الأحد, 4 مايو 2025 | 6 ذو القَعْدةِ 1446


البنوك السعودية تنمو بوتيرة مستقرة رغم تبعات الأزمة المالية العالمية

تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين والماليين على مستوى العالم حول مدى تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية، التي حلت بالعالم في منتصف عام 2008، وتسببت في انهيار وإفلاس عدد كبير جداً من المؤسسات المالية والاستثمارية والمصرفية المرموقة على مستوى العالم.
الآراء التي ترجح كفة الميزان، ترى أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعيش تبعات الأزمة المالية العالمية وتداعياتها حتى يومنا هذا، مستندة في ذلك إلى أن هناك عدداً لا بأس به من المؤسسات المالية على مستوى العالم، وبالذات المصرفية، لا تزال تعاني صعوبات مالية كبيرة نتيجة لتبعات الأزمة، كما أن هناك عدداً من الحكومات على مستوى العالم المتقدم التي لا تزال هي الأخرى تعاني صعوبات مالية كبيرة تسببت في الحد من قدرتها على أن تنمو بشكل مستقر ومتوازن، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، إسبانيا، اليونان، البرتغال، وأيرلندا.
أما بالنسبة لاقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (المصدرة للنفط)، يعد الوضع في هذه الدول أفضل بكثير مقارنة بما هو عليه الوضع في دول الغرب، حيث أشار تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول يتوقع أن ينمو بواقع 5 في المائة خلال العام الجاري. كما لفت التقرير إلى أن زيادة وتيرة إنتاج النفط الخام في تلك الدول إلى نحو 26 مليونا سيدعم نمو اقتصادات دول الخليج، وبالذات في ظل ارتفاع معدلات إنتاجها عن العام الماضي، والتي كانت عند مستوى 25 مليوناً في اليوم.
وبالنسبة للاقتصاد السعودي، فقد تمكن بفضل حزمة السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية المتبعة من تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية بأقل التكاليف الممكنة، رغم الانكماش الذي صاحب القطاع النفطي، الذي يعد المحرك الأكبر للاقتصاد المحلي في عام 2009 بنسبة 6.4 في المائة، إلا أن هناك توقعات تشير إلى أن الاقتصاد السعودي سيسجل نمواً خلال العام الجاري يقدر بنحو 4.5 في المائة.
وفيما يتعلق بالقطاع المصرفي على مستوى العالم، والذي يعد أحد مفاصل الاقتصاد العالمي الرئيسة والعمود الفقري لأي اقتصاد في العالم، فإنه لا يزال تدور حوله العديد من التساؤلات والشكوك، وبالذات عن مدى قدرته في التعامل مع ما تبقى من تبعات الأزمة المالية العالمية، ولا سيما أن هناك معلومات تشير إلى حدوث 11 حالة إفلاس بين البنوك الأمريكية خلال كانون الثاني (يناير) من العام الجاري، التي تقل رؤوس أموالها عن مليار دولار أمريكي، في حين قد بلغ إجمالي عدد البنوك التي أشهرت إفلاسها على مستوى أمريكا خلال الفترة 2007 وحتى 2010 نحو 325 بنكاً (ثلاثة بنوك في عام 2007، 25 بنكاً في عام 2008، 140 بنكاً في عام 2009، و157 بنكاً في عام 2010).
ويعد القطاع المصرفي السعودي من بين القطاعات المصرفية القليلة على مستوى العالم الذي تمكن من تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية بأقل الأضرار الممكنة، وهو الأمر الذي يؤكده صدور النتائج المالية الأخيرة للقطاع الخاصة بأداء العام المالي 2010، والتي عكست جميعها مؤشرات مالية إيجابية وجيدة للغاية للقطاع بجميع الاتجاهات، سواء كان ذلك على مستوى حجم العمليات أو على مستوى الإيرادات أو على مستوى الربحية المتحققة، بما في ذلك حجم الأصول، والنمو الذي صاحب محفظة التمويل وودائع العملاء.
ومن بين التطورات التي شهدها القطاع على مستوى النشاط المصرفي، تسجيل إجمالي الودائع المصرفية خلال العام الماضي لارتفاع بلغت نسبته نحو 4.7 في المائة (44.2 مليار ريال) لتبلغ نحو 984.8 مليار ريال، مقارنة بما كانت عليه بنهاية عام 2009، حيث بلغت قيمتها نحو 940.5 مليار ريال. وقد كانت الزيادة الكبيرة التي طرأت على حجم الودائع تحت الطلب (شركات وأفراد وهيئات حكومية) خلال عام 2010، هي السبب الرئيس وراء زيادة إجمالي حجم الودائع المصرفية خلال العام نفسه، حيث ارتفعت قيمة ذلك النوع من الودائع من 433.2 مليار ريال بنهاية عام 2009 إلى 530.1 مليار ريال بنهاية عام 2010.
