أسر حزينة وغدر الآباء

تعيش بعض الأسر حياة ذل وألم نتيجة تصرفات بعض الآباء الذين تسببوا في تشرد تلك الأسر ووقوع الأبناء في براثن المخدرات، فمثل هؤلاء هم آباء عديمو المسؤولية لا يفكر أحدهم في مصير أبنائه، ولا يسأل عنهم، وكأنهم لا يمتون إليه بصلة، أي قسوة هذه التي يحملها هذا القلب تجاه أبنائه، بعضهم يجري خلف نزوات الزواج، وبمجرد أن يقترن بزوجة جديدة يرمي زوجته الأخرى، ويترك على كاهلها عددا من الأبناء الذين يتجاوز عددهم أربعة فأكثر، ويعيش حياته دون أن يفكر فيهم البتة، وأمام هذه المسؤولية كيف تتصرف الأم المكلومة؟ فمهما كانت ذات قدرة على تحمل المسؤولية، إلا أنها قد تقف عاجزة أمام عقوق ابن وشقاوة طفل وانحراف ابنة، وأكثر ما تخشاه كل أم هو وقوع أبنائها في الداء القاتل داء العصر، وهي المخدرات أو انحراف بناتها، ولعل ما جعلني أكتب عن هذا الموضوع ما تطرقت له إحدى الصحف الإلكترونية في تحقيق لها عن مآسي بعض الأسر نتيجة تخلي بعض الآباء عنها، ما ساهم في انحراف بعض الأبناء وهذه مصيبة المصائب، والمصيبة الأكبر منها عندما يكون الأب هو المدمن، هنا تتشتت الأسرة إلا من رحم الله، وتصبح المشكلات تحاصر الأم من كل جانب، ولا ينجح في هذه المهمة غالبا إلا من وفقها الله- سبحانه وتعالى- ميزة التصرف السليم في الأزمات، وسأسرد عليك عزيزي القارئ بعضا من القصص المأساوية التي تتحدث عن الوضع الخطير التي نشرتها إحدى الصحف الإلكترونية، ومنها ما ذكرته إحدى الزوجات عن معاناتها في غياب زوجها.

لكنهم لم يساعدوني
تقول المرأة الحزينة ''زوجي سُجن في قضية مخدرات، تركني وابنتي نواجه مصيرنا المحتوم، بعت أثاث منزلي لأنفق على ابنتي، طردنا صاحب البيت، شرعت أجمع بقايا الأثاث للذهاب إلى بيت أهلي، لكنهم لم يساعدوني، بل تخلوا عني وتركوني فريسة لغدر الأيام، أجهضت وأنا أغادر منزلي، وتواصل الحديث وتسبقها دموعها وتقول: تجرَّعت مرارة الذل والإهانة في بيت أهلي، فنظرات إخواني سهام جارحة لكرامتي، وفي لحظة ضعف، استبد بي الشيطان فقررت إنهاء حياتي، تناولت 20 قرصاً منوماً، ولكن القدر كان رحيماً بي وتم إنقاذي، لكن ما يؤلمني أنني بلا مورد، أنتظر الإفراج عن زوجي بعد ثلاثة أشهر، ولا أعلم ما تخبئه لي الأيام.
وقصة أخرى سردتها أم محمد ''قائلة: (أنا أم لسبعة أطفال، طُلقت منذ أكثر من 18 عاماً، وتزوَّج طليقي بأخرى، طلبت منه أن أعيش خادمة له ولزوجته مقابل أن يصرف على أولاده، ولكنه رفض).
وأضافت (تراكمت علينا الديون، ولا أفكر في أي شيء سوى أن أخفف عن ابنتي لحظات ألمها بعد إصابتها بالسرطان، وحاول ابني مساعدتنا، وعمل براتب 1500 ريال، ولكن رفقاء السوء جروا ابني إلى المخدرات حتى قُبض عليه، ولا أعلم عنه شيئاً)، والقصص كثيرة في هذا الشأن، والتي أساسها تخلي الأب عن أسرته، خاصة أن الأب مسؤوليته كبيرة تجاه أسرته فهو الراعي لهم، كما قال المصطفى- عليه الصلاة والسلام- فيما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته)، والحديث أبلغ رسالة لكل من يتخلى عن مسؤولياته تجاه أسرته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي