فشل سعودة وكالات السفر

البطالة هي أكبر خطر حقيقي يهدد استقرار المجتمع السعودي، فالأرقام الرسمية وغير الرسمية وإن تفاوتت في التقدير، إلا أنها تشير بوضوح إلى الواقع المؤلم لسوق العمل في المملكة. مشكلة البطالة في المملكة ليست ذات حل من شق واحد، كون الوعاء مليئا بالشقوق المتناثرة على جسد ذلك الوعاء. فهناك مؤسسات قطاع خاص كبرى تفضل الأجنبي على المواطن لأسباب واهية متذرعة بسياسة السوق الحرة وضعف انضباط وإنتاجية الموظف السعودي. وهناك شق يتمثل بضعف مخرجات مؤسسات التعليم والتدريب وعدم قدرتها على إنتاج قوى عاملة ذات جودة عملية تتواكب مع بيئة الخريج المهنية، ثم هناك الطامة الكبرى والشق الأكبر الذي يستنزف الأغلب من محتوى الوعاء ألا وهو الاستيراد الضخم للقوى البشرية غير السعودية حتى أصبح لدينا بطالة في غير السعوديين. وكالات السفر والسياحة قطاع يتكامل مع صناعات كثيرة أهمها صناعة النقل الجوي، قبل سنوات محدودة تم نقل هذا القطاع من مظلة هيئة الطيران المدني لينضم تحت مظلة الهيئة العليا للسياحة. كان من أهداف هيئة السياحة السامية، إضافة إلى تطوير هذا القطاع، هي (السعودة والتوطين) وخلق آلاف من الفرص الوظيفية لأعداد كبيرة من أبنائنا وبناتنا. في البداية تحمست هيئة السياحة لمبادرة السعودة ولكنها ـــ وكأي قطاع خاص غير مخلص يهمه هامش الربح الكبير على حساب المواطنة ـــ واجهت مقاومة عنيفة من الوكالات اشتملت على كثير من الحيل والأعذار التي ليس مكانها هذا المقال إلى أن عادت الأمور، كما كانت من قبل، حيث تسيطر جنسية معينة على هذا القطاع. الأسبوع الماضي قمت بمهمة استبيان ميدانية على مستوى أحياء كثيرة وشوارع رئيسة في مدينة الرياض، ولم أفاجأ من الواقع المؤلم لنسبة الكادر السعودي إلى غيره من الجنسيات، بل وأن مبادرتي (الذاتية) برهنت لي تميز وسيطرة الأصدقاء الهنود على هذا القطاع، حيث أوجدوا وكالات سفر تعمل في بيئة الواقع الافتراضي. لا أتمنى أن يغضب علي رجال الأعمال ملاك وكالات السفر، فالعولمة والإنترنت قلصت أعمال وعوائد وكالاتهم، ولكن الواجب الوطني يملي قول الحقيقة. فحجم سوق السفر السعودي بعشرات المليارات وهناك الكثير من الوظائف يمكن إيجادها إن أدرنا هذا القطاع بإبداع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي