د. بادحدح: الذهاب إلى المسجد بالملابس غير اللائقة مخالف للزينة

د. بادحدح: الذهاب إلى المسجد بالملابس غير اللائقة مخالف للزينة

دعا الشيخ الدكتور علي بادحدح الأستاذ بقسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز، إلى ضرورة اهتمام المسلم بالمساجد وعمارتها، ولا سيما أن الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ نسبها إليه، يقول تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا)، لهذا فإن على كل مسلم أن يجعلها مثل بيوتنا على أقل تقدير. هل نحن عندما نأتي إليها أو نكون فيها أو نتعامل في داخلها نراعي حرمتها ونراعي مقامها؟ ونبينا ـــ كما صح عند البخاري من حديث عثمان ـــ رضي الله عنه ـــ يقول: ''من بنى لله مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله بيتاً في الجنة''. فهي بيوت الله ـــ جلا وعلا ـــ وقال: إن الشهادة الأخرى التي ينبغي أن نستشعرها، ونحن نقدم لهذا الحديث هي أن عُمّار المساجد هم أهل الله ـــ عز وجل ـــ وهم في خلاصة الأمر صفوة من العباد والخلق الذين يجيبون نداءه، ويخفون إلى طاعته، ويقبلون على مرضاته، فكيف إذا كانت تخل بالأحكام ولا تراعي الآداب ولا تلتفت إلى الحرمة، بل يقع من البعض ما هو أكثر من ذلك. يقول الحق ـــ سبحانه وتعالى: ''إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ''، يقول ابن كثير: ''شهد الله بالإيمان لعمار المساجد''.
ومضى يقول أن ابن كثير ذكر من رواية عبد بن حميد في مسنده عن أنس ـــ رضي الله عنه ـــ عن رسول الله ــــ صلى الله عليه وسلم: ''إنما عُمّار المساجد هم أهل الله''، كذلك عن عمر بن ميمون أنه قال: ''كان أصحاب النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ أدركتهم وهم يقولون إن المساجد بيوت الله في الأرض، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها''. لكن على الضيف واجب أن يراعي أدب المكان، وخاصة أن المضيف ـــ وهو الرحمن ـــ سبحانه وتعالى ـــ فنحن في بيوته ونحن إنما جئنا لعبادته، ونحن إنما تفرغنا لذكره .. فكيف بنا نخدش ذلك؟ أو لا نلتفت إلى الأمور الواجبة والمفردات والآداب اللازمة، كما أن التعظيم لبيوت الله أمر مطلوب، لذا فإنه لأجل ذلك أمرنا الله ونبهنا وذكرّنا أن نراعي ما يجب لها. يقول تعالى: ''يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد''، وقد ذكر ابن كثير في تفسيره لها: ''وفي هذه الآية ــــ مع ما ورد في السنة النبوية ــــ كما يستحب التجمل عند الصلاة ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد .. الطيب لأنه من الزينة والسواك لأنه من تمام ذلك''. وقال السعدي: ''كذلك يحتمل أن المراد بالزينة هنا ما فوق ذلك من اللباس النظيف الحسن، ففي هذه الآية الأمر بستر العورة في الصلاة وباستعمال التجمّل فيها ونظافة السترة من الأوساخ والأرجاس''.
ويضيف نحن إذا ذهبنا إلى زيارة أحد من الأصدقاء ــــ فضلاً عن الفضلاء ـــ تزيّنا لذلك، ولبسنا من الثياب أحسنها، ووضعنا من أنواع الطيب أعطرها وجعلنا لأنفسنا من الهيئات أفضلها، فإذا جاء بعضنا إلى المساجد رأيته وهو يأتي بثياب النوم التي لا يرضى أن يتقبل بها أحد في بيته، وربما وجدت بعضهم وهو يأتي في ثياب مهنته ــــ أي ثياب عمله ـــ قد أسوّد بعضها، وفي بعضها من القذر وكراهة الرائحة ما فيها. وأشار إلى أن بعض الناس يأتي بالملابس قد كتب عليها من الكلمات ومن الصور ما لا يليق أن يكون في بيت من بيوت الله ـــــ عز وجل ــــ وربما وجد بعض وفي لباسهم ما يعد مخالفاً لستر العورة، إما من قصر أو ضيق أو تشبه أو نحو ذلك، وهذا خلاف الأمر الرباني لأخذ الزينة اللازمة. وكان من هيئة الإمام مالك إمام دار الهجرة ـــ رحمه الله ـــ إنه إذا خرج إلى المسجد اغتسل ولبس أحسن ثيابه، وتطيّب، فإذا خرج لم يكن يكلّم أحداً ولا يكلمه أحد حتى يدخل إلى مسجد رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فيصلي ثم يشرع فيحدّث بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام. وأضاف أنهم هكذا كانوا يعرفون حق قدومهم إلى بيوت الله ـــ عز وجل ـــ من غير مخيلة ولا رياء ولا مبالغة، لكن من غير استهانة وتفريط وعدم مراعاة حرمة وتقدير قدر وغير ذلك مما تعلمونه من صور كثيرة تناقض ذلك وتعارضه.

الأكثر قراءة