ثنائية السكن والبطالة
تشير الإحصاءات إلى أن نسبة 22 إلى 25 في المائة فقط من المواطنين السعوديين هم الذين يمتلكون منازل خاصة، وإذا صحت هذه النسبة فهي تشير، بلا شك، إلى أزمة سكنية في البلد، كما كشفت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن نسبة البطالة بين السعوديين وصلت إلى 10.5 في المائة، بعدما ارتفع عدد السعوديين العاطلين عن العمل من الجنسين إلى نحو 448 ألف فرد، 44.2 في المائة منهم من الحاصلين على الشهادة الجامعية (درجة البكالوريوس).
هاتان المشكلتان، السكن والبطالة، محل اتفاق على وجودهما في البلد، كما أنهما محل اهتمام كثير من الأصوات الغيورة، على رأسها حقيقة صحيفة "الاقتصادية"، لعل آخرها ما نشرته الصحيفة حول دراسة الهيئة العليا لتطوير الرياض حول ميزان العرض والطلب في سوق الإسكان في العاصمة السعودية، ونشرت في مجلة "تطوير" في العدد الـ 62، وجاءت الدراسة الرسمية لتبين الواقع الإسكاني في مدينة الرياض وحجم المشكلة والحلول المطروحة.
والحقيقة أن الدراسة جديرة بتسليط الضوء عليها وتفعيل توصياتها، جاء فيها - وهو ما يهمنا هنا:
- مساحة الأراضي البيضاء 4164 كيلومترا مربعا بنسبة 77.4 في المائة من إجمالي النطاق العمراني.
- تكلفة الأرض بلغت 50 في المائة من قيمة المسكن. (وذلك عند إعداد الدراسة والآن أصبحت تزيد على هذه النسبة).
المتأمل في مشكلة الإسكان يرى أن جزءا كبيرا منها هو توافر الأرض - وهذا والله من المضحكات المبكيات - في بلد يعتبر قارة من حيث المساحة! حيث قفز سعر المتر المربع إلى أرقام خيالية حتى وصل المتر المربع السكني إلى ألفي ريال في شمال الرياض! ولن تجد الآن أرضا بأقل من ألف ريال للمتر المربع!
هذا الصمت المطبق عن هذه الأسعار الجنونية غير مبرر! في ظل وجود أراضٍ بيضاء بمساحات شاسعة محتكرة من قبل ثلة قليلة من تجار العقار الذين يصرون على خنقنا دون رقيب ولا حسيب!
هذه الأراضي البيضاء أصبحت مستودعا كبيرا لاستثمارات هؤلاء العقاريين! فالقضية سهلة جدا بالنسبة لهم - لا دراسة جدوى ولا هم يحزنون - أرض لا تأكل ولا تشرب، كما يرددون، تحتكر فترة زمنية ثم يتم بيعها بأسعار فلكية!
في ظل ترويج شائعات بأن ثمة طلبا يوازي العرض، وهذا ما أوضحت الدراسة عدم صحته، وأكدت أن ثمة خلطا بين الحاجة والطلب!
في تقديري يجب المسارعة إلى تطبيق زكاة الأراضي البيضاء فهي من عروض التجارة، الزكاة التي تجبى من البدوي على غنيماته ويغض الطرف عن هوامير العقار هؤلاء! متى ما طبقت جباية الزكاة على الأراضي حينها فقط ستنخفض قيمة الأرض إلى سابق عهدها، يوازي هذا توجه وانسياب أو قل هروب رؤوس الأموال هذه إلى مجالات استثمارية أخرى في قطاع الصناعة، الانتاج،.. وغيرهما من القطاعات التي تستلزم توظيف الشباب، وهذه من حكم تشريع الزكاة حتى لا يصبح المال دولة عند الأغنياء دون الفقراء، ما يضطر صاحب المال إلى استثماره وتدويره!
شكرا للمسؤولين في الهيئة العليا لتطوير الرياض على هذه الدراسة المهمة، لكن الأهم القرار.