ستبدي لك الأرقام من كان عاطلا

لا شك أن مشكلة البطالة التي يعانيها أبناؤنا وبناتنا تأخذ الحيز الأكبر من اهتمام الدولة على مر السنين وإن اختلفت طرق العلاج وطرق التنفيذ، فإن هناك حقيقة ثابتة أننا لم نستطع إيجاد حلول حقيقية وجذرية لهذه المشكلة التي تعانيها دول واقتصادات كثيرة تتميز عنا كثيرا في تنوع اقتصادها ومشاركة حقيقية لقطاعها الخاص في الناتج المحلي الإجمالي, حيث القطاع الذي يزود الاقتصاد بجل الفرص الوظيفية ويمشي يدا بيد مع نمو الاقتصاد الكلي ويؤثر ويتأثر بالمعطيات الاقتصادية المختلفة.
كانت وزارة العمل في سنوات مضت تؤكد أن البطالة لم تصل إلى مرحلة الأزمة، وأن الأعداد وفق الدراسات والمسوحات لا تزال منطقية، حيث اختلفت الروايات والإحصائيات في تحديد الأرقام الصحيحة والدقيقة لعدد العاطلين عن العمل في المملكة, حيث إنه وبحسب آخر إحصائية صدرت قبل عام عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ووزارة الاقتصاد والتخطيط، فإن عدد العاطلين وصل إلى 448547 فردا, وبينت الإحصائية أن الفئة العمرية تنحصر ما بين 20 و24 عاما وذلك بنسبة بلغت 43.2 في المائة, ويلاحظ ذلك أيضا لدى الذكور بنسبة 46.7 في المائة, أما فيما يخص الإناث فتنحصر بين 25 و29 عاماً الفئة الأعلى بنسبة 45.9 في المائة من جملة العاطلات السعوديات، كما يوجد عدد كبير من الشباب والفتيات غير مسجلين لدى مكاتب العمل أو الخدمة المدنية أو التأمينات، ذلك العدد لا يستطيع أحد أن يتوقع تأثيره في العدد الكلي. وذكرت بعض الأرقام الصادرة عن وزارة العمل خلال عهد الدكتور غازي القصيبي ـــ رحمه الله ـــ أن العدد الحقيقي للمتقدمين للوزارة بلغ 180 ألفا فقط، وبغض النظر عن اختلاف الأرقام والإحصائيات لأن هذه بالتحديد مشكلة مستمرة في جميع الإحصائيات لدينا، أقول إنه وبغض النظر عن الاختلاف فإن آلية إعانة الشباب العاطل عن العمل تعطينا صورة أوضح عن العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل, خصوصا في ظل نمو أعداد الخريجين سنويا, الذي يفوق بشكل كبير النمو في الوظائف التي تنتجها سوق العمل لأسباب كثيرة منها ضعف أو ثبات نمو القطاع الخاص في مجمله.
وجاء الأمر الملكي في نصه على أن تقوم وزارة العمل بإعداد دراسة متكاملة عاجلة حول تفعيل إقرار إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل لمدة عام واحد من الموارد المالية لصندوق تنمية الموارد البشرية، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخه، ثم تحال إلى اللجنة الدائمة في المجلس الاقتصادي الأعلى لدراستها في مدة أقصاها أربعة أشهر والرفع بالتوصيات للتوجيه حيالها.
وعندما تواترت الأخبار عن تعطل الموقع الإلكتروني للوزارة جراء الضغط الشديد عليه من قبل من يتوقع أن يكونوا باحثين عن ''إعانة مالية'' في أول ردة فعل على القرار الملكي، قفز إلى ذهني بعض الأسئلة عن حجم المشكلة وعن الحلول المستدامة للبطالة، وسؤال مهم عن حجم الضغط الذي من الممكن أن يتسبب في تعطيل موقع إلكتروني؟ ليس أي موقع إلكتروني! موقع إلكتروني لوزارة حيوية من ناحية التعاملات الإلكترونية؟ هل نحن أمام أرقام جديدة للبطالة؟ وتصريح وزارة العمل بأن بداية الاستقبال الفعلي للطلبات ستكون خلال أسبوعين من تاريخ صدور الأمر الملكي أتمنى أن تصاحبه شفافية عالية في تحديث البيانات للعامة في ترسيخ لمبدأ الشفافية التي ستمهد الطريق أمام أطروحات أكثر أهمية من ناحية إيجاد الحلول لهذه المشكلة العالمية.
السؤال المهم, كم سيكون العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل في المملكة؟ لكن السؤال الأهم ـــ من وجهة نظري ـــ كيف سيكون العلاج الحقيقي المستدام، بعيدا عن تجاربنا السابقة, التي قد تكون أسهمت في حل بعض المشكلة، لكنها قطعاً لم تحل المشكلة الحقيقية والأسباب الرئيسة لمشكلة البطالة في المملكة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي