أصحاب المليارات والأكواخ الطينية: هل تستطيع آسيا أن تحل مشكلات الاستدامة؟

أصحاب المليارات والأكواخ الطينية: هل تستطيع آسيا أن تحل مشكلات الاستدامة؟

يقول رافي فيرناندو، الرئيس التنفيذي لمعهد تكنولوجيا الأشياء المتناهية الصغر في سريلانكا
:'' تواجه آسيا اليوم قضيتين رئيسيتين فيما يتعلق بالاستدامة. الأولى هي مشكلة نقص المياه، والأخرى هي الفقر. إذا نظرنا إلى الفقر – الأرقام – لوجدنا أن واحداً من كل شخصين في العالم يكسب أقل من دولارين في اليوم. وتوجد نسبة مئوية كبيرة من هؤلاء الذين يكسبون أقل من دولارين في آسيا''.
وحسب فيرناندو الذي كان يتحدث في مقابلة مع ''إنسياد نوليج'': بدأ العملاقان الآسيويان - وهما ''الهند والصين'' - بمعالجة هاتين القضيتين بصورة جدية. ربما كانت الصين مصنع العالم اليوم، حيث إنها تقوم بتصنيع قرابة 60 إلى 70 في المائة من بضائع العالم، وقد تمكنوا من انتشال نحو 200 إلى 300 مليون شخص من الفقر. ويعتبر هذا إنجازاً مذهلاً الآن. ولذلك، قد لا يكون الفقر المشكلة الأخطر في المدى الطويل. إن الماء هو المشكلة الأخطر. إن نحو 70 إلى 80 في المائة من الموارد المائية المتوافرة في الصين ملوثة، ولذلك أصبحت إدارة الماء أولوية.
ويقول فيرناندو:'' ينبغي علينا أن ننظف أنهارنا وبحيراتنا، وهناك حاجة لكي نقوم بجمع مياه الأمطار وإلى تحسين عملية تحلية المياه. وربما تكون بعض البلدان متقدمة على غيرها في هذا المجال. لكن النقطة الرئيسية هي أن قضايا الاستدامة التي يواجهها العالم قد تتأثر إذا لم تقم آسيا بحل هذه المشكلات''.
وبلغة النسبة والتناسب، فإن غالبية موارد المياه العذبة في العالم توجد في نصف الكرة الشمالي، ويشعر فيرناندو بضرورة المسارعة إلى معالجة هذه المشكلة وليس فقط من جانب الاقتصادات الناشئة - وإلا قد تؤدي إلى نوع جديد تماماً من الهجرة يطلق عليه ''الهجرة البيئية''.
''ينبغي على الاتحاد الأوروبي والبلدان الغربية أن تشارك في هذه العملية وأن تشارك فيما لديها من معرفة وتكنولوجيا مع نصف الكرة الجنوبي لمعالجة مشكلة إدارة الموارد الطبيعية''. إنه لا يعني بهذا بالضرورة أن يتم ذلك بناء على نموذج غربي، بل يصر على الحاجة إلى انتشال الناس من الفقر والعمل على الاستهلاك المستدام، كجهد منسق بين البلدان المتقدمة والأقل تقدماً.
''إذا لم ينظر العالم المتقدم والعالم النامي إلى الاستدامة كهدف مشترك، فإنني أعتقد أننا جميعاً سوف نخسر هذه المعركة. لقد حان الوقت لكي نضع الحدود جانباً ونطرح سؤالا: ما القضايا الرئيسية التي يتعين علينا أن نعالجها حقيقة عند إدارة عالم مستدام''؟
ولكن من أجل تحقيق استدامة الطاقة وإدارة الاستهلاك، يقول فيرناندو إن هناك أمرين ينبغي أن يحدثا.

دور الحكومات والشركات
يجب أن تتبنى الحكومات سياسات مستدامة - ليس مجرد سياسات تحظى بقبول دولي، بل سياسات مستدامة ذات معنى تكون مناسبة لذلك البلد وتعالج القضايا الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية عبر تشجيع الشركات والمستهلكين على الانتقال نحو الاستدامة''. ثانياً، ينبغي أن تدرك الشركات أن هناك فرصاً هائلة في ''الانتقال إلى الأنشطة الخضراء، والاقتصادات الخضراء، وأن هذا أمر معقول بالنسبة إلى العالم''.
يشار إلى أن لدى فيرناندو خبرة واسعة في تطوير نماذج الأنشطة المستدامة. فأثناء منصبه السابق كمدير للعلامات التجارية للشركات ولمسؤولية الشركات في شركة ماس هولدنغز المحدودة، وهي أكبر مورّد للألبسة الخصوصية والرياضية وغير الرسمية في سريلانكا، أطلق برنامجاً داخلياً لتمكين النساء العاملات في الشركة وتبلغ نسبتهن 80 في المائة من قوتها العاملة التي يبلغ عددها 43 ألف شخص.
''لقد شهدت سريلانكا تاريخاً طويلاً من الاستدامة الاجتماعية عبر تمكين النساء. فقد كانت لدينا أول رئيسة للوزراء في العالم وأيضاً حقوق تصويت متساوية في مرحلة مبكرة جداً.. لقد كان في هذا البلد اقتصاد دمج نساء المجتمع في الجهود الاقتصادية''. لكن الوضع الاجتماعي والرواتب الجيدة كانت مفقودة.
ويمكن للمرء أن يقول إن اقتصاد سريلانكا مستدام بفضل جهود النساء، لكنهن كن دائماً في أسفل المنحنى من حيث الدخل ومن حيث إدارة مواردهن وكيف كان ينظر إليهن لقد شاهدت كيف كانت البلدان المتقدمة تتحرك في مجال الاستدامة، وكان هناك اتجاه جديد نحو المصادر الأخلاقية والاستهلاك الأخلاقي. لقد رأيت أن لدينا شيئاً فريداً من نوعه. لكنني كنت في حاجة فقط إلى دمج أفضل الممارسات في مصانعنا المختلفة وتحويلها إلى ميزة تنافسية كبيرة.
وهكذا استقطب فيرناندو لبرنامجه شركات مثل إتش إس بي سي ويونيلفر، وأسس برنامجاً يمنح الشهادات للعاملين على ماكينات الملابس في مواضيع من قبيل إدارة الأمور المالية والصحة الشخصية. وهو يشرح الأمر قائلاً: لقد عقدنا برنامجاً سنوياً للجوائز: ففي كل عام، يقوم العاملون في كل مصنع من مصانعنا بترشيح سيدة يعتقدون أنها تجاوزت الأداء المتوقع منها، ويتم منح أولئك السيدات جوائز نقدية جذابة للغاية ونجعلهن بطلات في الشركة.
إن ما حققه البرنامج لنا هو أننا أوجدنا موقفاً مختلفاً تماماً بين أفراد القوة العاملة. وفي صناعة كان معدل الخوف من العقاب فيها يراوح بين 20 و35 في المائة، خفضنا هذا المعدل إلى 4 في المائة .. وأكثر من ذلك، أصبحت لدينا قوة عاملة أكثر اندماجاً مع العمل ويطمح جميعهم لأن يتجاوزوا الأداء المتوقع منهم.
بعدئذ أصبح هذا البرنامج الاستراتيجية الوطنية. وأعتقد بكل تواضع أن فكرة صغيرة بدأت في عام 2003، أصبحت استراتيجية وطنية.
جاء حديث رافي فيرناندو لـ ''إنسياد نوليج'' في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) أثناء مؤتمر الطاولة المستديرة الخاص بالاستدامة للتنفيذيين، الذي عقد في حرم الجامعة في فاونتين بلو. وفيرناندو هو الرئيس التنفيذي لمعهد تقنية الأشياء المتناهية الصغر في سريلانكا.

الأكثر قراءة