العلاقة بين العمل المرهق والأجور البخسة ومسؤولية المستهلكين والمسوّقين
الحقيقة الأولى: في 26 أيار (مايو) 2010 تفوقت ''أبل'' على ''مايكروسوفت'' باعتبارها أكبر شركة تكنولوجية في العالم (من حيث الرسملة السوقية).
الحقيقة الثاني: في 28 أيار(مايو) 2010، بدأ العمّال بتركيب ''شبكات لمنع الانتحار'' في مصنع فوكسكون إلكترونيكس في جنوب الصين، بعد أن قفز ما لا يقل عن 12 موظفاً ليلقوا حتفهم خلال خمسة أشهر فقط.
في العصر الذهبي للنشاطات العملية (الذي قد يكون أسطوريا بعض الشيء)، كانت إدارات التسويق قريبة جداً من المصنع. وكان معظم المستهلكين عند آخر سكة الحديد، وربما في البلد نفسه. وكانت سلسلة التوريد قصيرة جغرافيا، وغير معقدة أخلاقيا.
وبالنسبة للمسوّقين في هذا العصر الذهبي، كانت الحياة بسيطة، وتتمثل في دعم فريق المبيعات في سعيه لإقناع المستهلك بشراء ما يصنعه المصنع. ولكن في الستينيات تقريباً، بدأ الناس يلاحظون أن القيمة التي يوفرها المسوّقون للمستهلكين لم تكن دائما إيجابية. واشار أساتذة أخلاقيات الأعمال، إضافة إلى المعلقين الاجتماعيين، إلى الطرق الكثيرة التي قد يؤذي بها التسويق المستهلكين ـــ من خداعهم لشراء سلع لا يحتاجون إليها، إلى إقناع الأطفال بتناول كثير من الوجبات السريعة.
وفي الوقت نفسه، كانت الوتيرة السريعة للعولمة تعني أن سلاسل التوريد تصبح أطول جغرافياً. ففي التسعينيات، أدرك علماء أخلاق الأعمال أن الوقت قد حان لطرح أسئلة جديدة. وبالطبع، لا يمكننا تجاهل الضرر الواقع على المستهلكين من التسويق. ولكن كان علينا أيضاً تحويل انتباهنا إلى الضرر الذي يوقعه المستهلكون من خلال التسويق. ومن هنا جاءت الحقيقتان اللتان تبدوان غير متصلتين، وبدأنا بهما المقال.
لا شك أن الحقيقتين مرتبطتان ببعضهما البعض بسلسلة التوريد المجازية. فمصنع فوكسكون إلكترونيكس ينتج أجهزة آي فون، التي يمكن القول إنها المكون الرئيسي في وصفة ''أبل'' للنجاح اليوم. ولكننا نعتقد أنهما ـــ إضافة إلى حقائق مماثلة أخرى ـــ مرتبطتان بخط ملموس من المسؤولية، يبدأ منك كمستهلك، ويمر بالمسوّق، إلى العمال في جميع أنحاء العالم.
ووفقا لأحدث تقرير سنوي لها عن سلسلة التوريد الخاصة بها، وجدت ''أبل'' أن أكثر من 91 طفلاً يعملون في شركات التوريد التي تعاملت معها في العام الماضي ـــ أكثر بتسعة أضعاف العام السابق ـــ وأن 137 عاملاً تعرضوا للتسمم بسبب مادة منظفة في مصنع صيني يصنع منتجاتها (أشارت التقارير أنه تمت معالجة جميع الحالات بنجاح، على الرغم أن البعض لم يعد إلى العمل بعد). إلا أن الظاهرة قد تكون أكثر وضوحا في نشوء ''الموضة السريعة''. ويمكن القول إنها نتيجة التواطؤ العالمي بين المسوّقين والمستهلكين والصحافيين الذين أقنعوا بعضهم بعض بأن النسخ المقلدة الأرخص من ملابس عروض الأزياء الراقية هي مكونات أساسية للحياة الحديثة. إلا أن الموت الحديث يكمن في أعلى سلسلة التوريد. ففي آذار (مارس) 2010، اندلع الحريق في مصنع للتريكو في بنجلادش، الأمر الذي أسفر عن مقتل 21 عاملاً، حيث كانوا يعملون خلال الليل لتلبية طلبات الشراء. وكانت H&M من بين عملاء المصنع.
ولحسن الحظ، فإن مثل هذه الحوادث القاتلة نادرة. ومن المعروف أن من الصعب مراقبة سلاسل التوريد العالمية. إلا أن الأجور المنخفضة، وظروف العمل السيئة، وساعات العمل الطويلة، وعمالة الأطفال، مقبولة في عالم الأزياء اليوم. وسواء كنت المسوّق الذي يختار بلوزة الأطفال المطرزة باليد التي تكلف 20 دولاراً أمريكيا لصنع الإعلان، أو الأم التي تشتريها لابنتها، فإن ضميرك الذي ما يتحمل مسؤولية الفتاة الصغيرة التي خاطت تلك الحبيبات الصغيرة في مصنع هندي في ظروف عمل بائسة، وأجور قليلة.
ولاستخدام مصطلحات الأعمال التجارية، فإن مطالب المسوّقين والمستهلكين عند المصب (الأقرب إلى نقطة البيع) تؤثر في ـــ وأحيانا تدمّر ـــ حياة العمال المصنّعين عند المنبع (الأقرب إلى نقطة الإنتاج). إلا أن هذه المصطلحات مضللة. فالمجاز الماكر لكلمتي ''المنبع'' و''المصب'' يعني تفاعلاً باتجاه واحد، وهذا يتناقض مع الواقع الاجتماعي، أو المسؤولية.
الحقيقة الثالثة: في عام 2008، كانت ''ستاربكس'' أكبر مشترية في العالم للبن في إطار التجارة العادلة.
الحقيقة الرابعة: في عام 2008، كانت نسبة 5 في المائة فقط من البن الذي اشترته ''ستاربكس'' معتمدة من جانب التجارة العادلة.
في الوقت نفسه تقريباً الذي كان فيه المتخصصون في أخلاقيات الأعمال يتنبهون لمسؤوليات المسوّق والمستهلك، اكتشفت الشركات المسؤولية الاجتماعية للشركات. وانتهز المسوّقون الفرصة. وكما يقول مؤلفو بحث جديد نشر في ''جورنال أوف بيزنيس إثيكس''، فإن ''المسؤولية الاجتماعية للشركات هي إحدى الحجج الأكثر استخداماً لبناء العلامات التجارية بشخصية متميزة تلبي احتياجات المستهلكين في التعريف الذاتي''.
وكانت المشكلة هي أن العلامات التجارية لم تكن تتطابق دائما مع الوقائع في المنبع في سلسلة التزويد التي تحتوي على قيم مشوشة كاستعاراتها المجازية. وكان لا بد من حدوث رد فعل سلبي. وانتشرت الاتهامات بالتظاهر وتقديم صورة زائفة بأنها صديقة للبيئة. وكانت هناك أيضاً جوائز ساخرة للشركات الأقل مصداقية ومقاطعات من جانب المستهلكين. وأشار بحث نشر في عام 2005 إلى أن مقاطعات المستهلكين كانت أكثر بأربعة أضعاف في الديمقراطيات الغربية عام 1999 عنها عام 1994.
كان المسوّقون يستجيبون لذلك بالطريقة الوحيدة التي يعرفونها: حملات الاتصالات. فعلى سبيل المثال، حين كانت ''وول مارت'' تواجه انتقادات على عدة جبهات (ظروف العمل في مصانع الموردين، والسجل البيئي الضعيف، من بين قضايا أخرى)، قدمت الشركة مبادرة علاقات عامة كبيرة ترسم صورة مواطنة الشركة الجيدة في المجتمعات التي تعمل بها.
إلا أن هذا لم يضع حداً للانتقادات. فحملات العلاقات العامة لا تحل المشكلات الجوهرية. وتؤكد أعداد متزايدة من الأصوات أن على المسوّقين إيجاد حل يعالج المشكلة جذرياً ـــ على الأقل إذا كانوا يرغبون في ترسيخ المسؤولية الاجتماعية للشركات في قيم علاماتهم التجارية. والأهم من ذلك أن هذا النهج الجديد يضم إخصائيين في التسويق ينظرون من أعلى سلسلة التوريد إلى التصنيع والشحن، ومن أسفل سلسلة التوريد إلى قوة المبيعات والمستهلكين، وخارجها تماماً إلى المجتمعات الواقعة على حدودها، والبيئة ككل.
وبشكل عام، ينطوي تسويق أصحاب المصلحة على تصميم وتنفيذ وتقييم مبادرات التسويق وذلك لتعظيم المنفعة لجميع أصحاب المصلحة: من العملاء، والموظفين، والمساهمين، والموردين (أي كل من يشارك في سلسلة التوريد)، فضلا عن البيئة، والمجتمع بشكل عام، والمنظمات غير الربحية ذات الصلة، وأولئك الذين يستفيدون من جهود المنظمات غير الربحية. ونظرية الإدارة لأصحاب المصلحة موجودة منذ الثمانينيات، ولكن (على النقيض من المسؤولية الاجتماعية للشركات) كان المسوّقون بطيئين في انتهاز الفرص التي تقدمها.
ومع ذلك، نعتقد أن التسويق، أكثر من أي قاعدة أخرى للأعمال، مصمم بشكل فريد لمساعدة كل من الشركات وأصحاب المصلحة على الاستفادة من التحرك نحو علاقة أكثر تكافلية بين الأعمال والمجتمع. وعلاقته المتميزة مع عقل المستهلك، إضافة إلى أن بحوثه المتطورة، وتقنياته في الاتصالات، تجعل التسويق حلقة الوصل الرئيسية في سلسلة التوريد للمسؤولية الاجتماعية للشركات. ولا يعني هذا أن خبراء التصنيع أو التمويل أو الشراء أو اللوجستيات ليس لهم دور. بل يعني فقط أن المسوّقين في موقع أفضل لأخذ زمام المبادرة.
الحقيقة الخامسة: في أيلول( سبتمبر) 2010، تم منح تكتل شركات بقيادة سلسلة السوبر ماركت البريطانية، ويتروز، منحة بقيمة 200 ألف جنيه استرليني (320 ألف دولار) من وكالة المساعدات التابعة للحكومة البريطانية لتدريب مزارعي الفول الكينيين على الأساليب الزراعية المُستدامة.
الحقيقة 6: يجب أن يتم نقل الفول الأخضر الكيني الهش جوا إلى محال السوبر ماركت البريطانية، وهو أحد أشكال النقل الذي يصدر غازات دفيئة لكل ميل لنقل الطعام أكثر من أي شكل آخر.
بالطبع، لا نقول إن تلبية احتياجات كل أصحاب المصلحة أمر ممكن ناهيك عن كونه سهلاً بالنسبة للمسوّقين. فالحقيقتان المذكورتان أعلاه تبرزان تعقيد الوضع. ولكن من الناحية العملية، ينعم المسوّقون بتقنيات تساعدهم على النجاح في المجالات التي فشل فيها الآخرون. وقد يكون ذلك مثلاً في تحديد أصحاب المصلحة الثانويين الرئيسيين (وسائل الإعلام والحكومة ومجموعات المستهلكين والمنافسين والمنظمات غير الحكومية)، فضلا عن أصحاب المصلحة الرئيسيين الأكثر وضوحا (من العملاء، والمساهمين، والموظفين، والمجتمعات المحلية)، وأولئك الذين بينهم (الموردون وموظفوهم ومجتمعاتهم المحلية). وتمكّن تقنيات بحوث السوق والخبرة المسوّقين من تجاوز الفئات العامة لأصحاب المصلحة إلى الأشخاص الحقيقيين الذين لهم أسماء ووجوه، بحيث يطورون فهماً أعمق لكل من الطفل النحيل الذي يعمل في مصنع الكاكاو، والصبي الممتلئ الذي يشاهد إعلانات الشركة عن الحلويات التي تبث أثناء عرض برنامج الرسوم المتحركة المفضل لديه.
لا يستطيع المسوّقون فعلياً خدمة جميع أصحاب المصلحة الذين يحددونهم. ولكن عن طريق تحديد شكل العلاقات بينهم، سيكتشفون أن البعض أكثر أهمية بالنسبة لأعمالهم مما تخيلوا في البداية. فعلى سبيل المثال، أصبح منتجو الفول الكيني في سياق الحقائق المذكورة أعلاه أكثر أهمية، على نحو مفاجئ، حين تم الكشف عن علاقاتهم مع وكالات المساعدة الحكومية (وبالتالي وسائل الإعلام).
حالما يتم تحديد المزارعين الإفريقيين بأنهم أصحاب مصلحة مهمون، يمكن استخدام تقنيات بحوث السوق لاستكشاف توقعاتهم ومشكلاتهم، وفي وقت لاحق قياس تأثير أي مبادرات من أصحاب المصلحة يتم تنفيذها في النهاية. ويمكن أيضاً استخدام مهارات التسويق لإشراك المزارعين، وربما للوصول إلى أصحاب مصلحة غير ودودين، مثل النشطاء الذين كشفوا ممارسات الشركة السيئة في الحصول على المصادر، للصحافة. وأخيرا، يملك المسوّقون مهارات الاتصالات للمساعدة على ترسيخ موقف أصحاب المصلحة في أجزاء أخرى من منظمتهم.
قد يتدفق هذا النهج الشجاع الجديد الذي يتمحور حول أصحاب المصلحة، من إدارة التسويق إلى جميع أنحاء الشركة، بدعم من آخرين، وبخاصة الرئيس التنفيذي. ومن يدري، قد يصل حتى إلى المحاسبين، ويقنعهم بتنفيذ ''الأساس الثلاثي''، الذي نوقش كثيراً ولكن لم تتم ممارسته كثيرا، والذي يحسب حساب ''الناس'' و''الكوكب''، فضلا عن الربح. وعلى أية حال، قد يؤدي تسويق أصحاب المصلحة إلى فوائد لهذا الأساس الثلاثي الجيد، ''الأداء الجيد عن طريق فعل الخير'' كما يصاغ عادة.
بالنظر إلى أعلى سلسلة التوريد، لا شك أن خطط التجارة العادلة المبتكرة (مثل المثال الذي أوردناه للسوبر ماركت البريطاني الذي يعمل مع المزارعين الكينيين) ستكون مكوناً رئيسياً في تسويق أصحاب المصلحة الجدد. ويتم الآن تبني التجارة العادلة التي كانت في السابق مجال اختصاص المنظمات غير الحكومية، من قبل الشركات الكبيرة مثل يونيلفر التي أطلقت خطة يونيلفر للحياة المُستدامة. ولهذه المبادرة الجديدة الطموحة 50 هدفا ملموساً وثلاثة أهداف رئيسية: مساعدة أكثر من مليار شخص على تحسين صحتهم ورفاههم؛ وخفض تأثير منتجات ''يونيلفر'' على البيئة؛ وتعزيز سبل العيش لمئات الآلاف من الاشخاص في سلسلة التوريد.
على الرغم من أن بعض المبادرات السابقة، مثل مبادرة ''يونيلفر''، كانت عرضة لاتهامات تقديم صورة زائفة على أنها صديقة للبيئة، إلا أن من الواضح أنها خطوة في الاتجاه الصحيح. ولكن النقطة التي نود حقاً التأكيد عليها هي أننا نحن كزبائن نعتمد على المتخصصين في التسويق، ليس فقط ليخبرونا عن أفضل سلوك الشركات، بل أيضاً لتشجيع حدوث ذلك. وهناك اثنان فقط من كبار المسؤولين التنفيذيين في ''يونيلفر'' ترتبط أجورهم بتحقيق الـ 50 هدفا لخطة الحياة المُستدامة: الرئيس التنفيذي، ورئيس التسويق والاتصالات.
علاوة على ذلك، نعتقد أن المسوّقين يملكون المهارات والعلاقات اللازمة لخطوة إضافية، والإسهام في ظاهرة جديدة كلياً تتجاوز شركاتهم: ''النزعة الاستهلاكية المسؤولة''.
وبالطبع، كان هناك كثير من الحديث في العقود الماضية عن ''الاستهلاك الأخلاقي''. وعموما، يشير هذا الأمر إلى شراء المنتجات والخدمات التي تم إنتاجها وتسويقها وتوزيعها بشكل أخلاقي. وفي الممارسة العملية، يعني هذا منح الأفضلية للسلع والخدمات التي تم صنعها وتسليمها بالحد الأدنى من الضرر على الإنسان والحيوان والبيئة الطبيعية... أو مقاطعة السلع والخدمات التي ليست كذلك.
تم إجراء كثير من الدراسات الاستقصائية حول النزعة الاستهلاكية الأخلاقية. فعلى سبيل المثال، نشرت مجلة ''تايم'' عام 2009 أن 78 في المائة من الأمريكيين مستعدون لدفع ألفي دولار إضافي لشراء سيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود. ولكن لم تنعكس هذه الإحصاءات على أرقام المبيعات اللاحقة. والتفكير بالتمني، وخداع النفس، والرغبة في إرضاء مستطلعي الآراء كلها سلوكيات طبيعية للبشر، كما تعلمنا من استطلاعات الرأي على مر العصور. وكي نكون منصفين، تدفع قوى الركود حالياً المستهلكين إلى اتخاذ قرارات تدخل السعر بصفة خاصة في الاعتبار. ولا شك أن المدخرات طويلة الأجل والتأثير البيئي يحتلان المرتبة الثانية للحد من التكلفة قصيرة الأجل. ولعل هذا مسار العمل المسؤول بالنسبة لعديد من المستهلكين الأفراد في ظل هذه الظروف.
وفي الواقع، قد تكون ''النزعة الاستهلاكية المسؤولة'' شعارا أكثر تفضيلا، وأكثر قابلية للتطبيق على نطاق واسع، من ''النزعة الاستهلاكية الأخلاقية''. وعن طريق اعتماد اسم جديد (وهو خدعة تسويقية قديمة)، ربما يتم اعتبار النزعة الاستهلاكية الأخلاقية واقعاً سائداً أكثر منها ظاهرة متخصصة. ويميل العلماء والممارسون منذ وقت طويل جداً إلى اعتبار المستهلكين الأخلاقيين، أو المسؤولين، كشريحة صغيرة ومنفصلة من السوق تنتظر أن تتم الاستفادة منها. والحقيقة أن البشر ليسوا بهذه البساطة. فالمستهلكون ليسوا جهات فاعلة حكيمة، وسيستجيبون دائماً بشكل إيجابي (أو سلبي) لممارسات سلاسل التزويد المسؤولة، واتصالات التسويق ذات الصلة بها. ونعلم (من تجربة شخصية للأسف) أن الشعور الطيب الناجم عن شراء منتجات محلية عضوية اليوم قد يفسح المجال غدا لإغراء شراء التكنولوجيا العالية بسعر يثير الشعور بالذنب.
وعن طريق توسيع نطاق النقاش من النزعة الاستهلاكية الأخلاقية إلى النزعة الاستهلاكية المسؤولة، تصبح المسألة أيضاً أقل حصرية. ''فالمسؤولية'' خلافا ''للأخلاقيات'' لا تبدو أنها تقتصر فقط على بعض الليبراليين، أو النخبة الفكرية.
لا شك أن الشركات يجب أن تتعاون لإنشاء النزعة الاستهلاكية المسؤولة، وتكون بقيادة الأشخاص في القمة. إلا أن مدير التسويق والفريق لهم أدوار أساسية أيضاً في تعليم وتمكين وتغيير عادات الاستهلاك الحالية، وبالتالي التأثير في زملائهم في الإنتاج واللوجستيات، والمشتريات، المالية... حتى أعلى سلسلة التوريد.
وصحيح أن عديدا من أشكال الضرر الاجتماعي والبيئي المتناثر على طول سلاسل التوريد للشركات متعددة الجنسيات ناجم عن قرارات تسويقية في المقام الأول، إلا أنه يمكن القول إن المسوّقين عليهم واجب أخلاقي نحو تغيير الممارسات الحالية، أينما وجدت.
ولكن في نهاية المطاف، فإن ضميرك كمستهلك هو العامل الأكثر أهمية في إنجاح النزعة الاستهلاكية المسؤولة. وبالطبع، مع المسؤولية، تأتي التعقيدات والمعضلات.
وكما يقول جيري غرينفيلد (من شركة بن آند جيري للآيس كريم التي هي جزء الآن من يونيلفر)، ''لا أحد يريد شراء شيء تم صنعه عن طريق استغلال شخص آخر''.