اليوم الأول في العمل .. يوم طويل جداً وخطير جداً
المقصود باليوم الأول للعمل هو الفترة الأولى في العمل، وهي فترة تمتد منذ اليوم الأول للعمل وحتى نهاية الشهر الثالث (يطلقون عليها فترة التجربة والاختبار). الفترة الأولى في العمل هي دائماً فترة حرجة بالنسبة للموظف وبالنسبة للشركة أو المؤسسة التي يعمل فيها، لأنه في هذه الفترة تتشكل الانطباعات الأولية والتوقعات لدى الطرفين: الشركة والموظف .. أيضا في هذه الفترة تتشكل عادات عمل لدى الموظف يصعب التخلص منها.. هذه الفترة غالبا ما تحدد المسار الوظيفي للشخص على مدار حياته بأكملها.. أيضا من الملاحظ أنه في هذه الفترة ترتفع احتمالات ترك العمل، حيث إن أكثر حالات الفشل في الوظيفة تكون في تلك الفترة. ومما يؤكد أهمية هذه المرحلة أنه غالبا في هذه الفترة ما يبني الموظف علامته الشخصية في العمل وبصمته الخاصة .. أيضا الموظف في هذه الفترة (إذا لم يستعد لها بشكل جيد)، قد يصطدم بالواقع وربما تنهار الصورة الوردية لديه عن العمل وعن الوظيفة.
الفترة الأولى في الوظيفة تشبه إلى حد كبير الفترة الأولى من الزواج .. حيث إنه في الفترة الأولى من الزواج تظهر اختلافات وخلافات .. وهكذا في اليوم الأول للعمل .. في الفترة الأولى للزواج يسعى كل طرف إلى اكتشاف الطرف الآخر.. وهكذا في اليوم الأول للعمل .. قد يعتقد أحد الزوجين في البداية أنه لم يحسن الاختيار أو أنه تعجل، ليكتشف بعد ذلك أن هذا غير صحيح بعد أن يتعرف جيداً على سمات الطرف الآخر.. وهكذا اليوم الأول للعمل .. الضغوط في الفترة الأولى للزواج غير موجودة تقريباً.. وهكذا في اليوم الأول للعمل.
الخطورة تأتي هنا .. أن الموظف الجديد قبل أن يلتحق بالعمل يتسم في الغالب بسلوكيات معينة، هذه السلوكيات لن تتماشي مع متطلبات العمل والنجاح الوظيفي، وقد تؤثر بشكل مباشر وسلبي في أدائه في الفترة الأولى في العمل أو في اليوم الأول في العمل، فمثلا كثير من هؤلاء معتاد على السهر وعدم النوم المبكر وبالتالي الاستيقاظ المتأخر في الصباح، ويفاجأ بالعمل أن الدوام يبدأ في السابعة ونصف صباحاً، وإذا ذهب إلى الدوام في موعده المحدد سيعاني بقوة من الرغبة في النوم وربما يظل فمه مفتوحاً طوال النهار بالتثاؤب والرغبة في النوم. قبل الوظيفة تعود كثيرون من هؤلاء على وجود كثير من وقت الفراغ للترفيه والخروج وممارسة الهوايات، ومن ثم فقد يعانون من عدم توافر تلك الأوقات بمجرد تسلمهم عملهم الجديد، وهذا قد يشكل عبئا نفسيا ينعكس على الأداء في العمل في الفترة الأولى. أيضا الموظف الجديد عادة ما يكون غير معتاد على تحمل مسؤولية بحجم مسؤولية الوظيفة، حيث إن مسؤولية الدراسة من السهل الوفاء بها بمجرد ساعات قليلة من الحضور في الجامعة واستذكار الدروس، ولكن المسؤولية المهنية شيء آخر، وعدم تحمل المسؤولية المهنية يعني التعرض للفشل السريع والذريع في العمل. أيضا طالب الجامعة لا يعاني ضغوطا عادة ـــ وإن كان يشعر بالضغوط الشديدة في أوقات الامتحانات خاصة إذا لم يكن مجدا في دراسته وهو مرفه في الغالب يحصل على مصروفه الشهري من ولي أمره، أو مكافأته الجامعية ويقضي جل وقته في الترفيه وصحبة الأصدقاء، أما في الوظيفة فإنه سيذهب إلى العمل ليجد كما كبيرا من الضغوط، خاصة إذا كانت الشركة أو المؤسسة التي يعمل فيها متشعبة الأنشطة والخدمات والمسؤوليات وتخاطب شرائح كبيرة من العملاء. لذا من المهم للموظف الجديد الراغب في النجاح في وظيفته الجديدة أن يتخلص فوراً من عاداته الشخصية ليكتسب عادات جديدة تتناسب مع متطلبات العمل، فيجب أن يتخلص من الفوضى الحياتية، وأن يكون أكثر إدراكا لقيمة الوقت .. يجب أن يكون أكثر حرصاً على النوم المبكر حتى يمارس عمله في الصباح بحيوية ونشاط .. يجب أن يكون أكثر قدرة على التعامل مع ضغوط العمل .. باختصار يجب أن تتشكل لديه شخصية جديدة، ويجب أن يستبدل سلوكياته التي تعود عليها بسلوكيات جديدة وفي أسرع وقت ممكن، فمن الممكن أن يصدر قرار فصله وهو نعسان وفاتح فمه يتثاءب ويتمغط..!!