عقبة تملك المساكن!
حظي صندوق التنمية العقارية بالنصيب الأكبر من القرارات الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين يوم الأربعاء الماضي وشملت معظم احتياجات المواطنين.
وبما أن قضية السكن تتصدر أهم القضايا التي تشغل بال السعوديين في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار والإيجارات وعدم قدرة الأغلبية على بناء مساكن، فقد جاء الدعم قوياً هذه المرة لقطاع الإسكان بـ55 مليار ريال (40 مليار ريال لصندوق التنمية العقارية و15 مليار ريال للهيئة العامة للإسكان)، وذلك للمساهمة في حل هذه المشكلة ولجم الأسعار، ليتمكن المواطنون من البناء، حيث ستغطي مخصصات الصندوق 133 ألف قرض سنوي.. وفقا لحديث وزير المالية للتلفزيون السعودي البارحة الأولى.
بعد هذا الدعم الكبير للصندوق، نحن الآن أمام عقبة كبرى إذا لم نعالجها، فإن صندوق التنمية العقارية سيفقد أهميته في حل مشكلة الإسكان في السعودية، وهذه العقبة تمثل في آليات صرف دفعات المقترضين من الصندوق، فطبقاً للآليات المعمول بها حالياً، فإن صرف الـ(300 ألف ريال) يتم على أربع دفعات.
الدفعة الأولى بواقع 10% من مبلغ القرض (30 ألف ريال) تصرف بعد رهن الأرض وتوقيع العقد، أما الدفعة الثانية 40% من مبلغ القرض (120 ألف ريال) فتصرف بعد إنجاز الهيكل الإنشائي وبعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ توقيع العقد، فيما تصرف الدفعة الثالثة 35% من مبلغ القرض (105 آلاف ريال) بعد إنجاز أعمال البياض الداخلي والخارجي والأرضيات، وبعد مضي خمسة أشهر من تاريخ توقيع العقد، أما الدفعة الرابعة 15% من مبلغ القرض (45 ألف ريال) فيتم صرفها بعد إنجاز كامل المبنى، وبعد مضي عشرة أشهر من تاريخ توقيع العقد.
لنتساءل بصراحة.. هل هذه الطريقة في الصرف تتناسب مع الوضع الحالي للبناء؟ أو لنقول.. هل يمكن أن ينجز الـ(عظم ) بـ(30 ألف ريال) حتى يتم تسليم الدفعة الثانية من القرض؟ ألا يعلم القائمون على الصندوق بأن هذه الدفعة لا تمثل شيئاً للبناء، خصوصاً إذا علمنا أن إنجاز الهيكل (العظم) لأرض مساحتها 300 متر مربع يكلف نحو ( 200 ألف ريال)، وهذا يعني أن المقترض لا بد أن يوفر عند صدور الموافقة (170 ألف ريال)، لتضاف إلى مبلغ الدفعة الأولى من الصندوق (30 ألف ريال) ليحصل على الدفعة الثانية، وفي كل مرحلة لا بد أن (يدبر) مبلغا حتى يستطيع أن يحصل على الدفعة التي تليها، وهكذا حتى يتسلم الدفعة الأخيرة بعد أن ينتهي من بناء كامل المسكن!
من المؤكد أن عددا كبيرا من الذين صدرت أو ستصدر لهم موافقات لن يحصلوا على القرض ما دامت آلية صرف الدفعات من قبل الصندوق تتم بهذه الصورة.. نحن لا نحتاج إلى (هدم) كل الأنظمة لنعطي دورا فاعلا للصندوق في بناء المساكن، كل الذي نحتاج إليه هو تغيير آلية الصرف، لتكون 50% (150 ألف ريال) عند رهن الصك، و50% (150 ألف ريال) بعد إنجاز (العظم)، والأفضل من ذلك هو إعطاء المقترض المبلغ كاملا (300 ألف ريال) عند رهن الصك، وترك الحرية له في البناء ما دام أن الصندوق ضمن حقه.
صعوبة الحصول على القرض، فضلا عن أنها تحرمنا من مئات الآلاف من المساكن، فإنها ستوجد سوقا سوداء لبيع (الاسم)، وتحايلا على الأنظمة.