قاعدة معلومات وطنية تساعد على بناء وتطوير المواطن «1 من 2»

هنالك حاجة ملحة لبناء أكبر قاعدة معلومات وطنية موسعة بوسائل علمية وعملية للمشاركة في دعم الحكم المحلي والعمل التطوعي العام واشتراط الخدمة التطوعية للترشح، أو التعيين في المجالس البلدية أو المحلية أو المناطقية أو الغرف التجارية أو الهيئات الوطنية العامة.
لقد كثر الحديث عن فاعلية المجالس البلدية والمشاركة فيها وأهميتها وانتخاباتها، بل وصلت المناقشات إلى الدعوة إلى مقاطعتها وعدم الانتخاب وأصبح الموضوع من أكثر المواضيع مناقشة في المجالس والمنتديات والصحافة، مما يدل على أهمية الموضوع ورغبة الناشطين والناشطات على مختلف أطيافهم في المجتمع في ممارسة حق مشروع ورغبة المواطن في أن يلعب دورا رئيسا للتأثير في مجريات حياته وللمشاركة في إدارة كل ما له صلة بشؤون حياته وطلب توسيع دائرة التأثير في إصدار الأنظمة ومراجعتها واقتراح تغييرات فيها والمشاركة في المراقبة سواء تقريريا أو إداريا والمشاركة في مجلس الشورى والمجالس المحلية ومجالس المنطقة.
وحاليا لا توجد فرصة للمشاركة انتخابيا سوى في مجلس إدارة الغرف التجارية وعضوية المجلس البلدي وما عدا ذلك بالتعيين في المجلس المحلي في المحافظة ومجلس المنطقة أو مجلس الشورى أو المجلس البلدي وهذه فرص لأداء الخدمة العامة.
وفي رأيي أن الأهم في الخدمة العامة هو عضوية الجمعيات الخيرية أو لجان البر أو عضوية لجان الغرف التجارية، وهذه أشبه بالنقابات الحرفية أو المهنية، وفي الواقع أنها تطورت في المملكة من لجان في الغرف التجارية ومن ثم تحولت إلى هيئات مثل الهيئة السعودية للمهندسين وهذه اللجان والتي وصلت في بعض الغرف إلى 70 لجنة تراوح في عدد أعضائها من 20 إلى 40 ضعفا مقارنة بعدد أعضاء مجلس الإدارة وهم العاملون الحقيقيون من وراء الكواليس في هدوء تام في معظم الأحيان ويتعاملون على مستوى المايكرو بالتفصيل الممل، يحللون ويراجعون كل الأنظمة ويقترحون الأفكار الأساسية التي تقدمها مجالس الغرف عبر الوزارات إلى مجلس الشورى ولجنة الخبراء في مجلس الوزراء، ووصلت أعدادها في غرفة جدة في وقت من الأوقات إلى 76 لجنة تغطي مواضيع رئيسة، مثل التجارة أو الصناعة، وأخرى مثل التسويق وصناعات البلاستيك والمطابع والسياحة وتطوير الموارد البشرية والمهندسين والمحامين والشؤون الصحية والمستشفيات ومساعدة المعسرين والمستشارين وشؤون الموانئ والنقل والمدارس الخاصة، وانبثقت منها لجان أكثر تخصصا أو ما يسمى بادهوك في الإنجليزية من هذه اللجان وكل هذا بدون ضجيج إعلامي ولعشرات السنين وبلغت عضوية هذه اللجان في المملكة أكثر من ألفي عضو،
وهؤلاء يعملون بدون مقابل بل تطوعا من أهل الاختصاص ولا يقدرون إلا فيما ندر ولا يعرف عنهم أحد إلا الله.
وأذكر الكثير من الأفكار التي لو طبقت ودعمت لغيرت مجرى الكثير من الأمور والتي كانت بداياتها في هذه اللجان وانتهت لعدم وعي أعضاء مجالس الإدارة أو الأمناء وقتلت الاقتراحات في مهدها أو على العكس دعمت أفكارا سيئة لمشاريع وطنية كارثية لأن من يسوق الأفكار ولا يعرف الأساسيات ولكن يعرف المصلحة على حساب الوطن وتنتهي ولو حقق نجاحات إعلامية وعلى الواجهة في بر المصائب العامة والتي يدفع ثمنها الكل، مثل القمح الوطني والصناعات الشافطة للدعم الحكومي والخصخصة المتخصصة.
والذي يهمنا هنا هو وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب والابتعاد عن ترك الحبل على الغارب وترك المحاسبة والمراقبة والتحليل العلمي، ويتناسب ذلك مع الموارد المستهلكة والموظفة والوعود والتلميع وقصقصة الأشرطة الطويلة جداً والمطمطة بالقريب العاجل والمستقبل المنظور.
أستطيع أن أكتب مجلدات في مواضيع إحراج ناتج عن قلة معرفة وبالجهل بالبواطن لعمى الظواهر وتلميعها.
وأهم فائدة نريد أن نجنيها هي فلترة الغث وإدراك المؤهل وبناء قاعدة وطنية بعيدا عن مؤثرات عنصرية أو شكلية أو معنونة بألقاب ما أنزل الله بها من سلطان، بل مبنية على قواعد علمية وتقييمية لكل من نستطيع أن نبني بهم المستقبل برجالها ونسائها وحتى من خارج الوطن ولو كان في الصين، وليس كل من حمل شهادة نجيب ورب من جلس في بيت شعر وهو حكيم كيس وفطن ويعرف ما لا يعرفه من جلس على مكتب وثير بدون إحصائيات دقيقة وصحيحة.
وهؤلاء الخبراء والعلماء والباحثون والمتخصصون هم من نود أن نعمل معهم لبناء مستقبل معرفي مبني على العلم، لا من يقاوم التغيير والعلم الحديث ولا يتعامل مع المستجدات ولا يريد أن يفهمها ولا يعي احتياجات المستقبل الذي ينطلق عبر ''الويب'' و''الفيس بوك'' و''التويتر'' و''الآي باد'' والاعتراف بالآخر وكافة الأطياف والمذاهب لا من أثبت تاريخهم محدودية الإنجاز وغضب العامة والخاصة ومن أخلص وأعطى، لا من جنى واغتنى وتوسيع المشاركة بعيدا عن الغوغائية والاستهلاك الإعلامي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي