السبت, 3 مايو 2025 | 5 ذو القَعْدةِ 1446


اقتصاديون: 40 ألف فرصة عمل في«المغاسل»

إن كان الجميع يرون أن خدمات مغاسل الملابس في مختلف مناطق السعودية أقل من المأمول، فإن الجميع يتفقون على أن هذه المنشآت الخدمية توفر فرص عمل هائلة فيما لو تمت إعادة هيكلتها، وتشجيع الشباب على استثمارها. القطاع المهمل، واسع وكبير، بل يمكن تطويره بشكل يوفر الخدمة الجيدة المأمونة وفرص العمل للشباب في مواقع عدة, بل إنه يمكن أن يوفرها لهم في كل شارع تقريبا, وفق تأكيدات خبراء اقتصاديين.
ضمن سلسلة ملف ''الاقتصادية'' حول قطاعي الخدمات والتجزئة نخصص هذه الحلقة للحديث مع اقتصاديين ومختصين ليدلوا بدلوهم حول القطاع الذي كان ولا يزال مغلقا دون السعوديين بشكل كامل دون سبب مقنع إلا لأنه استسلم لحرب التأشيرات والتستر. إلى التفاصيل:

جهة إشرافية

اقتصاديون ومستثمرون طالبوا بضرورة تحديد جهة مختصة تحوي هذه المغاسل التي يفوق عددها نحو عشرة آلاف مغسلة موزعة في كل مناطق المملكة, بحيث تعطى لهم امتيازات تجارية لفتح فروع جديدة وتوسع في نشاطهم, خاصة للمواطنين أو المواطنات لتدير هذه المغاسل التي توفر 40 ألف فرصة عمل. وهنا يقول عبد الرحمن الصنيع ـ وهو اقتصادي وأستاذ في كلية إدارة الأعمال في جدة ـ إن المغاسل الأوتوماتكية تدر أرباحا مالية تفوق مليار ريال, وتعد من المؤسسات الصغيرة الأكثر ربحية بين المؤسسات الأخرى الصغيرة الاستثمارية, وإن حال احتواء هذه المغاسل تحت مظلة جهة مختصة سينعكس إيجابيا على اقتصاد المملكة من ناحية الإيرادات السنوية، وتوفر فرص العمل في هذه القطاع الحيوي. وبين أن الدول المتقدمة أصبحت تنتج طرقا في تجميع المؤسسات الصغيرة في القطاع الخاص وتطويرها وتحصل هذه الجهة التي تحوي المغاسل التجارية على 20 في المائة بعد إطلاق عروض الدعاية والإعلان.

الامتياز التجاري

بين الصنيع أن الامتياز التجاري الذي يتم تطبيقه سيحد من سيطرة العمالة الوافدة على المغاسل في الوقت الراهن, وسيحدد معايير للبدء في هذه المشاريع الصغيرة, حيث إن أغلبية المغاسل تعتمد على العمالة مجهولة الهوية التي تعمل لديها بمبالغ زهيدة جدا مقابل التستر عليها في هذه المغاسل, مبينا أن انتشارها بشكل عشوائي في مناطق مختلفة أسهم في ضعف الرقابة عليها، وأن الامتيازات التجارية التي تتبناها إحدى الجهات المعنية بعد احتواء هذه المغاسل ستسهم أيضا في حصرها وتطويق الخناق على سيطرة العمالة على هذه المغاسل.

لا تدريب ولا يحزنون

في المقابل أوضح الدكتور سالم باعجاجة ـ أستاذ اقتصادي في جامعة الطائف ـ أن هناك الكثير من مغاسل الملابس المنتشرة في أنحاء متفرقة في مدن المملكة ومحافظاتها, وأن أغلبية العاملين عليها وافدون غير مدربين على فنون الغسيل, يعملون تحت غطاء سعوديين، ولا يحملون شهادات صحية، وغير ملتزمين بأدوات شروط السلامة, حيث إن هيئة المواصفات السعودية حددت متطلبات السلامة وبطاقات كفاءة الطاقة لغسالات الملابس, كما راعت الهيئة الطرق السليمة للتنظيف الجاف والمبلل.

لا معاهد ولا دعم

عارف المصباحي أحد المستثمرين في مجال المغاسل وله خبرة طويلة في هذا المجال، يشير إلى أن القضية تتعلق بعدم وجود معاهد ومدارس لتدريب العمالة أسهم في لجوء المستثمرين إلى سوق العمالة المخالفة حتى أصبحوا هم من يديرون المغاسل, حيث إن غياب احتوائنا تحت مظلة جهة معينة أسهم في عشوائيتا بشكل ملحوظ في مناطق المملكة. وبين أن سوق المغاسل 99 في المائة ممن يقومون بإدارتها غير سعوديين, وذلك من جنسيات مختلفة ونسبة السعودة فيه صفر في المائة.

#2#

مياه محلاة

وقال عارف إن أرباح المغاسل الأتوماتكية عالية جدا وتصل إلى اكثر من 50 في المائة وأرباحها الشهرية تفوق 35 مليون ريال شهريا, وتستهلك بطبيعة عملها كميات كبيرة من المياه المحلاة. وعن النواحي الصحية في المغاسل أفاد بأن 99 في المائة من الملابس التي يسلمها زبائن هذه المغاسل تختلط مع بعضها ولا توجد مغاسل مستقلة لكل غسلة ملابس نظرا لما يتكبده هؤلاء العمالة من خسائر. وأشار عارف إلى أن نسبة 99 في المائة من المغاسل في المملكة مؤجرة لعمالة غير سعودية ويتقاضون مبالغ نهاية آخر كل شهر من إيرادات المغسلة, إضافة إلى إعطاء المواطن الذي تستر عليهم بتشغيلهم في هذه المجال مبالغ مالية تفوق ثلاثة آلاف ريال شهريا.

وقال عارف إن أحد الحلول الجذرية لهذه الإشكالية أن تلزم وزارة العمل المغاسل بضوابط جديدة من بينها توظيف سعوديين برواتب لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال, إضافة إلى دخول شركات كبيرة للمجال بشرط التزامها بالسعودة والقضاء على ظاهرة التستر, التي أصبحت تلاحظ خلال الآونة الأخيرة.

#3#

ضوابط مطلوبة

شدد عارف في سياق حديثه على ضرورة أن تتبنى هذا المجال إحدى الهيئات أو الجهات الحكومية بحيث تضع له ضوابط وآليات محددة تلتزم بها المغاسل, حيث إن اتخاذ القرارات الارتجالية من بعض الجهات يعتبر ضد المصلحة العامة, وغياب آلية معينة للتواصل مع أي جهة حكومية سواء للاستقدام أو الاستشارة أصبحت غير واضحة, ولا بد من القضاء على ظاهرة التستر على العمالة المجهولة التي لا تحمل أي وثائق رسمية.

منافسة قوية

من جهة أخرى, قال قصي فلالي مدير مكتب العمل في منطقة مكة المكرمة إن توظيف العنصر النسائي في المغاسل ليس ملحوظا خلال الفترة الأخيرة ولم يتم رصده في المنطقة, وأيد فكرة توظيفهن حال وجود رواتب مجزية ومغاسل نسائية خاصة ووضع ضوابط لموقع العمل بحيث يتوافق مع خصوصية المرأة السعودية.

وبين فلالي أن المنافسة في هذا المجال قوية والمواطنين السعوديين لا يقبلون هذا العمل نتيجة تدني الرواتب التي تعطى من قبل ملاك هذه المغاسل التي لا تتجاوز 1500 ريال. وبين أن استقدام العمالة على هذا المجال مستمر ويقوم المكتب برصد طلبات الاستقدام لعمالة يعملون في المغاسل بشكل شهري.

وأردف فلالي أن هناك فرقا تقوم بجولات تفتيشية تعمل على التأكد من الشروط، والعمل على التأكد من عدم التستر على العمالة السائبة في هذا المجال من خلال التنسيق مع الجهات الحكومية.

وشدد في الوقت نفسه على المستثمرين السعوديين في أي مجال بضرورة دراسة مشاريعهم الاستثمارية نتيجة رصد حالات فشل لمستثمرين بعدما انجرفوا وراء أحاديث المجتمع.

الأكثر قراءة