خوارج نجاد يتربصون بالمرشد.. ورياح التغيير تهب على إيران!!

حكاية نجاد مع المرشد علي خامئني هي كحكاية الحريري صاحب المقامات مع والي البصرة، فقد اعتاد الحريري اللعب بلحيته الطويلة، ويعمل على تمسيدها طوال جلوسه وفي أي مكان، وكان الحريري كثير المجالسة لوالي البصرة، وفي إحدى المرات توعده الوالي ونهاه عن العبث بها، فأصبح الحريري كالمقيد بالأصفاد، وفي يوم كان عاصفا بالأزمات والأسئلة تحدث الحريري ونطق بكلام أعجب الوالي، فسأله قائلا: ماذا تريد أن أقطعك يا حريري؟ فقال فورا: ''اقطعني لحيتي''. والرئيس الإيراني أحمدي نجاد يريد أن يقطعه المرشد رئاسة الجمهورية لصهره ويطلق يديه ليعبث بإيران، ولهذا فإن الحكاية ليسن حرد الرئيس، وليست إقالة حيدر مصلحي، وإنما هناك قرار داخلي سيوصل فيه المرشد الرئيس نجاد لمرحلة تقييد الصلاحيات؛ ليمنعه من العبث السياسي الداخلي والخارجي وصولا إلى مرحلة طلب الاستقالة.
فليس في المؤسسة السياسية شيء اسمه الحرد، والعتب السياسي بأن يأخذ الرئيس على خاطره ويعتكف في منزله، هذا السلوك يمارسه الموظفون ممن هم بدرجة أدنى من رؤسائهم؛ لاستدرار عطفهم وعظيم رعايتهم، وينالوا شيئا من بركاتهم، لكن الحرد في إيران له معان عديدة، حتى التضارب بالتصريحات والتلميحات، واستدعاء التاريخ له وظيفة في إيران، وكيف لا يحضر رئيس الجمهورية اجتماعات الحكومة، وهو رأسها، يتصرف وكأنه في غير إيران التي نعرف، يقيل الوزراء السياديين دون الرجوع إلى المرشد، والمرشد في إيران هو اللاعب الرئيس، وتجاوزه ليس جزءا من الممارسة السياسية، بل يعد تعديًا على هالته المعنوية والاعتبارية ومكانته في النظام السياسي الإيراني، وإضعافًا لمكانته ومحاولة لتهميشه، في وقت يستأثر الرئيس بالسلطة، بعد رئاسة مشكوك فيها، قطع صحتها المرشد نفسه وليست صناديق الانتخاب، وربما كان وجود أحمدي نجاد مطلبا سياسيا، فالتشدد البادي على رئيس الدولة، وحالة الخصام مع العالم والمنطقة، واستخدام الأسطورة كمحرك للسياسة باتت لغة كلامية غير قابلة للصرف اليوم، فالداخل الإيراني يطرح أسئلته المشروعة عن التنمية والحرية والتعاون الإيجابي مع مختلف دول العالم، فيما تتشدد إيران وتتراجع عن الدولة المدنية، وتدير ظهرها لمطالبه، تهتم بالشيعة العرب ومحنة البحرين، وتغدق الأموال على حزب الله، وتنظر بقلق لما يجري في سورية، وتلفت انتباهها وحدة الموقف الخليجي ومتغيراته أيضا.
الخلافات بين الرئيس نجاد والمرشد طويلة، بعضها كان تكتيكيا ومسليا، وبعضها محاولة لجس النبض وليِّ الذراع وتحديد نطاق السلطة، وكانت إقالة وزير الاستخبارات حيدر مصلحي، علامة بارزة في شكل الخلاف وانفجار الأزمة الداخلية داخل السلطة نفسها، ولعل إقالة مصلحي لها علاقة بترتيبات الانتخابات الرئاسية عام 2013 التي يريدها نجاد لصهره رحيم مشائي، فقد سبق عملية الإطاحة بوزير الاطلاعات الإيرانية مع وقف التنفيذ، عملية تطهير سياسي قام بها نجاد بالضد من السياسي المحنك هاشمي رافسنجاني، الذي خرج عن صمته أخيرا بعد عزله عن منصب مصلحة تشخيص النظام، وقد كان لنجاد دور مهم في هذا الإقصاء السياسي، رافسنجاني قال إن نجاد يجر إيران ناحية الفوضى!!
وفي كلمة له في مدينة مشهد الإيرانية خرج الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي عن صمته هو الآخر قائلا: ''إن تياراً منحرفاً عن الإسلام يفرض منهجه على الجمهورية الإسلامية، وسيقف يوماً في وجه قائد الثورة (علي خامنئي) وسيقتله''، لا بل أضاف ''إن الرئيس محمود أحمدي نجاد وتيار المتشددين من حوله يقودون إيران إلى التطرف والعزلة، موضحاً أن هذا التيار سيفعل ما فعله الخوارج عندما واجهوا الإمام علي وقتلوه في النهاية، مشيراً إلى أن تيار المنحرفين في إيران سيفعل الشيء نفسه مع قائد الثورة''، واتهم خاتمي أحمدي نجاد وتياره ''بأنهم متحجرون ويتلاعبون بمشاعر الشبان، ويجرون البلاد إلى المواجهة، ويقدمون المبررات للأعداء الأجانب لكي يعتدوا على الشعوب المسلمة''.. ومشكلة إيران أن درجة الانحراف والتناقض السياسي فيها خطيرة، وتكاد تكون صناعة إيرانية بامتياز.
إصرار نجاد على إقالة حيدر مصلحي، وإصرار خامئني على بقائه فتحا كثيرا من الأسئلة، ولعل السؤال الأبرز الذي آثاره المرشد، وكان معناه مصلحي أو الاستقالة من الرئاسة، هي لغة حاسمة وحازمة وفيها لَيُّ أذرعة، وفرك لخشم الرئيس وإثبات لوجوده من ناحية، ومن ناحية أخرى وهذا المتوقع قد يكون تمهيدا لانقلاب في المشهد السياسي الإيراني الداخلي والخارجي، هذا على الرغم من أن المادة 136 من الدستور الإيراني تعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات في قبول استقالة أي وزير أو عزله، فنجاد ما إن اختلف مع شخصية سياسية حتى حاربها، وألَّبَ عليها الخصوم، ولعل إقالته منوشهر متقي وزير الخارجية السابق، كان فيها خروج عن الأدب واللياقة الدبلوماسية، فالإقالة كانت والوزير يقوم بمهمة رسمية خارجية، وتعيينه وزيرا آخر كانت استباقا لموقف المرشد، لا بل دون انتظار واكتراث لموقفه، كما أن نجاد أقال سابقا وزير الداخلية ووزير البترول دون العودة للمرشد، وكان خامئني يعبر في كل مرة عن امتعاضه من تلك التغييرات.
أحمدي نجاد تلكأ مرارا في الاستجابة لأوامر المرشد، وكانت لهذا التلكؤ إشارات حول ضعف أهمية ومكانة المرشد في الحياة السياسية الإيرانية، وإشارات الضعف تغري الطامعين، وتثير الحاقدين، وترهب رجال الدين، فبعد غياب دام عشرة أيام، وانقطاع عن مجلس الحكومة عَبَّر نجاد في اجتماع مجلس الوزراء الذي حضره خامئني أخيرا عن شكره للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، لدعمه الحكومة، مؤكدا أن الحكومة خاضعة تماماً للمرشد. وقال نجاد إنَّه خلال فترة رئاسته، فإن المرشد الأعلى برؤيته وذكائه، ساعد وأرشد الحكومة التي استفادت من نصائحه، مؤكداً أنّه يمكن معالجة أي مشكلة في إطار سلطة المرشد، ومتعهداً بأن الحكومة ستدافع حتى النهاية عن راية ولاية الفقيه.
هذا التناقض دعا رجل الدين مصباح يزيدي إلى طرح سؤال في غاية الأهمية على نجاد ''طالما أنك مؤمن بولاية الفقيه لماذا لا تمتثل لأوامر المرشد''، فيما يؤكد أحمد خاتمي أن رجال الدين ناصروا الرئيس نجاد، مشترطين عليه النأي عن تيار الانحراف!!
الرئيس نجاد قرب إليه رحيم مشائي مستشار نجاد ومدير مكتبه، وهو صهر الرئيس، ومشائي بات مبعوثا فوق العادة لنجاد إلى العالم الخارجي، دون التنسيق مع وزارة الخارجية، والأكثر من ذلك أن لمشائي رؤى مختلفة، ومحرجة ليس للرئيس، بل لإيران ولرجال الدين خاصة تصريحه حيال أمريكا وإسرائيل ''إن الشعب الإيراني صديق لإسرائيل''، والعارفون ببواطن الأمور يرون أن مشائي متعصب من ناحية وطنية، وأنه يرى أن رجال الدين والدين يجب أن يخدما السياسة الإيرانية، ولهذا يقال عنه إنه علماني يوظف الدين لخدمة السياسة، ويعمل على تشويه صورة رجال الدين بوصفهم متشددين وغير مؤمنين بالديمقراطية، وسياسات ورؤى مشائي هذه كانت السبب في تحفظ رجال الدين عليه، واتهامه بأنه جالب للمشكلات، ولهذا أقاله المرشد من منصب نائب الرئيس عقب انتخابات 2009، ورغم أن نجاد لم يستجب لطلب المرشد، إلا أن مشائي استقال طواعية، لكن سلطاته تضاعفت لدرجة يقول عنه الإيرانيون: إنه رئيس غير معلن!!
مشائي تقلب في عدة مناصب، وكان متطرفا من ناحية دينية، وعمل بإمرة نجاد منذ كان نجاد محافظا لأذربيجان الغربية، وانتسب للحرس الثوري وكان عميلا للاستخبارات فيه، وعندما أصبح نجاد حاكما لأردبيل عام 1993 انضم مشائي لإدارته، ومن مشرف على التلفزيون إلى نائب وزير للداخلية، فقد عُيِّن مشائي في 18 منصبا حكوميا مهما، ومصاهرته نجاد أصبحت العلاقة عائلية وتحالفا سياسيا، ويرى المتشددون أن مشائي كان سببا في تغيير أجندة نجاد المتشددة والراديكالية، وإن أسهم في حدة الصراع بين فصائل المتطرفين والمحافظين، ما جعل أعضاء في البرلمان الإيراني يمزقون صوره، وجاء التقرير السياسي للحرس الثوري بمنزلة صدمة لأحمدي نجاد، إذ اتهمه التقرير بالتقصير، وبأنه ليس محافظا كما يجب، وأنه تسبب في انقسامات بين القوى المحافظة، فيما يرى رجال الدين أن الباعث على ذلك هو رحيم مشائي نفسه.
أحمدي نجاد يتهرب من الإجابة عن السؤال وتحديد اسم الرئيس المقبل، إلا أن التقارير الإيرانية تؤكد أن أقوال الرئيس الإيراني ترمز إلى اهتمامه بتسليم مهام منصبه إلى صديقه المقرب ونائبه السابق رحيم مشائي، ولهذا فالحرب اليوم على منصب الرئيس القادم، وإن كانت الأسلحة دينية وسياسية.
وهنا يتساءل البعض عن سبب خلافه مع وزير الاستخبارات حيدر مصلحي وزير (الاطلاعات الإيرانية)، الذي طرده نجاد رسميا من جلسة مجلس الوزراء التي أقيمت 4/5/2011 التي أقيل فيها، في الوقت الذي ألقي فيه القبض على 25 من أقارب رحيم مشائي، ومنهم آزاده أردكاني رئيسة المتحف الوطني الإيراني، وكذلك حسين نوبختيان المدير الأساسي للمواقع المدافعة عن أحمدي نجاد الذي ما زال هاربا ومطارد من قبل أجهزة اطلاعات.
خلال الأيام القليلة الماضية، فَرَّ عباس أميري إمام الجماعة في مؤسسة رئاسة الجمهورية ومرشح نجاد لمنصب وزارة الاطلاعات بدل حيدر مصلحي، حيث تم إلقاء القبض عليه بقانون من المحكمة الخاصة لرجال الدين وبذلك أودع السجن، وكذلك يتناقل الإعلام غير الرسمي في إيران أخبارا عن إلقاء القبض على عباس غفاري، رجل آخر من رجال رحيم مشائي، الذي له اليد الطولى في مسائل الترميل والدجل والخرافة، وأودع السجن هو الآخر.
وهناك أخبار عن أن الأمن الإيراني ألقى القبض على 20 من قيادات الحرس الثوري بسبب انتمائهم إلى القومية العربية والإذرية تحديدا، التي أصبحت ترهب رجالات العنصر الفارسي بسبب الحراك الأخير لأبناء أذربيجان وعربستان وبلوشستان بهدف الحصول على حقوقهم وعلى رأسها التحرير من إيران.
إذًا إقصاء مصلحي كان لمصلحة مشائي، وتدخُّل خامئني كان بضغط من رجال الدين وتعزيزا لسلطة اطلاعات، واللعبة هي لعبة ترتيب الانتخابات الرئاسية المقبلة، والرئيس يتعاظم نفوذه ويزداد غروره وصلفه السياسي، ويوزع مفاتيح الجنة والفوز على الاحتجاجات الشعبية العربية، باعتبار روح الخميني تحوم حولها، ويقودها المهدي المنتظر من غير ذي علم، وبحسب المحلل السياسي الإيراني رضا تقي بور ''فإن سرعة قرار خامنئي ووقوفه في وجه الاستقالة التي وقع عليها نجاد بالقبول، ومنعه استمرار سيطرة نجاد على وزارة تقع في صلب مسؤولية المرشد الأعلى، يدل على وجود صراع داخل النظام من أجل كسب مزيد من السلطة وتثبيت المكانة''. ويقول رضا بور: ''إن إعادة مصلحي إلى منصبه ستجعل ولاءه وتبعيته للمرشد أكثر من أي وقت مضى، وأكثر من كونه أحد وزراء حكومة نجاد، وسيكون أقوى من السابق في إضعاف حظوظ مشائي في رئاسة إيران عام 2013.
موقف خامئني كان صلبا، وكان لافتا للانتباه، فكثيرة هي المرات التي لم يحترم فيها نجاد مكانة المرشد، وكثيرة هي المرات التي أقال فيها الوزراء والدبلوماسيين، والمحافظين وحكام المناطق، لكن يبدو أن قرار خامئني كانت له أبعاده أيضا، ولعل أغربها قوله لنجاد مصلحي أو الاستقالة، وهذا الكلام يؤكده حجة الإسلام مرتضى آقا طهراني الذي يعمل أستاذاً للأخلاق في حكومة أحمدي نجاد الذي قال إنه اطلع من الرئيس على المحادثات بين أحمدي نجاد وخامنئي، وأكد له الرئيس أن خامنئي أبلغه أن عليه أن يختار ما بين تقديم استقالته أو الإبقاء على حيدر مصلحي وزيراً للاستخبارات.
أبعاد قرار خامئني قد لا تكون متعلقة فقط بتصرفات الرئيس نجاد ومحاولته الرامية إلى الاستئثار بالرئاسة المقبلة لمصلحة مشائي، ومشائي من المغضوب عليهم في الأوساط الدينية وبخاصة المقربون من خامئني، ويبدو أن المرشد منح اطلاعات ضوءا أخضر؛ لعرقلة إمكانية ترشح مشائي للرئاسة المقبلة، وتقييد صلاحيات نجاد، والسبب في اعتقادنا ليس لأن مشائي غير مؤهل للرئاسة، ولا لأن نجاد تجاوز حدوده ووظيفته، وإنما الرئيس في إيران كان دائما نتاجا وتعبيرا عن رؤية إيران لنفسها وتعبيرا عن احتياجاتها السياسية، وهو تحول وتغير في المنهجية السياسية والأمنية الإيرانية تشددا أو إصلاحا، فنجاد أجاد دور السياسي المتطرف في فترة حرجة من تاريخ إيران، أدارها في تعزيز حالة الفوضى وعدم الاستقرار، وعدم التعاون مع المجتمع الدولي، ودول الجوار، واليوم تكمن حاجة إيران في رئيس إصلاحي وبصلاحيات واضحة!!
وعليه؛ فإن خامئني قد مهد الطريق للإطاحة بالرئيس نجاد، خاصة أن تهمة تزوير الانتخابات وعدم شرعيته كرئيس ما زالت محركا للمعارضة الداخلية في إيران، وربما يلقى قرار عزله أو الحد من صلاحياته ترحيبا داخليا، وهذا ما أكده آية الله محمد تاغي بقوله على الرئيس نجاد أن ينظر للخلف ليرى أن ثمة رؤساء جمهورية سبقوه قد أطيح بهم عندما عملوا ضد النظام، وعلينا ألا ننخدع بمعسول الكلام.
إذًا كل المبررات لعزل أحمدي نجاد باتت متوافرة، ونعتقد أن عزل نجاد ليس لشخصه، وإنما عزل لنهجه السياسي الموتور، وهذا سر الخلافات الداخلية التي يشرف عليها المرشد نفسه، والسبب أن إيران قرأت في البداية التحولات في المنطقة العربية بطريقة مغلوطة، وبنصف عين وبآمال كبيرة وطموحات غير حقيقية، وقد تجرعت السُّم في البحرين، وهي تتجرعه في سورية اليوم، وتصدم بالتحولات في العراق، وصدمت بالموقف القوي والموحد والراسخ لدول الخليج العربية، وبالموقف الدولي أيضا، في ظل تحولات إقليمية ليست في الجانب السياسي فقط، وإنما تحولات في بروز رؤية استراتيجية خليجية جديدة لمفهوم الأمن القومي الخليجي، والتفاف خليجي استثناني على الزعامة والقيادة السعودية، وحرص سعودي بلا تفريط على أمن واستقرار دول الخليج، كما أصبحت قضية عرب الأحواز على رأس أولويات الدول العربية والخليجية خصوصا، فلم يعد مقبولا أن تخترق إيران الأمن الخليجي، وتبقى دوله أقرب إلى الصمت والدبلوماسية، بل الأمور اختلفت وتغيرت، وهناك ملامح لتغير الخطاب السياسي الخليجي ناحية إيران انطلاقا من قواعد وأرضية صلبة، فالوقاية الدبلوماسية لم تعد شافية، ويبدو أن الجراح السياسي سيأخذ طريقه أيضا، فعهد الدبلوماسية لم يجدِ نفعا مع إيران، خاصة أن البيت الإيراني من زجاج متطاير، يمكن تقويض أركانه، وإن تذرعت طهران بعوامل القوة، فالقوة العسكرية لم تعد لغة حاسمة في العلاقات الدولية، والقمع والقتل لم يعد فاعلا على مستوى الدول، وعلى إيران ألا تلجأ إلى تزويد العالم بكمٍّ هائل من النصائح، ولسان حالها (تدعون للبر وتنسون أنفسكم)، وإن تناسى نجاد هموم شعبه الداخلية، وبات يعيش إرهاصات المتغيرات في المنطقة لحين ما وصلت النار قريبا من العمامة الإيرانية، فإن على طهران أن تراجع حساباتها، وتبدو استعادة المرشد مكانته فيما هو بصدد فعله من إجراءات وتحولات داخلية قد تطال رأس الرئيس نجاد.
إقصاء نجاد بات خيار الانفتاح الإيراني الداخلي، والرئيس المقبل خيار إيران للانفتاح الخارجي، وحراك رافسنجاني ومحمد خاتمي قد يعجل بهذه النتائج ناحية الاسترخاء والهدوء وقراءة المتغيرات بوعي، وليس على طريقة الأسطورة والتوتير والبهلوانيات الاستعراضية، وقد يفعلها المرشد هذه المرة في عزل الرئيس مبكرا، فقد مَرَّ على هذه الدرب رؤساء قبله، حيث فعلها الخميني مع أبو الحسن بني صدر، الذي تولى رئاسة الجمهورية بتاريخ 4/2/1980 حتى 21/6/1981، وقد اُتهم بني صدر بالتقصير من قبل رئيس البرلمان الإيراني لتحركه وتهميشه رجال الدين، وضد محمد بهشتي تحديدا رئيس السلطة القضائية آنذاك، ويقال إن الخميني هو من حرض على إقالته التي وقعها في 22/6/1981، وقبل أن يوقّع الخميني على وثائق اتهامه، استولت الـPasdaran (الحرس الثوري) على المباني السياسية والحدائق، وسجنت الكتّاب المرتبطين ببني صدر، فهل تكرر الأحداث نفسها!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي