الموت يغيب مؤسس أول مدرسة زراعية ورابع وزير للزراعة
قدّم الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض التعازي إلى عمرو الدباغ محافظ الهيئة العامة للاستثمار في وفاة والده وزير الزراعة الأسبق عبد الله محمد الدباغ الذي وافته المنية الجمعة الماضية، كما قدم التعازي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير تركي بن ناصر الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، الأمير فيصل بن سلمان رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، إضافة إلى عدد من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين في الإدارات الحكومية والقناصل الأجانب.
#2#
#3#
وغيب الموت عبد الله محمد علي الدبّاغ وزير الزراعة الأسبق أواخر الأسبوع الماضي، بعد سجل حافل بالإنجازات والنجاحات التي تحققت في عهده، حيث التحق عبد الله الدباغ بجامعة فؤاد الأول في الإسكندرية عام 1942م حيث درس علوم الزراعة، وتخرج عام 1946م ليكون من أوائل المهندسين الزراعيين السعوديين في المملكة. وبعد تخرجه عمل في مزرعة خاصة وكان ذلك في عام 1367هـ، وعندما أنشئت مديرية الزراعة في عام 1368هـ كان أول مهندس زراعي يعمل فيها, وفي عام(1373هـ 1953م) أنشئت وزارة الزراعة وتم تعيينه فيها مديرا عاما للشؤون الزراعية، ثم مديرا عاماً للوزارة، وفي شهر رجب من عام 1380هـ عين عبد الله الدباغ وزيراً للزراعة في الوزارة التي شكلها الملك سعود رحمه الله تحت رئاسته. وكان خبر هذا التعيين مفاجئا له لأنه لم يكن لديه سابق فكرة عنه، ولاسيما أنه كان يمثل الرقم الرابع في سلسلة كبار موظفي وزارة الزراعة آنذاك. وكان الدباغ رابع وزير للزراعة في المملكة بعد الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي كان أول وزير لهذه الوزارة لمدة سنتين، ثم تبعه عبد العزيز السديري لفترة وجيزة، ثم خالد السديري لمدة خمس سنوات، وبحكم كونه ابن الوزارة التي صار وزيرا لها، فقد كان عمله استمراراً للوضع السابق ولكن في صورة أكثر تخصصية في مقابلته للمراجعين من أصحاب المصالح الزراعية، والعمل على حل مشكلاتهم في إطار الإمكانات المتاحة آنذاك. وكانت الخدمات الزراعية محدودة آنذاك بسبب اتساع المملكة، وتباعد مناطقها الزراعية، وصعوبة طرق المواصلات أو انعدامها، ومحدودية الموارد المالية والإمكانات المتاحة للوزارة، ومع ذلك كله، فقد كانت وزارة الزراعة تستخدم عدداً من المهندسين الزراعيين وموظفي الإرشاد الزراعي الذين كانوا ينتقلون من وقت إلى آخر إلى المناطق الزراعية للتعرف على احتياجات المزارعين وتقديم المساعدة الممكنة لهم. ومما يذكره الفقيد أن أهم الشكاوى كانت تدور حول نقص المياه بسبب ندرة الأمطار، وغياب المعلومات الكافية عن مصادر المياه الجوفية، ومن ثم كانت الوزارة توزع مكائن سحب المياه على المزارعين وتبيعها لهم بالتقسيط على أربع سنوات بتكاليف شرائها، إلا أنهم كانوا يدفعون القسط الأول فقط ثم يلتمسون الإعفاء من الملك فيعفيهم. ويذكر الدباغ أن الوزارة في عهد مؤسسها الأمير سلطان بن عبد العزيز نجحت في وضع خطة شاملة لتطوير الزراعة واستقدمت خبراء من مصر ومن منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، كما أنشئت أول مدرسة زراعية في المملكة في مدينة الخرج لتخريج مساعدين فنيين أكمل بعضهم دراسته العليا في مصر.
ومن أهم المشاريع التي تمت في فترة عمل عبد الله الدباغ كوزير للزراعة مشروع تثبيت الرمال في الأحساء ومشروع صرف مياه القطيف الذي افتتحه الملك سعود رحمه الله، ومشروع صرف مياه الأحساء ومشروع سد وادي أبها، وإنشاء وكالة الوزارة لشؤون المياه التي بدأت تمارس أعمالها على مستوى المملكة. وظل الدباغ وزيراً للزراعة حتى عام 1381هـ، حيث تحول إلى أعمال خاصة به وأنشأ مؤسسة حملت اسم "مؤسسة التنمية الزراعية"، في عام 1382هـ (1962م )، وكان مقرها في عمارة با خشب باشا في باب مكة في مدينة جدة.
وولد الفقيد في عام 1340هـ في منزل والده في جدة في حارة الشام. وقد التحق بمدرسة الفلاح في جدة والتي كانت تمثل آنذاك المعهد التعليمي الأشهر لأبناء المدينة، ثم التحق بمدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة والتي أسسها السيد محمد طاهر الدباغ لتدريس المنهج الثانوي المصري وإعداد الطلاب للالتحاق بالجامعات المصرية التي تخرج فيها العديد من شباب المملكة الذين عادوا لشغل وظائف حكومية مهمة. وكان عبد الله الدباغ ضمن أول بعثة من الطلبة المتخرجين في مدرسة تحضير البعثات وذهب بعدها لإكمال دراسته الجامعية في مصر.
وكانت مؤسسة التنمية الزراعية نواة لمجموعة الدباغ القابضة التي تمثل الآن واحدة من الشركات السعودية الرائدة ذات الملكية العائلية، والتي تضم أكثر من 30 شركة تدار ذاتيا، وتمارس أعمالا متنوعة في 30 قطرا. وقد توسعت أعمال المجموعة خلال الـ42 عاما الماضية فأصبحت تغطي خمسة قطاعات استراتيجية هي: القطاع الزراعي والأغذية، قطاع الطاقة، قطاع الاتصالات ووسائل المعلومات والتقنية، قطاع التطوير العقاري، وقطاع الخدمات التجارية والمالية.
وفي السنوات الأخيرة قام عبد الله الدباغ بتعيين ابنه عمرو رئيسا للمجموعة، والذي استمر في منصبه هذا إلى أن صدر مرسوم ملكي في 1/2/1425هـ بتعيينه محافظا للهيئة العامة للاستثمار في المملكة بمرتبة وزير.