مساهمة المصارف السعودية في خدمة المجتمع تأكيد على التزامها بالمسؤولية الاجتماعية
تعد المصارف السعودية من أبرز الجهات الداعمة للمجتمع، ببرامجها المختلفة وحرصها الواضح على ترسيخ مفهوم "المسؤولية الاجتماعية" عبر تقديمها الدعم المتواصل لكافة الأنشطة والقطاعات الاجتماعية والتنموية الوطنية والإنسانية والخدمية والتعليمية.
ويرى إبراهيم بن سعد أبو معطي ـــ مدير عام العلاقات العامة والإعلام ـــ في البنك السعودي البريطاني "ساب"، أن هذا التوجه من قبل المصارف السعودية يأتي ضمن استراتيجيتها وواجبها الوطني، وما تبذله، سواء المصارف أو الشركات والمؤسسات المختلفة في القطاع الخاص في هذا الجانب، يأتي ترجمة عملية لجزء من واجباتها تجاه المجتمع والوطن.
ويطرح أبو معطي أمام المؤسسات والشركات خاصة في القطاع الخاص ضرورة تبني منظومة متنوعة وشاملة من البرامج الاجتماعية في إطار استراتيجية، تؤسس وتعمق ثقافة المسؤولية الاجتماعية تتواكب وقضايا واحتياجات المجتمع وأفراده.
مجلة "المصرفية الإسلامية" تسعى في هذا التقرير من خلال حوار مع إبراهيم أبو معطي إلى استعراض دور البنوك السعودية من خلال التجربة الثرية لـ "ساب" في مجال خدمة المجتمع.
كيف تقرأ تجربة "ساب" في مجال الخدمة الاجتماعية؟
تجربة "ساب" عبر برامجه في خدمة المجتمع التي وضعته في موقع الريادة كواحدٍ من أبرز البنوك السعودية الداعمة للعمل الاجتماعي، منطلقاً من إيمانه بأنه جزء لا يتجزأ من المجتمع، وأن نشاطه الاجتماعي يأتي في سياق إسهاماته في دفع عجلة التنمية والتقدم والتطور عبر توفير الدعم للمشاريع التنموية والخيرية والإنسانية. ويحرص البنك بشكل دائم على تعزيز هذا الدور من خلال زيادة جرعة إسهاماته في خدماته بما ينسجم وتطلعاته لتبوء موقع الريادة ضمن أكثر الجهات نشاطاً في مجال الخدمة الاجتماعية.
لكن هل تتبعون سياسة معينة جعلت هذا الدور بالشكل الذي نلمسه اليوم؟
- السياسة التي يتبعها "ساب" في خدمة المجتمع، تعكسها برامجه المتنوعة سواء تلك التي يقوم بها بشكل مباشر أو من خلال تمويل الأعمال المختلفة التي يطرحها لخدمة المجتمع سواء لجهات حكومية أو أهلية أو جمعيات مختلفة.
وتركز برامج" ساب" في خدمة المجتمع على ثلاثة محاور أساسية هي: التعليم والبيئة والخدمات الإنسانية. ومن حين إلى آخر يُجري البنك تقييما أمينا لمشاركاته السابقة وقياس فاعليتها.
والملاحظ نجاح "ساب" في ابتكار برامج جديدة، تهدف لسد احتياجات فئة معينة من المجتمع، وذلك بناء على الدراسات النظرية والميدانية التي يقوم بها والاقتراحات التي تقدم له وتمس المجتمع، فالتواصل مع المجتمع بفئاته وفعالياته المختلفة قاد إلى تطوير عديد من البرامج المتنوعة التي تعمل على تقديم الدعم والمساندة للمشاريع الإنسانية تحت مظلة "برامج ساب في خدمة المجتمع".
يبدو أن الاهتمام بالتعليم أخذ توجها مهما لديكم لماذا ؟
- يعتبر التعليم عبر برامج "ساب" الاجتماعية رسالة تنموية مهمة، وقد استحوذ على نصيب كبير من اهتمامات البنك خلال السنوات الماضية، حيث يعمل على توفير الدعم اللازم لها، وكسب "ساب" التميز في خدمة حقل التعليم بكافة مستوياته، عبر تقديم البرامج السنوية التي يتولى البنك إدارتها بالكامل، إلى جانب رعاية ودعم البرامج التي تطرحها جهات تعليمية أخرى.
#2#
برنامج الابتعاث للماجستير
من واقع المستفيدين من برنامج الابتعاث للماجستير من "ساب"، فإنهم يرون أن هذا البرنامج له تأثيره في مستقبلهم المعرفي والوظيفي، إذ وفر "ساب" لهم الفرصة في وقت كان الحصول فيه على المنح الدراسية قليلا وصعبا.
والمعروف أن برنامج الابتعاث الدراسي من "ساب" يوفر لخريجي وخريجات الجامعات السعوديين، الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعات بريطانيا على نفقة البنك. وقد بلغ عدد المستفيدين منذ انطلاقته عام 1997م 53 شخصا منهم 42 خريجا و11 خريجة.
برز في الآونة الأخيرة تركيزكم على المشاريع المشتركة مع الجامعات السعودية، فما أبرز هذه المشاريع والأنشطة؟
مركز "ساب" لأبحاث الاستثمار في جامعة اليمامة
أنشأ البنك بالتعاون مع جامعة اليمامة "مركز ساب لأبحاث الاستثمار" في الجامعة، وذلك في إطار الأنشطة التي يتولاها البنك للإسهام في دفع عجلة التعليم في المملكة. ويهدف إلى مساعدة طلاب وأعضاء هيئة التدريس في الجامعة، خاصة طلاب وأساتذة كلية إدارة الأعمال، في إنجاز الأبحاث والمشاريع المختلفة من خلال الاتصال المباشر مع أسواق المال المحلية والعالمية. كما يتيح المركز للطلاب تطبيق المعارف التي تلقوها في قاعات المحاضرات، لتتطابق مع البيئة الحقيقية للأعمال.
جامعة الملك سعود
يشارك "ساب" بالتعاون مع نادي الأعمال جامعة الملك سعود، في تأهيل مجموعة من طلاب كليّة إِدارة الأعمال لدخول سوق العمل، من خلال برنامج ديل كارنيجي، وهو برنامج متكامل يغطي المهارات والسلوكيات الضرورية للعمل.
سلسلة محاضرات في الجامعات
في هذا الإطار قدم "ساب" سلسلة محاضرات في أبرز الجامعات بالرياض، حيث يلتقي مجموعة من كبار المسؤولين والمديرين التنفيذيين في البنك بالطلاب في أقسام الأعمال التجارية والمالية والتسويق في كل من جامعة اليمامة، وجامعة الأمير سلطان، وجامعة الملك سعود.
دعم المشاريع التنموية
ماذا عن المشاريع التنموية التي يساهم فيها "ساب" ضمن برامجه الاجتماعية؟
- يقدم "ساب" دعمه لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة للمشاركة في دعم الأبحاث التي تسهم في خلق وإثراء المعرفة عن التطور البشري والتوعية بالوقاية من الإعاقة وعلاجها، وتحسين مستوى المعيشة للمعوقين بطريقة تمكنهم من الاستفادة القصوى من قدراتهم الذاتية الكامنة. وفي مجال تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة سجل "ساب" إنجازا مميزا بمشاركته في "برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة"، الذي يديره صندوق التنمية الصناعية السعودي بالتعاون مع عدد من البنوك المحلية. وذلك للدور الكبير الذي تؤديه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الوطني، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية للبلاد.
كيف حققتم الريادة والأسبقية في مجال البيئة؟ وما سبب التركيز على برامج المحافظة على البيئة؟
- في مجال البيئة تمكّن "ساب" من الحفاظ على مكانته كراعٍ رئيس لبرامج المحافظة على البيئة والحملات التوعوية المكثّفة الداعية إلى حتمية تضافر كافة الجهود في سبيل الحفاظ على البيئة من الأخطار المحدقة بها، نظراً لارتباطها الوثيق بالإنسان وبدرجة تقدم المجتمعات.
وشرع البنك من خلال إطلاق تسمية "ساب صديق البيئة" بتطبيق بعض الاجتهادات في مجال المحافظة على البيئة عبر تقديم بعض النصائح والإرشادات لموظفيه وللعملاء، بهدف تنمية روح الانتماء لدى المواطن والمقيم للمكان الذي يعيش فيه، وإشعاره بأهمية دوره في الحفاظ على بيئته، وقام "ساب" باستحداث وتطبيق عدة مبادرات تهدف للمحافظة على البيئة، ويوجد "ساب" في عديد من البرامج والمناسبات الهادفة إلى تنمية الوعي البيئي.
إلى جانب تفعيل المبادرات العالمية، هل هناك تعاون مع جهات حكومية في مجال المحافظة على البيئة؟
- بالتأكيد، هناك جهود مشتركة عديدة بين البنك وجهات حكومية أخرى في مجال المحافظة على البيئة، وفي الآونة الأخيرة كانت هناك مشاريع تعاون مشتركة بين "ساب" والهيئة السعودية للحياة الفطرية، حيث رعى البنك فريقاً علمياً سعودياً يضم 15 باحثاً وجوالاً بحرياً سعودياً مشاركين في برنامج الغوص ودراسة نظم البيئة البحرية بالتعاون مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية، لدراسة نظم البيئة البحرية وإعداد التقارير اللازمة لتحسين الحياة في بحار المملكة، ومواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد الحياة فيها والكشف عن مصادر التلوث الطبيعية والصناعية، ورصد الممارسات والظواهر التي تؤثر فيها بشكل سلبي.
وقام البنك برعاية فريق أبحاث يعنى بدراسة نبتة المانجروف لإعادة تأهيلها واستزراعها في مناطق المملكة، بهدف المحافظة على تماسك النظام البيئي وتوازنه، وتتركز مهمة فريق البحث المكون من 12 باحثاً سعودياً التوصل إلى سبل وقاية نبتة المانجروف وحمايتها من الأخطار التي تهدد بقاءها وتوفير الحماية اللازمة لها، لفوائدها البيئية والطبية، ودورها الفاعل في تماسك النظام البيئي.
كما يشارك البنك في عديد من المبادرات والأنشطة التي تتولاها جهات حكومية، ومنها على سبيل المثال مشاركة البنك في حملات تنظيف البر التي أقامتها أمانة مدينة الرياض.
«ساعة الأرض»
ماذا عن مشاركتكم في "ساعة الأرض"؟
- "ساب"من المبادرين الأوائل من المؤسسات والشركات السعودية للمشاركة في مبادرة "ساعة الأرض"، ومشاركتنا جاءت تضامناً مع توجه السعودية التي أعلنت مشاركتها في هذه الحملة التي يشرف عليها "الصندوق الدولي لرعاية الحياة البرية" WWF المهتم بحماية البيئة، لمواجهة التهديد الذي تمثله ظاهرة "الاحتباس الحراري". والمعروف أن الحملة تهدف إلى التأكيد على أن المساهمات الفردية على مستوى جماعي تسهم بشكل كبير في تحسين البيئة التي نعيش فيها نحو الأفضل.
#3#
سرير «ساب» الطبي
ماذا عن تدشين سرير "ساب" الطبي في مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية؟
- جاء تدشين "سرير ساب الطبي الإنساني" في مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية، ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية بين البنك والمدينة في مجال خدمة المجتمع. حيث بادر "ساب" برعاية أول سرير طبي بمدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية، لتوفير العلاج التأهيلي للأطفال المعوقين ممن هم بحاجة للرعاية، وكذلك تقديم خدمات التعليم المصممة لإعادة التأهيل الطبي والوظيفي لتمكين الأطفال المصابين من العودة إلى ذويهم معافين.
ويهدف السرير إلى توفير البرامج العلاجية والتأهيلية للأطفال المحتاجين للرعاية، إلى جانب أنه يمد يد العون والمساعدة لأهالي هؤلاء الأطفال في تحمل أعباء التكاليف المادية لعلاج أبنائهم وإعادة دمجهم في المجتمع. وما تقدمه المدينة من خدمات متميزة شجع البنك على إقامة شراكة اجتماعية تهدف إلى تقديم مشاريع إنسانية واجتماعية في مجالات عدة.
برنامج «ساب» لتوظيف المعوقين، ما تقييمكم لهذا البرنامج ومرئياتكم حوله؟
- يعكف "ساب" على تكثيف جهوده الموجهة لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، والعمل على توفير أفضل الظروف المناسبة لهذه الفئة العزيزة من أبناء المجتمع وإيجاد المناخ المناسب لهم، ومحاولة الحد من تأثير الإعاقات التي تلازمهم على سير حياتهم، وألا تكون عائقاً أمام مستقبلهم الدراسي والعملي والأسري. لذا فقد جاء برنامج "ساب" لتوظيف المعوقين كإحدى ثمار هذا التوجه، حيث جاء تبني البنك هذا البرنامج المتميز إيماناً بالأهداف النبيلة التي يرجوها هذا المشروع الخيري نحو تمكين هذه الفئة الغالية من ممارسة أدوارهم في الحياة بشكل طبيعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من جهة، وكذلك محاولة الاستفادة من القدرات المختزنة لدى الآلاف منهم. كما كان للسمعة التي تحظى بها "جمعية الأطفال المعوقين" وهي الجهة المشرفة على البرنامج، دور كبير في تشجيع البنك على تبني هذا المشروع.
وعن تقييمنا لهذا المشروع أرى أن الإقبال على المشروع من قبل طالبي الوظائف من الجنسين والاهتمام الذي أبدته الشركات المشاركة فيه هو خير شاهد على نجاحه، فقد حقق البرنامج نتائج ممتازة خلال العام الأول، ما دعانا إلى مواصلة الدعم وتجديد التعاون مع جمعية الأطفال المعوقين الجهة المشرفة على المشروع.
وفي رأيي أن نجاح هذا البرنامج هو ثمرة التعاون والإخلاص في تقديم العمل الخيري للوطن وأبنائه.
رعاية الأيتام
وماذا عن البرامج والأنشطة لصالح الأيتام؟
- في مجال رعاية الأيتام يبرز دور البنك في العلاقة مع الجمعيات الإنسانية الخيرية المهتمة بهذا الشأن، من خلال تقديم الدعم والرعاية لعديد من البرامج والأنشطة التي تتولاها تلك الجمعيات، ويأتي في مقدمة ذلك تعاون البنك المستمر منذ سنوات مع الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام "إنسان" ودعم أعمالها، على سبيل المثال برنامج الحقيبة المدرسية ومن خلاله يتبرع البنك بعدد من الحقائب المدرسية ومستلزماتها ليتم توزيعها على الأيتام، وتكفل البنك بدعم الأيتام لتأدية شعيرتي الحج والعمرة، كما ساهم البنك بدعم برامج تعليمية أخرى مثل "الدبلوم" الذي يهدف إلى مساعدة الأيتام لاستكمال تأهيلهم العلمي للحصول على شهادة الدبلوم في تخصصات مختلفة.
شارك "ساب" في تفعيل عديد المبادرات الصحية والاجتماعية والبيئية أيضاً، ما تقييمكم لهذه التجربة وهل البنك سيستمر في هذا التوجه؟
- في الحقيقة أن البنك يسعى من هذا التوجه إلى أداء دوره الاجتماعي وتنمية روح العمل الاجتماعي والتطوعي لدى منسوبيه، وترسيخ مفهوم مبدأ المساهمة في المبادرات العالمية لدى المجتمع، إلى جانب تشجيع الأنشطة والبرامج التي تقدمها المؤسسات الصحية والاجتماعية. وبالفعل وجدنا قبولاً واسعاً للمشاركة في تلك المبادرات, الأمر الذي يشجع على تقبل المجتمع السعودي واستعداده لتقبل الفكرة والعمل بذلك، والحقيقة أن النتائج التي حققتها تلك الحملات والتفاعل من قبل المشاركين يحفزنا للمواصلة، فقد واصل "ساب" في طرح حملته السنوية للتبرع بالدم للعام الرابع تزامنا مع اليوم العالمي للتبرع بالدم، وحملة مكافحة التدخين المتزامنة مع اليوم العالمي للامتناع عن التدخين والمشاركة في اليوم العالمي لمتلازمة داون وغيرها.
بشكل عام كيف تنظرون إلى دور البنوك والمؤسسات المختلفة في برامج المسؤولية الاجتماعية؟
- البنوك السعودية والمؤسسات والشركات تنظر بأهمية قصوى إلى تعزيز مشاركتها في برامج خدمة المجتمع، والمساهمة في تلك البرامج يعد واجبا وطنيا على المؤسسات والشركات، وأن جميع ما بذلته المؤسسات والشركات تجاه المجتمع ما هو إلا جزء يسير من واجبها تجاه هذا الوطن.
وتعد تجربتنا في "ساب" من خلال ما يقدمه في برامجه لخدمة المجتمع استثمارا يحقق من خلالها ثقة المجتمع.
وأدعو من واقع تجربتنا مؤسسات المجتمع الخيرية والتنموية إلى ضرورة تبني مشاريع استراتيجية طويلة الأمد، وذات جدوى فاعلة، تؤسس لشراكة استراتيجية بين البنوك وتلك المؤسسات لتبني تنفيذ تلك المشاريع الحيوية، عبر تخصيص التمويل اللازم لها.