الغربيون يفتنون بالربابة وبيوت الطين
يعزف عبيد الرشيدي على ربابته وصوته الرخيم يتغنى بأشعار تذوب لحنا على صوت الربابة ، في الجانب الآخر من بيت الشعر يهز زائر أمريكي رأسه منتشيا وقد جلس «جلسة شيوخ» متكئا على المسند وولداه إلى جواره.
فناجيل القهوة وهي تتحرك في يد «القهوجي» تحدث صوتا يبشر بفنجال ساخن من القهوة العربية الأصيلة يحرك مزيدا من النشوة لدى الضيوف ومن بينهم الضيوف القادمين من بعيد حيث العشق لحضارة الشرق والاحترام لقوانينهم الخاصة.
#2#
يعتدل الأمريكي «جون رستون» في جلسته و يطلب من ولديه بتلميح سريع فعل ذلك لتلقي فنجال القهوة من يد مقدمها باحترام تفرضه التقاليد وتتبادله الإنسانية بأشكالها المختلفة ، الطفل الصغير يقفز متلقيا فنجال القهوة والولد الشاب يأخذ الوضعية الجيدة لتصوير اللحظة. يقول رستون :»إن ما يراه هو شيء تعوده في زياراته المختلفة للمدن العربية السياحية وفي الرياض تحديدا حيث يعمل لكنه في كل مرة يتذوق القهوة العربية تتجدد لديه المشاعر الأولى للانغمار بالكرم والسعادة بمعرفة الطبيعة المختلفة نوعا ما عند أبناء الشرق.
رستون الذي يحاول أن ينطق العربية ويتعلمها سريعا لا يخفي تأثره من الإيقاع الحزين للربابة والإعجاب بتفردها الموسيقي لكنه يعترف بأن معاني الكلمات التي يقولها الشاعر تغيب عنه تماما حتى لو كان اللحن يشي بالشكوى والحنين.
عبيد الرشيدي من جانبه يعترف بلجوء مجمل عازفي الربابة على العزف على وتر الحنين الحزين لكنه يؤكد أن لفن الربابة ألوانا أخرى مبهجة بل وحتى ضاحكة إذ تستعمل من جانب بعض محترفيها في خلق ألحان طريفة لا يملك الجمهور معها إلا التفاعل بالضحك غير أن الغالب على استعمالها هو «بحر المسحوب « أو « طرق الهجيني». «بيوت الطين « هي الأخرى تجد قبولا واسعا عند الغربيين حيث تلتف حولها مجموعات الزوار من ممثلي القنصليات المختلفة للدول الغربية في العاصمة السعودية.
وشهد جناح دارة الملك عبد العزيز في الجنادرية المبني من الطين أعدادا كبيرة من الزوار والزائرات خصوصا من الأجانب ومن الجنسيات العربية المختلفة. يفسر الفرنسي «كلود لابييه» هذا الاهتمام ببيوت الطين باعتبارها شكلا عمرانيا مميزا يدل على حقبة زمنية غابرة كما أنه مغر للمشاهدة ، وبني جناح الدارة تحديدا على نمط البناء القديم السائد في نجد قبل قرنين من الزمن ، في حين بني بيت المدينة من الحجر السائد في مناطق الحرات البركانية في المدينة المنورة والذي كان نمط البناء السائد في فترة العهد العثماني.