مختصون: تجاوز الانتقادات الموجهة إلى المصرفية الإسلامية يبدأ من الاعتراف بأخطائها
أوضح مختصون أن خير وسيلة لتطوير المصرفية الإسلامية هو اعترافها بأخطائها أولا، وهنا يقول الدكتور موسى القضاة العضو التنفيذي لهيئة الرقابة الشرعية في شركة البركة للتكافل في حديثه لـ ''الاقتصادية'': إن أفضل طريق لمحاربة من ينتقد المصرفية الإسلامية هو اعتراف أهلها بأخطائها أولا وعدم المكابرة أو إنكار ذلك، وأضاف القضاة: إن هذا الاعتراف سيؤدي إلى كسب قلوب جماهير المتعاملين مع الصناعة المالية الإسلامية، أما أن نظل نجافي الواقع فلن يستمع إلينا أحد، وهذا عين الصواب.
ودعا القضاة إلى ضرورة تجديد السياسة الإعلامية للاقتصاد الإسلامي، منطلقا مما ذكره سابقا، وقال: إن هناك من مشاهير علماء الصيرفة من يجيزون الربا بثوب آخر، وهذا أمر لا يجوز السكوت عليه، ونبه في سبيل ذلك إلى الأخطاء الواقعة في بعض تطبيقات المرابحات الدولية والصكوك التي يضمن مصدرها رأس المال والربح، وأنه الأمر الذي يدفع الناس إلى التشكيك في المصرفية الإٍسلامية كليا.
وقال: يجب أن نوجه الرأي العام ليكون الوسيلة الفعلية لإصلاح واقع المصرفية الإسلامية.
#2#
وذكر القضاة أنه ناقش عددا من فقهاء ماليزيا في ندوة عقدت قبل شهرين في الأردن عن الصكوك حول مسألة الصكوك المضمونة رأس المال والربح: ما مبررهم في القول بجوازها؟ وأنهم لم يجدوا ردا سوى أن قالوا: عموم البلوى هو المخرج.
من ناحيته أشار الدكتور يوسف القاسم الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء إلى أن من الممكن تجاوز عديد من الانتقادات الموجهة إلى المصرفية الإسلامية يمكن تفاديها عن طريق توحيد المعايير في المصارف الإسلامية، وقال القاسم: إن هذه الخطوة يجب أن تكون تحت شرطين رئيسيين الشرط الأول: أن يكون أعضاء الهيئة الشرعية ممن توافرت فيهم شروط الإفتاء, وأبرزها الديانة, والعلم (التخصص), وأضاف: المراقب لواقع بعض الهيئات يجد أن فيها من لا ينعم بالتخصص والفهم الدقيق لعلم المعاملات المالية المصرفية, وأحيانا يكون متخصصا، لكنه يتورط أحيانا في السماح بمخارج غير شرعية لتعاملات تقليدية لتبدو بصيغة شرعية! ولا يختلف اثنان على أنه لا تخلو بعض الهيئات من أعضاء غير متخصصين أو باحثين عن مخارج لا تقبل شرعا ألبتة، وقال القاسم: لست مع من ينسف الهيئات الشرعية ويرميها بكل نقيصة أو بما هي منه براء.. ولا مع من يضفي على كل قراراتها صبغة الاجتهاد ولو تدثر بعضها بالشذوذ لغة وفقها.. ما يجب فيه الإنكار لا التماس الأعذار.. وتابع القاسم: النقد متى كان نابعا من قلب صادق, وناتجا عن علم شرعي, فإنه عامل إيجابي، يحرك المياه الراكدة, وينضج الخلاف, ويحمل الهيئات لاحقا على إنضاج القرارات وتدقيقها جيدا قبل إصدارها, أو على الأقل مراجعتها عقب الإصدار، لا سيما حينما يكون النقد سليما، ومتسما بأسسه العلمية. الشرط الثاني: أن تكون الهيئة الشرعية (المكلفة بوضع المعايير) مستقلة، ولا أعتقد أنه يختلف اثنان على ضرورة كونها مستقلة، لأن هذا أدعى إلى نزاهة القرار، ومعايير هيئة المحاسبة والمراجعة قدمت نموذجا جيدا، لكن يؤخذ على لجنة المعايير أنها ليست مستقلة، فأعضاء الهيئات الشرعية في البنوك هم ذاتهم من يضعون هذه المعايير، وبالتالي تخدم هذه المعايير القرارات الصادرة من لجان البنوك الشرعية، كما انتقد هذا غير واحد من الفقهاء المعاصرين, ومنهم الشيخ أنس مصطفى الزرقاء, وهو انتقاد له وجهه ـــ وإن كانت القرارات تطبخ من فقهاء عدة قبل أن تصل اللجنة النهائية، إلا أن القرار الحاسم هو الصادر من تلك اللجنة ـــ ولهذا فإن الإبقاء على لجنة هيئة المحاسبة والمراجعة يستدعي دعمها بفقهاء مستقلين يملكون أغلبية التصويت، حتى تصطبغ المعايير بصبغة مستقلة شكلا ومضمونا.