موسمية الدمار في جدة.. هل الأمطار هي السبب؟
أرجع مهندسون وأكاديميون ما تعرضت له مدينة جدة من أضرار في شوارعها وأحيائها جراء الفيضانات التي دهمتها أمس الأول إلى عدم تنفيذ أي من الحلول والتوصيات التي وضعت لحماية مدينة جدة من السيول، إلى جانب تأخر اعتماد المبالغ اللازمة للمشاريع الحيوية فيها.
واستغرب المختصون أن يتم التعامل مع مشاريع ملحة تحفظ أرواح ما يزيد على 3.5 مليون إنسان يقطنون جدة مثل أي معاملة لمشاريع عادية أو مستقبلية يمكن تأجيلها أو المماطلة في صرف الاعتمادات الخاصة بها، مشيرين إلى عدم الاستفادة من الدروس والعبر من كارثة العام الماضي.
وقال لـ "الاقتصادية" المهندس زكي فارسي إن أهم أسباب كارثة أمس الأول في أنه لم يحدث شيء من الحلول والتوصيات التي وضعت لحماية مدينة جدة من السيول، وأضاف "على الرغم من أن جدة شهدت سيولا العام الماضي، وتكرر ذلك هذا العام قبل أسابيع ولكن بكميات متوسطة، إلا أن المبالغ التي تم اعتماد لم تصل إلا بعد أربعة أشهر ولم تنفذ المشاريع اللازمة حتى الآن".
#2#
وتساءل فارسي بقوله "هل يعقل أن حياة ثلاثة ملايين ونصف إنسان معرضة للخطر وتأخذ معاملة المشاريع الحيوية في جدة وكأنها معاملة عادية ويتم التعامل معها وكأنها مشاريع عادية أو مستقبلية، وهل يعقل أن جدة لم يعتمد لها أي ميزانية من أجل تنفيذ أي مشروع؟".
وتابع "قبل سنوات عندما توفي 30 أو 50 حاجاً خلال موسم الحج على جسر الجمرات صدر قرار ملكي بعدم تكرار المأساة وقال الملك وقتها حرفياً إن الحجاج أمانة في أعناقنا، وبسرعة دخلت شركة بن لادن وهدت الجسر القديم وأقامت جسرا جديدا من عدة طوابق وافتتح قبل حج العام القادم".
وتابع: "ألا يفترض أنه في اليوم الذي صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين العام الماضي بتنفيذ مشاريع حماية مدينة جدة في اليوم الثاني يتم جلب الشركات التي تعمل البناء السريع وحتى لو أعطي المقاولون الضعف، أليس من الجدير محاسبة المسؤولين عن تأخر اعتماد المشاريع".
#3#
ولفت المهندس زكي إلى أنه على الرغم من أن جدة ثاني مدينة في السعودية وبوابة الحرمين الشريفين، إلا أنه وبعد عام من كارثة العام الماضي نجد أن مجرى السيل حتى اليوم لا يزال كما هو، وأردف "كذلك بناء السدود في وسط الوديان لحماية السكان أتحدى أن تكلف ربع ميزانية جسر الجمرات، ولا أدري على أي أساس تم التعامل مع الموضوع بشكل روتيني، ومرت إجراءاته بين الوزارات كأي مشروع عادي، كذلك قنوات السيول نحو الشرق لم تحدث حتى الآن".
وأشار بأن مدينة جدة تنهار أمام أعين سكانها، فيما لا توجد سرعة تفاعل بين الجهات الحكومية، حيث تم رصد 650 مليون ريال لمشاريع جدة، فيما رصد لقطار الحرمين سبعة مليارات ريال ونفذ وافتتح بواسطة الشركة الصينية خلال عام واحد.
ورأى فارسي أنه يجب تخطيط قنوات السيول حسب حجم أكبر سيول شهدتها المنطقة وتوقع أي سيول مستقبلية لتوقع الأسوأ، وقال "القنوات الموجودة لم تحتمل حجم السيول ويجب هدها وإعادة بنائها من جديد، وفي الأخير نتساءل هل يجب أن يأتي قرار ثان من الملك ليصدم مرة أخرى من أجل اعتماد مبالغ المشاريع في جدة!!".
من جانبه، وصف الدكتور علي عشقي أستاذ البيئة في جامعة الملك عبد العزيز ما تعرضت له مدينة جدة بكافة شوارعها وأحيائها من دمار بأنه مأساة بكل الصور وأمر مفجع، وقال "كنا نتمنى أن نستفيد من التجربة السابقة ونأخذ الدروس والعبر لكن للأسف عادت الكارثة بدون استفادة، أعتقد أن العام المقبل سيشهد تكرر المشكلة، ونحن من لجنة إلى لجنة ومن تصريح إلى آخر".
وأوضح عشقي أنه حذر من فكرة بناء السدود بجانب المنحدرات الجبلية وأنها غير صائبة، وأضاف "الجميع رأى انهيار سد أم الخير، سبق أن حذرنا من ذلك وقلنا لا يمكن بناء سد مع انحدار جبلي، وهو الأمر الذي جعل السيول تتجه وبكثافة نحو الشوارع الرئيسية في وسط المدينة مثل شارع فلسطين، وحائل، لا يمكنني توقع ماذا يحصل مستقبلاً لكنني أؤكد أنه بمجرد مرور أيام على الكارثة وتركيز وسائل الإعلام عليها سيعود الأمر مثل السابق وكأن شيئاً لم يكن".