النساء والمغامرة

أشارت دراسة أصدرتها جامعة برينستون الأمريكية، إلى أن الرجال في بلاد العم سام هم أمام خيارين، إما أن يغضبوا ويوجهوا قبضاتهم إلى النساء أو يختاروا طريق السلم ويجلسوا في المنزل يرعوا الأطفال ويعتنوا بالحديقة حتى تعود زوجاتهم من العمل.
فالدراسة استندت إلى أن الأزمة التي بدأت من أمريكا أصابت بشكل خطير قطاعات اقتصادية يغلب الرجال على عمالتها وإدارتها، مثل البناء والصناعات الثقيلة. في حين أن الضرر في القطاعات التي تشغلها النساء لم يكن بالمقدار نفسه. وأضافت تصرفات سوق العولمة، مزيدا من الضربات الموجعة لعمل الرجال الأمريكيين، وذلك بترحيل ملايين الأعمال والوظائف إلى خارج الأراضي الأمريكية؛ طمعا في الأجور الرخيصة للعمالة الآسيوية. وتستعين الدراسة بأرقام الوظائف التي تشغلها النساء حاليا في قطاعات كالصحة والتعليم والخدمات واقتصاد المعرفة في تأكيد دلالات السيطرة النسائية على تركيبة الوظائف الأمريكية .
ورجح أكاديميو برينستون أن قوة الأزمة التي ضربت أمريكا وانتشرت في العالم كانت نتيجة التراكم في تصرفات الغرور والإفراط بالثقة الذي طبع نهج المسؤولين الحكوميين ومديري المصارف من الرجال. فهذه الفئة كانت مسؤولة عن تبنى خطط ومحفزات لافتعال ازدهار مصطنع في قطاع البناء؛ وهو ما أدى إلى استحداث وظائف عالية الأجور ومتدنية الكفاءة يستحوذ الرجال على 97 في المائة منها. فالمرتب الأسبوعي المتوسط في القطاع 800 دولار، بينما متوسط الأجور في قطاع الرعاية الصحية 500 دولار وغالبيته من النساء. ووظف قطاع التشييد والبناء أواخر الثمانينيات أكثر من أربعة ملايين عامل. كما جر الانتعاش كذلك إلى القطاعات التي ترتبط به مثل العقارات والأسمنت والشاحنات والهندسة المدنية.
ويبدو أن الإفراط في الاستثمار العقاري ليس إلا الفصل الأخير من فصول نهج اقتصادي يعود إلى أيام الرئيس روزفلت أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي. حيث لجأ الرئيس الأمريكي حينها إلى بعض الحلول التسكينية لمعالجة آثار الكساد الكبير، حيث ألغت الأزمة 15 مليون وظيفة، 75 في المائة منهم هم من الرجال. وكانت خطة روزفلت حينها أن يتم إعادة تجديد مكانة الرجل كمعيل أساسي للأسرة ودعت النساء للبقاء في بيوتهن ورفعت من أجور الرجال الذين لا تعمل نساؤهم.
أما فيما يتعلق بأحوال أوروبا فقد عزا المحللون أن المنافسة الشرسة كانت الصفة المشتركة في أغلبية المصارف التي يديرها المديرون الرجال؛ وهو ما أدى في رأيهم إلى أن تنتخب آيسلندا إحدى نسائها كرئيسة للوزراء. وعزا الناخبون أن السيطرة الذكورية على دنيا المال والأعمال كان مدمرا لأنهم فتحوا خزائن البنوك لاستقبال الودائع وبفوائد سخية، كما بالغوا في منح القروض. الفوائد الآيسلندية غير المسبوقة أغرت جهات متحفظة لتودع أموالها هناك، مثل صندوق معاشات شرطة اسكوتلنديارد ومستخدمي جامعة كامبردج. لكن لهيب حرائق «وول ستريت» في أمريكا وصلت شرارته إلى تلك الخزائن وأحرقت فلوس المعاشات وغيرها من الودائع وأفلست البلاد. وكحال آيسلندا قررت ليتوانيا أن تعطي زمام الحكم إلى داليا غريبوسكايتي الاختصاصية في الشؤون الاقتصادية كرئيسة للبلاد بعد إفلاس مصارفها المدوي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي