540 مليار ريال والتنوع الاقتصادي يجذبان شركات الأسهم الدولية إلى السعودية
صدر عن انسياد وشركة بوز وشركاه تقرير بعنوان شركات الأسهم الخاصة في منطقة الشرق الأوسط: منافس صاعد في الأسواق الناشئة. ويلقي التقرير نظرة على كيفية تطور هذه الصناعة عبر السنين وعلى التحديات الراهنة التي تواجهها وعلى آفاقها.
تواجه شركات الأسهم الخاصة في منطقة الشرق الأوسط تحدياً كبيراً فمع وجود مبلغ يقدر بـ 11 مليار دولار غير مستثمر كانت قد جمعته هذه الشركات قبل حدوث الأزمة العالمية في عام 2008، فإنها تتعرض لضغط متزايد لإيجاد استثمارات مجدية واستغلاله فيها.
عندما كانت هذه الصناعة في المنطقة في أوجها بين عامي 2005 – 2007، كان يتم نحو 70 عملية في السنة بمتوسط حجم 30 مليون دولار أمريكي للعملية الواحدة. وباستخدام هذا المعيار، فسوف يستغرق الأمر أكثر من خمسة أعوام لاستثمار هذه الأموال.
ونظراً لأنه يتعين على شركات الأسهم الخاصة أن تستثمر الأموال المتوافرة لديها حالياً قبل أن تجمع أموالاً إضافية فإن هناك بعض المخاوف من أن يتم عقد الصفقات '' بأي ثمن تقريباً'' رغم ضعف الفرص الاستثمارية، وذلك حسب تقرير مبني على دراسة مسحية مشتركة للشركات التي تستثمر في الأسهم الخاصة والمستثمرين قامت بإعدادها جامعة انسياد وشركة بوز وشركاه للاستشارات الإدارية. على أن التقرير نفسه يؤكد أن هذه الصناعة استخلصت دروساً مهمة من الأزمة، ومن المتوقع أن تتوخى معظم شركات الأسهم الخاصة، أو الشركاء العامون، حصافة استثمارية أقوى وأن تبذل الجهود الملائمة على هذا الصعيد. وربما يفسر هذا التركيز الذي حصل أخيرا على استثمار بعض الشركات الكبرى في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
وزيادة على ذلك، يمكن أن يكون المبلغ الحقيقي للأموال القابلة للاستثمار أقل من المبلغ المقدر بـ 11 مليار دولار لأنه، كما يقول التقرير، يبدو أن بعض المستثمرين الذين تأثروا جراء الأزمة الأخيرة قد لا يكونوا قادرين على احترام التزاماتهم الاستثمارية.
لقد ارتفع النمو في صناعة الأسهم الخاصة في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2005، بفضل النمو الاقتصادي الذي حققته المنطقة، وبفضل القطاعات المالية والمصرفية السريعة التطور والدعم الحكومي لتطوير الأطر التنظيمية . وفي عام 2006، وصل نشاط شركات الأسهم الخاصة إلى ذروته حيث بلغت الأموال الإجمالية نحو 40 مليار دولار، وقيام 23 صندوقاً بتسجيل أول إغلاق لها. لكن بدء الركود الاقتصادي العالمي أوقف نمو هذه الصناعة، ما أدى إلى انخفاض الأموال الإجمالية إلى ثلاثة مليارات دولار أمريكي فقط وإلى قيام 12 صندوقا بتسجيل أول إغلاق لها.
ومن حسن الحظ أنه يتوقع أن يعود النمو الاقتصادي في المنطقة إلى الارتفاع في هذا العام، حيث يقدر معدل النمو الحقيقي الإجمالي بنسبة 1.5 في المائة في دول مجلس التعاون الخليجي الست. (تجدر الملاحظة بأن هذا المتوسط الإقليمي يغطي اختلافات مهمة بين هذه البلدان). ورغم الآفاق الاقتصادية الأكثر إشراقاً فإن هيمنة الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط تخلق جواً من التحدي بالنسبة إلى شركات الأسهم الخاصة الأقل اتصالاً مع السلطات في المنطقة.
وحسب بنك باركليز البريطاني، فإن الشركات المملوكة للعائلات تمثل نحو 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمنطقة ونحو نصف التشغيل في القطاع الخاص. وهي تدير 75 في المائة من اقتصاد القطاع الخاص وتستخدم 70 في المائة من العمالة في بلدان مجلس التعاون الخليجي. إن هذا يسهم في إيجاد بيئة معلوماتية متفككة يضطر فيها المستثمرون إلى البحث عن مصادر المعلومات من خلال شبكات الأعمال والشبكات الاجتماعية رغم أن وجود شبكات موثوقة وعلاقات واتصالات يعتبر عنصراً رئيساً للقيام بالعمل في منطقة الشرق الأوسط. وزيادة على ذلك، تفتقر الشركات المملوكة للعائلات عموماً إلى هياكل الشركات القابضة رسمياً مع ممارسة السيطرة على الشركات واحدة واحدة، بينما ما زالت البيئة التنظيمية الإقليمية تتطور إلى المستويات السائدة في البلدان المتقدمة.
في منطقة الشرق الأوسط يميل الأفراد الأثرياء للغاية إلى أن يكونوا مستثمرين نشطين في شركات الأسهم الخاصة، ويدعمون البحث عن مصادر الصفقات بطرق أبواب شبكاتهم. ولكن لأن هذه الصفقات تتم في الغالب عن طريق الوسطاء الخاصين، فإن عمليات البحث والتقصي قد تكون أحياناً أقل قوة مما يتم منها فيما يتعلق بالصفقات العامة. ولذلك قد تثار الأسئلة حول أقيام الصفقات.
ومن وجهة نظر نقدية، فإن كثيراً من العملات في منطقة الشرق الأوسط مربوطة بعملات أخرى أو مدارة، الأمر الذي يشكل نقطة ضعف مستفحلة لأن هذا يقلل عدد الخيارات المتاحة على صعيد السياسة النقدية لإدارة أمور كالتضخم الذي شكل مشكلة في منطقة الشرق الأوسط في الأعوام الأخيرة فقد بلغ متوسط التضخم 8.3 في المائة بين عامي 2003 و2008 (مرة أخرى، كانت هناك فروق مهمة بين البلدان يغطي عليها هذا المتوسط الإقليمي).
وعلى صعيد الإصلاحات التنظيمية تحول الاهتمام في المنطقة إلى مسائل الشفافية، وإدارة الشركات وتطوير أسواق المال. وتقوم البنوك أيضاً بمراجعة وتشديد ممارساتها المتعلقة بالإقراض في أعقاب حدوث عديد من حالات العجز الشهيرة وكبيرة الحجم. ومن الناحية التاريخية اتجهت البنوك إلى تقديم القروض بناء على الأسماء وليس بناء على الضمانات والسيولة النقدية، رغم افتقار الشركات إلى الشفافية.
ورغم أن مصر كانت محور التركيز التقليدي للاستثمارات في المنطقة فإن المستثمرين الذين يشكلون نحو 40 في المائة من السوق يوسعون دائرة اهتمامهم إلى أسواق إقليمية صاعدة كالمملكة العربية السعودية. ورغم ما تتسم به من نهج محافظ على الصعيد الاقتصادي والثقافي، فإن المستثمرين يعتبرون المملكة وجهة استثمارية مغرية بفضل اقتصادها الكبير وكبر تعداد سكانها ونسبة الشباب فيه وبفضل التزام الحكومة بالتنويع الاقتصادي. وفي واقع الأمر فإن بعض شركات الأسهم الخاصة الدولية تقوم بفتح مكاتب لها في المملكة العربية لأسباب عديدة منها مبلغ 144 مليار دولار أمريكي (540 مليار ريال سعودي) الذي يتوقع إنفاقه في الميزانية الأخيرة التي صدرت في الرياض.
وقد بدأت شركات الاستثمار في الأسهم الخاصة أيضاً بالتخصص في قطاعات الرعاية الصحية، والبنية التحتية، والطاقة والزراعة. ويتوقع اللاعبون في هذه الصناعة أن يوفر قطاع الرعاية الصحية، بما في ذلك التقنية الحيوية والأدوية، أكبر الفرص الاستثمارية المهمة في الأجل القريب.
ويضيف التقرير الذي أعدته ''انسياد'' بالاشتراك مع شركة بوز أن قطاع الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط اتسم بانخفاض الاستثمار فيه لعقود عدة، وأن بلداناً مثل الكويت لم تشيد مستشفى جديداً خلال أكثر من 20 عاماً.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن الإنفاق على الرعاية الصحية في منطقة مجلس التعاون الخليجي يتوقع أن يتضاعف أربع مرات من 15 مليار دولار في عام 2008 إلى 60 مليار دولار في عام 2025 ، وأن الدولة أيضاً تتحمل الجزء الأكبر من تكلفة تقديم خدمات الرعاية الصحية المستمرة، فإن هناك مجالاً كبيراً أمام شركات الأسهم الخاصة للاستفادة من الفرص المتوافرة في قطاع الرعاية الصحية.''
ويخلص التقرير إلى أنه لكي تنجح شركات الأسهم الخاصة في المنطقة، يترتب عليها أن تتبنى استراتيجيات جوهرية تتضمن إيجاد ميزات في التخصص، وتحديد الأفكار الاستثمارية المستدامة، وتقديم مزيد من الدعم التشغيلي لشركات محافظها، وتقليل مخاطرها وكسب ثقة أفضل شركاء الاستثمار الممكنين.
ويقول التقرير إن هذه الاستراتيجيات ''سوف تنجح وتظل مهمة في أيام الرخاء والشدة''.
* تمت كتابة هذا المقال من قبل كيفين تان بناء على الدراسة التي أجرتها جامعة إنسياد وشركة بوز.