نمو الصكوك الخليجية مرهون بوكالات تصنيف إسلامية
أجرت مؤسسة زاوية مسحاً ضم عدداً كبيراً من المؤسسات والمنتجات المالية الإسلامية بالاشتراك مع وكالة إرنست آند يونغ للتصنيف.
وكشف تحليل لنتائج المسح أن البنوك التقليدية، والنوافذ الإسلامية لبنوك تقليدية أكثر نشاطاً في إدارة الصكوك عن البنوك الإسلامية الصرفة. وتكشف الأرقام أن ثمانية من أعلى عشرة صكوك تم إصدارها من قبل بنوك تقليدية أو نوافذ إسلامية. ويرجع تواري البنوك الإسلامية إلى ثلاثة أسباب: قاعدة رأس المال؛ حيث يوضح التحليل أن أغلبية البنوك الإسلامية لا تمتلك قاعدة رأس مال تمكنها من دعم إصدار صكوك ضخمة. والسبب الثاني أن أغلبية تلك البنوك ليس لديها سجل إنجازات حافل في مجال إصدار الصكوك. وآخر سبب هو ندرة الموارد البشرية من خبرات لازمة لمثل تلك الإصدارات.
وقد استمرت البنوك متعددة الجنسيات في الاحتفاظ بالنصيب الأكبر من سوق الصكوك، وذلك لقاعدة رأس المال الضخمة التي تمتلكها، وشبكتها المطورة بفاعلية، والخبرات التي يمتلكها العاملون فيها. ويستثني التحليل بنك دبي الإسلامي، مشيداً بنشاطه في مجال إصدار الصكوك، وكذلك بنك أمانة كابيتال بارتنر الماليزي.
ومن النتائج التي خلص إليها المسح أن 84.7 في المئة فقط من الصكوك تم تصنيفها. إلا أن هذه النسبة خادعة إلى حد ما، نظراً لأن أغلبية تلك الصكوك صادرة من ماليزيا التي تضم عدداً من وكالات التصنيف مثل شركة برهارد للتصنيف الماليزي MARK، ورام للتصنيف RAM. وتعد الأخيرة رائدة من حيث عدد الصكوك التي تقوم بتصنيفها، وذلك لأن الحصول على تصنيف من وكالة محلية ملزم في ماليزيا. والأمر نفسه في باكستان التي تضم وكالات تصنيف للصكوك مثل وكالة باكستان للتصنيف الائتماني PACRA ووكالة JCR- VIS.
ويلفت التحليل إلى أن غياب التصنيف في دول مجلس التعاون يؤثر سلباً في نمو تلك الصناعة المهمة.
وبالنسبة للأسواق الثانوية للصكوك، يشير التحليل إلى أن قيمة الصكوك المدرجة في أسواق المال تبلغ 58 مليار دولار، إلا أن عدد تلك الصكوك لا يتجاوز 12 في المئة من إجمالي الإصدارات.
وترجع ضخامة المبلغ إلى أن المصدرين في الغالب يدرجون الصكوك الأضخم. وكانت بداية إدراج الصكوك في أسواق المال في 2003 عندما أخذت إندونيسيا بزمام المبادرة. وبلغ عدد الصكوك المدرجة 35 في 2007، انخفضت إلى 24 في العام التالي، ثم 16 في 2009. وتحتل إندونيسيا المركز الأول من حيث عدد الصكوك المدرجة في أسواق المال، حيث بلغت 25. إلا أن دبي تعد رائدة بحجم الصكوك التي أدرجتها، التي تقدر بنحو 16.8 مليار دولار مدرجة في "ناسداك ـــ دبي".
وفي إطار سعيها لتصبح مركزاً مالياً إسلامياً في أوروبا أدرجت لندن 21 صكاً تبلغ قيمتها 14.2 مليار دولار في سوق لندن المالية. وعلى الرغم من حجم الصكوك المدرجة في الأسواق المالية إلا أن حجم التجارة يبقى محدوداً، خاصة في دول الخليج، ذلك أن عدداً من الصكوك لا يكون متاحاً الاتجار فيه من ناحية فقهية. وعلى الجانب الآخر في ماليزيا تم إنشاء سوق ثانوية سائلة للصكوك، على الرغم من أنها لم تدرج كل الإصدارات بعد.
المرحلة الأولى 1996 - 2001: انطلاقة خجولة
يقسم الخبراء تطور الصكوك إلى مراحل ثلاث بين 1996 إلى نهاية 2009.
خلال المرحلة الأولى 1996 ـــ 2001 تم إصدار 22 صكاً قيمتها 2.6 مليار دولار، وكانت أغلبية الصكوك المصدرة آنذاك أقل من 100 مليون دولار. وكانت البداية في ماليزيا حيث طرح الصك الأول بقيمة 50 مليون دولار، تبعه إصدار 21 صكاً خلال الأعوام الخمسة التالية.
وخلال تلك المرحلة غابت دول الخليج إلا من مشاركة بحرينية، وذلك بسبب الافتقار إلى بنية تحتية مالية، كما كانت أسواق رأس المال الإسلامية قيد التطوير. وصدر 13 صكاً من مجموع 21 بالرينجت الماليزي في حين أصدرت البحرين صكوكها البالغة 8 بالدولار الذي طرحت به ماليزيا أحد صكوكها.