وارتفعت مطلوبات المصارف التجارية من القطاع الخاص (ائتمان مصرفي) خلال العام الماضي بنسبة 5.7 في المائة (41.5 مليار ريال) لتبلغ 775.8 مليار ريال، مقارنة بما كانت عليه بنهاية عام 2009، حيث بلغت 734.2 مليار ريال، وقد أسهمت الزيادة الكبيرة التي طرأت على حجم التمويل المتمثل في (القروض والسلف وسحوبات على المكشوف)، في التحسن الكبير الذي طرأ على إجمالي محفظة التمويل المصرفي للمصارف العاملة في المملكة، حيث ارتفع حجم ذلك النوع من التمويل من 701.7 مليار ريال في نهاية عام 2009 إلى مبلغ 735 مليار ريال بنهاية العام الماضي، مما يؤكد استمرار البنوك المحلية في ممارسة دورها التنموي المنوط بها، والمتمثل في الأساس في توفير الأموال والسيولة اللازمة للقطاع الخاص التي تمكنه من ممارسة أنشطته وأعماله التجارية والاستثمارية المختلفة على الوجه التنموي المنشود.
وبالنسبة لرؤوس أموال المصارف والاحتياطيات والأرباح، فقد شهد إجمالي رؤوس أموال البنوك استقراراً عند مستوى 104 مليارات ريال، مما يعني أن البنوك العاملة في المملكة تتمتع بمستوى رسملة جيد يكفي لقيامها بممارسة أنشطتها المصرفية المختلفة وفقاً لما هو مطلوب ومنشود منها، ولا سيما أنه قد طرأت زيادة كبيرة على إجمالي رؤوس أموال المصارف العاملة في المملكة خلال عام 2009، حيث زادت من مبلغ 85.3 مليار ريال بنهاية عام 2008 إلى مبلغ 104 مليارات ريال بنهاية عام 2009، وذلك بهدف تدعيم حساب رأس المال المصارف لتمكينها من التوسع في أنشطتها المصرفية التجارية المختلفة، وبالذات في مجال نشاط الائتمان والتمويل المصرفي. أما بالنسبة لإجمالي احتياطيات البنوك، فقد ارتفعت من 59.6 مليار ريال بنهاية عام 2009 إلى مبلغ 73.9 مليار ريال بنهاية العام الماضي (2010)، بهدف تدعيم المركز المالي للقطاع، وأيضا تعزيز الملاءة المالية بما في ذلك مستويات السيولة.
وسجلت أرباح القطاع انخفاضا طفيفاً للغاية خلال عام 2010 بلغ نحو 2.6 في المائة، حيث بلغ إجمالي صافي أرباح القطاع نحو 26.1 مليار ريال بنهاية العام الماضي، مقارنة بمبلغ 26.8 مليار ريال نهاية عام 2009، والذي ترجع بعض أسبابه إلى اشتداد المنافسة التي أدت إلى الانخفاض في مستوى أسعار الخدمات والمنتجات، إضافة إلى الارتفاع الذي شهدته مصاريف التشغيل في بعض البنوك نتيجة للتوسع في حجم النشاط، والاستمرار في تجنيب المزيد من مخصصات الائتمان.
وفيما يتعلق بمخصصات الائتمان التي تجنبها البنوك لمواجهة التعثر المحتمل في محفظة التمويل، قد بلغت مستويات جيدة قياساً بحجم المحفظة وحجم القروض المحتملة التعثر إلى إجمالي الإقراض البنكي، والتي لم تتجاوز نسبتها على سبيل المثال 3 في المائة بنهاية أيلول (سبتمبر) من عام 2009. ومعلوم أن تجنيب قدر كاف من مخصصات الائتمان يدعم من ملاءة المراكز المالية للبنوك، ويعزز من قدرتها على مواجهة مخاطر الائتمان المحتملة، كما أن بناء المخصصات الائتمانية الكافية لمواجهة المخاطر الائتمانية المحتملة يوفر دعما إضافيا للقاعدة الرأسمالية للبنك، ولاسيما في ظل عدم وضوح الرؤية بخصوص الأزمة المالية العالمية والتطورات المحتملة والمترتبة عنها، كما أن سلامة التعامل مع المخاطر بالنسبة للبنك المركزي (مؤسسة النقد العربي السعودي) يعد في جميع الأوقات أمراً في غاية الأهمية، تشدد عليه المؤسسة، وبالذات عند زيادة مستويات حجم الائتمان والإقراض البنكي لما في ذلك تأثير على سلامة المراكز المالية للبنوك، وضمان استمرار بقاء القطاع المصرفي وتطوره.
أما بالنسبة لموجودات البنوك العاملة في المملكة، فقد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال عام 2010، حيث بلغت قيمتها بنهاية العام الماضي 1415.3 مليار ريال، مقارنة بمبلغ 1370.3 مليار ريال بنهاية عام 2009، بنمو بلغت نسبتها نحو 3.3 في المائة، وهذه الزيادة في الأصول أتت نتيجة لتوسع القطاع المصرفي في الأنشطة المصرفية المختلفة، وبالذات في مجال التمويل، بما في ذلك في جانب الاستثمارات الخاصة بالتوسع في شبكة الفروع وشبكة الصرف الآلي.
وفيما يتعلق بشبكة الفروع والخدمات المساندة لها مثل شبكة الصرف الآلي وطرفيات نقاط البيع، فقد ارتفع عدد فروع المصارف التجارية العاملة في المملكة بنهاية العام الماضي ليصل إلى 1569 فرعاً، بنسبة نمو بلغت 3 في المائة، عما كان عليه عدد الفروع بنهاية 2009.

الأكثر قراءة