أخذ الزينة والتجمل عند الذهاب للمسجد استشعار لأهمية الصلاة
لا تزال هناك فئة من الناس لا تهتم بمظهرها وهندامها عندما تذهب إلى المسجد, هذه الفئة من الناس تحتاج إلى التوجيه المستمر حتى تعرف أهمية أخذ الزينة من الملابس عند الذهاب للمسجد, يضاف إلى ذلك وجود بعض الروائح الكريهة من بعض المصلين الذين لا يحرصون على أن يأتوا إلى الصلاة متطيبين، فمطلوب الاهتمام بأخذ الزينة والتجمل عند الذهاب للمسجد لقوله تعالى ''يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المسرفين'', هذه الظاهرة تحتاج إلى معالجة فكيف يمكن أن نعالجها, ولا سيما أنها تتكرر بشكل دائم لدى فئة من الناس، وكيف نجعل هؤلاء المصلين الراغبين في الأجر يغيرون هذا الأسلوب الذي يسيرون عليه؟ وهناك تساءل ملح: ما الذي يجعلهم يأتون للصلاة وهم بهذا النوع من الهيئة والمظهر في اللباس؟ ولهذا كان حريا بنا تناول هذه الظاهرة كتثقيف لرواد المسجد المصرين على عدم الاهتمام بنظافة الملبس والجسد عند التوجه للصلاة والمسجد.
عدد من رواد المسجد يظهر عليهم التضايق من هذه الظاهرة, حيث يقول عبد العزيز العبد الله إن المحافظة على الصلوات المكتوبة مهم جدا ولا بد من أدائها باستمرار جماعة في المسجد، كجانب من جوانب هذا الاهتمام بالمسجد.
ويرى الشيخ علي القرني إمام مسجد الفخراني في مكة أن الاهتمام بحسن الهندام وحُسن المظهر أمر مطلوب, فالمسلم لا بد أن يَسْتَشْعِرَ عظمة من يقف بين يديه وأنه سيكون في بيت من بيوته, قال تعالى: ''يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ'' (31: الأعراف).
قال الحافظ ابن كثير ــ رحمه الله ــ عن تفسير هذه الآية: ''ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنَّة يُستحبُّ التَّجمُّل عند الصلاة ولا سيما صلاة الجمعة ويوم العيد والطِّيب لأنه من الزِّينة والسِّواك لأنه من تمام ذلك''. وقد قال ــ صلى الله عليه وسلم: ''إذا صلَّى أحدُكم فلْيلبس ثوبيهِ فإنَّ الله أحقُّ من تزيَّن له''.
فليعلم هذا من يؤذي المصلين بالرَّوائح الكريهة من ثومٍ أو بصلٍ أو شربٍ للدُّخان أو عدم تنظيف للجسم , فقد صح عنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنه قال: ''من أكل ثوماً أو بصلاً فلْيعتزل مسجدنَا فإنَّ الملائكةَ تتأذَّى ممَّا يتأذَّى منه بنو آدم''.
ويؤكد الشيخ مسعود الغامدي الداعية الإسلامي المعروف أن حضور المسلم للمسجد يدل على المكانة التي تحتلها الصلاة في نفسه، وكونه يحرص على المبادرة بالحضور إلى المسجد والتَّبكير إليها فهذا أمر مطلوب لكن عليه أيضا الاهتمام بمظهره ولباسه عندما يأتي للمسجد حتى لا يؤذي المصلين، ودون شك أن التبكير للصلاة والحرص على الصف الأول له أجره العظيم عند الله , فقد قال ــ صلى الله عليه وسلم: ''.. ولو يَعلمون ما في التَّهجير لاسْتبقوا إليه'' .
وأضاف أن السلف الصالح كانوا يتسابقون على الصف الأول لما عَلموا ــ رحمهم الله ــ ما فيه من الثواب فحافظوا عليه .. فسعيد بن المسيِّب ــ رحمه الله ــ يقول: ''ما أذَّن المؤذن من ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد''. ولم تفته صلاة الجماعة طوال 40 سنة.
ويمضي الغامدي قائلا: إن هناك عددا آخر من السلف كانوا حريصين على التبكير للمسجد منهم الأعمش ــ رحمه الله ــ رغم كِبَرِ سنِّه فقد كان محافظاً على التَّكبيرة الأولى قريباً من سبعين سنة, وهذا المحدِّث بشر بن الحسين كان يقال له (الصَّفِّي) لأنه كان يلزم الصف الأول في مسجد البصرة خمسين سنة.
كما أن الأمَّار بالمعروف إبراهيم بن ميمون المروزي كان صائغاً يطرق الذهب والفضة فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء للصلاة لم يردَّها. فرحم الله أولئك الأقوام , فأين من يشبههم الآن , فلقد صدق من قال: ''إذا ذُكرت أحوال السلف بيننا افتُضحنا'' نسأل الله أن يتجاوز عن زللنا وتقصيرنا, وذنوبنا وآثامنا.
ويشير الشيخ حامد ألأحمري إمام مسجد حي شمال الجامعة في مدينة أبها إلى أن الاهتمام بالمظهر واللباس بالنسبة للمصلين يدل على حرصهم على اصطحاب زينتهم للمسجد لما يمثله من أهمية كبيرة في الإسلام يعرفها القاصي والداني، وقد بنى النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ مسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى عندما قدم إلى المدينة للأهمية التي يمثلها المسجد، ومن هذا المنطلق حري بنا أن نحرص على عمارته بالطاعة، والحرص على نظافته وتطييبه بالبخور الطيب حتى تعطي رائحته راحة للمصلين للإقبال على الصلاة بخشوع وطمأنينة، كما أن على جماعة المسجد مسؤولية التعاون مع القائمين على المسجد فيما يعود على الناس بالنفع والمبادرة في القيام بما يحتاج إليه المسجد ليكون منارة مهمة في الحي، وأكثر ما يزعج في المساجد هو إهمال نظافتها وعدم قيامها بدورها كما يجب، وعدم تجاوب الناس مع التوجيه والتوعية ببعض الأخطاء التي تقع من المصلين وتؤثر في المصلين في المساجد.