وكيل وزارة الخارجية: الوسائل الاقتصادية أصبحت المحرك الرئيس لتوجهات الدول

وكيل وزارة الخارجية: الوسائل الاقتصادية أصبحت المحرك الرئيس لتوجهات الدول

استؤنف النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة "جنادرية 26 " أمس بندوة عن المملكة والعالم رؤية استراتيجيه للمستقبل "العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للمملكة" أدارها الدكتور عبد العزيز العويشق وشارك فيها كل من الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف، والدكتور محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، والدكتور صالح الخثلان أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود، وعضو مجلس الشورى الدكتور محمد الحلوة.
وفي بداية الندوة قدم الأمير تركي بن محمد بن سعود ورقة عمل ركزت على الجوانب التطبيقية للسياسة الخارجية للمملكة، لافتا الانتباه إلى أن السياسة الخارجية تمثل جميع سياسات الدولة وتفاعلاتها مع البيئة خارج حدودها ويشمل أمن واستقرار الدولة، ورفاه شعبها وتقدمه، وحسن علاقاته.
وتطرق إلى أدوات السياسة الخارجية التي من أهمها الدبلوماسية، إضافة إلى الوسائل الاقتصادية التي أصبحت في كثير من الأحيان المحرك الرئيس لكثير من توجهات الدول على المستوى الدولي.
وأبرز أهم مبادئ السياسة الخارجية للمملكة المتمثلة في الاهتمام بتعزيز مصالحها، ومكتسبات شعبها وأمنه واستقراره، والسعي إلى تطوير قدراتها الاقتصادية، وبناء نهضتها الشاملة، والدفاع عن مصالح الأمتين الإسلامية و العربية وقضاياها العادلة في المحافل الدولية، إضافة إلى الإسهام مع المجتمع الدولي في تحمل مسؤوليات تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، مع عدم التدخل في الشؤون الخارجية للدول الأخرى.
وأشار الأمير الدكتور تركي بن محمد إلى بعض التحديات التي تواجهها السياسة الخارجية للمملكة، منوها بالجهود الكبيرة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تجاه مأساة الشعب الفلسطيني. وقال الأمير تركي: "إن قضية فلسطين ليست القضية الإقليمية الوحيدة وإن كانت أكثرها أهمية، مبينا أن المملكة من أوائل الدول التي وعت مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وتبنت الجهود الهادفة إلى جعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي منطقة منزوعة من جميع أسلحة الدمار الشامل".
وأكد أن أسلحة الدمار الشامل ليست هي الهاجس الأمني الوحيد عند الحديث عن السياسة الخارجية فهناك العديد من المخاطر التي تعنى الحكومة بمواجهتها على المستويين الداخلي والخارجي، ومن ضمن ذلك مكافحة الإرهاب الذي يهدد أمن الشعوب ومقدراتها.
كما تحدث عن خطورة العولمة وما تجلبه من محاولات اختراق ثقافي وتحطيم للأسس التي تقوم عليها هويتنا وحضارتنا، منوها بوعي الدولة للتيارات المتضاربة للعولمة وآثارها المتوقعة، مشيدا بالخطوات المهمة لتطوير مناهج التعليم وتحديثها، وإدخال التكنولوجيا في عهد العولمة الجديد. وأشاد بالجهود الشخصية الجبارة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من خلال إطلاق دعوته المخلصة لتبنى نهج الحوار والتفاهم بين أتباع جميع الأديان والثقافات. وتحدث عن عناية حكومة المملكة بتطوير آليات حماية حقوق الإنسان، وإبراز دور الشريعة الغراء في منع انتهاك هذه الحقوق.
بعد ذلك تحدث الدكتور محمد الحلوة عن التحديات التي تواجه المملكة وتتمثل في التحدي المؤسسي للسياسة الخارجية للمملكة، والتغير في النسق الدولي عقب انتهاء الحرب الباردة، والأزمات الإقليمية مثل القضية الفلسطينية، والحرب العراقية ـ الإيرانية، والأزمات في اليمن والصومال، إلى جانب الظواهر الدولية مثل العولمة، والإرهاب. وأشار إلى الجهود التي قام بها خادم الحرمين الشريفين لنشر المحبة والوئام في المجتمع الدولي.
ثم تحدث الدكتور محمد المسفر عن المحاور السياسية الخارجية للمملكة وهى: المحور الدولي، والإقليمي، والعربي، والمنظمات الدولية. وتطرق للحملة الإعلامية الظالمة التي تعرضت لها المملكة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وجهود المملكة للتصدي لهذه الحملة الظالمة.
وامتدح المسفر الدبلوماسية السعودية لدعمها القوي للقضية الفلسطينية منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى عصر الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي قدم مبادرة لحل هذه القضية. عقب ذلك قدم الدكتور صالح الخثلان ورقة عمل أكد فيها أن السياسة الخارجية السعودية ومنذ انطلاقتها مع بدء مشروع تأسيس المملكة قبل 80 سنة وهي في تفاعل مستمر مع البيئة الدولية وما تشهده من تحولات. وأشار إلى أنها تسعى دائماً إلى التكيف بهدف استثمار كل فرصة ومواجهة كل تحد يطرأ في البيئة الدولية بما يحافظ على المصالح الوطنية للمملكة.
وقال الدكتور الخثلان: "بالنظر إلى ما واجهته المملكة من تحديات بسبب التحولات الكبرى التي شهدتها العلاقات الدولية منذ بداية التسعينيات، إلا أنها نجحت في مساعيها في احتواء التحديات، وحالت دون تهديدها للقيم الأساسية للدولة السعودية المتمثلة في البقاء والاستقرار والتنمية. وأوضح وجود تغير في سلم أولويات السياسة الخارجية السعودية بهدف التكيف مع التحولات العالمية، مفيدا أن التكيف الظرفي لم يعد كافيا بل لابد من إعادة صياغة لعقيدة السياسة الخارجية السعودية ككل بناء على تشخيص دقيق لجميع هذه التحولات الدولية والإقليمية، وتحديد أثرها في المواقف الاستراتيجيه للمملكة.
وتناول الدكتور الخثلان في ورقته عدد من المحاور منها محور العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للمملكة والرؤية الاستراتيجية المستقبلية لها.
وفي الشأن الثقافي أوضح أنه ومنذ هجمات سبتمبر لم يعد هذا مجرد خيار للسياسة السعودية تمارسه حسب ما تراه، بل تحول إلى مطلب وضرورة تحتمها الضغوط التي تعرضت لها المملكة وأساءت إلى صورتها على الساحة الدولية بسبب الاتهامات لها بدعم الإرهاب ونشر الفكر المتطرف، لذا عملت على مواجهة هذا التحدي الثقافي من خلال إعادة تقييم النشاط الثقافي. وقامت بدور نشط في قضية حوار الحضارات التي أصبحت أحد أبرز القضايا الدولية منذ التسعينيات. وقال الدكتور الخثلان : إن مواجهة التحدي الثقافي الدولي تتطلب أكثر من دعوات الحوار وإنشاء مراكز الأبحاث، مبيناً أن السياسة الخارجية السعودية تواجه تحديا جديدا يتمثل في بروز قضايا حقوق الإنسان على سلم الأولويات العالمية.
وفي الشأن الاقتصادي رأى الخثلان أن زيادة الاهتمام بالقضايا الاقتصادية في التحرك السعودي الخارجي خلال السنوات الأخيرة يعد انعكاسا لمشروع الإصلاح الاقتصادي في الداخل. وأكد أن سجل الإنجاز للسياسة الخارجية السعودية في مواجهة التحديات واستثمار الفرص يوثق نجاحا آخر في الجانب الاقتصادي.

الأكثر قراءة