الحمية الغذائية.. العلاج الناجع لبرودة المعدة
تحدثنا في المقال السابق عن علم الأبدان مع مثال يوضح الربط بين علم الأبدان والطب الحديث، وذكرنا ما نسميه ''برودة المعدة''، وهذا المصطلح كان مشهورا في الطب الإسلامي، وكذلك معروفا في الطب اليوناني وأنواع من الطب الصيني.
وبرودة المعدة هي حالة تصف ضعف المعدة عن تجهيز الغذاء بشكل مناسب للأمعاء بسبب دخول برد أثر في أعصابها، ما أضعف حركتها واشتمالها على الطعام، وكذلك أضعف إفرازاتها المهمة لهضم الطعام في مراحله الأولى، وذكرنا عددا من علامات برودة المعدة وأسبابها، واليوم سنتحدث عن كيفية تقوية المعدة بواسطة الحمية الغذائية.
وقبل البدء في الحمية هناك معلومة تغيب عن الكثير بخصوص المعدة، وهي أن المعدة تكون في ذروة نشاطها بين 7 ـــ 9 صباحاً، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة من مقارنة هضم الفطور الثقيل كالفول دون إضافات كالكمون والشطة، إذا تم تناوله باكرا قبل التاسعة، حيث يسهل هضمه ويحس الإنسان بعد ساعات بالجوع، ولكن يصعب هضم الوجبة نفسها إذا تم تناولها بعد العاشرة صباحا، حيث يحس الإنسان بالتخمة مدة طويلة تصل إلى وقت العصر.
والتنبيه الآخر أنه قد يحدث ضعف للهضم لأسباب أخرى غير برودة المعدة، مثل: تناول الفاكهة أو اللبن بعد الأكل الدسم، كثرة أصناف الطعام في الوجبة الواحدة، والأكل فوق طاقة المعدة فلا تستطيع المعدة الاشتمال على الطعام أو إفراز الإنزيمات التي تكفي لهضمه.
الحمية الغذائية
تنظيف الأمعاء: إن الاستمرار في تناول الأكل غير الصحي لفترة طويلة مع قلة الحركة وضعف حركة الأمعاء يتولد لدى المرء بقايا في الأمعاء تقلل من استفادة جسمه من الطعام، وقد تتحول مع الوقت إلى سموم في الأمعاء تمتص إلى الدم وترهق الكبد وجهاز المناعة.
وقد لاحظنا أن الاستفادة تكون كبيرة من الحميات الغذائية والأدوية والأعشاب إذا تم تنظيف الجهاز الهضمي بشكل دوري. وأفضل ما جرب لذلك هو ''ورق السنا مكي'' الذي ذكر في الحديث الشريف عن النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يقول: ''عليكم بالسنا والسنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام. قيل: يا رسول الله، وما السام؟ قال: (الموت)''.
ويرجى من يستخدم السنا مكي أول مرة أن يكون في يوم راحة وإجازة، حيث يعد السنا مكي من أفضل المسهلات وأقلها ضررا إذا استخدم بالشكل الصحيح والكمية الصحيحة والمدة الصحيحة. والطريقة الأمثل لاستخدامه هي أن يصب الماء المغلي على أوراق السنا ثم ينقع لمدة 15 دقيقة مع ورق النعناع أو بذور الشمر ثم يصفى بعد ذلك ويشرب بعد صلاة الفجر، ويمشي الإنسان بعدها لمدة عشر دقائق إن أمكن حتى يتحرك ما في البطن، وتكرر هذه الطريقة ثلاثة أيام متتالية كحد أقصى إذا لم يسهل البطن من أول مرة، مع التنبيه إلى أنه بعد ساعة من شرب السنا يجب الإكثار من شرب الماء طوال اليوم. والمقدار: ملعقة كبيرة من السنا المكي لكل 50 كيلو جرامًا من وزن الإنسان، كما يرجى الامتناع عن الأكل لمدة ساعتين بعد السنا مع الراحة والنوم على الجنب الأيمن لمن أراد النوم بعده. بعد تنظيف الأمعاء تختفي لدى البعض أعراض كانت موجودة لديهم، مثل: الآلام المتفرقة في الجسم والإجهاد وقلة المناعة. وبعد هذا التنظيف تكون الأمعاء تكون جاهزة للحمية لكي تستفيد منها استفادة كبيرة.
النصائح الغذائية
يفضل الأكل بعد الإحساس بجوع حقيقي، عدم إدخال الطعام على الطعام، والصبر بعد الوجبات لمدة ساعتين على الأقل ليهضم الطعام الأول، أكل وجبة معتدلة وتجنب الإكثار من الطعام الذي يسبب التخمة وعدم هضم الطعام بالكامل، عدم خلط عدد كبير من الأنواع في الوجبة الواحدة، والأفضل أن تقتصر الوجبة على صنف أو صنفين أو ثلاثة فقط، وكذلك تؤكل الفواكه قبل ربع ساعة أو أكثر من موعد تناول الوجبة ويسمح بالتين والموز فقط، إضافة إلى أكل السلطة ذات الألياف العالية مع الوجبات لتسهيل هضم الطعام والإخراج، إلى جانب أكل الشطة المنزلية إن وجدت مع الوجبات التي تتكون من: (الفلفل الأخضر والأحمر، وقليل من خل التفاح الطبيعي، والكركم، والسكر العضوي، وزيت الزيتون، وقليل من الملح البحري) لتسخين المعدة وتحسين هضمها للطعام.
الوجبات
الفطور: زيت الزيتون مع الزعتر والعسل أو جبن شرائح مع الملح البحري والأوريقانو (زعتر بري) مع رغيف من الخبز الرهيف أو البيض البلدي أو قليل من العدس أو الفول المخفف بالماء مع وضع الشطة المنزلية أو الخردل الأصفر (الماسترد)، مع محاولة توحيد صنف الطعام قدر الإمكان.
الغداء: شرب شوربة تحتوي على حبتي بصل بحجم متوسط وملعقة كبيرة من الكركم وملعقتين من أي نوع من الخضراوات، وتطبخ في الزبدة لمدة عشرين دقيقة، وتبهر بالبهارات الآتية: (كمون، شمر، قرفة، هيل، قرنفل، ورق الغار، كزبرة، وملح بحري)، مع إضافة ملعقة كبيرة من ورق الزعتر البري المطحون قبل تقديمها.
مكونات السلطة التي تؤكل مع الطعام يمكن تناول التبولة أو تجهيز سلطة من البقدونس والشبت الأخضر والبصل الأبيض، ويوضع على هذه المكونات ملعقة ونصف من زيت الزيتون وملعقة من ورق الزعتر (أوريقانو)، وتملح بالملح البحري.
اختيار نوع من الأنواع الآتية: (الأرز أو المكرونة أو الدقيق أو الدخن أو الخضراوات المطبوخة، مثل: القرع، الكوسة، الجزر، الرجلة، الملوخية، الزهرة، الدجاج أو مرقة لحم الخروف أو الإبل. استخدام الثوم بكميات مقبولة مع الفلفل الأحمر والأخضر في الطبخ، واستخدام السمن والزبدة في الطبخ بدلا من الزيوت المهدرجة.
العشاء: يمكن اختيار أصناف وجبة العشاء مما ورد في الإفطار أو الغداء، وبالنسبة للمشروبات يجب أن تكون المشروبات الباردة معتدلة البرودة، يمكن شرب القهوة بالهيل مرة أو مرتين يوميا، أما الحلويات فإنه يمكن تناول الحلويات مرة واحدة يوميا وبكميات قليلة. يُسمح بالشوكلاته المطعمة بجوز الهند أو المكسرات.
الممنوعات: يجب الحرص الشديد على تجنّب الحوامض وعلى رأسها الليمون والشاي الأحمر والصلصة والخل الطبيعي والصناعي والزيتون والمخللات خاصة على جوع، التقليل من اللبن والزبادي والقشطة والحليب بجميع أنواعه خاصة في الشتاء، التقليل من الخس (العادي أو الأمريكي) والطماطم النيئة والخيار والرجلة، تجنب الشمام والبطيخ والفواكه الآتية (الكمثرى، المانجو، الجوافة) وعصائرها في أثناء فترة الحمية، تجنب المشي على الأرض الباردة والعشب حافياً خصوصاً إذا كانت الأقدام رطبة.
وتشمل قائمة الممنوعات أيضا التقليل من تناول المعجنات التي تحوي الخمائر ومحسنات الطعم المصنعة والمغلفة، الإقلال من الفلفل الأسود والفلفل الأبيض، الإقلال من شرب القهوة التركية الغامقة والنسكافيه، الإقلال من السكر الأبيض المكرر (العادي)، والسكريات الصناعية (سبارتم) الموجودة في مشروبات الدايت الغازية، وبعض أنواع العلوك، والاحتراس في أثناء الحمية من بعض الأدوية مثل: الفولتارين، المسكنات، المضادات الحيوية، معالجات الحموضة، وأدوية البرد، إضافة إلى الإقلال جدا من المشروبات الغازية والبيرة.
تمت كتابة هذه الحمية بالتعاون مع سامي الثنيان المتخصص في العلاج بوخز إبر النحل ومدة الحمية 40 يوما، وسيلاحظ المرء التحسن التدريجي والإحساس بالنشاط وذهاب أعراض برودة المعدة من أول أسبوع بإذن الله تعالى.