استراتيجية الاستحواذ والاندماج ليست غاية إنما مجرد وسيلة
أظهرت دراسة شملت 162 شركة اتصالات عالمية أنه على الرغم من وجود عدة طرق أمام الشركات لتنمية أعمالها، إلا أن ثلث الشركات فقط، تقوم باستخدام جميع وسائل التوسع بشكل فعال، الأمر الذي يسهم في اتساع الفجوة بين نجاح الشركات وفشلها.
ووفقاً للدراسة التي أجراها كل من لورانس كابرون، أستاذ الاستراتيجية لدى كلية إنسياد لإدارة الأعمال وويل ميتشل من جامعة ديوك، فإن نسبة نجاح الشركات التي تحصل على مواردها بوسائل متنوعة تبلغ 46 في المائة لتستمر في أعمالها على مدى خمس سنوات مقارنة بنظيراتها المعتمدة فقط على التحالفات مع أطراف أخرى، فيما تصل النسبة إلى 26 في المائة مقارنة بالشركات المعتمدة على سياسة الاستحواذ والاندماج، و 12 في المائة مقارنة بالشركات المعتمدة على تطوير قدراتها بشكل ذاتي.
وفي معرض تعليقها على نتائج الدراسة تقول كابرون:''يمكن للشركة أن تلجأ نحو سياسة الاستحواذ في حال عدم إمكانية الحصول على تقنية محددة أو المهارات البشرية الضرورية لأعمالها من خلال قنوات بديلة كالتحالفات والشركات أو المشاريع المشتركة مع أطراف أخرى''. وعادة ما تكون عمليات الاستحواذ مرتفعة التكاليف إلى جانب كونها معقدة للغاية مما يشكل عبئاً على كاهل الشركات بحسب كابرون، التي تدير برنامج الاندماج والاستحواذ والاستراتيجية المؤسسية لدى كلية إنسياد، و على الرغم من هذه المعطيات، إلا أن الرؤساء التنفيذيين يقعون باستمرار في ''فخ'' الاستحواذ والاندماج دون أخذ الخيارات الأخرى بعين الاعتبار، وذلك نتيجة عدة عوامل منها ضغوط الإدارات العليا أو بسبب التنافس مع باقي الشركات في السوق، وهنا تضيف كاربون:''على سبيل المثال، يمكن أن يُطلب من رئيس تنفيذي أن يحقق نمواً سنوياً في حجم أعمال الشركة بنسبة 20 في المائة، لذا فإنه ينظر إلى الاستحواذ كأسرع طريقة لتحقيق ذلك الهدف، وفي بعض الحالات، ينظر المديرون إلى عمليات الاستحواذ التي يقوم بها منافسوهم في القطاع نفسه ، فيقرروا اللحاق بالموجة واتباع السياسة نفسها خوفاً من تراجع مكانة شركاتهم في السوق''.
وقد طوّر كابرون وميتشل قائمة تتضمن ثلاثة أسئلة يجب على الرؤساء التنفيذيين أن يجيبوا عنها قبل اعتماد أي استراتيجية للتوسع وتنمية أعمال شركاتهم, وهي كالتالي :
1- هل تمتلك الشركة الموارد المطلوبة؟
قد يكون تطوير موارد جديدة بشكل ذاتي أسرع وأكثر فعالية من الاستحواذ على الموارد من خلال أطراف أخرى، إذ عادة لا تدرك الشركات ما لديها من موارد.
2- هل هناك توافق بين الشركة ومورديها في تحديد القيمة؟
في حال لم ينجح تطوير الموارد بشكل ذاتي، يمكن التوصل إلى اتفاق ترخيص للموارد، لكن يجب أن يتمتع هذا الاتفاق بالشفافية للوصول إلى القيمة العادلة لجميع الأطراف.
3- ما حدود العمل مع الشريك؟
في حال كانت العلاقة بين الشركة وبين مورديها معتمدة على أصول استراتجية مهمة، أو في حال الشراكة في تلبية أهداف الشركة بالكامل، يمكن في هذا الحالة أن يكون الاستحواذ هو الخيار الأفضل.
أظهرت الدراسة الجانب السلبي لسياسة الاستحواذ، حيث فشل ما نسبته 70 في المائة من عمليات الاستحواذ المشمولة في الدراسة، مما يؤكد على ضرورة التركيز على أهداف الشركة ووضعها في مقدمة الأولويات، ومن جانب آخر، يجب موازنة المفارقات الكامنة بين دمج العمليات والمحافظة على نمو الأعمال وذلك لتجنب إشكالية مهمة تتمثل في أن الشركة قد تستحوذ على نظيرتها، لكنها قد تدمر القيمة المتوافرة في تلك الشركة بسبب محاولات الدمج المبالغ فيها.
لقد ساهم انخفاض قيمة أسهم الشركات مصحوباً بالتغيرات المتسارعة التي تشهدها بيئة الأعمال في زيادة عمليات الاستحواذ والاندماج، لكن يجب أن يلتزم الرؤساء التنفيذيون الحذر في مثل هذه الظروف وفقاً لكابرون التي تضيف :''عندما يكون هنا جو من عدم الثقة في الأسواق إلى جانب التغيرات السريعة في قطاع معين، يرتبك المديرون ويتجهون بأنظارهم نحو نظرائهم العاملين في المجال نفسه لكي يحددوا خياراتهم، وعوضاً عن تحليل البيانات والمعطيات الخاصة بشركاتهم والقطاعات التي يعملون فيها، فإنهم يتبعون التيار السائد في السوق، وهو ما يحصل حالياً في الأسواق والذي يؤدي إلى ما يتعارف على تسميته بتأثير (الدومينو)، إذاً تشكل سياسة الاستحواذ والاندماج مجرد وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، أي أنها ليست بديلاً يمكن اعتماده في الاستراتيجية المؤسسية، بل هي وسيلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة.