القدرة على التكيف تلعب دوراً رئيساً في طول حياة «كارغيل» الصينية
حين يتعلق الأمر بالقيام بالأعمال في الصين، فإن الحجم الكبير قد لا يكون دائما الحل المناسب. وبالنسبة لشركة كارغيل الزراعية العملاقة، كان عليها أن تعدّل نموذج عملها العالمي لكي يناسب الاقتصادات المحلية المتنوعة في الصين.
وفي حالة نشاطها في مجال التغذية الحيوانية، بدأت كارغيل العمل في مصانع أعلاف كبيرة لتلبية احتياجات عملائها، الذين كان معظمهم من المزارعين الذين لديهم مزارع صغيرة. إلا أن هذا النهج كان خاطئا، كما يقول روبرت أسبل، رئيس كارغيل ـ الصين.
ويقول أسبل: ''في أسواق أخرى، من المفترض أن يكون لدينا مصانع أعلاف كبيرة، تخدم منطقة واسعة أو كبار المزارعين، ولكن في الصين، قمنا بتعديل النموذج.''
''بدأنا بمصانع أعلاف كبيرة وأدركنا أنها غير ناجحة. وعدّلنا النموذج ليصبح ذكيا ومفيدا في تلبية احتياجات العملاء.''
واليوم، لدى الشركة 23 مصنع تغذية حيوانية في الصين، كل منها يخدم مناطق زراعية صغيرة.
وفي المقابل، يتبع نشاط الشركة في تجهيز البذور الزيتية على نطاق واسع في الصين نموذج عملها العالمي.
ويقول أسبل: ''استثماراتنا في الصين هي على نطاق عالمي، والممارسات، وكل شيء... مرتبطة كلها عالميا، لذا نحن نعمل أساساً كوحدة عالمية بنوع عمليات عالمي في الصين.''
لقد أسهمت المرونة في طول عمر شركة كارغيل في الصين. فبعد أن ظلت في البلاد لمدة أربعة عقود تقريباً منذ أن بدأت الانفتاح على العالم الخارجي، أصبحت قيمة الشركة مليار دولار تقريباً هناك، مدفوعة بأنشطتها في الزراعة، والمكونات الغذائية، والتمويل، والطاقة، والنقل.
وأحد الأنشطة التي تركز عليها كارغيل هو الطلب الصيني المتزايد على البذور الزيتية، مثل فول الصويا، كما يقول أسبل. وهو يقول إن النمو الاقتصادي القوي للصين، وظهور طبقة وسطى فيها، وتغير النظام الغذائي، كلها عوامل تدفع الطلب.
''إذا أصبحت الدولة أكثر ثراء ولديها 20 في المائة من السكان و7 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة... تبدأ بجني الثمار، أليس كذلك؟''
ويضيف أسبل أن كارغيل ستحسن سلاسل التوريد العالمية الخاصة بها لتلبية الطلب المتنامي في الصين على السلع الغذائية.
وحتى الآن، كانت كارغيل مخطئة في توقعاتها بحدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي في الصين، حتى في خضم الأزمة المالية العالمية. واتخاذ القرار الصحيح بشأن النمو الاقتصادي في الصين أمر مهم لتخطيط مستقبل الشركة في الصين، كما يقول أسبل، مضيفاً أن الشركة تتشاور مع خبراء اقتصاديين وقادة أعمال لتقديم المشورة لها.
''كيف ستبدو الصين في السنوات العشر المقبلة؟ ليس من الضروري أن نعرف ذلك بالضبط، ولن نتمكن أبداً من فعل ذلك، ولكن علينا أن نعرف اتجاهنا الصحيح. وحالما نركز تفكيرنا حول ذلك... يمكننا استخدام مواردنا لتحقيق ذلك''.
وإذا تمكنت الصين من الحفاظ على نموها الاقتصادي القوي، ستتجاوز حينها بحلول عام 2010 '' ما يمكننا تصوره اليوم'' في مجال صناعة الأغذية في الصين، كما يقول أسبل.
وحين سئل عن خطط كارغيل لمدة خمس سنوات في الصين، أخبر أسبل مجلة إنسياد نولدج أن الشركة تريد وضع خطط ''عالية المستوى'' وأن تكون ''محددة جداً بشأن ما علينا النجاح فيه في الصين.''
''النموذج العالمي لشركة كارغيل اليوم مدفوع بوحدات العمل، وبعضها في الصين، وبعضها عالمي. ونريد إعادة النظر في هذا لمعرفة أفضل طريقة للاستفادة من فرصة الصين''.
أما بالنسبة لأسبل نفسه، إلى أي مدى تتعلق وظيفته بالتعامل مع العلاقات الحكومية حين تؤثر التغييرات التنظيمية في عمله مع المزارعين؟
يرد أسبل بالقول إنه لا يعتقد أن دور كارغيل هو التأثير في سياسة الحكومة، مشيراً إلى أن إجراء إصلاحات زراعية، وإصلاحات أراض في الصين سيكون عملية بطيئة جدا. ويشير إلى أنه نظراً لأن معظم المزارعين لديهم مزارع صغيرة في مناطق ريفية بعدد سكان 700 مليون نسمة، فإن البيئة غير مواتية لبناء صناعة زراعية حديثة وعالية الكفاءة.
إلا أن أسبل يقول إن أكبر مساهمة لشركة كارغيل في الصين هي تثقيف وتدريب المزارعين على تحسين إدارة الثروة الحيوانية، حيث تم تدريب أكثر من 2.5 مليون مزارع من قبل شركة التغذية الحيوانية التابعة لها حتى الآن.
والمجال الآخر الذي تسهم فيه كارغيل هو سلامة الأغذية. وبالنظر إلى موجة تلوث وتسمم الأطعمة التي اجتاحت الصين في السنوات الأخيرة، يقول أسبل إن لدى كارغيل ''دوراً قيادياً لتلعبه'' وإنها تعمل مع الحكومة على تحسين قضايا سلامة الأغذية.
من جانبها، تمول كارغيل برامج تعاون بين مؤسسات صينية، وأمريكية، وأوروبية، حول سلامة الأغذية، كما يقول أسبل. وتعمل الشركة أيضاً مع العملاء على زيادة الوعي بالسلامة الغذائية، ومساعدتهم على تطبيق إجراءات أفضل لسلامة الأغذية.
ويقول أسبل إن الشركات الصينية أدركت الآن أن عليها أن تضع معايير عالية لسلامة الأغذية.
''أصبح الآن المزيد من الشركات يطبق معايير السلامة الغذائية''.
روبرت أسبل، رئيس كارغيل الصين، تحدث إلى طلاب الماجستير في إنسياد في سنغافورة أخيراً، مشاركاً في استراتيجية الصين.