مختصون: المصارف الإسلامية مطالبة بدور اجتماعي وتنموي أكبر

مختصون: المصارف الإسلامية مطالبة بدور اجتماعي وتنموي أكبر
مختصون: المصارف الإسلامية مطالبة بدور اجتماعي وتنموي أكبر
مختصون: المصارف الإسلامية مطالبة بدور اجتماعي وتنموي أكبر
مختصون: المصارف الإسلامية مطالبة بدور اجتماعي وتنموي أكبر

يكاد يتفق المتخصصون والمهتمون بالمصرفية الإسلامية على أنها حققت في السنوات الأربع الماضية ما لم تحققه في العقود الأربعة التي سبقت عام 2005، وبلغة الأرقام فإن المصرفية الإسلامية تكاد تلامس تريليون دولار، وبنهاية عام 2010 وكعادة البنوك في إعلان أرباحها تقدمت المصارف الإسلامية صفوف المعلنين لتعلن عن مليارات الدولارات كأرباح سنوية، وعلى الرغم من أن هذه الأرباح دليل على ثبوتها ونجاحها وقوة مكانتها إلا أن المستهلك العادي يتساءل ماذا قدمت هذه المصارف وأين دورها الاجتماعي؟ فيفاجأ بجواب أنها جهات ربحية وليست جمعيات خيرية، هل يجب على المصارف الإسلامية أن تقوم بالخدمة الاجتماعية؟ سؤال طرحناه على عديد من المتخصصين الذين اتفقوا في أجوبتهم على أن التقصير منها واضح في هذا المجال.
بداية يقول الدكتور مجدي غيث عضو هيئة التدريس في جامعة الخرج: الربحية مطلبٌ أساس للمصرف الإسلامي، وهدف محترم ولا غبار عليه، وعليه تقوم استمراريته، لكن المؤسسين للمصرف الإسلامي تطلعوا إلى مصرفٍ يُعنى بمقاصد الشريعة الإسلامية في المال عموماً فيأخذ على عاتقه وظيفة إعمار الأرض، وتحقيق التوزيع الأمثل للثروة حتى لا تكون دُوْلَةً بين الأغنياء، ويتبنى أغراضاً ذات طابع اجتماعي عام؛ فالمصرف الإسلامي كونه جزءاً من نظام مجتمع إسلامي عليه أن يحترم اسمه لأنه إسلامي، ما يترتب عليه ألا يجعل هدف الربحية يعمي بصره وبصيرته ويغفل الجانب الاجتماعي. وبالتالي فعليه ألا يتعسف في استعمال حقه الربحي. ومن هنا لا بد من الاهتمام والعناية بالزكاة جمعا وتوزيعا، والاهتمام بالفقراء وتمويلهم للقيام بمشاريع مفيدة، والعناية بالمشاريع في المناطق الريفية، وأضاف غيث: إن من يقول إنه لا يُطلب من المصارف الإسلامية أي دور اجتماعي كونها جهات مالية ربحية وليست جهات خيرية أعتقد أنه لم يدقق في اسم المصرف كونه إسلاميا، لأن الجري وراء هدف الربحية يؤدي إلى ويلات على المجتمع من أهمها تكدس الثروة؛ فالتمويلات لن تذهب إلا إلى أصحاب الضمانات والملاءة المالية، أما الفقراء وأصحاب المشاريع الصغيرة فاقدو الملاءة فهم في ذيل الاهتمام. ونحن لا نطلب من المصارف الإسلامية أن تكون جهات خيرية، وإنما نطلب منها الاهتمام بالجانب الاجتماعي وأن تعطيه شيئا من الاهتمام.

#2#

#3#

#4#

وتابع غيث: بالنظر إلى واقع المصارف الإسلامية نرى أن الخدمة الاجتماعية لم تحظَ إلا باهتمام يسير من بعض المصارف وفي نطاق ضيق من خلال: صرف الزكاة، والقروض الاجتماعية بمبالغ صغيرة من عملاء المصرف للدراسة والزواج. أما الأهداف الاجتماعية الأخرى والمعتبرة فلم تلقَ أي اهتمام يذكر، وهي بذلك لم تؤدِ دورها الاجتماعي.
من جهته قال ناصر الزيادات مدير التخطيط الاستراتيجي في شركة المشورة والراية للاستشارات المالية الإسلامية في الكويت: يجب علينا أولاً أن نحدد مفهوم المسؤولية الاجتماعية للبنوك الإسلامية قبل أن نطالبها بلعب أدوار فيه، ثم نحاسبها على مدى التزامها بتلك الأدوار وفقاً للمفهوم المحدد، وعلينا أيضاً أن نعلم أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية هو مفهوم رأسمالي نيوليبرالي انتعش في الثمانينيات من القرن الماضي بسبب تخلي الدول الرأسمالية عما يسمى بـ ''دولة الرفاه الاجتماعي''. وأن مفهوم المسؤولية الاجتماعية الذي ينادي به المثقفون لكي تطبقه البنوك الإسلامية يشابه ذلك المفهوم الرأسمالي، وهذا من مكامن الخطر. فالبنوك الإسلامية هي بنوك ربحية ويجب أن تتحدد مسؤولياتها في أمرين رئيسيين: أولهما أن تتجنب إحداث آثار سلبية في الاقتصاد والمجتمع والمبادئ الشرعية، وثانيهما، أن تعمل على معالجة الآثار السلبية التي نتجت عن ممارساتها من دون قصد منها. وهذا هو الحد الأدنى من المسؤولية التي يجب على البنوك الإسلامية أن تلتزم بها، وقال الزيادات: من خلال تعريفي للحد الأدنى لمسؤولية البنوك الإسلامية، فإني أرى أنها لم تلتزم به أبدا، حيث إنها ارتكبت ممارسات ذات آثار سلبية في الاقتصاد والمجتمع مثل المغالاة في استخدام عقود التورق والوكالة بالاستثمار، كما أنها لم تبذل أي مجهود يذكر من أجل البحث عن بدائل لتلك العقود ذات الآثار السلبية، وأضاف: نرى بعض المثقفين يختزلون الدور الاجتماعي للبنوك الإسلامية في العمل الخيري، وهذا أمر من ضرب الوهم والخطأ، فعمل الخير لا يمكن المطالبة به بل هو يأتي تلقائيا عن نفس راضية وهو جيد إن كان في هذا الإطار. لكن ماذا يفيد العمل الخيري إن كان الأثر السلبي للعقود مستمرا في الإسهام في التضخم وتشجيع السلوك الترفي والتحايل على الربا. وهنا نعود إلى المربع الأول: عدم الإساءة للاقتصاد والمجتمع والقيم الإسلامية التي تسودهما، ومن ثم تقليل آثار الإساءة وتجنبها بعد ظهورها.
الدكتور زيد الرماني المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قال: إن المصارف الإسلامية مؤسسات عقدية أنشئت لتدعيم الاقتصاد الإسلامي في الممارسة العملية، ومن ثم فهي مصارف استثمارية تنموية إيجابية اجتماعية، وأضاف الرماني: لقد قامت المصارف الإسلامية على قيم عظيمة من أهمها إلغاء التعامل بالربا، واستبدلت ذلك بأساليب المضاربة والمشاركة والمرابحة الشرعية، حيث تبني المصارف الإسلامية معاملاتها على أساس من الشريعة الإسلامية ومقاصدها، إذ لا تتعامل إلا في معاملات مشروعة إضافة إلى الربح المادي والمعنوي، إذ ليس هدف المصارف الإسلامية الحصول على الربح المادي فقط، بل إن الرغبة في نفع المسلمين وتنمية المجتمع وتحقيق الاكتفاء وتشجيع الاستثمارات والمرابحة الجماعية هدف رئيس من أهداف المصارف الإسلامية كما أن من قيمها تحقيق التنمية، إذ تسعى المصارف الإسلامية إلى تحقيق التنمية بأبعادها المختلفة من اجتماعية واقتصادية وأخلاقية وروحية وحسن تخصيص موارد.
