مستثمر في المغاسل: هذه فرصتكم أيها الشباب
في قطاعي التجزئة والخدمات السعودين اللذين يضمان أكثر من مليوني عامل وافد، ومئات الآلاف من الأنشطة سواء البيعية أو الخدمية, عدد من النماذج المحلية التي قاومت بشراسة وتخطت الصعوبات باجتهاد، وصنعت لها موقعا في السوق.
سوق مغاسل الملابس أحد هذه القطاعات، فرغم أنه يكاد يقع تحت سيطرة التستر, حيث يؤجرها ملاكها السعوديون للأجانب، وتتدنى فيها درجات الجودة إلى أدنى مستوياتها، إلا أن هناك سعوديين تحدوا ذلك بجدارة.
هنا في الضفة الشرقية من العاصمة الرياض، قصة تستحق أن تروى، هنا طموح شاب رأى في اقتصاد بلاده فرصة تحتاج إلى الاستثمار، فقرر دخول غمار التجربة, خلال 20 عاما فقط، حول مغسلة ملابس صغيرة في حي أم الحمام إلى واحدة من أكبر شركات غسيل الملابس، بل إنه تجاوز ذلك إلى الدخول في عالم التوريدات في مجال نشاطه.
#2#
طموح وكفاح
قصة هذا الشاب دليل واضح وصريح على ما أكدته سلسلة ملفات ''الاقتصادية'' حول قطاعي التجزئة والخدمات، التي أكدت خلالها أن في بلادنا قطاعات تعد كنوزا دفينة، لا تحتاج سوى إلى التنظيم والإرادة والجهد والمثابرة، لتتحول إلى مصدر لفرص الاستثمار والعملية، بل إنه سيكون دون جدال أكبر قطاع موظف للشباب من الجنسين. في حي السلي ــــــ حيث المنطقة الصناعية ــــــ يمكن معرفة تفاصيل هذه الرواية على أرض الواقع.
معمل عملاق، مئات من أجهزة الغسيل الكبيرة، عشرات آلات الكي المتطورة، وعشرات العمال، وسباق مع الزمن لإنجاز المهمة وراء المهمة، عشرات السيارات تحضر الملابس من مختلف الفروع في العاصمة.
أزمة الخليج
يقول عبد العزيز سليمان الغثبر مدير عام شركة مغاسل الرهدن، إن دخوله إلى هذا المجال كان كالحلم ''أفكر كل يوم في الطريقة التي دفعتني إلى هذا المجال، فلا أجد إلا توفيق الله ــــ عز وجل ــــ ودعم والدي''.
في يوم من أيام عام 1990 وهو عام أزمة الخليج أو حرب تحرير الكويت سنحت الفرصة للغثبر ليرسم مستقبله الجديد، بعد أن رحل كثير من العمالة الوافدة فقرر الدخول في مجال مغاسل الملابس من خلال مغسلة في حي أم الحمام. بعد تزايد نشاطه قرر الغثبر ترك الوظيفة الحكومية، وهي خطوة يتردد فيها الكثيرون وتحتاج إلى كثير من الحصافة.
يقول الغثبر, الذي حدثني من داخل مغسلته العملاقة: ''بدايتي في العمل كان في أزمة الخليج، بعد أن غادرت عمالة كانت تسيطر على ذلك النشاط، فدخلت معترك هذا العمل وكان بالنسبة لي ''غير معروف'' نتيجة استحواذ تلك الفئة عليها، فأسست أول مغسلة للملابس في حي أم الحمام، وكان اسمها آنذاك ''مغسلة الضباب''.
يتذكر الغثبر تلك الأيام فيقول ''بقيت عاما على مغسلة الرهدن في حي الملك فهد أرقب من كثب حركة السوق في هذا النشاط، وبعد ذلك العام تجاوزت مرحلة الترقب، افتتحت ثلاثة فروع في بعض أحياء الرياض، إلى أن أصبحنا نمتلك في الوقت الراهن نحو 65 فرعا في مختلف مناطق المملكة''.
#3#
توسع خارجي
عن التوسع في النشاط داخل دول الخليج أو الدول العربية يقول الغثبر ''نعمل جاهدين لذلك، نبحث الآن في بعض الدول الخليجية عن حق الامتياز والتسويق، كما لا أخفيك حصولنا على عروض من مستثمرين خليجيين وعرب من دول مثل الإمارات والبحرين وقطر والكويت ومصر والمغرب وليبيا والجزائر، إلا أنها لم تكن وفق المأمول، إذ يريد معظمهم أن يدشن مغسلة صغيرة، ونحن من جانبنا نأمل أن تفتتح مغاسل كبيرة ترتقي إلى مستوى الخدمات التي نقدمها، فنحن نريد مستثمرا خليجيا أو عربيا يستفيد من خبراتنا واسمنا وينطلق للعمل في هذا المجال الاستثماري، وذلك لتحقيق الفائدة لجميع الأطراف.
#4#
متطلبات عصرية
سألته عن السر وراء تزايد محال المغاسل في السعودية، فقال إن طبيعة الحياة وسرعة إيقاعها ليست كالسابق، فالآن تجد رب الأسرة والأم يعملان, إضافة إلى كثرة أفراد الأسرة وكبر حجم المنزل، فليس الأهم هو أن يتزايد عدد المغاسل، لكن المهم هو كيف تقدم خدمة ترقى لطموحات العميل، بأن تحافظ على الجودة التي تعودها العميل باستخدام أحدث المعدات والمكائن والمساحيق والعمالة المدربة على مستوى عال من الخبرة والأداء، علما بأن العميل لا يمكن أن يجد جودة النظافة والكي في منزله, فهذا بالطبع عائد إلى المساحيق التي نستخدمها, ولا أخفي عليك العلامات (الماركات) تحتاج إلى خبرة ودراية تامة للتعامل معها.
#5#
دون المستوى
حول وضع المغاسل يقول الغثير ''بصراحة ليست بالمستوى المطلوب, حيث إن معظم المغاسل الموجودة حاليا يسيطر عليها الأجانب، وهؤلاء يهتمون بالكم المادي وليس بالكيف النوعي, يستخدمون مساحيق رديئة الجودة ومكائن لا تصلح حتى لعمل البيوت ومن ثم يقدمون خدمة رديئة للمستهلك''.
ويتطرق الغثبر إلى تأثير الوضع السيئ للمغاسل صحيا في الزبائن فيقول ''لا شك أن لتردي الخدمة انعكاسا سلبيا من الناحية الصحية على المستهلك'', مبينا ''لتحقيق مستوى عال من النظافة يجب أن يتغير الماء مثلا ست مرات خلال الغسلة الواحدة، وألا تقل درجة الحرارة عن 170 درجة، وأن تكون المساحيق heavy duty، حتى تضمن أن أي كائن حي لا يمكن أن يعيش في هذه الظروف، ويفترض أن تكون المغاسل الصغيرة لديها مكائن أتوماتيكية تعمل بالكمبيوتر حتى نضمن دخول الماء وخروجه وكمية المساحيق تعمل بشكل جيد, وفي هذه اللحظة نضمن أن الأمراض لا تنتقل من خلال عملية الغسيل''، وخلص إلى أن هذه الأمثلة لا يمكن أن تتحقق في كثير من المغاسل الحالية, وهو ما يرفع من احتمال نقلها الأمراض.
شركة مساهمة
سألته عن وضع شركته حاليا فقال ''نحن الآن بصدد أن نكون شركة مساهمة مغلقة، حيث إننا في المراحل النهائية كي تصبح شركتنا شركة مساهمة مغلقة، بعد أن كانت بدايتها برخصة محل، ومن ثم إلى مؤسسة إلى أن أصبحت شركة ذات مسؤولية محدودة خلال عام 2000''.
يفخر عبد العزيز الغثبر كون شركته الأولى التي تقدم خدمة السيارات؛ حيث يمكن للزبون أن يسلم ملابسه للمغسلة، وهو في السيارة من خلال مسار خاص، وخدمة الغسيل المنزلي وغيرها''. وأخيرا يقول إنه شرع في طريقة جديدة في فرعه في القصيم تتيح للزبون رؤية الملابس في أثناء غسلها وكيها، وهو ما يرفع درجة الثقة لديه''.