؛ ودعم أنشطة البحث والتطوير الخاصة باللقاحات والتكنولوجيات الجديدة ذات الأولية بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، وأخيرا الاضطلاع ببحوث تطبيقية مناسبة واستحداث أدوات لدعم التوصيات والسياسات والاستراتيجيات المسندة بالبيّنات من أجل استخدام اللقاحات والتكنولوجيات على النحو الأمثل.

الأكثر قراءة