وأشار الرماني إلى أنه ومن أجل تحقيق هذه القيم فإنه ينبغي التوازن بين عوامل الإنتاج: حيث يحقق تعاون رأس المال والعمل فوائده الاجتماعية والاستثمارية بتحريك المال وانسيابه بين المشاريع وحث الناس على العمل والاهتمام بالعمل وعدم إغفال دوره في العملية الإنتاجية، كذلك المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الإسلامية، إضافة إلى توسيع قاعدة قطاع العملاء لتشمل أصحاب المهن الحرة والحرفيين وصغار التجار وأيضا ترشيد التكاليف، بحيث يتم ضبط وترشيد التكاليف الإنتاجية والحفاظ على فريضة الزكاة وصرفها في مصارفها المقررة شرعاً مع فتح آفاق واسعة للفكر والنظام الاقتصادي الإسلامي في العالم.
ويوافق نواف أبو حجلة المتخصص في المصرفية الإسلامية الرأي ويقول: لا شك أن الأنشطة الاجتماعية من الأنشطة التي تؤديها البنوك الإسلامية تجسيدا لدورها في خدمة المجتمع, وتحقيقا للتكافل بين القادرين من أفراده وغير القادرين, وهي نظم تعكس وظيفة المال من المنظور الإسلامي, وما تقرره الشريعة على حائزه من حدود وواجبات, وما تأمره به من فعل أو نهي عن فعل, فلما كان المصرف الإسلامي حائزا للمال أو مالكا له, ومسؤولا عن تشغيله وإدارته, فيكون بذلك مسؤولا عن الالتزام بما تقرره الشريعة بهذا الخصوص، حتى يعكس تشغيل المال حقيقة وظيفته المتصورة إسلاميا. وأشار أبو حجلة إلى أن القرض الحسن نموذج من نماذج الخدمات الاجتماعية والتكافلية التي يمكن أن تقدمها المصارف الإسلامية، وقال: في ضوء هذا الهدي الإسلامي كان حريا أن يكون الإقراض الحسن أحد الخدمات التي يجب أن تحرص البنوك الإسلامية على أدائها، وقد أشار إلى ذلك بعض المفكرين، كما أكدت عليه أغلبية وثائق التأسيس للبنوك الإسلامية القائمة، وتابع: هناك دور آخر للمصارف الإسلامية يمكن القيام به من خلال المساهمة في المشاريع الاجتماعية، ويقصد بالمشاريع الاجتماعية, تلك التي لا تهدف إلى تحقيق الربح وإنما هدفها تقديم خدمة اجتماعية لأبناء المنطقة المحيطة بالبنك, وهذه المشاريع من الأعمال الخيرية التي اعتادت الأمة عليها منذ أمد بعيد، حيث يقوم بها القادرون من أغنياء المنطقة تكافلا وتعاونا مع غير القادرين, وقد تشمل هذه المشاريع مجالات مثل دور العلاج أو دور الأيتام أو المسنين أو المدارس أو مراكز تدريب وتشغيل الصبية الفقراء في مهن معينة أو بناء المساجد ودور تحفيظ القرآن وغير ذلك من المشاريع.
ويمكن للبنوك الإسلامية أن تسهم في هذا الجهد الاجتماعي بتقديم مساعدات ومنح مالية أو عينية لهذه المشاريع (لا ترد) باعتبارها ضمن مصارف الزكاة, كما يمكنها أن تدعمها من خلال تقديم قروض حسنة سواء كانت نقدية أو عينية أو في شكل شراء معدات أو مستلزمات أخرى وهي بطبيعتها يتم استردادها, ومن المتصور أن تبادر البنوك الإسلامية بالقيام بذلك، فتحفز الأفراد وتشجعهم على الإسهام في هذا النوع من المشاريع.

الأكثر قراءة