حتى لا تزدهر سوق سوداء لبيع الاسم..!
أعود للمرة الثالثة على التوالي للحديث عن صندوق التنمية العقارية وعن آلياته القديمة جدا والتي تحتاج إلى تحديث فوري لتتناسب مع حجم الدعم الضخم الذي حظي الصندوق به في الأسابيع القليلة الماضية، وحيث إن هذا الدعم سيكشف عن عديد من القصور في الأنظمة المعمول بها حاليا، فإنه لا بد من التدخل العاجل لمعالجة المشكلات التي تحيط بصندوق التنمية العقارية، خصوصا في هذه المرحلة الانتقالية المتلاحقة.
نحن الآن في الطريق لحل أزمة الإسكان التي تعيشها البلاد، وتحقيق أهم حلم يراود السعوديين وهو تملك المسكن، لذا فإننا مطالبون بأن نكشف عن الممارسات غير المشروعة التي يعمد إليها البعض للحصول على أموال جراء اللف على الأنظمة والقوانين الموضوعة، وما قد ينتج عنها من أضرار جسيمة إذا تفاقمت هذه الظاهرة.
لا أحد ينكر أن هناك عمليات بيع تتم حاليا لما يسمى ببيع "الاسم"، وهو بيع اسم الشخص الذي صدرت له الموافقة بالحصول على القرض إلى شخص آخر، بسبب عدم امتلاكه أرضا لبنائها، أو بسبب آلية دفعات الصندوق للمقترضين والتي لا يمكن الاستفادة من القرض إذا استمرت على ما هي عليه الآن، حيث يتم بيع قيمة القرض البالغة 300 ألف ريال، مقابل مبلغ يتراوح بين 50 و80 ألف ريال، حسب المنطقة والمزايدات، عبر إجراءات معروفة تتم بين البائع والمشتري وموثقة توثيقا تتوافر فيه جميع الثغرات التي قد توجد خلافات واسعة إذا ضعفت نفس أحد الطرفين، ولولا الشبهة الشرعية المتداولة لمثل هذه العمليات المالية لانتشرت على نطاق واسع.
وبما أن المبلغ الحالي للقرض ارتفع إلى 500 ألف ريال، وازدادت أعداد الحاصلين على القرض بنسبة عالية جدا، وتوقعات بارتفاع العدد إلى ملايين الأشخاص، بعد دعم الحكومة للصندوق بـ 40 مليار ريال، وفي ظل عدم حل مشكلة تكدس الأسماء الصادرة لهم موافقات والتي تصل نسبتهم إلى 80 في المائة، فإننا نخشى من ازدهار سوق سوداء لبيع الأسماء واعتماد الكثيرين على فتوى قد تظهر فجأة من أي شخص تجيز البيع، حتى وإن لم تظهر هذه الفتوى فإن هناك عديدا من المقترضين سيعمدون إلى بيع أسمائهم للحصول على عوائد مالية تتجاوز 100 ألف ريال للاسم الواحد بعد زيادة القرض إلى 500 ألف ريال، حيث يفضلون هذا المبلغ الضخم على التنازل عن قيمة القرض، كما أن الأشخاص الذين يقتنعون بحرمة بيع الاسم بوصفه ربا صريحا (مال بمال)، فإنهم يقبلون بهدية عينية تبلغ قيمتها 100 ألف ريال مقابل بيع الاسم.
طبعا لا يمكن هنا حصر المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والآثار السلبية التي تنتج عن هذه الممارسات، إلا أننا نؤكد بأننا نستطيع أن نقضي على هذه التجاوزات في مهدها وقبل أن تنتشر من خلال تغيير الآلية المعمول بها حاليا في صرف الدفعات وهو ما تحدثت عنه في المقالين السابقين.
أخيرا، نبارك صدور الأمر الملكي أمس بإنشاء وزارة للإسكان ونتمنى أن تتولى هذه الوزارة مسؤولية إعادة بناء هذا القطاع من جديد بوصفه أهم قطاع يهمنا ويحظى الآن بأكبر دعم.