وامتازت تلك الفترة بكون إصدارات الشركات (11 صكاً) أكثر فاعلية من تلك الخاصة بالكيانات السيادية (11 صكاً). وخلال تلك المرحلة اعتبرت الصكوك بمثابة أدوات تمويل محلية، حيث لم يكن هناك إلا إصدار دولي واحد؛ فقد كانت جميعها محلية.
وكونها المرحلة الأولى لم تشهد ابتكاراً في المنتجات، إذ تم توظيف هياكل محدودة لإصدار الصكوك.
المرحلة الثانية 2002 - 2007: طفرة واعدة
وفيها تم تسجيل 430 إصداراً تبلغ قيمتها الإجمالية 72.3 مليار دولار. وكان أضخمها صك أصدرته شركة بيناريانج جي إس إم الماليزية بقيمة 3.56 مليار دولار. وشهدت تلك المرحلة طفرة كبيرة في إصدار الصكوك، وذلك في ظل الظهور القوي لدول الشرق الأقصى وارتفاع أسعار النفط في الشرق الأوسط.
وشهدت تلك المرحلة أيضاً مشاركة لاعبين دوليين حيث بلغ عدد الدول المصدرة لصكوك بشكل عام في تلك المرحلة 30 دولة. وبلغت إصدارات ماليزيا 200، فاقت قيمتها 31.5 مليار دولار، وتلتها الإمارات بإجمالي 21.7 مليار دولار من خلال عدد قليل من الإصدارات.
حافظت الشركات على تقدمها على الكيانات السيادية في حجم الصكوك التي تصدرها بنسبة 64 في المئة للأولى. ومن أهم الصكوك الخليجية في تلك المرحلة: صكوك "الدار" في مجال العقارات بقيمة 2.5 مليار، وصكوك "سابك2" بقيمة 2.1 مليار في قطاع النفط والغاز.
وخلال هذه المرحلة كان قطاع العقارات والتعمير هو الأضخم، حيث بلغت قيمة الصكوك فيه 206 مليارات دولار.
وبالنسبة للصيغ فإن المشاركة كانت الأكثر شيوعاً من حيث القيمة، في حين تعد الإجارة الأكثر من حيث عدد الصكوك مقارنة بالمرابحة التي كانت تسود في المرحلة السابقة. وبلغت صكوك المشاركة 26.3 ليار دولار (36 %) والإجارة 20.4 مليار دولار، أما المرابحة 8 مليارات. من حيث العدد تأتي الإجارة في المقدمة (39 %) ثم المرابحة (20 %) والسلم (16 %).
المرحلة الثالثة 2008 - 2009: لملمة الجراح
كان للأزمة المالية العالمية تأثير واضح في سوق الصكوك، حيث هبط إجمالي قيمة إصداراتها إلى 15.5 مليار دولار في 2008 سرعان ما تعافت إلى حد ما في 2009. وخلال هذه المرحلة بات واضحاً التفوق الماليزي في سوق الصكوك، ولا سيما بعد الأزمة التي استطاعت ماليزيا التعافي منها سريعاً. وجاءت إندونيسيا تالية بإصدارات بلغت قيمتها 1.52 مليار دولار. وتعد البحرين وجامبيا من أكثر الدول إصداراً للصكوك نظراً لأن البنك المركزي في كلتيهما يصدر عدداً منها بانتظام.
ويعود الرينجت الماليزي للسيطرة على تلك المرحلة، وذلك لأن معظم الإصدارات كانت من ماليزيا. ولم يصدر إلا 10 صكوك بالدولار الأمريكي لم تتجاوز قيمتها 5.7 مليار دولار.
وأظهرت الأزمة العالمية الكيانات السيادية على حساب الشركات للمرة الأولى. وقد انخفض عدد الصكوك التي تصدرها شركات من 46 في المئة في 2008 إلى 21 في المئة في سبتمبر 2009. وفي المقابل بلغت الصكوك السيادية 44 في المئة من عدد الإصدارات، و10 في المئة من حيث القيمة. وفي العام التالي احتلت 66 في المئة من حيث العدد، و41 في المئة كقيمة. كما ازدادت الصكوك شبه السيادية بنسبة 56 في المئة لتبلغ 6.2 مليار دولار على الرغم من انخفاض عددها من 18 إلى 15.
وكانت إصدارت الحكومات الأعلى سواء من ناحية العدد أو القيمة. وعلى سبيل المثال فقد أعلنت حكومة دبي عن إصدارات صكوك تبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار. ويعد دخول الحكومات في تلك السوق علامة إيجابية .
ويلاحظ أن أغلبية الصكوك محلية سواء من حيث العدد (94 %) أو القيمة (67 %).
أما الصيغ الأكثر شيوعاً فقد جاءت الإجارة في المقدمة، ولا سيما بعد تصريحات الشيخ تقي عثماني بأن 85 في المئة من صكوك المشاركة والمضاربة غير شرعية. وبلغ عدد صكوك الإجارة خلال تلك المرحلة 10 بقيمة إجمالية 14 مليار دولار.