تخلصي الآن من تلك الألعاب

إن التعامل مع قضية المرأة على أنها ضحية الظروف الخارجية أسلوب قد لا يكون الأفضل في دفع عجلتها للأمام، لأن لعب دور الضحية هو نوع من الإعاقة الشخصية التي تقف حاجزا دون النمو الشخصي والاجتماعي، وأن أكثر الطرق نجاحا في عجزك عن حل المشكلة هو أن تفشل في معرفة نصيبك في إيجاد المشكلة.
وإذا اعتاد البعض تحميل الرجل دوما مسؤولية ضعف تقدم المرأة أو قلة مشاركتها النوعية إلا أن من أهم عقبات تفعيل دور المرأة هو النظرة السلبية التي تمارسها المرأة تجاه قدراتها وقيمتها الفعلية كإنسانة وكمواطنة، حيث تفضل الكثير منهن السباحة قرب الشاطئ بدل من محاولة الغوص في عمق الحياة خوفاً من التعرض لأمواج التحديات، وتستسلم لحياة هامشية معتبرة أن ذلك مسألة قدرية ولا بد لها من الخضوع لهذا الواقع.
ولذلك، تحتاج المرأة لكي تسهم في حل مشكلتها وتوسيع حجم مشاركتها أن تعي وتعترف كم كانت ـــ باستجاباتها الضعيفة واعتقاداتها السلبية ـــ جزءا من المشكلة، لأنه لا أحد يستطيع إيذاءنا دون موافقتنا، وقد يفيدنا تغيير منظور التعامل مع إشكالية المرأة ونقله من خانة القهر الخارجي إلى الهدر الذاتي لأن الانتصارات الشخصية تسبق دوما الانتصارات الخارجية.
هناك صيغ كثيرة للتعامل مع ملف تمكين المرأة، لكننا في ملتقى سعوديات الغد الثالث الذي نعقده للمرة الثالثة في كلية دار الحكمة بجدة وبرعاية كريمة من الأميرة صيتة بنت عبد الله بن عبد العزيز، ومشاركة أكثر من 20 شخصية نسائية وطنية نؤكد أن البند الأول في أجندة تطوير المرأة هو تحرير ساحتها الداخلية من البيانات السلبية التي قامت ببرمجتها عن ذاتها وإمكاناتها ومحدودية أدوارها، وزيادة وعيها ليس فقط بحقوقها بل أيضا بقدراتها ومحورية الدور الذي تلعبه في المجتمع، حيث أصبح معروفا أن المرأة هي التي تحدد نوعية الحياة في الأسرة، ولذلك فإن قضية تطوير مدارك المرأة وتنمية قدراتها المعرفية مسألة مهمة للارتقاء الاجتماعي وليست مجرد مطالب نسائية قابلة للأخذ والرد.
يشجع ملتقى سعوديات الغد الثالث على ضرورة تخلص المرأة من الألعاب الذاتية البائسةsilly ego games التي تهدر فرص نموها، وأن تسعى لتبني استراتيجيات تفكير تساعدها على إدارة الحياة بفعالية، واستعادة مقود التحكم الذاتي، وتعلم مبدأ الواقعية والبحث عن بدائل لما لا يمكن تغييره.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي