الخميس, 1 مايو 2025 | 3 ذو القَعْدةِ 1446


تحديات البنوك المركزية المستقبلية

فرضت الأزمة المالية العالمية الأخيرة التي حلت بالعالم في منتصف عام 2008، على البنوك المركزية على مستوى العالم التقيد والالتزام بتطبيق عدد من المتطلبات والمعايير المهنية والرقابية على النظامين النقدي والمصرفي، التي من شأنها المحافظة على استقرار الوضع المالي للاقتصاد بشكل عام، واستقرار الأداء المالي للقطاع المصرفي بشكل خاص، والتي من بينها على سبيل المثال ما يلي:
ـــ المحافظة على الاستقرار النقدي للاقتصاد، مما يتطلب تجنيب تعرض الاقتصاد إلى ضغوط تضخمية مفاجئة أو إلى تذبذب وعدم استقرار في أسعار الصرف.
ـــ استخدام الأدوات والسياسات النقدية المناسبة لتوفير السيولة اللازمة للنظام المصرفي، لتمكينه من تلبية احتياجات القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة من التمويل.
ـــ تعزيز الرقابة المصرفية الحصيفة على المصارف، وبما لا يعيق أعمالها وأنشطتها من التوسع والنمو، مما يتطلب التحسين من أدوات وسياسات الرقابة على أنشطة المصارف المختلفة، وبالذات التي يترتب عنها تحمل المصارف لمخاطر مالية وتشغيلية، ولاسيما أن أحد أسباب الأزمة المالية العالمية هو تساهل عدد من المصارف المركزية على مستوى العالم في الرقابة على أداء المؤسسات المصرفية، حيث كانت تعتمد البنوك المركزية بشكل كبير على إدارات الرقابة الداخلية للمصارف في إدارة المخاطر ومراقبتها في الوقت نفسه، والذي اتضح فيما بعد أن اتباع مثل هذا الأسلوب الرقابي غير سليم، ولا يحقق الأهداف المنشودة من الرقابة على المخاطر.
ـــ تطوير آليات وقدرات الرقابة لدى البنوك المركزية على المصارف وبالذات قدرات الكوادر البشرية، بحيث تتمكن من القيام بمتطلبات العمل الرقابي على أعمال وأنشطة المصارف المختلفة بخلاف الأسلوب المعتاد والمألوف، مما يتطلب من العاملين لدي البنوك المركزية وبالذات من العاملين في إدارات التفتيش والإشراف البنكي، الدراية التامة والمعرفة الكاملة بتركيبة المنتجات البنكية وأسلوب هيكلتها بما في ذلك الإجراءات والسياسات الداخلية المتبعة في المصارف لإدارة جميع أنواع المخاطر المتعلقة بتلك المنتجات، سواء كانت المخاطر التشغيلية أم المخاطر التسويقية أم المخاطر الإدارية وإلى غير ذلك من المخاطر، ولاسيما أن أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى حدوث الأزمة المالية العالمية هو عدم معرفة المراقبين والمفتشين في البنوك المركزية للأسلوب والطريقة التي تم بموجبها هيكلة المشتقات المالية والمخاطر المحتملة التي كان من الممكن أن تنتج عنها سواء كانت تلك التي تتعلق بمخاطر في الائتمان أو بمخاطر السوق أو بأية أنواع أخرى من المخاطر.
ـــ ضرورة الحفاظ على أكبر قدر ممكن من التنسيق والانسجام والتناغم بين السياسة النقدية والسياسة المالية، بحيث يمكن من خلال ذلك تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود، والذي يؤدي بدوره إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادية إيجابية في ظل استقرار الأسعار والتوظيف الكامل لعناصر الإنتاج.
ـــ تعزيز سلامة ومنعة الجهاز المصرفي، مما يتطلب التعزيز من قدرة المؤسسات المصرفية على المنافسة في الداخل والخارج، وتحقيق مستويات ملاءة مالية معينة تتجاوز الحدود الدنيا المقررة من قبل لجنة (بازل)، والخاصة بكفاية رأس المال والبالغة 8 في المائة، إضافة إلى التحسين المستمر من نوعية الأصول وجودتها.
ـــ الاستمرار في تحسين وتطوير التشريعات المصرفية بما يكفل تهيئة البيئة المصرفية الملائمة والمناسبة، لمواكبة المتغيرات والمستجدات الدولية التي تحدث في الصناعة المصرفية العالمية، والاستفادة من ذلك في تحقيق معدلات نمو مصرفية معقولة ومنطقية.

الأكثر قراءة