سوء الإدارة وحوادث الطائرات
إدارة شركات الخطوط الجوية والوصول بها إلى جودة عالية وربحية مرضية من أصعب المهام الإدارية. والسبب في ذلك يعود لتشعب وتنوع أعمال الخطوط الجوية وارتباطها مع كثير من الموردين ومقدمي الخدمات. وأي إخلال بكفاءة تلك الأعمال يكون له تأثير فوري على أداء شركات الخطوط. كما تعاني شركات الخطوط الجوية من حساسيتها للمتغيرات الخارجية كعدم الاستقرار السياسي في مناطق معينة أو الكساد الاقتصادي أو انتشار الأوبئة .. إلخ، فهي صناعة محفوفة بالمخاطر، وتدني الطلب على مقاعدها ولو بنسبة ضئيلة تنتج عنه صدمة ارتدادية تؤثر في منظومتها المالية وتعرضها لخسائر قد يكون حجمها يفوق بكثير حجم تدني الطلب على مقاعدها. المؤثر الداخلي المتمثل في سوء الإدارة، لا يقل خطورة عن المؤثر الخارجي، حيث التحدي في إيجاد كوادر بشرية عالية التعليم والتأهيل والإخلاص والإنتاجية. ظاهرة فريدة في شركات الخطوط الجوية هي انعكاس سوء الإدارة على المنتج النهائي وهو الطائرات أو بمعنى آخر (العمليات الجوية). فلو أن هناك خطوطا جوية تشتهر بتأخر إقلاع رحلاتها فهذا يعني سوء إدارة في جهة أو جهات ما في المنظومة الشاملة، وقد لا يعني بالضرورة مشكلة في قطاع الصيانة. حوادث الطائرات قلت في السنوات الأخيرة بسبب التطور التقني للطائرات ورفع سقف إجراءات السلامة من قبل منظمات الطيران الدولية. ولكن عوارض وحوادث الطيران في الدول النامية ازدادت وتبين أن سوء الإدارة هو سببها الأول، ونتيجة لذلك قام الاتحاد الأوروبي بنشر قائمة سوداء تقضي بمنع مجموعة من الخطوط في مختلف قارات العالم من التحليق فوق الأجواء الأوروبية. وحملت القائمة أسماء خطوط مشهورة، وتم تحذير خطوط مشهورة أخرى بقرب إدراجها في القائمة ما لم تلتزم بمعايير السلامة. ما حصل الأسبوع الماضي المتمثل في الأحداث والوقائع التي أدت إلى وفاة قائد طائرة في الخطوط السعودية وتعرضه لأزمة صحية خلال الرحلة ــــ لولا رعاية الله ولطفه لتسببت في كارثة ــــ هو نتاج لسوء إدارة في جهة أو جهات ما في منظومة الخطوط الشاملة. ''الخطوط السعودية'' نجحت في تخطي كثير من عوائق إعادة الهيكلة ولكن بقيت عوائق قد تسيء إلى كل الإنجازات.